الموضوع: نزار قبانى
عرض مشاركة واحدة
  #28  
قديم 25/05/2008, 17h13
jevaramat
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي رد: القصائد السياسية لنزار قباني

أنا مع الإرهاب

مُتَّهمونَ نحْنُ بالإرْهابْ ..
إنْ نحنُ دافَعْنا عَنِ الوَرْدةِ .. والمَرْأةِ ..
والقصيدةِ العَصْماءَ ..
وزُرْقةِ السَّماءْ ..
عنْ وطنٍ لمْ يَبْقَ في أَرْجائِهِ ..
ماءٌ .. ولا هَوَاءْ ..
لَمْ تَبْقَ فيهِ خَيْمةٌ .. أو ناقَةٌ ..
أو قَهْوةٌ سَوْداءْ ..
مُتَّهمونَ نحْنُ بالإرْهابْ ..
إنْ نحْنُ دافَعْنا بِكُلِّ جُرْأَةٍ
عنْ شَعْرِ بَلْقيسَ ..
وعنْ شِفاهِ مَيْسونَ ..
وعنْ هِنْدٍ .. وعنْ دَعْدٍ ..
وعنْ لُبْنى .. وعنْ رَبابْ ..
عَنْ مَطَرِ الكُحْلِ الَّذي
يَنْزِلُ كالوَحْيِ مِنَ الأَهْدابْ !!
لَنْ تجِدوا في حَوْزتي
قصيدةً سِرِّيَّةً ..
أو لُغةً سِرِّيَّةً ..
أو كُتُباً سِرِّيَّةً أسْجِنُها في داخِلِ الأَبْوابْ
وليْسَ عِنْدي أبداً قصيدةً واحدةً ..
تَسيرُ في الشَّارعِ .. وَهْىَ تَرْتدي الحِجَابْ
مُتَّهمونَ نحْنُ بالإِرْهابْ ..
إذا كَتَبْنا عنْ بقايا وَطَنٍ ..
مُخَلَّعٍ .. مُفَكَّكٍ مُهْترئٌ
أشْلاؤهُ تَناثَرَتْ أشْلاءْ ..
عَنْ وَطَنٍ يَبْحثُ عنْ عُنْوانِهِ ..
وأُمَّةٍ ليْسَ لها أَسْماءْ !
عَنْ وطنٍ .. لَمْ يَبْقَ مِنْ أشْعارِهِ العظيمةِ الأولى
سِوى قَصائِدِ الخَنْساءْ !!
عنْ وطنٍ لمْ يَبْقَ في آفاقِهِ
حُرِّيَّةُ حَمْراءُ .. أو زرْقاءُ .. أو صفْراءْ ..
عنْ وطنٍ .. يَمْنعُنا أنْ نَشْترى الجَريدَةَ
أو نَسْمعَ الأنْباءْ ..
عنْ وطنٍ كُلُّ العصافيرِ بِهِ
مَمْنُوعةٌ دَوْما مِنَ الغناءْ ..
عنْ وطنٍ ..
كُتَّابُهُ تَعوَّدوا أنْ يكْتُبوا ..
مِنْ شِدَّةِ الرُّعْبِ ..
على الهَواءْ !!
عنْ وطنٍ ..
يُشْبِهُ حالَ الشِّعْرِ في بلادِنا
فَهْوَ كلامٌ سائِبٌ ..
مُرْتجلٌ ..
مُسْتَوْرَدٌ ..
وأَعْجَمِيُّ الوَجْهِ واللسانْ ..
فما لهُ بِدايةٌ ..
ولا لهُ نِهايَةٌ
ولا لهُ علاقةٌ بالنَّاسِ .. أو بالأرْضِ ..
أو بِمأْزقِ الإنسان !!
عنْ وطنٍ ..
يمْشى إلي مُفاوضاتِ السِلْمِ ..
دونَما كرامةٍ ..
