عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09/11/2012, 18h56
الصورة الرمزية samirazek
samirazek samirazek غير متصل  
مشرف
رقم العضوية:51
 
تاريخ التسجيل: novembre 2005
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 78
المشاركات: 685
افتراضي تاريخ الأذاعة العراقية

العراقيون وتاريخ طويل مع الإذاعات

في مساء يوم الاربعاء الاول من تموز عام 1936 (بعد سنتين من افتتاح الأذاعة المصرية ) ترك الكثير من سكان بغداد بيوتهم وتجمهروا في الساحات التي نصبت فيها اجهزة الراديو للاستماع والاطلاع على هذا الجهاز العجيب وهو يتحدث اول مرة بصوت عراقي .
بعضهم لم يكن مصدقا ان هذا الصندوق الخشبي الانيق الذي يحتوي على بضعة ازرار عاجية... ولوحة زجاجية مستطيلة تشع بلون اخضر باهت يتحرك فيها مؤشر احمر نحيف يمكن ان ينطق ويغني بمجرد تحريك هذا المؤشر فيأتيك باخبار الدنيا..فكيف دخل هذا الجهاز العجيب الى بغداد..؟

الأذاعات الأهلية
في عام 1928 السيد عبد العزيز البغدادي صاحب شركة الدخان العراقي اراد ترويج بضاعته فاجرى مسابقة لنشرها في الصحف بقصد الدعاية لمنتجات شركته وجعل الجائزة الاولى جهاز مذياع ..
وكان المذياع يعد سلعة ثمينة وفريدة بمقياس ذلك الزمان وعلى الرغم من اننا لانعرف من صاحب الحظ السعيد الفائز بتلك الجائزة غير ان تلك الواقعة سجلت رسميا وشعبيا دخول المذياع أول مرة الى الشارع العراقي .
وفي عقد الثلاثينيات حيث بدأت بوادر الحداثة تاخذ طريقها الى الحياة العراقية المدنية انتشرت المقاهي بطريقة لافتة في مدن العراق الكبرى . وبدأت تلعب دورا ثقافيا تنويريا رائدا خاصة في بعض المقاهي الكبيرة في بغداد التي قامت بنصب محطات اذاعية (سلكية) لتبث الى روادها الاغاني والمقامات العراقية ..
وكان صاحب المقهى ينصب جهاز راديو كبيراً في ركن المقهى ويوصله باسلاك الى الحاكي (المغرافون) الذي تذاع منه الاغاني وتراتيل القران الكريم المسجلة في اسطوانات كبيرة .
. كان اول مقهى انشأ هذا الاذاعة البسيطة يعود الى الحاج عبد العزيز الكائن في محلة الفضل الشهيرة الواقعة في جانب الرصافة ببغداد حدث ذلك عام 1932 تبعه بعد قليل من ذلك الحاج عبيد الذي انشا استوديو صوتيا في بيته الذي يجاور المقهى ثم اوصله بسلك الى الراديو الموجود في مقهاه الكائن على نهردجله.. وما تميز به الحاج عبيد على منافسه الحاج عبد العزيز انه كان يبث موسقى حية الى رواد مقهاه بعد ان استاجر فرقة موسيقية لهذا الغرض.
مقاه اخرى طورت الفكرة وخاصة تلك الموجودة بالقرب من جامع الفضل بعد ان استأجر اصحابها تختا موسيقيا متكاملا متكاملا مؤلفة من فرقة وعازفين مع مطرب مقام . اضافة الى منشد مدائح نبوية وقاموا بتوسيع البث السلكي ليغطي عددا من المقاهي في وقت واحد بينما كان عبد السلام العزاوي وزكي خطاب المحامي يتلوان ايات القران الكريم من هذه الاذاعة السلكية التي انشئت في عام 1933 وهكذا تطورت المحاولات وشملت اغلب المقاهي في بغداد وتعدت الظاهرة الى المدن الاخرى مثل البصرة والموصل .
اذاعة الزهور
