الموضوع: سميرة توفيق
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21/03/2010, 10h30
الصورة الرمزية odrado
odrado odrado غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:87306
 
تاريخ التسجيل: octobre 2007
الجنسية: مغربية
الإقامة: المانيا
المشاركات: 260
افتراضي رد: سميرة توفيق

كانت بألقاب كثيرة، مطربة الجيش والقوات المسلحة، مطربة البادية، نجمة الليالي، ملكة الطرب الأصيل، سمراء البادية، إلا أنها اختفت ومعها اختفت ألقابها بحكم التقدم في السن؛ فهربت إلى أخريات لم يقرءُوا الدروس التي لقنتها الحياة لسميرة توفيق، أو لقنتها هي للحياة. وشتان ما بينهما، درس يترك الأثر كجرح غائر، ودرس سرعان ما يمّحى كخطاطة على شاطئ رملي.
إنها سميرة توفيق المغنية الأشهر بين الفقراء والمتوسطين في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي في القاع الشعبي. ولدت في 25 سبتمبر العام 1935 لعائلة فقيرة من حوران سورية، نزحت إلى لبنان وهناك تبنّتها عائلة كريمونة بعد أن بلغت سن العاشرة، فأصبح اسمها سميرة كريمونة لتعيش في منزل تلك العائلة في حي الجميزة- الرميلة سابقا- في بيروت.
ومن هناك تبدأ محاولاتها الأولى التي ستصطدم بوجود مشاهير أكثر حظا منها، فيروز المسنودة بالعائلة والزوج الموسيقي والطائفة والسطوة الثقافية لكل ذلك، صباح المسعوفة بموجة الحرية، فتتجه سميرة صوب دمشق المشغولة بالسياسة وانقلابات العسكر ومن إذاعتها تنطلق، تبدأ مع ألحان وديع الصافي وأغانيه "حسنك يا زين" و"أسمر خفيف الروح" و"يا ديراوية" وتدخل في رواق المسلسلات والأفلام، وتنهال عليها العروض من كل حدب وصوب، عروض غناء وتلحين وتمثيل وزواج وصداقة.
الطفلة الشقية التي كانتها سميرة توفيق، الطفلة التي كانت تتسلق أشجار الجميز في حي الرملة، الطفلة التي كانت تدندن بأغانٍ لمحمد عبد الوهاب وأم كلثوم، الطفلة التي بدأت الغناء في الأفراح الشعبية، وكان مسرح عجرم أول المسارح التي تؤدي بعض أغاني سعاد محمد وليلى مراد على مسرحها، الصَبيّة التي نالت أول أجر لها وقدره مئة ليرة لبنانية- 1500 ليرة تعادل واحد دولار الآن- الطفلة ذاتها ستكون سميرة توفيق التي ستأخذ عقول الأمراء قبل الغفراء، سيكون وصلُها حلما يراود الكثيرين من رجال ذلك الجيل، وستدور دوائر الإشاعات رغم كل ما دار في العلن من شهادات تؤكد طيبة قلبها وشهامتها البدوية كما أغانيها.
تعاونت سميرة توفيق مع أكبر الملحنين العرب في زمانها، المتخصصين بالطابع البدوي الذي اتخذته سميرة كخصوصية تميزها في زحمة نجوم تلك الأيام، فلحن لها عفيف رضوان وعبد الجليل وهبي ومحمد محسن ورفيق حبيقة وألياس الرحباني وملحم بركات وإيلي شويري ووسام الأمير والعبقري فيلمون وهبي الذي ربطتها وإياه صداقة متينة، كان لها الصديق والسّند منذ تعارفهما.
وأما عن لقبها "توفيق" فقد جاء من أول مَن أخذ بيدها إلى عالم الغناء، صديقها "توفيق البيلوني" الذي شجعها وأمسك بيدها لتخطو الخطوات الأولى، فنسبت نفسها اليه عرفانا بجميله معها، وكانت جملتها المكررة دائما في البدايات:"أنا سميرة والتوفيق من الله" على وزن جملة الراقصة المصرية العبقرية سامية جمال:"أنا سوسو والرزق على الله".
كانت سميرة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، مثالا للجمال الأنثوي الصارخ، كانت المرأة الأكثر إثارة في عيون الرجال العرب، بقدها الممشوق وجمال وجهها وصفائه الذي يتخلله خال فوق شفتيها، مما جعلها موديلا تقلده النساء على طول الجغرافيات العربية، يرسمن خالا فوق شفاههن، ويلبسن ما يبرز تكور أجسادهن وامتلاءه وتناسقه، حسب الذائقة العربية التقليدية.
فذاعت شهرتها في العالم، وأحيت ما لا يحصى من الحفلات في عواصم العالم من لندن إلى باريس إلى موناكو ونيس وموسكو وملبورن وسيدني وكاراكاس وغيرها، افتتحت أوبرا "هاوس" في ملبورن الاسترالية إلى جانب صديقها وديع الصافي، وغنت أمام ملكة إنكلترا إليزابيث الثانية، في أوائل السبعينيات، كما غنت في افتتاح النادي اللبناني المكسيكي، كُرمت بحصولها على المفاتيح الذهبية لعدة بلدان من بينها فنزويلا التي كرمها مجلس نوابها، قبل أن يتعلم الرئيس الحالي هوغو شافيز القراءة والكتابة.
