الأديب الفيلسوف كمال بك عبد الرحمن
ما خطه قلمك ( أو كيبوردك ) يا سيدى فى السطور السابقه يحتاج إلى أن نتوقف أمامه طويلا وان نقرأه قراءة متأنيه حتى نستفيد فعلا , فالجرعة أكبر من أن يستوعبها العقل ويهضمها الفكر للوهلة الأولى , لكن استوقفنى ما كتبته عن صوتيات اللغة وإيقاع الكلمة والحرف . وقولك أن منطوق الحرف ثم الكلمة له أثره النفسي والجمالي على الإنسان دون أن يعي ..
تذكرت وأنا أقرأ تلك الفقره من مقالك وتحليلك لخواص بعض الحروف كلاما قرأته منذ زمن بعيد فى كتاب استهوانى زمنا وأخذ من سنوات عمرى بعضها وهو كتاب مدارج السالكين للإمام ابن قيم الجوزيه , حاول أن يشرح فيه كتيبا صغيرا للإمام الهروى اسمه منازل السائرين , المهم أنى أتذكر فقرة قرأتها فى منزلة الحب وهى من المنازل المائه يحلل فيها تلك الكلمه بحرفيها الحاء والباء والمناسبة بين هذين الحرفين ومدلول الكلمه فقال أنهوضع لمعناها حرفين مناسبين للمسمى غاية المناسبة الحاء التي هي من أقصى الحلق والباء التى تنطق من بين الشفتين وتأتي فى نهايته فللحاء الابتداء وللباء الانتهاء , وهذا شأن المحبة وتعلقها بالمحبوب فإن ابتداءها منه وانتهاءها إليه . وأعطوا الحب حركة الضم التي هي أشد الحركات وأقواها مطابقة لشدة حركة مسماه وقوتها وأعطوا الحب وهو المحبوب حركة الكسر لخفتها عن الضمة وخفة المحبوب وخفة ذكره على قلوبهم وألسنتهم من إعطائه حكم نظائره من الأفعال . فتأمل هذا اللطف والمطابقة والمناسبة العجيبة بين الألفاظ والمعاني تطلعك على قدر هذه اللغة وأن لها شأنا ليس لسائر اللغات . فما أعظم لغتنا وما أجدرها أن تكون لغة القرآن بحق .
ولى عودة إن شاء الرحمن مع بقية عذب الكلام الذى طرب له فكرى ووجدانى من اديبنا الكبير ..
__________________
إذا ما الطائر الصداح قد هدهده اللحن
ورفت نسمة الفجر على أشجانه تحنو
هناك السحر والأحلام والألحان والفن
نجيب سرور
|