الموضوع: جيهان
عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 23/06/2014, 21h23
مصطفى نصر مصطفى نصر غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:666781
 
تاريخ التسجيل: novembre 2012
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 25
افتراضي رد: جيهان

مقالتي بجريدة القاهرة الثلاثاء 4 يونيه 2013

رحيل أسمهان وشبيهات صوتها

مصطفى نصر

هناك أصوات حالمة مغردة مثل صوت المطربة أسمهان، صوت له صفات خاصة، يفرض نفسهعلى مستمعيه، أو كما يقول الفنان عمار الشريعي: " يشفط " الهواء حوله، ولا يجعلك تشرد في شيء غيره . صوت يجمع بين البهجةوالحزن معاً. ذلك الحزن سمة تصاحب أصحاب هذه الأصوات وترافقهم إلى أن يموتوا.
لقد ماتت أسمهان (رائدة هذه المجموعة من الأصوات المغردة ) في حادث غامض يوم 14 يوليو عام1944قبل أن تنتهي من تصوير فيلم "غرام وانتقام". وعمرها لم يتجاوز الثالثة والثلاثين من عمرها، وانتشرت الإشاعات، بأن المخابرات الإنجليزية هي التي قتلتها لتعاونها مع المخابرات الألمانية، ومن يقول إن المخابرات الألمانية هي التي قتلتها فبعد تجنيدها لصالحهم، اكتشفوا أنها خدعتهم وكانت تتعاون مع القوات الإنجليزية أيضا، وانتشرت إشاعة أكثر اتساعاً من الإشاعتين الأخريتين؛ خاصة لدي العامة، بأن أم كلثوم هي التي قتلتها، لأنها لم تستطع احتمال منافسة صوت بقوة وجمال اسمهان. المهم أن اسمهان ماتت في عز شبابها، وهكذا ماتت كل الأصوات المشابهةلصوتها.
سبحان الله، ما هو السر في ذلك؟!
نكبة الاسماء
لقد كتبتُ من قبل عن دكتورة متخصصة، تحدثت في برنامج تليفزيوني فذكرت أن للأماكنتأثير على ساكنيها. فقد تسبب قطعة أرض - مقام عليها عمارة – الأمراض لساكنيالعمارة . وفي الريف والأحياء الشعبية يتحدثون كثيرا عن هذا، فيقولون: " إن هذا البيتعتبته (حلوة) "، بمعني أن ساكنيه قد اغتنوا بعد السكن فيه، وآخر عتبته (وحشة)، بمعنىأن ساكنيه حدث لهم مكروه بعد أن انتقلوا إلى هذا السكن الجديد، وأعرف دكاكين كلمااستأجرها مؤجر يفشل في تجارته، حتي أٌغلقت وخاف الناس من استئجارها.
وكتبتُ عما ذكره أبو فرج الأصفهاني في كتابه " الأغاني" عن إبراهيم بن المهدي الذي أرجع سوء حظه،وما لاقاه من مآسي إلى اسمه إبراهيم، حتى قال لأخيه هارون الرشيد – خليفة المسلمين:
- وما رأيتُ والله أحداً بهذا الاسمإلا قُتل أو نُكب، أو رأيتهُ مضروباً أو مقذوفاً أو مظلوماً.
هل يمكن أن تكون طبيعة الأصوات، مثل الأماكن والأسماء، سبباً في إسعاد أو شقاءأصحابها؟
لقد ألحت أسمهان على يوسف وهبي ممثل ومخرج فيلم "غرام وانتقام" بأن تأخذ إجازة قصيرة، لتستحم في مياه رأس البر، واضطر أن يوافقها، رغم حاجته للوقت لينتهي منتصوير الفيلم، وماتت في سيارتها في الريّاح التوفيقي ما بين ميت غمر وأجا، وهي في طريقها لرأس البر. ماتت ولم تشهد الفيلم ولم تكمل تصويره.

