عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 13/05/2007, 18h31
الصورة الرمزية محمد أديب
محمد أديب محمد أديب غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:27311
 
تاريخ التسجيل: mai 2007
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 48
افتراضي الطقطوقة الجبلية

[COLOR="Navy"]في هذا الركن الخاص بالطقطوقة الجبلية , الذي أفتتحه بمقال منقول , سأرفع ما لدي من روائعه . وأوجه دعوة لكل عشاق هذا الفن العريق بأن يرفعوا هم أيضا ما بحوزتهم منه , تعميما لمتعة السماع الجميل . واحب أن انبه إلى ضرورة التمييز بين الطقطوقة او العيطة , وبين الأغاني الشعبية , فالركن لا يشمل هذه الاخيرة , وإنما يقتصر على النوع الاول , باعتباره فنا تراثيا اصيلا , له قواعده وأصوله المعروفة.[/COLOR]
التراث الشعبي

لدينا دراسات وبحوث معمقة حول نشأة هذا الجانب الهام من ذاكرة الشعب المغربي الثقافية، وتاريخ مساره الطويل الموغل في التاريخ ، وسنكتفي للضرورة في هدا البحث بسرد المختصر منه ...
حسب الدراسات والبحوث المتوفرة لدينا حاليا فإن فن العيطة بالمغرب يحتوي على خمسة أقسام رئيسية هي كالتالي : الجبلي – المرساوي- الحصباوي – الحوزي – الروايس. كما أن لهذه الأقسام روافد أو مناطق تلاحق تولدت عنها عدة فروع مثل : الزعري – الورديغي – الغرباوي ... إلخ. ثم قاسم مشترك بين كل هذه الأنماط ، سواء الرئيسية منها أو الفرعية وهو الساكن أو السواكن, المعروف بطابعه الصوفي – الغيبي- الديني. يشمل اهل الزهد والتقشف في الحياة وادارة الظهر عن مباهجها . تولدت عنه عدة طرق وطوائف شملت جوانب مهمة من الفكر والعقائد لعدة فئات من الشعب المغربي ، ساهمت في خلق أحداث وتطورات تاريخية هامة، وتحولات جذرية لحياة الشعب والجماهير الواسعة عبر أزمنة صنعت التاريخ .
اننا نتعامل مع تراث شعبي شفاهي حافظت الذاكرة الشعبية على قسط منه، بينما ضاعت الأقساط الأخرى وسط مستنقع الاهمال والنسيان وغياب التوثيق من جهة، واختفاء الرواد – المعلمين بانتهاء أجالهم المحتوم ..
اذا عدنا للحديث عن الجبلي، أي وسائل التعبير عند سكان منطقة الشمال الغربي من المغرب ، المعروف بفن الطقطوقة الجبلية المتميز ، وما تشمله من عيوط وانماط تعبيرية مثل جهجوكة – البارود.
ان اشكالية النشأة تضعنا أمام حاجز منيع حجب معرفة ميلاد وتطور هذا الفن الشعبي على حقيقته ، ورمى بنا بين متاهات الإفتراض والتقديرات التي قد تصيب في جزء منها، وتخطئ في أجزاء أخرى ، لكن هذا التخوف لا يجب أن يظل جدارا سميكا وحاجزا قويا في وجه البحوث والدراسات ، وعازلا أمام كل الاجتهادات والاستنتاجات التي تنير الطريق للوصول الى اقرب الافتراضات والتصورات الشمولية لهذا الفضاء الشاسع الأطراف الموغل في التاريخ والحقب.
تعود جذور هذا التراث الى ما قبل دخول الاسلام الى المغرب ، حيث كان غناء جماعيا مبنيا على ما يسمى بالحوار الشعري المرتجل – على حد تعبير المرحوم بوحميد – والذي كان يقوم به شخص واحد من المجموعة التي كانت تضم فريقا من الرجال في فترات معينة ومناسبات محددة كالحفلات العادية مثل : حفلات النصر – الزواج – العقيقة، وأن هذا النوع من الغناء كان يستعمل أدوات جسمانية أكثر من غيرها ، وهي التصفيق باليد والتوقيع بالقدم، عكس الأنواع التعبيرية في شمال المغرب – جبالة – حيث يستعمل الغناء والتطريب لتقريب المتلقي إلى فهم الموضوع الذي تحمله الأغنية.