في عام 1933 توفى اول ملوك العراق فيصل الاول وتوج ابنه الشاب غازي على العرش وكان عمر الملك الجديد 21 سنة فقط وكان عائدا للتو من لندن بعد ان تخرج في كلية (هارو) الانجليزية وكانت تستهوي غازي بعض الملامح الحضارة الغربية فقد كان يحب قيادة السيارات السريعة نوع (كوبيه) ولديه الاهتمام بالمخترعات الحديثة وخاصة بالراديو لذا جاء في مقدمة اولوياته انشاء اذاعة خاصة به وكان له ما اراد عندما انشأ في مطلع عام 1936 اول اذاعة لاسلكية وقد كلف احد المهندسين الاجانب بنصب جهاز ارسال بقدرة كيلوا واط واحد في القصر الملكي الذي يطلق عليه قصر الزهور . وقد اخذت الاذاعة اسم القصر وسميت اذاعة الزهور .
الطريف في الامر ان الملك الشاب كان يعمل في اذاعته لوحده فهو يعد ويقدم البرامج والاغاني التي كان يؤديها المطربون في بث حي ومباشر وعلى الهواء لعدم وجود اجهزة التسجيل الصوتية ( الشريط ) حينها ومن الذين ضيفهم في اذاعته المطرب المقامي الاول محمد القبانجي والمطرب الريفي اللامع خضيري ابو عزيز اضافة الى الاغاني استثمر الملك الاذاعة في القاء الخطب السياسية التي كان الملك من خلالها ايصال افكاره المعادية للانكليز الى الناس .
وبالفعل بدا يشن من اذاعته حملة شرسة ضدهم . ولم يكن الملك الشاب مدركا خطورة تصرفاته تلك بسبب قلة خبراته في السياسة والحياة . وكانت اذاعة الزهور تبث على الموجة المتوسطة ولاتسمع الا في مدينة بغداد وضواحيها ومن خلال عدد محدود من اجهزة الاستقبال وزعها على بعض الاماكن العامة في بغداد
هنا بغداد .. الأذاعة اللاسلكية للحكومة العراقية
وبسبب انطلاق اذاعة الزهور المعادية للانگليز بدأت الحكومة العراقية بعد شهور بالتفكير جديا في انشاء اذاعة عراقية وتم لها ما ارادت في يوم الاربعاء الاول من تموز 1936 . وكان اول صوت انطلق من اذاعة بغداد ليقول (هنا بغداد) هو صوت المذيع عبد الستار فوزي بعد ان افتتح وزير المعارف المحطة وكان اسمها الاذاعة اللاسلكية للحكومة العراقية . 1936 .
واعدت الاذاعة لذلك اليوم برنامجا حافلا جاء فيه :
• في الساعة 6،30 مساء الافتتاح الرسمي للاذاعة من قبل وزير المعارف
• في الساعة السابعة تلاوة من القران الكريم للمقرىء عبد العزيز الحكيم
• نشرة الاخبار يقرأها ابراهيم حلمي العمر وكيل مدير الدعاية والنشر
• عزف على الكمان
• محاضرة عن مكافحة الامراض الشائعة للطبيب خليل افندي
• في الساعة 8،45 اسطوانتان شرقيتان واحدة لام كلثوم والثانية لمغنية تركية .
• في الساعة التاسعة امسية غنائية للمطربة سليمة مراد بمصاحبة فرقتها .
وكان للمطربة سليمة مراد الشرف في ان تكون اول مطربة تغني يوم الافتتاح وكان البث مباشراً ولمدة ثلاث ساعات ولثلاثة ايام في الاسبوع (السبت والاثنين والخميس)
صوت بلبل الاذاعة الميكانيكي
معظم العراقيين يعرفون بلبل الاذاعة ولصوته على سامعهم وقع خاص . اذ كانت الاذاعة العراقية تبدأ بثها التجريبي صباح كل يوم بصوت هذا البلبل الشهير الذي كان يغرد لمدة خمس دقائق يوميا قبل الافتتاح
وقد تم استحداثه لضرورات ضبط مستوى الموجات الصوتية ولقياس اعلى وادنى ذبذبة صوتية ومازال حتى اليوم عندما تبدأ الإذاعة العراقية بثها نسمع صوت البلبل وكانه اصبح شاعرا او بصمة تميز الإذاعة الرسمية العراقية عن سواها . لم يحصل أي تغيير في فترة الثلاثينيات في برامج الإذاعة التي كانت تتضمن تلاوة من القران الكريم ونشرة الاخبار ثم اغانٍ وبعض التمثيليات والمنولوجات والحفلات الموسيقية لفريق الاذاعة الذي يتكون من :
