[QUOTE=أبو برهان;294033]
محمد خيري:
أعظم من غنى الموال السبعاوي على الإطلاق. توفي في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي .
مما لا شك فيه أن أهل حلب هم صفوة السميعة في بلاد العرب، كيف لا و فيهم أساطين الطرب ذوو الحناجر الذهب المحافظون على الفن الأصيل جيلاً بعد جيل و العديد منهم قد زيّن الرُّقي في السماع بسـعة الاطـِّلاع فبرعوا في هذا المجال و غدوا حُـجّــة فيه بلا جـدال ، إلاّ أنّ البعض من الإخـــوة الحلبيين تغلبه الميول في تقييم المطربين و لا يلتزم الحياد حيال هؤلاء الروّاد، فنجِـدُ واحداً يصف المرحوم محمد خيري بأنّه أعظم مطرب عرفته حلب، و أخي أبو برهان يقول أنّه أعـظم من غـنّى المـوّال السبعاوي على الإطلاق، و أخونا الحازم يقول أنّ أشهر من يؤدّي الموّال هو المنشد حسن حفار، و قال أخونا أبو محمد مثل ذلك، و آخر أثنى على صبري مدلل بكلام يضعه فوق هؤلاء، كل ذلك في وجود عملاق لوى بأدائه الأعناق و طبّقت شهرته الآفاق فشهد له العرب و العجم و أصبح اسمه ناراً على علم، ألا و هو صباح فخري فتى الشهباء الذي تربِّع على عرش الغناء، و أمســك بمقاليد الطـرب فـبلغ فيه نهـاية الأرب و فعل فيه العجـب، و أنا للأسف أجهل عـلــوم الموســـــيقى و المصطلحات التي توضح ما أظنّه حقيقة، وهي أن الأستاذ صباح علاوة على صوته الصدّاح هو الوحيد من بين المطربين سواءً العرب أو الحلبيين الذي حاز الكمال في النطـْق و الأداء و برع في مختلف ألوان الغناء، فغدا فارس الأغنية الذي لا يشقّ له غبار و ريادته جليّة كالشمس في وضح النهار لا سيما في الثلاثة عقود الأخيرة التي واصل فيها المسيرة حتّى علا ذروة الطرب و أصبح مفخرة مدينة حلب، و قد حباه المولى بمزمـار من مزامـير داؤود فهو سـلطان القـدود و أبرع من شــدا بالموشـحات والقصـائد و له في الـدور والمـوال فـرائد.
و انا لست هنا لأصادر الآراء أو أقلّل من مكانة أساطين الغناء ممّن أنجبت الشهباء، و أعدكم بالتراجع عن رأيي إذا ما أتيتم بما يدلّل على صحّة رأيكم من غير ما هو متوفر في هذا المنتدى العظيم، فما هو موجود ليس إلاّ شهادة على أنّ صباح فخري هو شادي الألحان و صنّاجة العصر و الأوان وقلّ أنْ يجود بمثله الزمان.
فخـري أعذبُ نغْمــةً ---- والفرق مثل الصبح ظاهر
فإنْ دحضْـتم حُجـّتي ---- بالبــــيّـنات فـلـن أكـــــابـر
(مع الاعتذار للبهاء زهير)
و هذه نماذج من إبداعات المعلّم في الموّالات السبعاوية و سأتبعها بنماذج أخـرى من التخميسـات و القصـائد و الأدوار و الموشحات، و هي غيض من فيض في رصيد هذا العملاق، و رغم مايزخر به المنتدى إلاّ أنّ هناك الكثير من روائعه لم أحظى بسماعه و لاتنفك قناة حلب الفضائية تفاجئنا به بين الحين و الآخر، فإن كان هناك من يرقى إلى أدائه المتقن فدلّونا عليه، فمن يهوى الطرب لايزال عطشاناً ما ظلّ بعيداً عن التُّرَب، و إلاّ فأنصفوا إبن مدينتكم الذي لفت الأنظار إليها و كان خير سفير لكم لأكثر من نصف قرن من الزمان.