الموضوع: زكي ناصيف
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 24/11/2006, 09h58
salahabc
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي زكى ناصيف

يعتبر ناصيف واحداً من حرّاس الزمن الجميل وملهماً مميّزاً, يردد الكبار والصغار أغانيه, وقد تتالت أجيال على ترداد "طلوا حبابنا" و"يا عاشقة الورد" و"اشتقنا كتير" و"راجع يتعمر لبنان" وغيرها الكثير الكثير بصوته وأصوات غيره من كبار المطربين اللبنانيين.

جاء ناصيف في زمن الكبار, وسجلت أعماله وأعمال الرحابنة وتوفيق الباشا وحليم الرومي ووديع الصافي وسواهم, علامة بارزة احتلَّ لبنان من خلالها مكانته في النهضة الموسيقية الغنائية العربية, الى جانب مصر, إذ لم تعد ساحة الغناء في لبنان وقفاً على أغانٍ محلية بلدية لم تتجاوز تظهير العتابا والميجانا وأبو الزلف والمعنّى والشروقي, وبعض تنويعات سامي الصيداوي.

بعد أن طور الفولكلور اللبناني وعمل على توسيع رقعته, حاول ناصيف منح البلد الذي دمرته الحرب دفعاً جديداً مع أغنية "راجع يتعمر لبنان".

اشتهر ناصيف بحبه للسهل والجبل والحب القروي الخجول. وملأ فنه عبر الدلعونا والروزانا والموشّح والطقوس البيزنطية الكنسية قرى السهل والجبل سهراً حميماً, وأعيادَها حلقات دبكة وتشابك أيادٍ. وجاء من ثقافة موسيقية شرقية وغربية عرف من خلالها كيف يوالف بين المجوز والبيانو فيحوّل النغمة المفردة الرتيبة إلى عناقيد من الأنغام المركبة المتراقصة. ترتبط أغانيه ارتباطاً جذرياً بالأرض. فمن الصعب أن تجد له أغنية (العاطفية منها والغزلية), لم يكن الجبل والوادي والسهل والزهر والعطر والطير والنسائم أبطالها.

منذ بداياته في مشغرة البقاع السخي بطبيعته ونبوغه, أدرك ناصيف أن ولاءه للفن هو ولاء للإنسانية جمعاء. أصابته الحرب والألعاب السياسية بإحباط كبير, بما احتوته من مؤامرات وتدنيس في هيكل الوطنية والمواطنين, فانزوى بغير تصوف, إنما ليعطي أكثر وأكثر في الشعر اللبناني ونغماته الحماسية الحارة.


في حديث إلى "الحياة", اعتبر رفيق عمره المؤلف الموسيقي مدير الكونسرفتوار الوطني اللبناني وليد غلمية أن زكي ناصيف هو مؤسس ما يسمى بالأغنية العربية أو الأغنية المشرقية العربية. "يعتبر زكي ناصيف مرجعاً في الموسيقى السريانية والبيزنطية. فهو لم يتخل يوماً عن أصالة الموسيقى في منطقة يعرفها تمامآً ويعرف بيئتها وطبيعتها. مبدع كبير لا يقلد, شخصية متميزة يستحيل على أي فنان أن يقلده لأنه حكماً سيفشل. ينتمي إلى جذور متينة, لم يتخف يوماً وراء مطرب, فموسيقى ناصيف التي عرفت عنه, جاءت أحياناً كثيرة بموازاة الكلمة. وإذا حذفت الكلمة تبقى قوة تلك الموسيقى النادرة. غياب زكي ناصيف خسارة كبيرة للفن العربي, أتمنى ألا ينسى بعد مماته, لأنه ظلم إعلامياً كثيراً في حياته".