صالح الكويتي (كمان) وابراهيم طفو (جلو ) وداود الكويتي (عود ) ويوسف زعرور (قانون) وحسين عبد الله ( ايقاع ) ويعقوب مراد (الناي) .
برامج الاطفال كان لها حصة ايضا في برامج الاذاعة من تاسيسها وكان اول مقدم برامج اطفال الفنان كريم مجيد وكان نجما لامعا يعرفه كل الاطفال خاصة الذين كانوا يملكون في بيوتهم راديو وكانت قصة عمو كريم وحكايته بهجة وسعادة للاطفال وللكبار ولكنه لم يستمر طويلا فحل مكانه عمو محجوب ثم تلاه الفنان المشهور عمو زكي عام 1938 .
ولايمكن ان ننسى صوت رائد المونولوجات عزيز علي منذ افتتاح الاذاعة حيث كانت تتجمع النسوة والصغار في البيوت .
اما في المقاهي فكان يتجمع الرجال والاولاد وكلهم ينصتون لعزيزعلي وصوته العذب وهو يقدم مونولوجاته الساخرة من الحكومة والانكليز والظواهر الاجتماعية التي كانت سائدة في المجتمع فتتعالى الضحكات وتتردد الاحاديث والضحكات .
اما اول صوت نسائي يقول هنا بغداد فكان صوت المذيعة فكتوريا نعمان ثم تسابق اصوات المذيعين والمذيعات للفوز بمكريفون الاذاعة
الرواد من المذيعين العراقيين
فبرز صوت الاذاعي الشهير يونس بحري ( وهو شخصية عجيبة الأطواروالمغامرات تماما مثل المذيع المصرى احمد سالم سنورد تفصيلها من بعد) وسلمان الصفواني وحسين الكيلاني وكاظم الحيدري ومحمد عبد اللطيف وهؤلاء الجيل الاول من المذيعين الذين عملوا مقدمي فقرات البرامج اليومية
وكان المذيع في العادة يعلن اسم المغني وكاتب الكلمات والملحن واسماء الموسيقيين جميعا ثم ينتظر صامتا حتى انتهاء الاغنية او الوصلة التي كانت تقدم على الهواء مباشرة لمدة لاتقل عن نصف ساعة ليعلن المذيع بعدها اسم مغنٍ اخر واسماء جوقته .
المنافسة بين اذاعة الزهور واذاعة بغداد
وكان الملك غازي المتحمس الطموح شديد الاهتمام بالاذاعة وكان يرى ان الاذاعة الرسمية وهو يتابعها بدقة لاتفي بالمرام من الناحية السياسية والقومية فاسس اذاعة خاصة في قصر الزهور ينافس بها اذاعة الحكومة .
كان ذلك على سبيل المثال ان اذاعة الحكومة كانت تذيع نشرة الاخبار في الساعة الثامنة مساء فصارت اذاعة قصر الزهور تذيع الاخبار في الساعة الثامنة الاربعا وهي نشرة مفصلة غير مسؤولة! فنشأت بعض المشاكل بين العراق وجملة من الدول العربية خاصة الاردن والاجنبية وعدد من الشخصيات العربية . وكانت تلك الدول والشخصيات ترسل احتجاجاتها على ما يذاع من بغداد من اخبار وتعليقات الى الحكومة العراقية . وبالتالي كانت تلك الاحتجاجات تحال الي للرد عليها وكان الرد واحدا هو ان الاذاعة العراقية لم تذع شيئا مما اشارت اليه الاحتجاجات وان لدى الاذاعة سجلا يحوي ما يذاع وليس فيه شيء من ذلك مضافا الى ان الاذاعة كانت ضعيفة لاتسمع خارج العراق في ذلك الحين فكونها مسموعة دليل على انها من غير الاذاعة العراقية وطبيعي انه لايمكن ان نشير الى اذاعة قصر الزهور . وكان للانجليز حظ وافر من تلك الاحتجاجات التي ادعوا فيها ان الاذاعة العراقية تعتمد تفخيم الاخبار المتعلقة بفلسطين وتصوغها بشكل مثير بما يسيء الى العلاقات العراقية البريطانية ولتلافي ذلك اقترحوا تزويدنا بنشرة اخبار مفصلة يوميا والاكتفاء بها لكنا رفضنا ان نقيد انفسنا بمصدر واحد للاخبار .

