عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 30/07/2007, 03h02
الصورة الرمزية الألآتى
الألآتى الألآتى غير متصل  
المايسترو
رقم العضوية:1323
 
تاريخ التسجيل: avril 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 68
المشاركات: 2,483
افتراضي

لم أكن أتصور أن يأتى اليوم الذى أتصدى فيه لتحليل ( قصة الأمس ) ..
ماذا أفعل ؟ .. عن ماذا أتحدث .. القصيدة تحتاج لساعات وساعات لتحليلها لحنياً ومقامياً ..
هل أتحدث عن إستعمال السنباطى للمقامات بكثرة .. لدرجة أننى شعرت أنه إستعمل جميع المقامات الشرقية والغربية على السواء .. وأخذ يبحث عن مقامات جديدة ..
لن أستطيع التعبير عما يشعر به كل إنسان سمع هذه القصيدة وتأثر بها بشكل أو بأخر ..
لن أستطيع قصر تحليلى على الجانب العلمى فقط .. فإننى أشعر بما يشعر به الأخرون .. أحببت هذه القصيدة .. برغم من أننى لم أسمعها منذ سنوات ..
السنباطى هو السنباطى .. طريقته فى التلحين واضحة فى هذا العمل .. تعدد المقامات .. التعبير عن كل موقف بجملة لحنية مختلفة .. الإنتقالات السلسة المتميزة ..
سأذكر لكم بعض المقامات التى إستعملها السنباطى لتعرفوا كم هى كثيرة ومتعددة ..
النهاوند ، الكرد ، البياتى ، الراست ، الحجاز ، النواأثر ، السوزناك ، العجم ، .. ألخ
بسم الله نبدأ فى تحليل قصيدة ( قصة الأمس ) ..
للمرة الأولى يحدث هذا النقاش المتميز والمثمر حول أغنية ما ..
فلقد إكتشفت أن هذه القصيدة تمثل للكثيرين ذكريات معظمها مؤلم .. ناتج بالتأكيد عن قصص حب لم يحالفها النجاح .. ومهما حاولت تفسير الكلمات فلن أتوصل للمعانى التى ذكرها الأخوة المشاركين .. لأن كل واحد فسر الكلمات حسب رؤيته وتجربته الشخصية .. وبما إنى فلاتى وطول عمرى أجرى وراء البنات ( أيام شبابى طبعاً ) دون حب حقيقى .. بإستثناء مرة واحدة .. فلم تؤثر فيا هذه القصيدة مثلما أثرت فيمن شارك وأدلى بدلوه .. صحيح أن هناك أغنيات أخرى أثرت فيا أيامها .. لكن ليست هذه القصيدة بالذات ..
وفى الحقيقة .. لم أكن سمعت ( قصة الأمس ) منذ سنوات عديدة .. لكنى عندما سمعتها الأن .. أيقنت وتفهمت أحاسيس ومشاعر هؤلاء اللذين أثرت فيهم .. وخاصة أخونا ( حسن ) الذى جعلنا نكاد نبكى من فرط تأثره بالقصيدة ..
الكلمات للشاعر : أحمد فتحى
والألحان للموسيقار : رياض السنباطى
كعادة السنباطى المحببة .. يبدأ العمل بأدليب حوارى .. ( موسيقى بدون إيقاع ) .. تبدأ مجموعة التشيلوهات بجملة بطيئة عبارة عن ( أربيج صاعد ) .. أى التنقل عبر السلم الموسيقى صعوداً ( صول ، دو ، مى ، صول ) ..
المقام المستعمل ( نهاوند ) من درجة الدو .. فى الحقيقة أن النهاوند المستعمل من درجة السى بيمول .. ولكننا سنحلل العمل على أساس نهاوند الدو ليسهل على المبتدئين متابعة التنقل بين المقامات ..

يتابع معنا القانون مع الوتريات بطريقة التريمولى ( إهتزاز القوس على الوتر بتتابع سريع وقصير ) .. وذلك للدلالة على التوتر .. ويلمس مقام الكرد ( من نفس درجة النهاوند ) ويعود سريعاً أيضاً للنهاوند .. ثم تصاعد درامى من الوتريات ليدخل الإيقاع ( الواحدة الكبيرة ) .. ويذهب السنباطى لمقام البياتى ويعود سريعاً للنهاوند مرة أخرى .. وتعيد الفرقة نفس الجملة من طبقة منخفضة ( قرار ) .. لتتسلم أم كلثوم خطاب التعيين .. و.. تغنى .

تغنى من نفس المقام ( النهاوند ) .. جمل سنباطية كلثومية .. لا نسمعها إلا من هذا الثنائى .. وتظل فى النهاوند حتى ( فإذا دعوت اليوم قلبى للتصافى ) .. فنجد أنفسنا فى ( البياتى ) بنزعته الشرقية والطربية .. وتنهى المذهب بمقام ( الراست ) عند ( لا .. لن يلبى ) .

