الموضوع: رياض السنباطي
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 22/07/2007, 13h54
الصورة الرمزية عثمان دلباني
عثمان دلباني عثمان دلباني غير متصل  
ابوهنية
رقم العضوية:42597
 
تاريخ التسجيل: juin 2007
الجنسية: جزائرية
الإقامة: الجزائر
المشاركات: 1,553
افتراضي ناسك العود - رياض السنباطي

شاكر جدا انا للذي ساهموا في ايداع هذه الملفات الجميلة للأستاذ رياض ونرجوا من الذين لديهم تسجيلات خاصة عدم البخل على العطاشى من السميعة و المتلهفين لسماع الأستاذ.
قبل ان اقول شيئا عن الأستاذ السنباطي اود ان احكي لكم كيف انني في ليلة صدمني قطار اسمه السنباطي.
كنت يومها على معرفة قريبة بآلة العود ولم اكن قد تجاوزت السنة الثالة مع العود وكنت ومازلت مستمعا جيد للعازفين المتميزين وكنت سمعت فريد الأطرش و منير بشير وبعض العازفين المعروفين ولم اسمع قط السنباطي عازفا. و كنت اعرف انه يعزف على العود و لكن . كان يومها لي صديق جاء لتوه من سياحة في الخارج اتصل بي وقال لي :انا عندي لك حاجة تعال خذها .وكانت هذه الحاجة شريطا . لم يكن صاحبي على اهتمام كبير بالعود ولا بعازفيه ذهبت الى البيت وبعد الساعة ال 10 ليلا لم خلد الجميع الى النوم اخذت الشريط ووضعته في المسجل ويا ليتني ما فعلت. والله العظيم لم اصعق في حياتي كما صعقت ليلتها كنت اسمع العزف واقول ماهذا لم افهم في البداية ما الذي يجري كنت اسمع عودا ولكن ليس كالعيدان و عزفا ليس ككل ما سمعت من قبل و من شدة ذهولي اصبت بشلل في التفكير حينها و شعرت انني ساموت وان هذا العزف جاء من البرزخ
و سياخذني معه . وكما يقال حصل لي تشفير اخذت ساعتها المسبحة وبداءت اسبح لله واستغفره لشدة ما اصابني و لم انم ليلتها ولم استطع اعادة الإستماع للشريط الا بعد مدة طويلة خشية ان ابتلى بمثل ما ابتليت به. وقد اصبت باحباط حاد كاد يقضي على رغبتي في تعلم العود والموسيقى معا. هذه طرفة حقيقية والله اردت ان افتتح بها هذه المداخلة البسيطة حول استاذ الجميع السنباطي.
ان المستمع وعرفت بعد مدة ان هذه التقاسيم كانت للسنباطي في اغنية اشواق. ومن يومها ادركت القيمة الحقيقية للرجل وآليت على نفسي ان لا اذكره الا بالخير.
رياض السنباطي حالة فلسفية اشك انها ستتكرر لم تمثله من عمق موسيقي والسنباطي هو اللبنة الأخيرة في صرح موسيقى الطرب و هو الذي اغلق الباب من وراءه والقى بالمفتاح في المجهول .
وانا استمع في كل مرة له ارى مدى صغر حجم الآخرين . فهو الذي جدد الموسيقى العربية في العمق وليس في الشكل. و حافظ على هيبة التخت العربي مع اعطاء ابعاد جديدة لكل آلة فيه في حين راح الآخرون يدخلون آلآت من هنا وهناك وياتون بجمال هجينة ومولدة لا رائحة لها ولا طعم .
واضرب مثلا بسيطا للأستدلال ان المستمع لمدخل اغية اقبل الليل وحين يسمع الناي المنفرد
(solo) والجملة التي عزفها يدرك ان الملحن غير عادي ومقيم للأشياء وجمالياتها فآلة الناي في سياق الجمل التي سبقتها من مجموعة الوتريات التي اعطت انطباعا بثقل ذاك الليل ومدى وحشته من خلال استعمال الكم الهائل من الوتريات يوحي بالرهبة و الجلال ، ثم ياتي الناي كي يلقي بطريقة سينمائية الضوء على ذلك العاشق القابع في الطلمة و الوحدة، يصارع الحنين والذكريات المؤلمة.
ان الطريقة التي استعملها السنباطي في تصوير الحالة تنم عن عبقرية وتفرد في معالجة الصورة.
و السر عند رياض السنباطي يكمن في فهمه الجيد للنصوص التي بين يديه.ما نجده عند الملحنين الآخرين ان الموسيقى تكون وعاء في احسن الحالات وكثير ما تلحن موسيقى لغير ذلك النص ثم توضع له بطريقة بهلوانية ، يحس المستمع الجيد فيها التناقض الصارخ بين الجمل. في حين عند السنباطي نجد الجو الدرامي المعبر والموسيقى احادية العضوية و مفسرة للنص .
والسنباطي لا يلحن الكلمات بل يلحن المعاني والمدلولات ولهذا لم يجد غيره تلحين القصيد الا نادرا حتى انك تجد روح رياض طاغية في الحان غيره للقصيد . ومن غيره استطاع احتوى النصوص الصوفية والدينية بتلك الطريقة والدخول في عجاجها واغوارها؟ ومن ؟ ...ومن؟ ...ومن؟
فمن اراد ان يتعلم التلحين في الموسيقى الشرقية فعليه بالسنباطي و كفى.
اخيرا نحمد الله كثيرا اننا كنا من الذين استمعوا لرياض و رضعوا الغناء العربي من الحانه العبقرية الأصيلة وتربوا على السماع بين يديه.
شكرا يا رياض
رد مع اقتباس