عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 15/02/2008, 09h06
الصورة الرمزية samirazek
samirazek samirazek غير متصل  
مشرف
رقم العضوية:51
 
تاريخ التسجيل: novembre 2005
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 78
المشاركات: 685
افتراضي رد: رتيبة الحفني تزوِّر تاريخ محمَّد القصبجي

وهم الداء الكلثومي

ومما يؤخذ على كثير من تلك الكتابات، باستثناء سليم سحاب والشريف وعبد الفتاح، هو الخوض في سبب توقف القصبجي عن التلحين منذ مطلع الأربعينيات، وإرجاع السبب إلى رفض أم كلثوم ألحانه، وتفسير سبب بقائه عواداً في فرقتها بأنه سبب عاطفي لحبه إياها!، ولكن تجنب الوقوع في مثل هذه المشكلة السهل تفنيدها هو ورود معطيات كثيرة يغفل عنها بسبب الوقوع تحت ضغط الفكرة الجاهزة والمسبقة التي تشل التفكير العلمي والتحليلي، وهي ما انشغل به لكتاب مشترك بين محمد القصبجي وأسمهان لعلني أنجزه قريباً .

ولكي لا أكون مجحفاً بحق ما عملته رتيبة الحفني سأمثل للمحاور التي سارت عليها عملية كتابة هذا الكتاب، وتلك المحاور نذكرها: إعادة تدوير كتابات سابقة (أو سرقتها دون إحالة هامشية)، والانطلاق من أفكار جاهزة (أو مسبقة رددها سابقون)، وإغفال التحليل الاجتماعي (أو غياب التاريخي والثقافي) .

فإذا أمعنا النظر في الفصل السادس الذي وضعته بعنوان: القصبجي وصوت أسمهان، (ص: 123- 129) سنرى تحققاً للمحور الأول الذي أدارت به كتابة هذا الفصل نموذجاً عن إدارة الكتاب جميعه، وهو إعادة تدوير أو سرقة كتابات سابقة (4) في تناول هذه المسألة العلاقة الثقافية بين ألحان محمد القصبجي وحنجرة أسمهان، وعندما نقلِّب السبع صفحات التي وضعتها في هذا الفصل سنرى أصواتا صارخة لنقاد وكتاب وباحثين سابقين، مثل: كمال النجمي، وصميم الشريف، وسعد الله آغا القلعة، وفيكتور سحاب .

ففي أول صفحة (ص: 123) من هذا الفصل تورد نصاً كاملاً من المقالة التاريخية التي اعترف كمال النجمي بحنجرة أسمهان متفوقة على أم كلثوم بل على علي محمود نفسه، وهي مقالة: أسمهان والصوت الثاني نشرها في كتابه: الغناء المصري مطربون ومستمعون (1993م)، حيث يصفها باعتبارها حاجزاً صوتياً لم تستطع مطربات عصرنا اجتيازه حتى الآن (ص: 123)، وفي الصفحتين التاليتين (ص: 124، 125) تورد إعادة كتابة لما كتبه الناقد صميم الشريف في مقالة: عاشق الأصوات الجميلة، من كتابه: الأغنية العربية حين الكلام عمن اكتشف أسمهان، ومن علمها، وهذا ما لم تذكره الحفني، وساء نقلاً!، ثم تنتقل إلى ذكر بقايا تحليل د. سعد الله آغا القلعة لأغنية يا طيور في برنامجه: أسمهان الصوت الخالد - 1997، الذي طالعناه في محطة دبي الفضائية، وأعيد مراراً في محطات فضائية عربية أخرى، وتنتقل في الصفحة التالية (ص: 127) إلى النقل الفج من الفصل الذي وضعه فيكتور سحَّاب عن محمد القصبجي من كتابه :السبعة الكبار في الموسيقى العربية المعاصرة حول استخدامه العلوم والتقنيات الموسيقية، وما قدمه من جديد في أغنية: يا طيور على صعيد القالب الموسيقي، واللحن بجمله ولوازمه، والتوزيع والعزف الأوركسترالي، وتنتقل من جديد لعمل كولاج بارع، في الصفحة التالية (ص: 128) بين استعادة كلام صميم الشريف من فصله الذي ذكرناه حول خطوة القطيعة مع مرحلة النهضة الثقافية في كلاسيكيتها المستحدثة دخولاً في مرحلة الرومانسية وتبشيراً بالحداثة الثقافية، وبين كلام فيكتور سحاب في الصفحة الأخيرة من فصل كتاب الحفني (ص: 129) في الفصل الخاص عن أسمهان، في كتابه الذي ذكرناه سابقاً أيضاً .

كيف ينضب عقل يبتكر للموسيقى مقاماً غير مسبوق؟!

وأما المحور الثاني: الفكرة الجاهزة (أو المسبقة)، سنلقى تحققه فيما قالته بالفصل الرابع: لقاء القصبجي مع أم كلثوم (ص: 69-88) حيث تحدثت في الفصل نفسه عن العلاقة الفنية بينهما معتمدة على ما ييسره من معلومات كتاب محمود كامل: محمد القصبجي حياته وأعماله، حول هذا الموضوع، ولكن عند الحديث عن انقطاع التعاون الفني بينهما حيث أخذت هذه المسألة ثلثي هذا الفصل (ص: 77- 88)، وبعد أن استعرضت كلاماً عن المحاولات الفاشلة في عودة العمل بينهما، ويرجع الفشل دائماً إلى القصبجي لا أم كلثوم، فإن في مقولات محمود كامل ما يناقض السبب التفسيري لسبب الانقطاع، أولاً بأن القصبجي لم يصب ب: "نضوب الإلهام" (ص: 78)، ولاحظوا المصطلح الرومانسي في جذوة شاعريته!، بدليل عدم توقفه عن العمل مع سواها، وثانياً أن تبديل الألحان للنصوص التي كانت بحوزته: للصبر حدود، وسهران لوحدي، تكشف أن المشكلة هي اختيار أم كلثوم، والدليل القوي أنه ابتكر مقاماً موسيقياً (أي: سلم درجات نغمية) جديداً أسماه: ماوراء النهرين، وهذا ما يؤكد استمرار بحثه عن غير المألوف والمهجور من المقامات الموسيقية العربية والمشرقية، وإعادة تأهيلها عصرياً، وهذا ما حدث مع أغنية: يا ما ناديت، بمقام الماهور، والشك يحيي الغرام، بمقام الأثر كرد، وثالثاً: غياب مسألة تحليلية مقارنة بين نجاح أعماله مع أسمهان وليلى مراد في الأغنية السينمائية، ولعلنا نتذكر -على سبيل المثال - تانغو: امتى ح تعرف امتى؟- 1944لأسمهان، وفالس: قلبي دليلي - 1947لليلى مراد، ولكن لماذا لم يتساءل عن (فشل أو سقوط) أم كلثوم في تمثيلها السينمائي، وفي غنائها لأوبرا عايدة، غير جريمة حرقها الفصل الأول لأنه من ألحان القصبجي (5)، وغيرتها من تفوق فتحية أحمد حيث شاركتها وإبراهيم حمودة العمل نفسه، وكذلك فشل تعاونها مع فريد غصن، وإهمالها ملحنين مهمين: فريد الأطرش ومحمود الشريف؟، ولماذا لم يفكر في تزييفها لصورة المرأة العربية التي أعادتها لذهنية الحريم بطريقة مستحدثة؟.
__________________
مع تحيات سمير عبد الرازق
رد مع اقتباس