عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12/09/2011, 13h46
الصورة الرمزية starziko
starziko starziko غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:510608
 
تاريخ التسجيل: avril 2010
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 129
افتراضي العود بين الصوت واللون والطبيعة الإنسانية

العود بين الصوت واللون والطبيعة الإنسانية


كـل منا ، وفـي لحظـة تأمـل ، يتساءل عن سر طربـه للموسيقـى، وفـي أثر هاتـه الأخيرة عليـــــه .
وقد يتعرض الإنسان لتعب فكري أو جسدي أو نفسي يؤثر على طبيعته ، فيقلص عملياته الفكرية ، إلـى حد لا يستطيع معه التركيز فـي أي موضوع ، وتضيق نفسه ، لدرجة أنه لا يقوى على تحمل أي إحساس قوي ، ويبدو ذلك جليا في سلوكه اليومي في شكل اضطراب ، وقلق لأتفه الأشياء .
فأمام عوارض الحياة اليومية ،الإنسان مجبر عن البحث عن الوسيلة الناجعة لاسترجاع طبيعته الأساسية .
وقد بحث اليونان في الموسيقى كأداة للتأثير في الطبيعة الإنسانية من خلال ما يعكسه كل مقام موسيقى من قيمة أخلاقية في إطار ما عرف عندهم بنظرية "Ethos" ، ولم يعتمدوا تصنيف الطبيب اليوناني ايبوقراط للطبيعة الإنسانيـة .
كما أن العرب بحثوا أيضا في هذا موضوع سواء منهم الأطباء أو العلماء الموسوعين ، كجلال الدين السيوطي وابن عبد ربـه .
كما أن هذا الموضوع أصبح في عصرنا موضوع علم قائم الذات يعرف ب"caractérologie ".
ونوبة الآلة استفادت من تصنيف الطبيعة الإنسانية عند الحكماء العرب ،وجعلته أساسا لتصنيف طبوعها – أي مقاماتها - .
كما أن آلة العود – والتي هي موضوع مقالتنا – تم تركيب أوتارها وفقا للتصنيف العربي للطبيعة الإنسانية ، وهذا ما سنتعرف عليه في المباحث التالية ، ونبدأ بما قاله الشاعر في آلة العود .

- العود والشاعر :

ألهم العود الشاعر فنظم في مدحه ، ووصفه ، والتعريف به ، وبأثره على الطبيعة الإنسانيـة أشعارا كثيرة فقد قال فيه الصفدي :

أتتنا بعود حركته بأنمـــــــــل هي الماء لطفا في أتباع الأناشيـد
فكاد وقد جست متانيه تكتسي بأوراقه لما جرى الماء في العود

وقال القيراطـــــي :

غنى على العود شاد سهم ناظره أمسى به جسد المضنى على خطر
رنى إلي وجست كفه وتــــــــرا فراحت الروح بين الجـس والوتــر

ومما قيل فيه أيضا :
أنظر إلى الأوتار كيف تركبت بالطبع مثل طبائع الإنســـــان
فالزير أولـهــا لأن حـنـيـــنــــه شكوى المحب ونشوة السكران
والمثنيان فضاحــــــك متلاعب بملامـة عــبثت بـه الكــفــــــان
والمثلث المحزون قد ألف البكـا متدابــــلا كــــتدابـل الحـيــــران
والبم يخفـظ صوتــه فكـــأنـــــه صب تـأوه مــن أذى الهجـــران

هكذا كان العود قريبا من الإنسان العربي ،وكان رفيقه ،وجليسه ومؤنس وحدته، ومجلي كربه لتجاوبه مع طبيعته ومزاجه ،فكانت الأوتار مركبة لهدف معين ،وقد وقف الشاعر لما وصف تأثير كل وتر من أوتار الأربعة .
رد مع اقتباس