عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 19/10/2012, 22h29
عطيه مصطفى عطيه مصطفى غير متصل  
Banned
رقم العضوية:248470
 
تاريخ التسجيل: juin 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: السعودية
المشاركات: 11
افتراضي رد: أوبريتات الموسيقار فريد الاطرش

تعرّف القواميس الموسيقية والمسرحية الأوبريت بأنه عمل مسرحي غنائي . والكلمة جاءت من OPERETTE ، وهي صيغة التصغير لكلمة ( اوبرا ) ، وتستخدم في كل اللغات كما هي .

ظهرت الأوبريت في القرن التاسع عشر كأحد الأشكال التي تطورت اليها الأوبرا المضحكة والفارس ( المهزلة ) والفودفيل ، ثم صارت نوعاً مستقلاً له طابع عاطفي وخفيف فرض نفسه بقوّة في المدن الأوربية .

تدل تسمية الأوبريت اليوم على نوع غنائي شعبي لا يخضع للقواعد الصارمة التي نجدها في الأوبرا ، وتستند الموسيقى فيه الى ألحان سهلة وسريعة الحفظ ، وهي تحتوي على حوار كلامي يطرح موقفاً درامياً فيه فكاهة .

ازدهرت الأوبريت منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى العشرينات من القرن العشرين ، واعتبرت من الأنواع الاستعراضية الناجحة التي تجد قبولاً من المتفرجين من مختلف الطبقات الاجتماعية .

في العالم العربي ، سمح الطابع الغنائي للمسرح في نشأته باستيعاب الأشكال والأنواع المسرحية الموسيقية والغنائية ومن ضمنها الأوبريت . فقد لاقت رواجاً كبيراً لدى الجمهور في مصر ، فأقبل عليها رجال المسرح في بداية القرن العشرين بعد أن اخفقوا في تقديم الأوبرا لعدم ارتباط الأوبريت بالقواعد الموسيقية الصارمة للأوبرا .

ويعتبر الشيخ سلامة حجازي رائد فن الأوبريت فكان صوته يناسب هذا اللون الفني. في عام 1905 كون فرقته الشهيرة التي حملت اسمه وافتتحت عروضها على مسرح "سانتي" بحديقة الازبكية ، كما قام بتمثيل الروايات المسرحية في دار الأوبرا وشارك فيها بألحانه و صوته ومن هذه المسرحيات : هارون الرشيد - المظلوم – ليلي – القضاء والقدر – شهداء الغرام – البرج الهائل كون مع جورج أبيض فرقة "جورج أبيض و سلامة."

وفي عام 1919 ، وبعد أن قدمت " شركة ترقية التمثيل العربي " في مصر الأوبرا ، انصرفت عنها الى الأوبريت وحدت حدوها بقية الفرق ، فقدمت فرقة صدقي / الكسار سلسلة من أوبريتات مأخوذة في معظمها من نصوص فرنسية . وفي 1920 ، قدم نجيب الريحاني أوبريت " العشرة الطيبة " عن مسرحية " اللحية الزرقاء " الفرنسية والتي لحنها سيد درويش وأخرجها عزيز عيد . وفي عام 1921 ، قدم علي الكسار أوبريت " شهرزاد " ثم "الف ليلة وليلة " مع سيد درويش ، واستقت الأوبريت العربية من المؤلفات الأجنبية المعروفة .

وتعريف الاوبريت لا ينطبق على أوبريت «مجنون ليلى» لا من قريب ولا من بعيد؛ فما شوهد في فيلم «يوم سعيد» المنتج في العام 1939 كان مشهداً مسرحياً مقحماً، لا صلة له بأحداث الفيلم، ظهر فجأة وانتهى فجأة. وقد أدى تمثيلاً دور قيس الممثل أحمد علام، وأدت دور ليلى فردوس حسن، وأدى دور المهدي والد ليلى الممثل عباس فارس بطريقة PLAY BACK، أي تحريك الشفاه وفقاً للصوت المسموع. وأما في الغناء فكان محمد عبد الوهاب يؤدي دور قيس، وأسمهان تؤدي دور ليلى، وعباس فارس يؤدي دور المهدي.

وعلى هذا فما عُرض ليس مسرحية غنائية، بل هو مشهد مفتعل في فيلم سينمائي، ومحتوى المشهد تنطبق عليه الميلودراما الحزينة في ثوب العشق، وليس فيه شيء من مرح أو ارتياح. ولعل ما يعلي شأن هذه الأوبريت هو الموسيقا والصوت والأداء ودقة التعبير عن الحالة ومعنى ما يقال. وكان من الأفضل أن تبقى هذه الأوبريت في إطار المسموع لا في إطار المشاهد. وهي في الحقيقة أقرب إلى الحوارية الغنائية منها إلى الأوبريت.
لا ريب في أن محمد عبد الوهاب كان متمكناً بالموسيقا العربية والمقامات الشرقية السائدة. وهي مقامات عربية تركية فارسية بدليل تسمياتها المتعمدة لدى المحترفين.

ومحمد عبد الوهاب حريص على التنويع في العمل الواحد في اختيار المقامات التي يفضي أحدها إلى الآخر لسببين، أولهما التعبير عن الحالة والوجدان، والثاني دفع الملل من الالتزام بمقام واحد. وهو في هذا حسّاس إلى حدّ الوسوسة، ومخطط بارع في قياس اللحن على قدر ما هو مطلوب دون زيادة أو نقصان.

وقد اختار محمد عبد الوهاب لهذا العمل المقامات المألوفة في الغناء العربي وهي التالية:

- مقام حجاز : وهو مقام عربي يمثل البيئة الصحراوية ويوحي بمفرداتها.
- مقام نهاوند : وهو مقام فارسي سُمِّي باسم جبال نهاوند في إيران.
- مقام عجم : وهو مقام فارسي يقابله في السلم الغربي (الماجور).
- مقام حجاز كرد: وهو مقام عربي فارسي تركي غنى به المغنون العرب وغير العرب.
- مقام نكريز : وهو مقام فارسي مشتق من مقام نهاوند ومقام حجاز معاً.

واستخدامه مقام نكريز في المشهد الثالث، كان مقدمة موحية لموسيقا «سجا الليل» التي جاءت بعد المشهد الأخير. ومنهم من يعد «سجا الليل» ختام الأوبريت. ومنهم من يعدها منفصلة عنها بدليل أنها تذاع منفصلة،
وقد أجمع الكثير من النقاد الموسيقيين على أن «مجنون ليلى» هي أرقى وأعظم ما وصلت إليه الموسيقا العربية المعاصرة علماً أنها منتجة في العام 1939، أو قبل ذلك بقليل حين كانت أسمهان مستقرة في القاهرة.

أما فريد الاطرش فيرجع إليه الفضل في إدخال فن اﻷوبريت في السينما وذلك فـي فيلمـه اﻷول (انتصار الشباب) ، ولم تكن للسينما المصرية قبل هذا التاريخ عهد باﻷوبريت الغنائي.
رد مع اقتباس