عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 03/03/2008, 10h44
الصورة الرمزية يوسف أبوسالم
يوسف أبوسالم يوسف أبوسالم غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:47645
 
تاريخ التسجيل: juillet 2007
الجنسية: أردنية
الإقامة: الأردن
المشاركات: 241
افتراضي رد: الشاعر اليمني عبد الله البردوني

تابع ما قبله.........
عبدالله البردونـــــي
شاعر بصير وتجربة لا يمحوها الزمن (2)



أو شاعرا بالغربة يستنطق البيوت والمقاهي والشوارع والامواج والشجر والطير.. في سوداوية وقنوط بالغ المرارة.
لماذا المقطف الداني
بعيد عن يد العاني
لماذا الزهر آني
وليس الشوك بالآني
لماذا يقدر الأعتي
ويعيا المرهف الحاني
أأستفتيك يا أشجار؟
فوقي غير أغصاني
كومض الآل إبراقي
كلغو السكر اعلاني
وكالحدبات اثدائي
وكاللصقات ألواني
أأستفتي أروماتي
متي يطلعن أفناني
أريد مدي اضافيا
ثري من صنع اتقاني
وتاريخا خرافيا
أعلق فيه قمصاني
أيمكن كل مرفوض
وهذا الشوق إمكاني
وفي أثناء كل ذلك يتأمل الظواهر المتلاحقة والانتقال كل يوم من سييء الي أسوأ.. فيوغل في قراءة التاريخ الرسمي والشعبي يستحضر الاشباه والنظائر.
روح الشعب
يتبع السؤال بالسؤال ويضني لماذا بكيف حتي تتحول الاجابة الي سؤال آخر يبحث عن اجابات..
وتشهد هذا الفترة بالذات إلحاح البردوني علي رمز المخلص أو المصطفي أو المهدي المنتظر.. الذي يمثل روح الشعب وزبدة الجماعة ونفس الانسانية.. والخلاصة النقية التي تنعقد عليها الآمال.. بعد أن مال الحال.. تتبلور هذا الفكرة من خلال ورودها في سياقات شعرية كثيرة عنده.. ثم تأخذ سمتها الكامل ثوريا وموقفا ورؤية وروحانية في قصيدة 'مصطفي' احدي أشهر قصائد البردوني ¬ حضورا في الوجدان
يا مصطفي أي سر
تحت القميص المنتف
هل أنت أرهف لمحا
لأن عودك انحف
أأنت أأخصب قلبا
لأن بيتك أعجف
لم أنت بالكل أحفي
من كل أذكي وأثقف
في التسعينيات كان البردوني يقطف بعض ثمار جهده نال جائزة العويس سنة 1993م.. واحتفي به في أكثر من عاصمة عربية وأوروبية وكان في كتاباته شعرية وغير شعرية مشغولا بهموم الوحدة اليمنية وما نتج عنها.. وكان سنة 1990م بعد قيام الوحدة مباشرة.. قد تنبأ في احدي قصائده بما سيحدث حين قال في احدي قصائده
يا بنت أم الضمد قولي لنا
أي علي سوف يخصي علي
كما كان مشغولا بالاوضاع العربية عقب حرب الخليج الثانية. وبالتحولات العالمية عقب انهيار النموذج السوفيتي وماتبعه وكان مع ذلك لا يكل عن القراءة يوميا يتابع الجديد وبين الحين والآخر يثير معركة بكتاب يصدره أو رأي يقوله في محاضرة أو مقابلة صحفية. وفي آخر حياته نشر سيرته التي مات وقد أشرف علي إكمالها.
لا نستطيع ونحن نقرأ البردوني أن نفصل حياته عن ابداعه فكل حياته كانت مكرسة للابداع والكتابة اما فعلا يتحقق شعرا ودراسات مختلفة واما قراءة ومثاقفات يبحث من خلالها عن وجوه للتحقق الابداعي والفكري.. أشكالا ومضامين ورؤي.
اخلاص البردوني لتجربته الشعرية ومثابرته علي تطويرها ومراقبته المرهفة لخطها البياني وانتقالاتها المختلفة وربطها بمختلف التيارات الابداعية منذ القصيدة الجاهلية وحتي قصيدة النثر في احدث نماذجها جعل قصيدة البردوني تبدو من بين كل قصائد شعراء العمود العربي الكبار أحفل بالمغايرة مغايرة الآخرين من شعراء العمود ومغايرة التجربة البردونية ذاتها لنفسها. فاذا كان البردوني قد بدأ في ديوانه الاول 'من أرض بلقيس' عمويا رومانسيا يلتقي مع أمثاله من كبار شعراء العمود العربي الذين يجايلونه أو يسبقونه بجيل أو جيلين كما يمتد من تراث عريق عرفه ووعاه فإنه في ديوانه الثاني 'في طريق الفجر' الذي صدر سنة 1966م كان قد بدأ رحلة المغايرة ومفارقة النموذج المألوف.. تماهيا