من جهته, يلفت الملحن والمغني احمد قعبور إلى أن الإنسان شكل عند ناصيف الأيديولوجيا الوحيدة. "فأعماله ظلت صافية كابتسامته لا تحمل أي إسقاطات سياسية أو اجتماعية. ولم يكن في حاجة إلى ترميز ولا إلى دلالات. ظلت ضيعته تلك الضيعة التي يحبها الصغار". وأكد قعبور أن فضل ناصيف على الأغنية اللبنانية يكمن في تعريفه بكونها مزيجاً من البدوية والمصرية والفولكلور اللبناني (جبلاً وساحلاً). فأغاني الكبار الذين عاصرهم تنازعتها هذه الروافد الثلاثة التي أشار إليها ناصيف الموسيقي منذ البداية. ناصيف أمين للفولكلور من دون اعتباره مقدساً. وظف الفولكلور لخدمة الحداثة الموسيقية ووضعه في قوالب موسيقية جديدة. استطاع أن ينتقل بخفة ورشاقة من "على دلعونا" إلى "طلوا حبابنا", وهما أغنيتان متغايرتان تماماً في المقام الموسيقي... في داخل كل ملحن من جيلنا أب روحي اسمه زكي ناصيف".

زكي ناصيف بالنسبة إلى أسامة الرحباني رمز لبنان يحمل الكثير من التفاؤل وينقل عبر أغانيه إلى العالم حفنة من تراب ارض لبنان وتراثها وفولكلورها, مؤكداً أن "رحيله يشكل خسارة لعائلة فنية من الطينة نفسها والروح نفسيهما".
ولد زكي ناصيف في بلدة مشغرة (البقاع الغربي - لبنان) في الرابع من تموز عام 1916 . يوم كانت سوريا ولبنان لاتزالان بلدا واحدا إسمه سوريا الكبرى .
انتقل من البلدة إلى بيروت 1924 كان عمره آنذاك 8 سنوات حيث بدأ دراسته واكتشف صوته الجميل وامكانياته حيث لحن في مدرسته الثانوية نشيد المعهد.
تابع علومه حتى نال الشهادة الثانوية.
بدأ بتعلم العزف على العود عام 1930.
في عام 1936 التحق طالبا في المعهد الموسيقي في الجامعة الاميركية مدة اربع سنوات. وكان هدفه منذ ذلك الحين الإفادة من الموسيقى الأوروبية لخدمة الموسيقى اللبنانية. تعلم العزف على
العود والبيانو، وحفظ قواعد الصرف والنحو الموسيقي، واخضع لتمارين الصوت.
بعدها اندلعت الحرب العالمية الثانية فأكمل دراسته عند مدرس خاص اسمه روبيير .
مارس السياسة وانتسب إلى الحزب القومي السوري يوم كان انطوان سعادة رئيسا له .
ساعده أباه ليبدأ تجارته كبائع جلود فعمل لعدة سنوات ثم انضم إلى أخوته بعد مرض والده.
وفي عام 1953، قرر احتراف الفن …. وربما يبدو متأخرا نوعا ما و ذلك لأنه كان يعتبر ذلك في البداية هواية اكثر منها احترافا وكان ذلك في اذاعة الشرق الادنى عام 1953 حيث استمر نشاطه
مقتصرا على تلك الاذاعة الى ان توقفت عن البث عام 1956 على اثر العدوان الثلاثي على مصر.
انتقل نشاطه الى الاذاعة اللبنانية في عهد مديرها حسن الحسن: حيث لحن اول اغنية له في اذاعة الشرق الادنى كتبها محمد يوسف حمود ويقول مطلعها: (كيف انساك وفي عيني وبالي، صورة انت
على رحب الخيال)، وكانت مدتها عشر دقائق. وبعدها كانت الانطلاقة،
في (الشرق الادنى) كان هناك نشاط بارز للاخوين رحباني وفيروز، وصبري الشريف الذي كان مشرفا على القسم الموسيقي ، طلب صبري من الاخوين رحباني ان يقدما له (حوالى عشر اغنيات قصيرة على انغام غربية راقصة).
