الموضوع: ليلى مراد
عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 03/05/2007, 21h14
محمد عبد العزيز
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي ليلى مراد

ليلى مراد..

من يقول منا انه نجا بعيدا عن الوقوع في سحر صوتها الآسر.

من يجرؤ على القول أنه ابتعد عن تأثيرها المهول حتى بعد أن اعتزلت الغناء لسنوات طويلة.

عن نفسي لم استمع في حياتي الى صوت فيه كل هذا الشجن سوى صوت ليلى مراد. صوت فيه فرحة بالحياة من الصعب أن تصفها الكلمات. وعذوبة تستعصي على الوصف.

وعندما كانت تظهر على الشاشة في افلامها المعادة والمكررة الاف المرات. كان الانسان يجد ما يمكن أن يمتعه في كل مرة يشاهد فيها هذه الأفلام مهما كان عدد المرات.

لقد كان صوتها ينبوع أحلام.

وكان حضورها أمام أعيننا وعدا بلحظات سعادة مسروقة من زماننا العصيب والصعب.

أذكر أنني في كل مرة كنت أمر فيها أمام بيتها في جاردن سيتي. كانت تحدث لي رجفة حب من إحساسي أن ثمة جدارا واحدا وأكثر من دور تفصل بيني وبين صاحبة الحنجرة الذهبية وذلك الوجه الملائكي. صاحبة أكبر حضور جميل لجو العذوبة في فن تاريخ السينما العربية. مع أنها لم تعتمد في الأداء سواء كان تمثيلا أم غناء سوى على البساطة.

ليقل الانسان: عبقرية البساطة حتى يكون منصفا في زمن مليء بكل ما هو ظلم.

يعرف الانسان بطريقة أو بأخرى أنه في الطريق الى النهاية لأنه ثمة رسائل غير مدونة لا تقال من كلمات تؤكد أن الانسان يلقي النظرة الأخيرة. التي لا توجد بعدها نظرة أخرى على الدنيا ومن فيها وما فيها.

طلبت ليلى مراد في وصيتها الأخيرة من ابنها أن تشيع جنازتها دون اعلان مسبق، وأن ينشر النعي التقليدي بحد أن يكون الدفن قد تم. وان تكون الصلاة عليها في مسجد السيدة نفيسة في القلعة. والا يحضر أحد من الغرباء تشييع جنازتها الى مثواها الأخير. لدرجة اننا نحن الذين نعيش في القاهرة. نتغذى على الأخبار. ومن يقابل صديقا يكون سؤاله الأول له: إيه الأخبار؟!

الحكاية الأول الاعتزال

عندما مرضت ليلى مراد مرضها الأخير ونزلت من بيتها في حي جاردن سيتي الهاديء والفاخر بصحبة ابنيها أشرف وجيه أباظة الذي يعمل مسؤولا في أحد فنادق القاهرة الكبرى وزكي فطين عبدالوهاب المخرج السينمائي الذي يخطو أولى خطواته في عالم الفن.

أصرت ليلى مراد قبل أن تنزل من شقتها. أن تضع على وجهها ملاءة غامقة تخفي ما تحتها حتى لا يتمكن أحد من التعرف عليها وهي في هذا الظرف العصيب.

وفي المستشفى كانت لا ترفع هذه الملاءة عن وجهها. الا عندما تكون الغرفة خالية تماما من الأغراب. والغرباء لم يكونوا أكثر من العاملين في المستشفى. من أطباء وممرضات وإداريين. فقد طلبت ليلى مراد من ابنيها أن يكون دخولها المستشفى وبقاؤها فيه سرا من الأسرار

وعندما ذهبت لكي أعزي فيها مساء اليوم التالي لدفنها في مسجد عمر مكرم صدمت بندرة الحاضرين. مع أنها امتعت أجيالا من المصريين والعرب. متعة توشك أن تصبح من مستحيلات العمر وما أكثرها.

قلت لنفسي وأنا جالس وسط الفراغ المؤلم. ان البطل الغائب من الصعب أن يكون له حضور يدفع الانسان الى النزول من بيته الى قلب المدينة المثقلة بالزحام والضوضاء والغبار لكي يقدم العزاء فيه.

تصورت ساعتها أن أزمة ليلى مراد الحقيقية أنها لم تحسب بدقة، الى أي مدى - زمنيا ومكانيا - يمكنها الابتعاد عن الآخرين.

على أن ليلى مراد عاشت ورحلت ومعها لغز عمرها. الذي لم أتوصل الى حل له. ودفن معها سؤال عمرها الكبير دون أن تخلف لنا اجابة محددة وقاطعه. السؤال هو: لماذا اعتزلت الفن

خاصة وأن هذا الاعتزال قد تم وهي في السابعة والثلاثين من عمرها وكانت في قمة تألقها الفني. وفي وقت كان استمرارها فيه هو الممكن الوحيد. السر الوحيد سوف ازكرة المره القادمة
رد مع اقتباس