عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21/12/2009, 16h34
الصورة الرمزية أبوإلياس
أبوإلياس أبوإلياس غير متصل  
مشرف منتدى فريد الأطرش
رقم العضوية:165965
 
تاريخ التسجيل: février 2008
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 2,064
افتراضي رد: التحليل الموسيقي لأعمال فريد الأطرش

الربيع
كلمات : مأمون الشناوي
ألحان وغناء : فريد الأطرش
التحليل الموسيقي : أحمد شفيق أبوعوف
رئيس اللجنة الموسيقيا العليا

تعتبر أغنية الربيع من الأغنيات الوصفية الطويلة التي يمتزج فيها الوصف الدرامي مع التعبير العاطفي وهي تساير في أسلوبها ذلك الاتجاه الذي لجأ إليه فريد الأطرش في مرحلة نغمه الفني – وبعد أن صعد إلى مكانة مرموقة في عالم الغناء العربي وهذا الاتجاه هو أداء الأغنية الطويلة مثل يا للا سوا – حكاية غرامي – أول همسة ... الخ
وتعتبر هذه المؤلفات تجسيدا للمدرسة التقليدية أو العودة إلى الكلاسيكية – إن جاز التعبير- والتي وضع أساسها الموسيقار محمد عبد الوهاب بأغنية الجندول ثم الكرنك ثم الحبيب المجهول. وهذه الأغنية التي كان يغنيها فريد الأطرش كل ربيع من مقام كرد وإيقاعها فالس دارج إلا أنه يلجأ إلى تغيير الإيقاع في كثير من المقاطع الغنائية ( الكوبليهات ) ويستهل الأغنية بمقدمة موسيقية ولو أنها راقصة إلا أنها تتسم ببعض الوقار والعمق .
ثم يبدأ الغناء من نفس لحن المقدمة – وفي الكوبليه الأول ( أيام رضاه يا زماني ) يغير إيقاع المقام فيغني من مقام البياتي و إيقاع الوحدة الكبيرة – ونشعر أنه يسعى إلى التطريب خصوصا بأداء المقام الذي يعشقه ويتقنه وهو مقام البياتي – وسرعان ما يلجأ للمرة الثانية إلى تغيير الإيقاع بل إلى إلغاء الإيقاع كلية عندما يقول ( كان النسيم غنوة ) ، وهكذا يستمر في الأداء المرسل دون الإيقاع حتى يرتكز على درجة العجم فيقوم بذلك بالغناء من إيقاع جديد ( الوحدة الصغيرة ).
وهكذا يبدع فريد الأطرش ويبتكر ويحاول كلما سار في دروب اللحن أن يقدم شيئا جديدا حتى وإن كان هذا الشيء طفيفا للغاية مثل ثراء التنوع في أحد المقاطع الغنائية التي يغنيها في هذه الدرة العاطفية التي عاشت سنوات عديدة ترددها الجماهير كلما حان الربيع وكأنه نشيد القداس الذي يؤدى في مناسبة مقدسة خالدة . ويستمر فريد حتى يقول ( لمين تضحك يا صيف لياليك وأيامك ) وهنا نجد أنه يغير المقام البياتي ليصبح مقام صبا .
وعندما يغني فريد ( مر الخريف بعده ) نلاحظ أنه يغني من إيقاع من خليط الفالس والمصمودي – والأذن الحساسة المرهفة تلحظ ذلك المزج الغريب الذي لم يطرقه ملحن من قبل ولايمكن أن نجزم أن اللحن قصد هذا المزج الايقاعي فيكون قد بلغ قمة العبقرية ، فإن هذا المزيج جاء عفويا ليكون معبرا صادقا عن أحاسيسه ومشاعره الرقيقة .
وفي الكوبليه الأخير الذي يستهله بعبارة ( يا بدر يا نسمة يا طير يا أغصان ) نجده يعهد لهذه الصورة الغنائية بلحن من مقام البياتي – حتى إذا انتهى منه يستغني عن الإيقاع ويغني بأسلوب الموال ببراعة فائقة ثم لا يلبث أن يعود إلى إيقاع الفالس عندما يغني ( ما أعرفش إيه ذنبي) .
ويختتم أغنيته الخالدة بالعودة إلى المذهب الذي يشترك فيها مع المنشدين الذين يؤذون دورهم في اللحن وخصوصا ترديد الآهات بكفاءة تتناسب مع لهذا اللحن الخالد من إبداع وحبكة وابتكار وتجديد وصدق أداء .
رد مع اقتباس