نقدم الآن نموذجا ثانيا لهذا النوع من الموسيقى لنفس العازف على آلة الدوتار والتي يمكن للمستمع أن يلاحظ من خلالها إستعمال الأوتار المزدوجة في الأداء مما يشكل أحد أشكال التعدد الصوتي في هذه الموسيقى المقامية والذي يمكن تبينه في كثير من طرق وأساليب الممارسة الموسيقية بالعالم الإسلامي بعيدا عن قوانين الهرمنة والتناقط contrepoint وقواعدها وإنما هي من التقاليد التي تسود بعض أشكال هذه الممارسة والتي يمكن ملاحظتها في التخت التقليدي مثلا فيما يسمى بالهترفونيا
فالهترفونيا هي من أشكال التباين اللّحني بين الآلات المؤلفة للتخت والتي يقوم أفرادها بإظهار بوادرهم الفردية في تزويق الخط اللّحني بحيث تلتقي الآلات في مواضع وتتوحد ثم تتباين في أداء هذا اللّحن وتختلف فيه إلى حد ظهور بعض التنافر بين الدرجات المعتمدة مما يعطي مسحة جمالية مميزة لهذا الأداء
وقد تقلصت هذه التقاليد بتنامي عدد العازفين وصار خيار التوحيد هو السائد في الفرق الموسيقية الكبيرة
أما بالنسبة للأداء الفردي لآلة الدوتار فيعتمد على تسلسل بعض التوافقات الصوتية ومن أبرزها تسلسل الخامسات كما يمكن ملاحظته في هذه التسجيلات وهي تقنية مختلفة عن الهترفونيا
ويمكن أن نلاحظ هذا التعدد الصوتي في آلات تقليدية أخرى من العالم الإسلامي مثل كمنجة الأناضول بتركيا والمستعملة في منطقة البحر الأسود وهي من الآلات المجرورة بالقوس