مع منجز الحداثة الشعرية العاصف ووعيا بضرورة التفرد في خلق امكانيات جديدة للعمود الشعري تبقيه داخل مضمار الحياة غير أن القاريء لن يلمس هذا التوجه واضحا الا في ديوان الشاعر الثالث 'مدينة الغد' الصادر سنة 1970م حيث بدأت قصيدته تفارق الطابع البنائي المعتاد لقصيدة البيت لتبني نفسها بطريقة خاصة من داخل محتواها الخاص.. وقد ازداد ذلك وضوحا في دواوينه اللاحقة 'لعيني أم بلقيس' 1972م 'السفر الي الايام الحضر' 1975م 'وجوه دخانية في مرايا الليل' 1977م 'زمان بلا نوعية ' 1979 'ترجمة رملية لاعراس الغبار' 1983م 'كائنات الشوق الآخر' 1986م 'رواغ المصابيح' 1989م 'جواب العصور' 1991م 'رجعة الحكيم ابن زايد' 1994م وهي دواوين أكد فيها البردوني علي نزوعه الخاص الي التجديد وعمق في تجربته مغايرتها لتراث العمود الذي لم تعد تشبهه بأي حال من الاحوال ومغايرتها لنفسها بالاختلاف الملحوظ من ديوان الي ديوان من حيث التقنيات والتجريب وتخليق الامكانات من داخل اللغة نفسها والاستفادة من فتوحات القصيدة الحديثة بطرق ادائها المتجددة التي تعبر عن الموقف الشعوري بالصورة وتستعمل 'القناع' و'المونتاج' و'المنولوج' و'الديالوج' و'التناص' اضافة الي هدم الموضوع التقليدي لقصيدة البيت وتعبئتها بموضوع جديد وخاص.
علي الجانب الآخر جانب الرؤية والموقف والرسالة داخل القصيدة لعبت ثقافة البردوني الموسوعية ومعتقداته الفكرية ومواقفه ورؤاه الاجتماعية والسياسية والادبية دورا كبيرا في إحداث انتقالات واسعة بتجربة وموضوع قصيدته.. التي كان الثابت الوحيد فيها هو الانسان وضرورة تحقيق شروط انسانيته.. وعيشه الكريم مواطنا حرا لا يظلم ولا يستعبد ولا يستغل ولا يستغفل. ومن أجل ايصال هذا المفهوم الي المتلقي استعمل البردوني اساليب وطرقا شتي كتب القصيدة المحرضة المباشرة.. واستدعي التاريخ في لحظاته المظلمة وشخصياته الظالمة مقابل اللحظات الاخري المضيئة والشخصيات العادلة فيه وتغني بالشخصيات الشعبية الحكيمة واستنطق الارض عن حنوها علي ابنائها مؤنسنا خضرتها وثمارها الممزوجة بعرق الفلاحين ونبض آمالهم واتحادهم بها حياة ومصيرا ومشاعر تتلون بألوان أزهارها:
ذائب في الأرض إني نبتة
من حشاها شكلتني عن براعه
زرعت غصني وفيه انزرعت
اغصنت في قامتي زادت فراعه
وأنا أورقت في أغصانها
صرت من أقباس عينيها شعاعه
ورحل البردوني عن اثني عشر ديوانا وثمانية كتب منشورة وديوانين مخطوطين هما: 'رحلة ابن شاب قرناها' و'العشق في مرافيء القمر' وثلاثة كتب مخطوطة هي 'الجمهورية اليمنية' و'الجديد والمتجدد' و'سيرته الذاتية'....
وها هي ذكراه تحل وقد تأكد لكل المثقفين أن البردوني الذي طبع اثر فوزه بجائزة العويس عشرات آلاف النسخ من كتبه التي كان يبيعها مروجو الصحف بأثمان يتساوي ثمن الكتاب فيها بثمن الصحيفة اليومية.. اختفت كل كتبه من المكتبات ولم تطبع لا اعماله الكاملة ولا كتبه ودواوينه التي مات وهي مخطوطة وكأن هناك قرارا بتغييبه واقصاء اسمه عن كل تكريم.
وعجز المثقفون اليمنيون الذين لا حول لهم ولا قوة عن فعل شيء يكسر هذا التعتيم العجيب، أما المثقفون من اهل السلطة القائمون علي اكبر المؤسسات الثقافية والعلمية في اليمن فالاكيد الذي لامراء فيه انهم يقفون وراء محاولات التغييب تلك والاسباب معروفة.
رحم الله البردوني الباقي الذي صدق عليه ما قاله في رثاء صديقه الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري.
انهي طريقا مستهلا طريق
نهاية العنقود بدء الرحيق
ومعه سنغني جميعا رائعته البديعة:
شوطنا فوق احتمال الاحتمال
فوق صبر الصبر لكن لا انخذال
مذ بدأنا الشوط جوهرنا الحصي
بالدم الغالي وفردسنا الرمال
مرة أحزاننا لكنها يا عذاب
الصبر احزان الرجال