لازمة موسيقية قصيرة .. بكامل الفرقة .. تبدأ بنهاوند ( الصول ) وتنتهى ب ( السوزناك ) لتستقر على درجة ( الراست ) .. ومازلنا مع إيقاع ( الواحدة الكبيرة ) مع صهللة من آلة ( الرق ) ..

تغنى أم كلثوم من مقام ( الراست ) .. ( كنت لى أيام كان الحب لى ) .. ويحتاج التصاعد الدرامى للكلمات إلى اللجوء لمقام الحجاز .. الذى يتحول لمقام ( السوزناك ) لزوم الرجوع للراست .. ولمن لايعرف السوزناك .. هو مقام يجمع بين مقامى ( الراست والحجاز ) ..

السنباطى لم يترك جملة واحدة فى حالها .. تشبع بكلمات القصيدة وغاص فى معانيها ليعبر لنا عن كل هذا بتغييرات وتنقلات مقامية لا تستقر على حال ..

تغنى أم كلثوم ( وكنت عينى وعلى نورها ) من مقام ( السوزناك ) .. خلاص عرفناه .. وتعود للنهاوند لتعيد ( أنا لن أعود إليك ) بلحن مختلف .. وتنهى الكوبليه من ( الراست ) ..

ثم جملة جميلة جداً من القانون من النهاوند يعقبها جملة تصاعدية من الوتريات ( بدون إيقاع ) ..

لو قعدنا نرص المقامات ونحصيها مش حانخلص .. ويمكن ده يُفقد التحليل متعته ..

المهم .. نصادف فى هذا المقطع مقاماً جديداً .. هو مقام ( النواأثر ) .. وهو مقام جميل يعبر عن الحدّة والشوق الزائد .. ويمكن إستعماله فى كثير من المواقف المتناقضة .. ونجده عند ( إلا الرضا والصفاء )

وبعدها نصادف العجم أيضاً .. عند ( توافينا بقرب اللقاء ) ..

إنتوا ماتعبتوش من كثرة المقامات ؟

طالما فيه سنباطى .. يبقى عندنا ( قفّة مقامات ) ..

المهم إن السنباطى يتنقل بين المقامات بطريقة سلسة وليس فيها تعقيد .. وبالطبع تساعده أم كلثوم على ذلك بفضل مقدرتها الفذة فى الأداء .. إسمعوها فقط وهى تقول ( يالذكراك التى عاشت بها روحى ) .. عندما يتذكر أحدنا ذكرى مؤثرة فى حياته يقول ( يااااااااه ) .. تلحين السنباطى للجملة .. رهيب .. وأداء أم كلثوم ( ياااااااه ) .. هذا مجرد مثال .. والقصيدة كلها جمل تعبيرية .. نجحت أم كلثوم بإمتياز فى التعبير عنها ..

ونلاحظ فى هذه القصيدة .. قلة إستخدامة للإيقاعات مع كثرة إستعماله للجمل اللحنية الحرة .. ومما ساعده على ذلك تعدد شطرات القصيدة وإختلاف طبيعة كل شطرة .. مما ألجأه لتعدد المقامات اللحنية ليعبر عن كل موقف .. وهذا يأخذنا بطريقة ما إلى المقارنة بين السنباطى وعبد الوهاب .. فهم على النقيض تماماً .. فعبد الوهاب يعشق الإيقاع وخاصة الراقص .. كما أن إستخدامه للمقامات ليس بكثرة إستخدامات السنباطى .. صحيح أنه يلجأ للمقامات القليلة الشيوع والنادرة والإنتقالات اللحنية الغريبة ( بدافع التميز ) .. ولكن السنباطى ملك الشرقى ..

أتمنى أن أكون قدمت تحليلاً متواضعاً للقصيدة .. وأنا أعرف تماماً أننى لم ولن أوفيها حقها من التحليل .. لكنها على أى حال مجرد محاولة لسبر أغوار هذا العمل الجميل ..

ملحوظة : بالنسبة لما أشار إليه أخونا ( حسن ) من أن أم كلثوم تؤدى المقطع ( يسهر المصباح والأقداح والذكرى معى ) .. كأنها تجود القرأن الكريم .. فالأمر طبيعى ..

أولاً : أم كلثوم بدأت حياتها بقراءة القرأن

ثانياً : القرأن الكريم يتم تجويده بالمقامات المختلفة .. نفس المقامات المستعملة فى الأغانى ( مع الفارق فى الأداء )

ثالثاً : إختيار المقام والجملة اللحنية من إبداع السنباطى .. وأم كلثوم كانت خير مؤدى لهذا الإبداع .
__________________
مع تحياتى .. محمد الألآتى .. أبو حسام .



التعديل الأخير تم بواسطة : حسن كشك بتاريخ 28/09/2010 الساعة 04h09
رد مع اقتباس