ادخل زكي ناصيف نوعا جديدا على الغناء في الاذاعات وهو غناء الكورس بعدما كان الغناء مقتصرا على الفرد حيث لم يكن احد قبله يجازف في وضع اغنيات للكورس. وقام بهذه الخطوة بتشجيع
من صبري الشريف الذي وزع الاغنيات ومعظمها من اللون الصباحي على اكثر الاذاعات العربية).
شكلت مهرجانات بعلبك عام 1955 الانطلاقة الحقيقية لزكي ناصيف في مجال صناعة اغنيات الدبكة المستمدة من روح الفولكلور فحين بدأ في مهرجانات بعلبك كان الاخوان رحباني قد جمعا كل
الفولكلور القديم واعادا تقديمه بشكل جميل فأراد التميز عنهما فبحث عن شيء جديد ووجد اهازيج غير ملحنة ونظم اغنيات على وزنها). واكمل زكي ناصيف الطريق نفسه في شتاء 1959 في
الاذاعة اللبنانية وسرعان ما اصبح اتباع هذا الخط كثيرين من القدماء والجدد.
وأعطى المهرجان الأغنية الفلكلورية هويتها وشكلها وميزتها من خلال تحديث زكي له .
فبدلا من ان يغني (الدلعونا) فضل ان يبتكر عملا ويضع (الدلعونا) فيه. وهكذا ولدت اغنية (طلوا حبابنا طلوا).
سارت مهرجانات بعلبك على خطين فنيين: واحد التزم بجميع الاغاني الفولكلورية القديمة واستأثر بمعالجتها. والخط الثاني اضطر ازاء هذا الموقف اتخاذ خط جديد ليس بعيدا عن الجو الفولكلوري
وفي الوقت نفسه ليس موروثا. وكان هذا خط زكي ناصيف الذي بدأ فيه في مهرجانات بعلبك مع فرقة (الانوار) واتبعه كثيرون من القدماء والجدد.
عن تأسيس الفرقة قال ناصيف:
(بعد سنة 1959 ابدى المرحوم الاستاذ الكبير سعيد فريحه رغبة في احياء حفلة في كازينو لبنان، على غرار حفلات الليالي اللبنانية، لاطلاق جريدة (الانوار) فقال له نزار ميقاتي قدمنا عملا
فولكلوريا للمجموعة في بعلبك، فلماذا لا تتبناه وتغطي تكاليفه لانه يعطي نتائج معنوية جيدة. اعجب الاستاذ سعيد بهذا الموضوع وتبناه. واستأجرنا مكانا في رأس بيروت - نزلة الحمام العسكري
وصرنا نتدرب فيه لاحياء المهرجان في حزيران سنة .1960 وفي خلال شهرين ونصف الشهر انجزنا العمل وقدمناه في كازينو لبنان. وكان عنوان مهرجان (الانوار) وفيما بعد اطلق على الفرقة
اسم فرقة (الانوار..)
(قدمت الفرقة اغنيات للرقص مهمة جدا، واستمريت في تعاوني معها حتى النهاية والحاني كانت بارزة فيها. ابرز ما قدمته كان اسكتش (الحصاد ودرس القمح على البيادر)، (هللي يا سنابل فوق
بيادرنا) ثم دبكة (سهرنا حتى قطفنا مواسمنا) والافتتاحية الموسيقية للمهرجان ورقصة الاباريق ودبكة (ليلتنا من ليالي العمر) وكان مهرجان (الانوار) هو الاساس ونضيف اليه بعض المحطات
الجديدة في كل حفلة كنا نقدمها).
(كان سعيد فريحه من القلائل في الاوساط الصحافية الذين يملكون ذوقا فنيا مرهفا. وكان الفنانون المصريون الكبار يكنون له جانبا كبيرا من الاحترام والمحبة والتقدير).
لحن زكي للكثيرين : فيروز - صباح - وديع الصافي - سميرة توفيق - نصري شمس الدين - ماجدة الرومي - سلوى القطريب - ماري سليمان
كان زكي يحب الحياة … ولذلك احبته الحياة ….
توفي رحمه الله صباح الخميس في 11- 3 - 2004 .
رد مع اقتباس