كانت اذاعة قصر الزهور في تلك الفترة تسابق الاذاعة الرسمية في نشر الاخبار والتعليقات الحماسية وكان الملك غازي يتابع باهتمام سير الاذاعة وصادف مرة ان كانت الاذاعة تذيع تسجيلا لمقطوعة شعرية مشهورة لمهيار الديلمي لحنها وغناها محمد عبد الوهاب ومطلعها : اعجبت بي بين نادي قومها ام سعد فمضت تسأل بي سرها ما علمت من خلقي فارادت علمها مانسبي ومنها قد قبست المجد من خيرات وقبست الدين من خيرنبي وضممت الفجر من اطرافه ودين العرب
و يقول محمد حسين الزبيدى : رن جرس الهاتف فاذا بالملك غازي نفسه يتكلم قال لي : سلمان هذه مقطوعة شعوبية يجب ان لاتذاع ومنعت اعادة اذاعتها واشرت بخطي في السجل الخاص بمنع اذاعتها. غير اني بعد عام او اكثر سمعتها من دار الاذاعة فاتصلت فورا بالمشرف عليها وقلت له : احترموا ذكرى غازي الذي امر بمنع اذاعتها .

و يستطرد محمد حسين الزبيدى : من اغرب المكالمات التي تلقيتها من الملك غازي تلك التي امرني فيها بمنع يونس بحري من ممارسة عمله في دار الاذاعة، وكان يونس بحري مذيعا فيها، ففي ذات مساء بينما كان يونس يفتح برامج الاذاعة بجملته المعهودة: هنا بغداد نفتتح اذاعتنا بتلاوة ما يتيسر من القران الكريم يتلوه عليكم الحافظ فلان.. رن جرس الهاتف وكان المتكلم هو الملك غازي نفسه وامرني ان امنع يونس بحري من الاذاعة وجاء يونس بحري الى مكتبي على عادته في انتظار انتهاء تلاوة القران الكريم ليعود الى الاستوديو لمواصلة تقديم البرنامج، قلت له: يايونس ان كان لديك شغل في بغداد فاذهب لقضائه اذ يعجبني ان اكون مذيعا في هذه الليلة وبضع ليال اخرى ولم اخبره بامر الملك فاستغرب يونس وظن اني امزح معه ولما اكدت له رغبتي وهو بين مصدق ومكذب مذهولا كئيبا . والذين يعرفون يونس بحري يدركون ان الاذاعة بالنسبة له كالماء بالنسبة الى السمكة، وراح يونس بحري رأسا الى وزير المعارف الشيخ محمد رضا الشبيبي وقص عليه ماحدث ثم ذهب الى رئيس الوزراء جميل المدفعي وشكا امره اليه ولما سألني الوزير ورئيس الوزراء عن ذلك اخبرتهما بامر الملك وانه لم يكن لي بد من تنفيذه.
في الصباح ذهب وزير المعارف الى البلاط الملكي حيث قابل الملك وتحدث معه بشأن المذيع يونس بحري فاخبره الملك بان يونس يتعمد التشويش على اذاعة الزهور فقال الوزير يمكن ان يكون حدوث ذلك من الوجهة الفنية قال الملك لو قيل ذلك لي لما صدقته لكني سمعته باذني واصر على طرد يونس من الاذاعة

