عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12/09/2011, 14h15
الصورة الرمزية starziko
starziko starziko غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:510608
 
تاريخ التسجيل: avril 2010
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 129
افتراضي رد: المكونات البنائية للموسيقى الأندلسية

الموشح هو قصيدة شعرية ولكنها لا تخضع لوحدة البيت ولا تخضع كذلك لوحدة القافية، ولكنها مقسمة إلى أقسام أو مقاطع، بعضها يسمى "أقفالا" وبعضها يسمى "أبياتا" هذا النظام الذي يسير عليه الموشح، يقتضي أن تكون الموشحة قائمة على مجموعة من الأقفال ومجموعة من الأبيات. الأقفال متشابهة في الوزن ومتشابهة في القافية. أما الأبيات فمتشابهة في الوزن فيما بينها ومختلفة من حيث القافية، ثم إن هذا الموشح، يعنى فيه بالمقطع الأخير الذي يسمى الخرجة. وحين ننظر في الموشحات الأندلسية، نجد هذه الخرجة إما باللغة المحلية الرومانية وإما باللغة العربية العامية، ومعنى هذا أن الأصل في الموشح هو الأغنية الشعبية المحلية التي كانت بالقشتالية أو بالرومية أو ما إلى ذلك. واستدعى الشعراء مقطعا من هذه الأغنية وبنوا عليه الموشحة.

لماذا جاءت الموشحة على هذا النمط من التقسيم، فيها اختلاف وتنوع في الأقفال وفي الأبيات سواء من حيث الوزن أو من حيث القافية؟ لكي تكون صالحة للأداء الغنائي. ولهذا لولا التزاوج والارتباط بين الموسيقيين في مجالس الموسيقى والغناء، وبين الشعراء الذين كانوا يضعون الكلمات للأغاني ما كان ليكون الموشح. الموشح كنمط شعري ظهر في مجالس الأمراء والخلفاء والمغنين والمغنيات لكي يكون شعرا صالحا للغناء.

أما الزجل فهو كالموشح مع فارق واحد، هو أنه باللغة العامية، وهو أيضا كان خاضعا للغناء ولمقتضيات هذا الغناء والأداء اللحني.هناك من يرى أن بعض هذه الموشحات، على الرغم من أنها معربة أي جاءت على الوزن العربي وجاءت باللغة العربية الفصيحة، فإنها لا يستقيم لها وزن إلا باللحن، وهذا معروف، تحدث عنه المنظرون والنقاد الذين تحدثوا عن الموشح. ومنهم ابن سناء الملك المصري الذي أكد في "دار الطراز" :"إن الموشح أو كثيرا من الموشحات لا يستقيم لها وزن إلا باللحن" وهذا معناه، التداخل الذي كان بين الموشح وبين الموسيقى والغناء، وكذلك بين فنهما والزجل.

إذن يمكن القول إن الموسيقى الأندلسية وجدت الإطار أو الهيكل الذي أتيح لها أن تنطلق منه أو أن تغنيه بالنغم سواء أكان هذا النغم محليا صرفا أو متأثرا بما جاء به العرب فيا بعد وما تمخضت عنه حضارتهم وثقافتهم.

المكون الثاني للموسيقى الأندلسية مكون نغمي، وهو الذي نسمع عنه كثيرا ونردد الكلمة عنه في كثير من الأوقات. وهو النوبة، نعم النوبة اشتهرت في الأندلس. ولكنها كانت معروفة في المشرق من قبل وكانت معروفة عند العرب. والنوبة ـ قبل أن يصبح لها مدلول متميز في الموسيقى الأندلسية ـ كان لها مدلول من قبل، كان لها معنيان اثنان: المعنى الأول هو "المرة" يعني فلان يغني مرة أو مرتين أو ثلاث مرات. وهذا الاستعمال الأول.

أما الاستعمال الثاني فهو النوبة بمعنى "الدور" فيقال فلان جاءت نوبته أي جاء دوره. كان المغنون يجتمعون فيقولون مثلا هذا دور ابن فرناس، هذا دور قمر، هذا دور طرب…إلخ، كل مغن له دوره أي له الوقت الذي يتدخل فيه، هذه هي المعاني التي كانت معروفة في البلاد العربية وفي المشرق وانتقلت إلى الأندلس كذلك.

ولكن النوبة في الموسيقى الأندلسية، بعد أن استقر لها كيانها وأحرزت هذا الكيان بحكم العوامل التي سبق أن أشرت إليها في البداية، وبعد أن بحث مؤطرون وفنانون في الموسيقى وقعدوها، ومع الهيكل الشعري الذي أصبح مناسبا لأداء جديد أصبحت النوبة تكتسي معنى آخر، هو المعنى المتداول لحد الآن فما هو؟

النوبة هي مجموع القطع أو الأطراف أو الأجزاء التي تشكل الأداء الموسيقي في نطاق محدد، هذا العمل متكامل، يعني مجموعا من المقطوعات ومن الألحان ومن الأنغام، بعضها يكمل بعضا وبعضها يأخذ بتلابيب بعض. كل ذلك أصبح يسمى "النوبة" وهذا هو المعنى الذي استقر في الأندلس وارتبط بالموسيقى الأندلسية، باعتبار هذه النوبة مكونا نغميا أساسيا.

إذن المكون الشعري (التوشيح والزجل ) مع المكون النغمي (النوبة) هما اللذان أعطيا للموسيقى الأندلسية بناءها الذي نريد الحديث عنه.

هذه النوبات، مرتبطة بطبوع تساير وتلائم مختلف أوقات الإنسان على مر الأيام والفصول . ..إلخ.، لكن النوبات التي وقع التأريخ لها والتي انتهت إلينا والتي لم تبق مجرد كلام يقال في كتب التاريخ، هي هذه النوبات التي وصلتنا، والسؤال هو: هذه النوبات التي وصلتنا ، هل هي كل النوبات؟ بطبيعة الحال لا، ليست هي كل النوبات، ولكن هي النوبات التي استطاع الأندلسيون أن ينقلوها، أو استطاع المد الحضاري بين المغرب والأندلس ـ بصفة خاصة ـ أن يحتفظ بها، والمغرب كان له دور كبير في حفظ هذه النوبات وفي حفظ ما ساقه هذا المد على العموم.

هذه النوبات ضاعت أو ضاع بعض أجزائها لأنها كانت تعتمد على عنصر أساسي وهو الارتجال الذي يكاد يكون من المميزات الأساسية للموسيقى الأندلسية، وبطبيعة الحال، كل موسيقى يمكن أن توصف بأنها شعبية، قضية التداول والارتجال ، شئ كان معروفا وهذا الارتجال هو من المميزات التي انتقلت حتى في التأثير إلى أوروبا وغيرها. إنهم لم يكونوا يرتجلون ، ولكن تأثرا بالموسيقى الأندلسية، استفادوا من قضية الارتجال سواء الارتجال داخل أداء بعض الصنائع أو ما إلى ذلك، إذن بسبب هذا ضاع كثير من التراث الموسيقي الأندلسي القائم على النوبات، ولكن ما احتفظ به المغاربة ـ بالمفهوم الواسع ـ هو هذه النوبات المحددة التي نقول عنها إحدى عشرة نوبة، وهي:

1 ) الأصبهان.

2 ) الحجاز الكبير.

3 ) الحجاز المشرقي.

4 ) العشاق.

5 ) الماية.

6 ) رمل الماية.

7 ) الرصد.

8 ) غريبة الحسين.

9 ) رصد الذيل.

10 ) عراق العجم.

11 ) الاستهلال.

رد مع اقتباس