الموضوع: شفيق جلال
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01/11/2014, 11h09
مصطفى نصر مصطفى نصر غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:666781
 
تاريخ التسجيل: novembre 2012
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 25
افتراضي رد: شفيق جلال

شفيق جلال .. وموال الصبر
مصطفى نصر
تأثرت وأصدقائي في أواخر الستينيات بما يفعله السيد الملاح، كان يقلد الفنانين بمبالغة شديدة، فأغضب كل من قلده، فاضطر فريد الأطرش أن يقابل وزير الإعلام ليشكوه له، فقد كانت الحفلات التي يعرض فيها سيد الملاح تقليده، تابعة للدولة. وأجر محمد عبد المطلب فتوات لضربه، بينما صعد شفيق جلال على المسرح وقت عرض الملاح لنمرته، وداعبه، وتظاهر بأنه سيضربه، ثم قال للجمهور: إنني لست حزينا أو غاضبا من تقليده لي. فإن لم أكن استحق التقليد، ما قلدني.
كنا نضحك كثيرا من طريقة تقليده، رغم إشفاقنا على من يقلدهم.
موال الصبر
نبهنا سيد الملاح لشفيق جلال عندما قلده، وكنت أعرفه من خلال الأفلام التي ظهر فيها، خاصة غنائه لأغنية بنت الحارة المؤثر والجيد في فيلم ريا وسكينة، من إخراج صلاح أبو سيف. وقت قتل الراقصة زينات علوي.
كان شفيق يغني أغنية سكندرية عن الصبر، أغنية ولدت ونمت وتكونت في سجن الحضرة، إذ كان المسجون يصيح من خلف جدران زنزانته المغلقة:
- يمسيكم بالخير يا ورد على فلة.
فيجيبه المسجون الآخر:
- يخرب عقول إللي حجبوك عنا.
ومن هنا بدأ موال الصبر: يا خوخ خانونا الحبايب وإحنا لم خنا. يا عنب عابوا فينا القرايب وإحنا ما عبنا.
غني هذا الموال الشيخ أمين مطرب الإسكندرية المشهور، ومنه انتقل إلى الكثير من المطربين، لكن السيد الملاح كان يجسم القول ويكبره، فيقول يا بطيخ بطخونا الحبايب. يا جرجير جرجرونا القرايب، وينظر وهو يغني إلى خاتم في إصبعه الصغير، ساخرا من خاتم شفيق جلال الذي يحرص على لبسه في كل حفل.
علاقة شفيق جلال بوالده
في 10 إبريل 1929 أحست أم شفيق وهي فتاة في الثالثة عشر من عمرها، أحست بآلام شديدة في ساقها اليسرى. ويقولون إن الجنين قد سقط برأسه في ساقها الشمال. فكانت تصيح: اقطعوا رجلي علشان أرتاح من الألم.
فاستدعوا طبيبا مشهورا ودفعوا له خمسة جنيهات كاملة. فأنقذ الأم. وولدت طفلها الذي أتعبها. في الثالثة والنصف صباح يوم 12 إبريل 1929 .
نزل الطفل إلى الدنيا كقطعة قماش سوداء وقال الطبيب الكبير لو مر أسبوع على هذا الولد سيعيش، ولو عاش أطلقوا عليه اسمي، فسموه شفيقا على اسم الطبيب.