المطربة جيهان
كان من المقرر أن تقف أسمهان أمام المحققين وتشهد لصالح يوسف وهبي الذي ذهبتْإليه لتنتقم منه لقتله حبيبها؛ فأحبته، وأن ينتهي الفيلم نهاية سعيدة – كالعادة - ويتزوجها يوسف وهبي، فبحثوا عن فتاة تشبهها في الشكل والصوت، ووجدوا الفتاة " سارةأحمد مسعود "، وهي من أصل تركي حباها الله برقة وبصوت ملائكي قريب الشبه بصوت أسمهان،وكانت قد قدمت برنامج "عذراء الربيع" واختاروا لها اسم "جيهان" فظهرت فى الفيلم منتصوير خلفي وجانبي، وهى تحكي للمحققين أول الفيلم عن حادث مقتل أنور وجدى وعدةمشاهد ربط أخرى تم تصويرها من الخلف أو من بعيد. وقد وضح في الفيلم أنها أقل حجماً وطولا من أسمهان،وحذف يوسف وهبي الجزء الباقي الذي كان مقرراً أن تترافع فيه أسمهان أمام المحكمة،وينتهى الفيلم بزواجه منها، وفضل أن ينهيه وقد جن بسبب موتها، وقضى باقي عمره فيمستشفى المجانين.
واشتهرت "جيهان" بأغنية "هيا إلى المروج" من تلحين محمود الشريف. وقامت بالبطولة الثانية في فيلم "السجينة رقم 17" من إنتاج ماري كويني في أغسطس 1949.
لكن سوء حظ الأصوات المشابهة لصوت أسمهان ؛ طاردها في عنف فقد اختارهاالأستاذان حافظ عبدالوهاب وعبدالوهاب يوسف لبطولة برنامج غنائي اسمه "غروب " من تلحين أحمد عبد القادر، فذهبت إلى التسجيل وهي مريضة، لكنها عاندت نفسها وأصرت على التسجيل وربما أخفت حقيقة مرضها للعاملين معها، ذهبت لكي تسجل البرنامج ودرجةحرارتها فوق الأربعين، دخلت الأستوديو في " شارع علوي " الذي كان مزدحماًبالممثلين وأفراد الكورس، فضلاً عن فرقة التخت الشرقي، كان كارم محمود يغني معها. واندمجت في العمل، فظلت واقفة من التاسعة صباحاً حتى العاشرة مساءً والحمى تسري في عروقها، وبعد انتهاءالتسجيل نقلت بعربة الأسعاف إلى المستشفى ورحلت في السابع من سبتمبر عام 1949وكان هذا البرنامج؛غروب حياتها أيضا،وسبب موتها ولم تستمع إليه.
المطربة نادية فهمي
كنتُ في طفولتي مولعاً بمتابعة الأفراح التي تقام في شوارع وحواري حينا، فأقفل متابعتها للصباح، حيث لم يكن يُسمح للأطفال بالجلوس على المقاعد في هذه الأفراح.فاسمع أغنية تغنيها النساء في كل الأفراح تقريباً:

عرفت كتير ما حيرنيش ** غيرك أنت وغلبني


أبوس النار ما تحرقنيش ** أبـوس خـدك يلهلبني

لم أكن قد سمعت هذه الأغنية في الراديو من قبل، واكتشفتُ أن الممثلة هند رستم قدغنتها في فيلم " الجسد " من اخراج حسن الإمام. واكتشفت أيضا أن المغنية الحقيقية للأغنية هي " ثريا عبدالعزيزفايد " التي اشتهرت باسم " نادية فهمي"وغنت في نفس الفيلم أغنية " ياللي ما تعرفش اسألني أنا "
وشاركت فريد الأطرش في غناء أغنية " قسمة مكتوبة " بدلا من مريم فخر الدين التي كانت ترقص معه، وتغني بشفتيها فقط، في فيلم " رسالة غرام " .وغنت مع فريد الأطرش أيضاً " أنا وأنت وبس "
صوت مغرد قريب الشبه بصوت أسمهان . وقد غنت مع عبدالحليم حافظ أغنية الفجر بدا من كلمات مرسي جميل عزيز ومن تلحين محمود الشريف وغنت مع عبد الحليم حافظ أيضا أغنية " أنت حبي" كلمات محمد جلال الدين وألحان عبد الحميد توفيق زكي،مما جعل الأستاذ محمد التابعي الذي كان مجنوناً بحب أسمهان، يكتب في أخبار اليوممرشحاً نادية فهمي لبطولة الفيلم الذي سينتج عن حياة أسمهان. لكن سوء حظ أسمهانوشبيهاتها في صوتها؛ طارد نادية فهمي أيضا ففي مايو 1959 قامت برحلة فنية للترفيه عن الجيش في منطقةفايد القريبة من الإسماعيلية، حملت سيارة الجيش الفنانين محمد رشدي ونادية فهمي والراقصة سلوى المسيري ونجوم برنامج ساعة لقلبك والفرقة الموسيقية التي رافقتهم في إحياء الحفل. وفي الطريق، طلبت نادية من المطربمحمد رشدي أن يغير مكانه معها لتستطيع أن تنام، وتم التغيير بالفعل، وإذ بعربة لوريمحملة بأنابيب البوتجاز تصطدم مع سيارة الجيش، فتبتر ساق نادية فهمي وتموت علىالفور هي والراقصة سلوى المسيري، وتكسر ساق محمد رشديويظل في العلاج لمدة عامين تقريباً. ويعيش بساق صناعية مدى حياته.
المطربة نازك
صوت آخر يشبه إلى حد كبير صوت أسمهان، جاءت هذه المرة من لبنان، هي "هيبت محمدالحسيني" ينتهي نسبها إلى أهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام. واشتهرت باسم " نازك "،غنت أغاني كثيرة من تلحين كبار الملحنين، فغنت لفريد الأطرش "ما تقولش كنا وكان"،وغنت لمحمد فوزي " كل دقة في قلبي بتسلم عليك "، ومن شدة نجاح الأغنية، تم تصوير فيلمعلى اسمها لمحمد فوزي وسامية جمال، واشتركت نازك في بطولته، وغنت مع محمد فوزيأغنية عن الأم أيضا. ولحن لها رياض السنباطي ومحمود الشريف وأحمد صدقي، وغيرهم،وغنت في حفلات على مستوى البلاد العربية ؛ أغاني أم كلثوم. لكن لعنة صوت شبيهاتأسمهان طاردتها أيضا، فقد سافرت إلى لبنان، واستشهدت في الحرب الأهلية هناك.

التعديل الأخير تم بواسطة : نور عسكر بتاريخ 14/05/2017 الساعة 00h44 السبب: تكبير حجم الكتابة
رد مع اقتباس