وراح رئيس الوزراء بدوره الى الملك وكلمه في هذا الشأن واصر الملك على موقفه وخرج المدفعي من لدن الملك مستاء وانقطع عن زيارة البلاط اياما. في هذه الفترة التي دامت شهرا كان يونس بحري يلوب كالملسوع فلم يترك وسيلة لم يلجا اليها لاعادته الى الاذاعة، قلت ليونس سأجرب حظي من اجلك فتعال معي الى البلاط ساقابل الملك وارجو ان يوافق على عودتك الى الاذاعة وذهبنا معا وقابلنا رئيس المرافقين قلت له: اني ارغب في مقابلة جلالة الملك عن طريقك لاعن طريق التشريفات فهل في امكانك ان تدبر لي هذه المقابلة؟ قال رئيس المرافقين ساحاول انتظرني قليلا وعاد لي بعد برهة قائلا: تفضل واستقبلني الملك ببشاشة وذكرني باول لقاء لنا في سرادق جده الملك حسين بـ (منى) في الحجاز بمناسبة عيد الاضحى من عام 1923 وما قصه علينا جده الملك من سبب تسميته (عون) ثم رجوته ان يسمح لي بالكلام عن المذيع يونس بحري وان يغض النظر عن خطاه وان يسمح له بالعودة الى الاذاعة فابتسم الملك وقال: لاباس لن اخيب رجاءك فشكرته كثيرا واستأذنت بالانصراف. كان يونس بحري خلال المقابلة ينتظرني في غرفة رئيس المرافقين وهو يتقلب على احر من الجمر فلما رآني منبسط الاسارير تأكد ان الملك وافق على عودته الى الاذاعة فقام يعانقني ويقبلني شاكرا ممتنا.