ولد شفيق جلال عبد الله حسن البهنساوي في حي الدرب الأحمر – كان وحيد والديه. وحدث شقاق بين الأم والأب أدى إلى الطلاق بينهما. فعاش بين بيت أمه وبيت والده. ذلك الخلاف والتشتت أدى به بألا يكمل تعليمه.
يتحمس والده لغنائه ويشجعه، خاصة أن له خبرة في ذلك المجال، فقد كان يغني مع كورال فرق علي الكسار والريحاني وغيرها من فرق ذلك الوقت.
فيأخذه وهو في التاسعة من عمره إلى كازينو بديعة مصابني، ليغنى أمام الجمهور مونولوجات سيد سليمان ومنها مونولوج كان مشهورا جدا وقتذاك. بعنوان العبيط:
مين زيي في نباهتي وشياكتي وأبهتي
الله يخللي بابا وماما وستي وخالتي
كان ينام شفيق هو وأبوه في لوكاندة الرشاد على ناصية حي الموسكي. أبوه ينام على سرير بـ 5ر11 قرش لأنه تخين، وهو لأنه نحيف ينام بـ5ر5 قرش. يصحو من نومه من شدة البرد، يكتشف في الخامسة صباحا أن خادم اللوكاندة قد أخذ اللحاف منه. فينادي:
- يا عم محمد فين اللحاف؟!
فيرد عم محمد قائلا:
- بنوموا بيه زبون تاني.
ويسمع أصوات عالية: عايزين صابونة يا عم محمد، هنا اتنين شاي يا عم محمد.
ثم يبدأ الضجيج في ميدان الموسكي، فيسرع هو والده بالخروج من اللوكاندة ودخول حديقة الأزبكية ليكملوا نومهما على المقاعد هناك.
كان أكلهم في ذلك الوقت فول وعدس وكشري. وإذا وجدوا نقودا يشتريان بـ5 تعريفة سمك ورغيفين بأربعة مليم وبمليم فجل. أو رطل كفتة وسلطة وعيش بـ3 صاغ.
في عام 1942 يحترف شفيق جلال الغناء، ويغني أول أغانيه يا عم يا جمال يا شايل الأحمال من تلحين نجيب السلحدار.
حدث عام 1944 أن المحامي سيد وهبي صاحب سينما وهبي في الحلمية نزل انتخابات وعامل أسبوع ببلاش كدعاية انتخابية. فذهبا إليه. قال عامل السينما للجمهور:
- فيه مطرب حايغني، لو عايزينه حانخليه، مش عايزينه حانطرده.
فغنى أغنية من أغنيات محمد الكحلاوي وغني موال فصاح الجمهور عاليا:
- عايزينه.
فوافقوا على أن يغني في حفلتين لمدة أسبوع يعني 14 حفلة.
وانتشر شفيق جلال، وقدمه جلال محمود متعهد الحفلات في الكثير من الكازينوهات ووصل أجره لثلاثين جنيها في الشهر.
ووجد هو وأبوه حجرة غسيل في حي القبيصي بعد أن أخلوا الفراخ والبط منها.
وكانت هناك مجلة اسمها الصباح لصاحبيها: مصطفى وعبد الشافي القشاش. وكان فيها باب تعارف الشباب. فأرسل والده صور وبيانات عن ابنه. وفوجئا بمئات الرسائل من شباب البلاد العربية يطلبون صداقته. وكان والده يرد على خطاباتهم بأن يكتبوا للإذاعة مطالبين أغاني شفيق جلال. وأن يكتبوا لعبد الوهاب وأم كلثوم ومصطفى رضا مدير الإذاعة.