ومن أحلى وأشهر قصائده أيضا قصيدة
يا مصطفى

فليقصفوا، لست مقصف........وليعنفوا أنـت أعنـــــف

وليحشــدوا، أنت تـــدري.......إن الـمــخيفـين أخـــوف

أغــنــى، ولكــنّ أشـقــــى........أوهــــى، ولكنّ أجـلـف

أبــــدى، ولكــنّ أخـــفـــى........أخــزى، ولكنّ أصلـف

لهـــــم حديــــــد ونـــــــار........وهم من القـش أضعف

يخشـــون إمكــــان مـوتٍ........وأنت للمـوت أألـــــف

وبالخطــــورات أغـــــرى.........وبالقـرارات أشغــــف

لانهـــــم لهواهــــــــــــم..........وأنت بالناس أكـلــــف

لذا تلاقــــــي جيــــــوشاً..........من الخواء المزخرف

يجزئــــــون المجــــــزا..........يصنفـــون المصــنـف

يكثفــــــون عليهـــــــــم..........حراسـة، أنت أكـثــف

كفجــــــأة الغيب تهمي..........وكالبراكيـــن تزحـف

تنثـــال عيـــــداً، ربيعاً..........تمتد مشتـىٍ ومصيف

نسغـــــاً إلى كل جــذر.........نبضـاً إلى كل معـزف

ما قـــــال هنك انتظـار.........ذا انثنـى، أو تحـــرف

ماقـــال نجــم: تراخـى.........ماقـــال فجـر: تخـلــف

تسابق الوقـــت، يعيـــا........وأنـــــــت لا تتـــوقــــف

فتسحــــب الشمس ذيلاً........وتلبــــس الليـل معطــف

أحرجت من قال: غالى.......ومن يقــــول تطــــرف

إن التوسط مــــــــــوت.........أقسى، وسمــوه ألـطـف

لانهــــــــم بالتلهـــــــي.........أرضى وللزيـف أوصف

وعنــــدك الجبــن جبن.........مافيــــه أجفـى وأظـــرف

وعنــدك العاري أزرى........وجهــاًً، إذا لاح أطــرف

يا «مصطفى»: أي سر......تحت القميص المنـتّــــف

هل أنت أرهـــف لمحاً.........لأن عـــودك أنحـــــــــف؟

أأنت أخصـــب قلبـــــاً..........لان بيتـك أعجـــــــــــف؟

هل أنت أرغــد حلمــاً.........لان محيــــاك أشظـــــف؟

أم أنت بالكل أحـفــى.........من كـل أذكـــــى وأثقـف؟

من كل نبض تغنـــــي.........يبكون«من سب أهيف»

إلى المدى أنت أهـدى.........وبالســراديــب أعـــــرف

وبالخيــــارات أدرى..........وللغربــــــــات أكشــــــــف

وبالمهـــارات أمضى.........وللملمــــــات أحصــــــــف

فلا وراءك ملهـــــى..........ولا أمامــــك مصـــــرف

فلا من البعـــد تأسى..........ولا على القـــرب تأسـف

لأن همــــك أعلـــى..........لأن قصـــــدك أشــــــــرف

لأن صــدرك أملــى..........لأن جيبـــــــك أنظــــــــف

قد يكسرونـــك، لكن..........تقـوم أقــــوى وأرهــــــف

وهل صعدت جنيـــاً..........إلا لترمـــــى وتقطــــــف

قد يقتلونــــــك، تأتي.........من آخــــر القتــل أعصف

لأن جـــذرك أنمـــى.........لأن مجــــراك أريـــــــــف

لأن موتـــــك أحيــى.........من عمر مليـــون متــرف

فليقذفــــوك جميعــــاً.........فأنت وحـــــدك أقـــــــــذف

سيتلفــــون، ويزكـــو........فيـك الـذي لـيس يتـلـــــــف

لأنـــــك الكــل فــرداً........كيفيـــــة،...... لاتكيـــــف.

يا «مصطفى» ياكتاباً.....من كـل قلـــــــب تألــــــــف

ويازمانــــــــاً سيأتــي.......يمحـو الزمـــان المزيــــــف

عن ( منتدى زرياب )
__________________
يوسـف أبوسالم - الأردن
الموسيقى هي الجمال المسموع


مدونة الشاعر م.يوسف أبوسالم



رد مع اقتباس