عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23/11/2008, 12h04
الصورة الرمزية أبوإلياس
أبوإلياس أبوإلياس غير متصل  
مشرف منتدى فريد الأطرش
رقم العضوية:165965
 
تاريخ التسجيل: février 2008
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 2,064
افتراضي لماذا فشل مشروع تلحين فريد الأطرش للسيدة أم كلثوم ؟

لماذا فشل مشروع تلحين فريد الأطرش للسيدة أم كلثوم ؟

« ... لماذا تمضي السنون وألحاني بعيدة عن أم كلثوم ؟ ...سؤال نغص علي حياتي ، وأبعد الكرى عن جفني وجعلني في دوامة من العصبية والثورة والانفعال ... كلما كانت تطل أم كلثوم بأغنية جديدة ...لماذا ... وأنا الذي سكبت مئات الألحان ... كيف أعيش في عصر أم كلثوم ولا ألحن لهذه الهبة السماوية ؟ ...فهؤلاء الذين يلحنون أغانيها باستثناء عبد الوهاب ، ليسوا أهم شأنا مني وليس لهم تاريخ حافل بالأنغام كتاريخي . »

فريد الأطرش
إن المتصفح للائحة الملحنين الذين تعاقبوا على التلحين لسيدة الطرب العربي لاشك سيلاحظ أن الست تعاملت مع ملحنين من جميع المستويات والأجيال من الأربعة الكبار رياض السنباطي ومحمد القصبجي زكاريا أحمد ومحمد عبد الوهاب إلى ملحنين من مستويات متباينة أمثال صبري النجريدي ؛ محمود الشريف ؛ بليغ حمدي ؛ كمال الطويل وسيد مكاوي ، ومن جميع معاصريها من الكبار لم يستثنى من دخول نادي ملحني السيدة أم كلثوم إلا فريد الأطرش فماهي قصته مع أم كلثوم ولماذا فشل مشروع تعاونهما ؟
تروي بعض المصادر أن أول مشروع للتعاون بين الطرفين كان في الأربعينات عندما عرض فريد والشاعر مأمون الشناوي على السيدة أم كلثوم أغنية الربيع فأبدت اعتراضا على بعض الكلمات وطالبت تغييرها وقد رجح مأمون الشناوي بعد رحيل الطرفين أن يكون للست رأي آخر في اللحن لم تشأ أن تبديه لفريد تأدبا منها أو تجنبا للإحراج ، ومن غريب الصدف أن مأمون الشناوي ذكر أن كلاسيكية فريد الأخرى الكبيرة أول همسة عرضها بداية على أم كلثوم قبل أن ترفضها بأدب ثم يغنيها فريد .
ولقد انصرف فريد عن فكرة التلحين للسيدة أم كلثوم فكان يراقب غنائها لملحنين كانوا أطفالا عندما بدأ هو الغناء والتلحين مطلع الثلاثينات ككمال الطويل ومحمد الموجي وبليغ حمدي ، ومما كان يخفف عنه أن ملحنا عملاقا ظل فريد يضع رأسه برأسه وهو محمد عبد الوهاب مستبعد بدوره من أجندة الست ، لكن سيتغير كل شيء ابتداء من سنة 1964 ففي هذه السنة وبضغط من الرئيس جمال عبد الناصر سيدخل محمد عبد الوهاب نادي ملحني السيدة أم كلثوم بلقاء السحاب وهو الاسم الذي أطلقته الصحافة المصرية على أغنية أنت عمري في كناية على التقاء قمة التلحين / محمد عبد الوهاب مع قمة الغناء / أم كلثوم هنا تغير الوضع لقد أصبح فريد المستبعد الوحيد ، لذا سيتنازل عن كبريائه ويعرض نفسه بل ويوسط الآخرين ، وستستقبله السيدة أم كلثوم بفيلتها بالزمالك ، ومند البداية بدا أن الست لم تأخد الأمر محمل الجد فوضعت شرطا تعجيزيا فقد طلبت من فريد انتقاء شعر وتلحينه فإذا أعجبها الكلام واللحن كان به وإلا خيرها بغيرها... انتقى فريد قصيدة وطنية من ديوان الشاعر اللبناني بشارة الخوري الملقب بالأخطل الصغير هي وردة من دمنا ولما إطمئان لمتانة اللحن عرضه على السيدة أم كلثوم فردت الست أنها يسعدها أن تغني هذه القصيدة خاصة أنها لفلسطين لكن الأغنية الوطنية تؤدى مرة أو مرتين ثم تركن وهي تريد أن تبدأ تعاونها مع فريد بقصيدة عاطفية يمكن أن تؤدى على المسرح لفترة طويلة ، رجع فريد وانتقى قصيدة دارجة من كلمات أحمد شفيق كامل هي كلمة عتاب ولما أسمع جزء منها لأم كلثوم ردت بأنها تريد لحنا على مقام الراست وليس النهاوند الذي لحنت على مقامه كلمة عتاب رجع فريد وأخبر المقربين منه فأشاروا عليه أن السيدة ترفض الغناء من ألحانه وتستحي أن تقول له ذلك بالفم المليان ، بعدها سيصرح فريد في حديث للإذاعة السورية في غضون سنة 1973أن أم كلثوم تكرهه وترفض الغناء من ألحانه للغيرة القديمة من أسمهان ، وهذا التصريح يجعلنا نصدق ما يقال على سذاجة الرجل وعلى نيته.