كيف عمل شفيق في السينما
بينما يعمل في روض الفرج جاءه صديقه عبده شيكو قائلا:
- أنت فين ده محمود ذو الفقار جه قهوة السلام وسأل عليك، عايزك تشتغل معاه في فيلم.
لم ينم من الفرحة. وفي الصباح بحث عن محمود ذو الفقار في فيلا عزيزة أمير – زوجته - ثم في استوديو جلال حيث يصورون فيلم البني آدم لإسماعيل يس.
قال لمحمود ذو الفقار: أنا شفيق جلال.
- مين شفيق جلال؟
- سيادتك سألت عليه في قهوة السلام علشان اشتغل معاك في السينما.
- أنا ما أعرفش قهوة اسمها السلام.
والده قال لمدير حسابات استوديو جلال: خليهم يسمعوا صوت ابني.
قال مدير الحسابات: ما تجربوه، ممكن يغني في فيلم عودة طاقية الإخفاء.
عزيزة أمير سمعت صوته فأعجبت به كثيرا. وقالت تعالى بعد بكرة.
فقال الأب مازحا: حانقعدوا من غير أكل لبعد بكرة؟!
فتأثروا بكلامه واتفقوا معه على الغناء في ثلاثة أفلام. أولها عودة طاقية الإخفاء. وأذاعت الإذاعة أغاني الفيلم، لكنهم ذكروا اسمه خطأ.
فقال والده: روح لهم في الإذاعة واطلب أن يصححوا الاسم.
كيف غني في الإذاعة
ذهب شفيق للإذاعة لكي يصححوا الاسم فوجد مصطفى رضا – مدير الإذاعة نازل على السلالم، فحياه، وقال له: أنا شفيق جلال.
فقال الرجل في اهتمام شديد: أنت شفيق جلال إللي المستمعين دوشنا بيك؟! تعالى معايا.
وطلب حافظ عبد الوهاب وقال له: أهو يا سيدي شفيق إللي المستمعين بيلحوا عايزين يسمعوا أغانيه.
فقد نجحت خطة والده، بأن حرض المستمعين الشباب بالإلحاح في المطالبة بسماع صوته.
استمع مصطفى رضا وحافظ عبد الوهاب لصوته وتم اعتماده مغنيا على الفور. وغنى من ألحان عبد الرءوف عيسى: وينك يا المحبوب.
وقد كتب علي التركي أغنية يا عم يا بنا لمحمود شكوكو، ولحنها محمد الشاطبي. لكن عند تسجيلها في اسطوانة حدث عيب فني أفسد التسجيل، فطالبوا من شفيق جلال أن يغنيها، فغناها واشتهرت بصوته حتى أن الشعب كله كان يغنيها.
عبد الحليم حافظ يأتي فيقضي على جيل شفيق جلال
ظهر عبد الحليم حافظ، فسطع نوره وخبا نور الكثير ومنهم شفيق جلال. وتغير الحال، فسادت الطريقة الرومانسية التي يغني بها عبد الحليم وتراجعت خطوات شفيق. حتى أصبح كما مهملا. ففي حفلات أضواء المدينة، يطلب التلباني أن يظهر قبله، ويوافق المسئولون، وتطلب نجوي فؤاد أن ترقص قبله، فيظهر على المسرح قرب الفجر، بعد أن يكون الكثير قد عادوا إلى بيوتهم.
وقنع شفيق بنصيه. لكن حدث حادث مفاجئ غير كل شيء. فقد أعلنت أضواء المدينة عن حفل لعبد الحليم ومعه أحمد غانم وغيرهم من الفنانين. لكن عبد الحليم تأخر، وأحمد غانم لم يأت. وكان شفيق جالساً وسط الجمهور كمستمع ليس ألا. ولما لم يجدوا أحدا، طلبوا منه أن يغني. فغني موال الصبر لأول مرة. وإذ بالجمهور يصيح معجبا. كان في الحفل 8000 مشاهد. الكل صفق وطلب إعادة الغناء لمرات عديدة. ومن يومها بدأ نجم شفيق في الظهور من جديد، فغني شيخ البلد وأمونة، وجاء عبد الحليم واحتضنه وقبله وقال له أبدعت.
وبدأ الاهتمام بالغناء الشعبي من هذه اللحظة. فغني عبد الحليم موال الصبر أهو داب. وغنى ماهر العطار أفرش منديلك عالرملة، وأيوه يا واد خدت الأمورة. وظهر محمد رشدى فغني وهيبة وعدوية وسادت الأغنية الشعبية.
شفيق جلال والسينما
تعاقدت عزيزة أمير معه على ثلاث أفلام بدأها بعودة طاقية الإخفاء.
وبعد صحوته الغنائية وعودة الشهرة إليه اختاره حسن الإمام ليقوم بدور شلبي زوج تحية كاريوكا في فيلم خللي بالك من زوزو. ونجح في أداء الدور فتعاقدوا معه على التمثيل في: بمبة كشر وحكايتي مع الزمان ومين يقدر على عزيزة وحافية على نهر الذهب وبديعة مصابني وإلى المأذون يا حبيبي وغيرها من الأفلام.
وأحس شفيق أن المخرجين يختارون له أدوار الرجل الشرير الذي يعمل في أعمال مشبوهة. فتذكر ابنه الوحيد جلال الذي ضحى بكل شيء من أجله، فقد اختلف مع زوجته وانفصلا وعمره شهرين. فلم يتزوج من أجله. وأصبح هو عالمه، كان جلال في ذلك الوقت قد وصل للثانوية العامة في دراسته، وأدرك الرجل بخطورة ما يفعل، فكيف يراه ابنه في هذه الأدوار، فاجتمع بالمخرجين في بيت حسين كمال، وقال إنه لن يمثل إلا دور الرجل المستقيم الخير من أجل ابني.
وغنى شفيق جلال في الكثير من المسلسلات الإذاعية منها: أجدع جواز في العالم. الحرافيش وعودة ريا وسكينة. عواد وحش الجبل وشارك بالغناء في الكثير من الصور الغنائية منها:
سوق بلدنا نون النسوة، سهرة في حي السيدة الرجل السعيد، اشهد يا زمان، عالزراعية، مكسب حلال وغيرها.
ومات في 19 مارس سنة 2000


نقل المشاركة الى موسوعة سماعي - حرف - ش

التعديل الأخير تم بواسطة : نور عسكر بتاريخ 08/01/2017 الساعة 22h17
رد مع اقتباس