انفراد اذاعة بغداد بالبث
وعندما توفي الملك غازي في حادث السيارة ليلة 3 نيسان عام 1939 بظروف غامضة وتوقفت اذاعة الوهور عن العمل الى الابد.
ومع بداية الحرب العالمية الثانية عام 1939 تحولت اذاعة بغداد الى شعبة تابعة الى مديرية الدعاية والنشر التابعة لوزارة الداخلية وتغير اسمها الى الاذاعة اللاسلكية للحكومة العراقية وزيدت ساعات البث الى خمس ساعات وبدأت تعمل على مدار الاسبوع ولمدة ثلاثة ايام فقط .
وكان يعمل فيها يوميا خمسة مذيعين ونحو سبعة موسيقيين وفي عام 1943 اقترح حسين الرحال الذي كان يشغل منصب ملاحظ الاذاعة تشكيل فرقة مستقلة تختص باقامة حفلات موسيقية للإذاعة وتالفت فرقة اخوان الفن لهذا الغرض من سبعة فنانين برئاسة داود اكرم (الكمان )الياهو جوري (الكمان ) وسليم صيون كراكلي (الكمان) ومؤيد نقار عود ويوسف ربيع (جلو ) وموشي شماس (دف) ..
ونذكر ان الاجور التي كانت تدفع للمطربين عن الحفلة الغنائية والواحدة تتراوح بين دينار ودينارين كما ان اول فرقة دخلت الى الاذاعة هي فرقة الفنان الرائد حقي الشبلي في منتصف الاربعينيات ..
ثم اسس عبد الله العزاوي قسم التمثيليات واول فرقة للتمثيل عام 1948 ثم تلتها فرقة انوار الفن لتوماس حبيب وفي عام 1949 قدمت اول تمثيلية اذاعية باسم مجنون ليلى باللغة العربية الفصحى باشراف الفنان عبد الله العزاوي ويوصف بانه اول من ابتدع هذا الفن من دون دراسة واطلاع على تجارب الاذاعات الاجنبية التي سبقتنا وبرز في تلك الايام الجيل الثاني من المذيعيين الذين عملوا في فترة الاربعينيات امثال ( وديع خوندة . نايف الشبلي وهو ابن الفنان حقي الشبلي .رؤوف توفيق وسعاد الهرمزي . ومشتاق طالب . والمذيعة فكتوريا نعمان . وعبد الحميد الدروبي . ومحمد علي كريم وناظم بطرس وصبيحة المدرس ) ..
مذيع عراقى يدشن اذاعة برلين العربية
اما المذيع يونس بحري فكان من اوائل الاذاعيين العراقيين الذين سمعناهم بعد مغادرته العراق يذيع من محطة الاذاعة الالمانية فى برلين وباللغة العربية وذلك في اثناء سنوات الحرب العالمية الثانية ..
جاء خروج يونس بحري من العراق عام 1939 هاربا من الشرطه العراقيه حيث صدر امرا بالقبض عليه في ابريل 1939 ذلك بعد يوم من وفاة الملك غازي جراء حادث سياره حيث اصدر باليوم التالي صحيفه العقاب متشحه بالسواد و العنوان الرئيسي كان (مقتل الملك غازي) حيث اتهم في مقاله الانجليز و نوري السعيد و الامير عبدالاله بافتعال حادث السياره للملك الذي كان يدعو للتخلص من الاستعمار
و كان يونس بحري نفسه الذي كان يوزع هذه النسخه من الصحيفه و هو على ظهر دراجته الناريه فكانت نتبجة مقالته تلك التظاهره الكبيره في الموصل التي ادت الى مقتل القنصل البريطاني العام.
بعد اغتيال القنصل البريطاني اردك يونس بحري خطورة بقاءه في العراق فقابل القنصل الالماني في بغداد طالبا منه الهرب الى المانيا فكان من حسن حظه انه كان هناك وفدا صحافيا المانيا قد جاء على متن طائرة حيث استقلها في عودتها الى برلين في الوقت الذي كان رجال الشرطه قد دخلوا منزله للقبض عليه !
هنا برلين ..حى العرب
جائت الشهره الحقيقيه ليونس بحري حينما اصبح مديرا و مذيعا لاذاعة برلين العربيه التي كان يروج من خلالها الدعايه النازيه و الخطاب العدائي لبريطانيا و حلفائها.
و بداية القصه عندما وصل يونس بحري الى برلين هربا من العراق حيث التقى وزير الدعايه النازي جوزف غوبلز و الدكتور الفريد روزنبرج منظر الحزب النازي و شارح قوانينه حيث اصبح خلال فتره قصيره أحد المقربين للقياده الالمانيه و اصبح يحضر الاحتفالات الرسميه مرتديا البدله العسكريه الالمانيه برتبة مارشال و مرتديا الصليب المعقوف على ساعده و قابل العديد من رموز النازيه بما فيهم ادولف هتلر و من الاوروبيين الفاشي الايطالي بينيتو موسوليني..