أناقة سميرة توفيق كانت مضرب المثل في العالم، ومازالت، وبعد أن بلغت من العمر مبلغه وانزوت إلى الظل مرغمة مازالت تلك الأناقة تفرض نفسها على واجهة الكثير من المحلات الراقية في باريس ولندن، ومازالت عباءاتها المطرزة الألف والخمسمائة التي صممها اللبناني العالمي "وليم خوري"، تُعرض في أكبر صالات العرض في العالم، حتى أن السوق المجاور لمتحف اللوفر في باريس عرض في بداية العام 2008 إحدى تلك العباءات بمبلغ أسطوري، كتب عليه "العباءة العربية التي ارتدتها المغنية البدوية سميرة توفيق في افتتاح مهرجان السينما العالمي"..
كان عبارة عن ثوب أسود ترصعه الليرات الذهبية، ويقال إنه في اليوم الذي ارتدت فيه سميرة ذلك الفستان، خشي قائد شرطة بيروت آنذاك العقيد عادل عبد الرحيم، فاتصل بالمصمم وليم خوري عارضا عليه مواكبة النجمة البدوية خوفا عليها من طامعٍ بالليرات الذهبية، فيقوم بخطفها وقتلها، لكن المصمم طمأنه وخبّره بأن الليرات مزيفات.
ويقال إن سميرة كانت تبدّل لبسها كل نصف ساعة في اليوم مسجلة رقما قياسيا في عدد مرات تبديل لباسها في العالم، ويقول المقربون منها اليوم إنها لاتزال على تلك العادة، إلا أنها وبسبب التقدم في السن وفقدان الحيوية الكافية لتبديل ملابسها تكتفي بتبديلها من خمس إلى سبع مرات باليوم فقط لا غير.
ويذكر أن معظم الأميرات العربيات والسيدات الأوليات في البلاد العربية، وسيدات الأعمال العربيات، كن مفتونات بأناقة سميرة وأزيائها وحركاتها، وكن لا يتوانين عن تقليدها كمحاولة للتقرب من قلب الرجل. ومن المؤكد أنهن قلّدنها في الأزياء حتى أصبح مصمم أزيائها أحد أشهر وأغلى المصممين في العالم جراء ذلك الاندفاع العربي الأنثوي عليه.
تعتبر سميرة أفراد فرقتها وخصوصا عازف الطبلة "محمد البرجاوي" وزميله "ستراك" من أفراد عائلتها المقربين، ومازالت على علاقة متينة بهم يزورونها وتزورهم. لكن حظها من الزواج كان متأخرا، إذ اشتهرت بعلاقتها العاطفية في سبعينيات القرن الماضي بمدير التلفزيون اللبناني عز الدين الصبح الذي جعلها نجمة التلفزيون الأولى في لبنان تلك الأيام، إلا أن العلاقة سرعان ما انهارت أمام سيل الشائعات التي كانت تنال من نجمات الوسط الفني في تلك الأيام.
واكتفت سميرة بالاهتمام بأبناء شقيقها "مانويل" الذي توفي مبكرا ولحقته زوجته بشظية مدفعية في الحرب الأهلية اللبنانية، فاكتفت سميرة بتربية أولاد الراحلين ولم تنجب أطفالا، حتى أنها تزوجت في سن لا يسمح لها بالإنجاب. ففي منتصف التسعينيات من القرن الماضي تعرفت على شاب يصغرها كثيرا يدعى غابي، رجل أعمال لبناني في السويد، فقدم لها وردة ومن ثم كانت النظرة والابتسامة ولقاء وزواج. وروت في إحدى مقابلاتها التلفزيونية أنها كانت تتحدث معه عبر الهاتف يوميا منذ معرفتها به وطوال الليل، وأنه قصة الحب الوحيدة في حياتها ومازالا حتى اليوم باتصال دائم عبر الهاتف.
غابت سميرة عن الشاشات والأضواء والمهرجانات منذ سنوات، يقال إن كسرا في قدمها يمنعها من الخروج، ويقال أيضا إن الزيادة المفرطة في الوزن جعلتها تسقط أمام منزلها في لندن؛ فتنكسر قدمها وأنها لا تستطيع السير جيدا، ولم تجد من يساعدها على الوقوف. وبرغم ذلك تكرر منذ سنوات:" انتظروني قريبا في عمل جديد من ثمان أغنيات أعمل على تحضيرها"..
ولكن أحدا لا ينتظر، فقد فات الفوات، ولم يعد أحد يلتفت الى سميرة التي أطربت وأبهرت وسرقت الأضواء من نساء زمنها والأزمنة التالية، سميرة توفيق هي الدرس الذي لا تتعلم منه مطربات اليوم، "بنات الفيديو كليب".
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg 45-samira-asmar-a.jpg‏ (92.4 كيلوبايت, المشاهدات 57)
رد مع اقتباس