الأهم من كل ذلك أن الأسباب التي سيقت لتبرير عدم اللقاء بين العملاقين كثيرة ؛ فمن قائل أن فريد أخطأ حين سرب الخبر للصحافة لأن حساده وأولاد الحلال نقلوا للسيدة كلثوم أن فريد إنما أراد بالتسريب أن يفرض عليها الأمر الواقع فلا يمكنها أن تتراجع بعد شيوع الخبر ، ومن قائل أن الإقليمية الضيقة كانت وراء إبعاد فريد عن تحقيق حلمه للتلحين للسيدة أم كلثوم كما ساهمت في إفشال لقاء ألحانه مع صوت عبد الحليم لأنهم ظلوا ينظرون إليه في مصر على أنه شامي رغم حصوله على الجنسية المصرية سنة 1950 ، في سياق آخر يرجع الموسيقار بليغ حمدي عدم التعاون بين العلمين الكبيرين إلى أن فريد كان معتزا للغاية بنفسه ، وعنيدا إلى آخر مدى .. حتى فيما لايخدم فنه هو ..وأن فريد لم يعرف كيف يتعامل مع سيدة في الغناء العربي كأم كلثوم . وفي تبرير أقرب إلى الصحة يقول الناقد السوري صميم الشريف في كتابه السنباطي وجيل العمالقة ص 285 أن أم كلثوم امتنعت عن غناء اللحن الذي وضعه لها ، نتيجة الضغط الذي مورس عليها من قبل محمد عبد الوهاب والسنباطي وغيرهما ، بدعوى أن مستوى فريد الأطرش في التلحين لايتفق والمستوى الذي تغنيه للسنباطي وعبد الوهاب والموجي وحمدي . والحقيقة أن السنباطي نفسه كان يضع فريد ضمن الطبقة الثانية من الملحنين ، لأنه كان يلازم في نظره مقامات معينة سهلة لا يحيد عنها ولا ينتقل لغيرها ، ونادرا ما توجه إلى مقام عويص .
وحتى نكون منصفين أرى أن أبرز مجموعة من الحقائق منها :
- إن فريد نجح حين لحن لغيره أكثر مما نجح حين لحن لنفسه وستجد أن أحسن مابقي من كثير من المطربين والمطربات لدى الجمهورهي الألحان التي قدمهما لهم فريد ويمكن أن نستحضر هنا أسمهان ؛ نور الهدى ؛ صباح ، محرم فؤاد ؛ وديع الصافي ومحمد رشدي وغيرهم؛
- إن أنسب أعمال فريد التلحينية لأم كلثوم هي أعماله الكلاسيكية كالربيع وأول همسة وحبيب العمر وبقي عايز تنساني وغيرها ومع الآسف كان فريد قد غناها واستنفذها حين تولدت فكرة التلحين للسيدة أم كلثوم ، وكنت أقول إن أنسب لحن لأم كلثوم في الفترة التي ولد فيها مشروع التلحين هي قصيدة عش أنت كما كنت دائما أردد إن أنسب لحن أطرشي لعبد الحليم حافظ هو الأغنية الفردية ياحبيبي ياغايبيين .
- إن قصيدة وردة من دمنا لم تكن لاهي ولا كلمة عتاب بالعملين اللذين كان على فريد أن يبدأ بهما باكورة تعاونه مع سيدة الطرب العربي ، والدليل أنه لا وردة من دمنا حين غناها فريد ولا كلمة عتاب حين أدتها وردة تركتا صدى كبيرا يمكن أن يقنعنا بأن أم كلثوم أخطأت حين رفضتهما .
- إن فريد نفسه تأخر في طلب التلحين لأم كلثوم فلم يتحمس للأمر إلا بعد تلحين غريمه محمد عبد الوهاب لها وقد كان بجعبته ما يقدم لها في الأربعينات والخمسينات، وقد يكون ارتكب أخطاء في التعامل معها كما ذهب إلى ذلك بليغ حمدي .
- هل كان لصراع أسمهان وأم كلثوم في نهاية الثلاثينات وبداية الأربعينات على عرش الغناء وإقحام إسم أم كلثوم في المشتبه بهم في مقتل أسمهان دخل في إفشال هذا التعاون الله أعلم .
في الأخيرأتمنى من جميع الإخوة السماعيين من عشاق الطرفين فريد وأم كلثوم أن يدلوا بدلوهم في هذا النقاش الذي نرجوه مثمرا وكل يجيب من منظوره عن هذا السؤال : لماذا فشل مشروع تلحين فريد الأطرش للسيدة أم كلثوم ؟
الإمضاء : أبو إلياس
أطرشي غير متعصب


رد مع اقتباس