جائت بداية تأسيس اذاعة برلين العربيه عندما شرح الفكره لوزير الدعايه جوبلز التي رحب بها لتكون المحطه المواجهه لبي بي سي العربيه خصوصا بعد ان اقنعه يونس بحري بجدوي الاذاعه التي ستقاسم العرب كرههم لبريطانيا.
من الطريف ما عمله يونس بحري من اجل جذب المستمعين العرب لاذاعة برلين حيث طلب من جوبلز ان يوافق على بث القرآن الكريم فيبداية ارسال الاذاعه حيث تردد جوبلز و أوصل المقترح الى هتلر الذي وافق عليه بعد ان شرح له يونس بحري ان بث القرآن الكريم سيجذب انتباه المستمعين العرب الى اذاعة برلين و العزوف عن استماع للبي بي سي التي كانت لا تذيع القرآن فكانت النتيجه ان كانت اذاعة برلين هي المفضله عند العرب و ماهي الا اشهر قليله و بدأت البي بي سي ببث آيات القران بالمثل !.
اشتهر يونس بحري بعبارته الافتتاحيه الشهيره (هنا برلين حي العرب) حيث كانت بمثابة شارة افتتاح برامج الاذاعة التي كانت تهدف الى مهاجمة قوات التحالف و توعية الجماهير العربيه بخطر الاستعمار و يبشرها بالحريه على يد قوات هتلر النازيه و كان كثيرا ما يخرج عن نهج المحطه بشتمه لملوك مصر العراق و اتهامهم بالعماله و العبوديه.

بعد سقوط برلين على يد الحلفاء ، كان يونس بحري من الاسماء المطلوب القبض عليها و جاءت قصة هروبه من قيضة الحلفاء مثيره.
هروبه بعد سقوط برلين:
في صباح اليوم الثالث من مايو عام 1945م، جمعتنا الصدفة في مرسيليا بيونس بحري طليقا، يندفع نحونا يهنئنا ويعانقنا، فسألته: كيف استطاع الوصول إلى مرسيليا دون أن يقع بيد الحلفاء؟ فقال:
إنه خرج من برلين مع عدد من الأجانب قبل أن يحاصرها الروس، وحرَّف اسمه المسجل في جواز السفر بالأحرف اللاتينية، يوني باري جبوري، محرفا من يونس بحري الجبوري، وزعم للمحققين أنه كان معتقلا في ألمانيا وأطلعهم على أثر جرح قديم في جسمه من أثر شجار قديم، كأنه من آثار التعذيب، فسمحوا له بالسفر إلى باريس·

