رحلة الكروان,, بدأت من شارع البحر/ صيدا / لبنان,, من عمر الثامنة , بدأ كرواننا في تعلم و إتقان أصول "المغنى" مقاماته وألوانه,, تغنت بألحان عبد الوهب و فريد الأطرش,, أحبت وقلدت أم كلثوم وعشقت صوت أسمهان و أدت أغانيها بكل اقتدار, في الحفلات والمناسبات الخاصة,, وتعلمت العزف على العود,, الذي ابتاعته لها "ست الحبايب" بثمن "إسورة" كانت تقتنيها,, الأم التي جلبت لابنتها أساتذة الموسيقى لتتعلم على إياديهم فنون الغناء,,
في الحادية عشرة , طرقت أبواب الإذاعة اللبنانية بكل ثقة واجتهاد,, وعندما التقاها علي العريس واستمع إليها ,آمن بموهبتها وتبناها , وأخذها إلى مسرحه الاستعراضي,, وقدمها , وبدات بأغنية مصر تتحدث عن نفسها لم يتقبل الجمهور ذلك اللون من الغناء من الطفلة,, لم تيأس, ولم تكتئب,, بل ولم يفقد علي العريس ,مخرج أول فيلم سينمائي لبناني ناطق 1943 بياعة الورد.. و كوكب أميرة الصحراء 1946— لم يفقد حماسه لها ولا إيمانه بموهبتها, وراح يتفاني في دعمها وقدمها في أوبريت غنائي استمر عرضه لمدة عامين في بيروت,,
كرواننا ,, لظروف خاصة اضطرت للانتقال من بيروت إلى دمشق,, وتقدمت فتاة الرابعة عشر بكل ثقة لإذاعة دمشق, وقررت لجنة الاستماع برئاسة شفيق شبيب المؤلف الموسيقي و رئيس قسم الموسيقى في إذاعة دمشق في الفترتين من 1947-1949 و من 1951-1954 أن "صوتها لايصلح",, لم تصارحها اللجنة بذلك ,,وأبلغها الخبر الموسيقي ابراهيم عبد العال والد عازف الكمان الشهير عبود عبد العال قال لها "ان شاء الله لما تكبري شوية اللجنة تقتنع بك " حتى لايجرح شعورها,,, لم تكتئب رغم الحزن والألم ,, واستمرت و عافرت وإذا اللجنة نفسها التي رفضتها ترسل في طلبها,, بعد أن استمعوا لها من خلال إذاعة حلب تؤدي أغنية "قولولي فين الدوا" وهاهو شفيق شبيب يقول لها يا فايزة إنتي إسمك حيكون في كل أنحاء الوطن العربي, إنتي "فائزة" يا فايزة,,
وتم تكليف الملحن نجيب السراج بتلحين أغنية "الدنيا كانت بعيوني ظلام" من كلمات عمر الحلبي وأدتها فايزة بكل اقتدار,,
تقول فايزة عن شفيق شبيب 1897-1982
(كان راجل طيب عاملني بأبوة , مؤمن والسبحة دايماً في إيده),, وأصبح لفايزة أربع وصلات شهريا مدة كل منها ثلث الساعة تقدم من خلال إذاعة دمشق,,,
من العام 1950 وحتى العام 1954 ,, كانت مرحلة انتقالية ما بين الإعداد و التدريب و تعلم اصول و قواعد الموسيقى إلى عالم الاحتراف,, إذ قامت الكروان في تلك الفترة بأداء أغنيات صنعت خصيصاُ لها,, و تعاملت مع كبار الملحنين والكتاب في الشام لبنانيين و سوريين ثم و بين العامين 1954 و 1955 حدث الانقلاب الأول في حياتها الفنية ومشوارها الغنائي,, فزارت القاهرة زيارة عابرة 1954 ,, عادت بعدها إلى سوريا لإتمام بعض الارتباطات والتعاقدات وزارت العراق في رحلة عمل جادة و منتجة , قدمت خلالها ست أعمال بالتعاون مع كبار الشعراء العراقيين و الملحن رضا علي,,
العام 1956, كان العام الحاسم في رحلة الكروان,, حيث استقبلتها المحروسة بالأحضان و الأنغام ,,
رحلة الكروان ,من صيدا إلى العتبة الخضراء,, ليست رحلة ترفيهية كانت رحلة شاقة مليئة بالأشواك و الكثير من الورود,,
1956,, قنبلة "انا قلبي إليك ميال"
1957 قنبلة "يما القمر ع الباب"
1958 لحن الخلود "ست الحبايب"
واستمرت الفرقعات الفنية,, والألحان الجماهيرية,, من خلال عدة افلام سينمائية كان غناء الكروان هو أيقونة تلك الأفلام بحق,,
إلى جانب عشرات الألحان التي حلق بها الكروان ليحتل مكانة لم يضاهها بها صوت جمالاً ونجاحاً على الأرض,, فقالت الست "ثومة" ما معناه أنه أجمل صوت نسائي يطربها هو صوت "فايزة" وقال "عبد الوهاب" أنه يشبهه "بالكريستال المكسور" يعني "المتشظي اللامع" وقال السنباطي في صوتها " أعظم من نطقت حرف الحاء فايزة احمد",, وأطلق عليها كامل الشناوي لقب كروان الشرق,, وقالت هدى سلطان "صوت فايزة صوت مانختلفش عليه" ,,, وقالوا وقالوا وقالوا
ولكن تبقى الرحلة بكل ما فيها إرثاً فنياً تحكم عليه الأجيال المتعاقبة,,