عرف المغرب مرحلة انتقالية غابت خلالها مظاهر الغناء والاحتفال بالطريقة التي كانت من قبل ، من رقص واشراك المرأة في المجموعات والفرق ، خاصة العهد الموحدي المتزامن طبعا مع الدخول الهلالي إلى المغرب ، وقد أثر هذا تأثير كبيرا في ضيق نطاق الموسيقى لهذا العهد الذي نشأت عليه دوله الموحدين ، من التدين والتقشف ومقاومة المناكر ، بما فيها من ألات اللهو التي كان المهدي بن تومرت يأمر أصحابه بتكسيرها ، مثل ما فعل في فاس ، ومن أبرز الشواهد على هذا أن الجيش الموحدي نفسه لم تكن به أية موسيقى تذكر.
وحسب العديد من المصادر فقد كان لابد من مرور ردح من الزمن ليبدأ الغناء الفردي في المغرب بالظهور مصاحبا بألات موسيقية غالبا ما كانت في أول الأمر نوعا من الليرة بحيث ثبت عند صاحب المراكشي في مؤلفه "المعجب" أن الهلاليين لما جاءوا إلى المغرب أدخلوا معهم هذه الألات التي كانوا يؤدون بها مجموعة من الملاحم الشعرية الفصيحة، حيث كان الطرب الشعبي يعتمد على أغاني مغربية ينشدها بعض المغنيين في المحافل والأسواق، بعد هذه الفترة سيبدأ الغناء في الظهور بشكل أكبر وأوسع حيث سيشيع ويرتقي إلى استماع الأمراء، إضافة إلى دخول الطرب المعروف إذاك ب : السماع ، والذي استقدمه الأندلسيون معهم ، وقد ولع الخلفاء به ، وفي إطار حصر الحديث عن الموسيقى العربية بالمغرب من بين ثلاثة أنماط وهي : الموسيقى العربية – الأندلسية – البربرية . والموسيقى العربية التي يحدد اطارها الجغرافي في مجال تقطنه القبائل المستهلكة لهذه الأغنية ، والذي يتميز بالشساعة في اطاره العرقي والسوسيو اقتصادي ، إذ منذ القرن الثاني عشر الميلادي شهدت السهول الأطلسية المغربية استقرارا للقبائل العربية التي امر بنقلها من مواطنها الأصلية ، السلطان يعقوب المنصور الموحدي ، وعلى اثر هذا الاستقرار حصل تعايش بين نمطين من الحياة – الترحال ونمط الاستقرار – الذي يعتمد الفلاحة وتربية الماشية ، وحصيلة هذا التساكن هو نشأة جديدة وملائمة لخلق وتطور هذا النوع من الغناء ، ويرجع احتفاظ الغناء الأندلسي بمقوماته, وشذوذه عن قاعدة التأثر بالواقع والمؤثرات المحلية، إلى أن المغرب احتفظ بالأصول العريقة لهذه الموسيقى بشكل أقوى ، نظرا لأن اللغة البربرية وعوائد البربر كانت بطبيعة الحال أكثر رسوخا وانتشارا ، مما أدى بالمجتمعات الأندلسية المهاجرة هنا إلى منعزل أمدا طويلا بعوائدها وتقاليدها حتى أن ما حدث بصفة عامة هو أنها استقطبت من عناصر البربر المنصهرين بها أكثر مما تأثرت المجتمعات الأندلسية بهذه العناصر .
وبالنسبة إلى الأدوات المصاحبة لهذا الغناء فهي تنقسم إلى نوعين : ماله علاقة بالطرب المغربي المحلي قبل النزوح الأندلسي – وماله علاقة بالطرب والغناء الأندلسي.
إن الألات المستعملة في الغناء الأندلسي كثيرة , من بينها : الكريج – العود – الروطة – الخيال – الرباب – القانون- المونس – الكثيرة – الفنار- الزلامى – الشغرة – البوق – النورة وفيها مزمران ، واحد غليظ الصوت وأخر رقيقه.
كما تسجل دراسة "مدخل إلى تاريخ وفنون المغرب" ، بأن دخول الهلاليين إلى المغرب رافقه ظهور ألات جديدة حيث وصلت مسيرتهم نحو المغرب حوالي سنة 1170 م , فقد كانوا يسيرون على إيقاع الطبول ونغمات الغيطات .
ومن ثم ذلك السياق الوصفي يدل على أن هذه الألات كانت مما يستعملونه في حروبهم وغزواتهم ، وهي ذاتها مما اتخذه الموحدون من شارات ملكهم إلى جانب الألوية والأيات القرءانية ، وقد سجل ابن خلدون ذلك بقوله:
أن العرب كانوا منذ أن انتقلت خلافتهم ملكا يتخذون قرع الطبول والنفخ في الغيطات في مواطن حروبهم ومظاهر أبهتهم . أما الألات المستعملة في الغناء المغربي فكانت محصورة في : الدف – أفوال – الليرة – أبوقرون.
منقول بتصرف


رد مع اقتباس