وفي صباح يوم 18 مايو 1945م، أبلغونا بأن أسماءنا سجلت في كشف المسافرين على الباخرة "بروفيدانس" إلى الجزائر، فنقلنا حقائبنا إلى الميناء وجلسنا فوقها ننتظر أسماءنا تعلن لنصعد إلى الباخرة، وإذا بعربي يركض نحونا يصيح بأعلى صوته: هذا منير الريس·· وهذا يونس بحري·· وهذا الدكتور عادل المسكي·· فالتفتنا نحو الصوت، وإذا به الدكتور عادل القحف من الطلاب السوريين كان يدرس طب الأسنان في ألمانيا·
ويقول منير الريس:
لقد نصحت يونس بحري ونحن في عرض البحر بأن يمزق جواز سفره ويبقى محتفظا بالورقة الرسمية التي أعطيت له في باريس بعد التحقيق معه للدلالة على هويته، فلم يرض·
وصلنا إلى الجزائر في 20 مايو 1945م، وفي يوم 26 مايو 1945م وصلنا بالقطار إلى تونس، وعندما دقق رجال الأمن بتونس، بجوازات سفرنا وفتشوا حقائبنا لم يجدوا سوى مسدس للدكتور المسكي، فصادروه، لكنهم وعدوا بإعادته إليه عند مغادرته تونس، واحتجزونا، واستدعى الضابط الفرنسي، الدكتور عادل المسكي وبدأ التحقيق معه، ولما عرف يونس بحري أن الدور سيأتي عليه في التحقيق، أخرج من جيبه رخصة دولية لسياقة السيارة باسمه ومزقها، فلاحظ حركته أحد الحمالين الذين - غالبا - ما يكونون مخبرين في مثل هذا المكان، فتوجه الحمال وأبلغ رجل الأمن بالورقة التي مزقها يونس بحري، وقام ليرميها في دورة المياه، فلحق به رجل الأمن وأمسك بيده وأخذ الورقة الممزقة من قبضته وراح يصففها في المكتب ليعرف سبب تمزيقها، ثم استدعى يونس بحري إلى غرفة رئيس الأمن وفتش جيوبه، وعثر على جواز السفر في جيبه، وعرف أن يونس بحري مذيع محطة برلين، وسرعان ما عاد إلينا رجال الأمن وطلبوا أن نرفع أيدينا في الهواء، ولما سألتهم عن السبب قال أحدهم: "ألا تدري أنك من عصابة يونس بحري" وقام رئيس الأمن العام محاولا الاتصال برؤسائه في تونس، ولما تهيأ له ذلك، نقل إليهم نبأ القبض على المذيع يونس بحري! مذيع هتلر في برلين·
وتابع منير الريس:
ولما حانت لي فرصة الانفراد بيونس بحري، قلت له: لقد وقعت يا يونس! فلا توقع غيرك معك، قال: "لن أدل عليك·· ولن أتكلم بما يؤذي أحدا منكم! وأنتم قد يطلق سراحكم قبلي·· ولي طلب عندكم فيما إذا أصبحتم أحرارا، وبقيت أنا في السجن، أرجوكم أن تبلغوا السفارة أو القنصلية العراقية، وإذا لم يكن فيه سفارة عراقية فابلغوا أي سفارة أو قنصلية بريطانية بأنني سجين في تونس!"
وأدركت في تلك اللحظة أنه جاسوس بريطاني، إذ ظل أكثر من ثماني سنوات وهو يشن من محطة برلين أبشع الكلام على بريطانيا وعملائها وحلفائها، ويشتم عبد الاله، الوصي على عرش العراق، والأمير عبدالله بن الحسين، أشد الشتائم فلا ذكر اسم عبدالله إلا وينعته بالحاخام، ولا يذكر اسم عبد الاله إلا وينعته بالصبي، ولا يذكر اسم نوري السعيد إلا وينعته بالنوري الشقي، بفتح النون والواو، فكيف لم يكتشف الألمان هذا الجاسوس المزدوج؟·

ثورة تموز 1958
في 14 يونيو 1958 حصل الانقلاب الدامي الذي ازاح الحكم الملكي من العراق و اعلن عن تأسيس الجمهورية العراقيه و صاحب ذلك الانقلاب اعتقال العديد من رموز النظام الملكي و عداهم الكثير منهم يونس بحري الذي شاء حظه العاثر ان يصل العراق قبل يوم واحد من الانقلاب هاربا من بيروت و من المواجهات التي حدثت بين الرئيس اللبناني آنذاك كميل شمعون و معارضيه من القوميين حيث اعتقل يونس بحري في سجن ابوغريب بحانب كبار ضباط العهد الملكي و من الطريف ان اعتقاله جد جاء صدفه حيث وجد يونس بحري في منزل ابن اخيه العقيد ركن وحيد صادق الجبوري الذي كان من بين المطلوب اعتقالهم.
بعد اطلاق سراحه افتتح يونس بحري مطعما في بغداد و كان اشبه بالمنتدى حيث كان زبائنه من السفراء و الوزراء و الكتاب و كان يونس يقوم بطبخ الاطباق العديده التي تعلمها من رحلاته العديده و لم يستمر المطعم طويلا حيث غادر الى بيروت بعد ان وعد عبدالكريم قاسم بعدم مهاجمته اعلاميا في الخارج و تم تخصيص راتبا له و قدره مائة دينار يستلمها شهريا من السفاره العراقيه في بيروت

حيث اصدر منها عدة كتب و مجلات منها مذكراته في سجن ابوغريب



المصدر :

حافظ مهدي
د. محمد حسين الزبيدي
منير الريس
ملحق جريدة المدى العراقية
منتديات آلجبورى






__________________
مع تحيات سمير عبد الرازق
رد مع اقتباس