ودونما حِذاءْ !!!
عنْ وطنٍ ..
رجالهُ بالوا على أنْفسِهمْ خوفاً ..
ولمْ يَبْقَ سوى النِّساءْ !!
المِلْحُ في عُيونِنا ..
والمِلْحُ .. في شِفاهِنا ..
والمِلْحُ .. في كلامِنا ..
فهلْ يَكونُ القَحْطُ في نُفوسِنا ..
إِرْثاً أتانا منْ بني قَحْطانْ ؟؟
لمْ يبْق في أُمْتنا مُعاوِيَةٌ ..
وَلا أبو سُفْيانْ ..
لمْ يبْقَ مَنْ يقولُ (لا) ..
في وَجْهِ منْ تَنازَلوا
عنْ بَيْتِنا .. وخُبْزِنا .. وزَيْتِنا ..
وحَوَّلوا تاريخَنا الزَّاهي ..
إلي دُكَّانْ !! ..
لمْ يَبْقَ في حياتِنا قَصيدَةً ..
ما فَقَدتْ عَفَافَها ..
في مَضْجَعِ السُّلْطانْ !!
لقدْ تَعَوَّدْنا على هَوانِنَا ..
ماذا منَ الإنسان يَبْقى ..
حيْنَ يَعْتادُ على الهَوَانْ ؟؟
أبْحَثُ في دَفاتِرِ التَّاريخِ ..
عنْ أُسامَةَ بن مَنْقذٍ ..
وعُقْبةَ بنَ نافِعٍ ..
عنْ عُمَرٍ .. عنْ حَمْزةٍ ..
عنْ خالدٍ يَزْحفُ نَحْوَ الشَّامِ ..
أَبْحَثُ عنْ مُعْتصمٍ باللهِ ..
حتَّى يُنْقذَ النِّساءَ مِنْ وحْشيةِ السَّبْيِ ..
ومنْ ألْسنَةِ النيرانْ !!
أبحث عن رجال أخر الزمان ..
فلا أرى في الليل إلا قططا مذعورة ..
تخشى على أرواحها ..
من سلطة الفئران !! ..
هل العمى القومي .. قد أصابنا ؟
أم نحن نشكو من عمى الألوان ؟؟
متهمون نحن بالإرهاب ..
إذا رفضنا موتنا ..
وجرافات إسرائيل ..
تنكش في ترابنا ..
تنكش في تاريخنا ..
تنكش في إنجيلنا ..
تنكش في قرآننا! ..
تنكش في تراب أنبيائنا ..
إن كان هذا ذنبنا
ما أجمل الإرهاب ..
متهمون نحن بالإرهاب ..
.. إذا رفضنا محونا
على يد المغول .. واليهود .. والبرابرة ..
إذا رمينا حجرا ..
على زجاج مجلس الأمن الذي
استولى عليه قيصر القياصرة ..
.. متهمون نحن بالإرهاب
.. إذا رفضنا أن نفاوض الذئب
.. وأن نمد كفنا ل ..
أميركا ..
ضد ثقافات البشر ..
وهى بلا ثقافة ..
ضد حضارات الحضر ..
وهى بلا حضارة ..
أميركا ..
بناية عملاقة
ليس لها حيطان ..
متهمون نحن بالإرهاب
إذا رفضنا زمنا
صارت به أميركا
المغرورة .. الغنية .. القوية
مترجما محلفا ..
للغة العبرية ..
.. متهمون نحن بالإرهاب
وإذا رمينا وردة ..
للقدس ..
للخليل ..
أو لغزة ..
والناصرة ..
إذا حملنا الخبز والماء
إلي طروادة المحاصرة
متهمون نحن بالإرهاب
إذا رفعنا صوتنا
ضد الشعوبيين من قادتنا
وكل من غيروا سروجهم
وانتقلوا من وحدويين إلي سماسرة
متهمون نحن بالإرهاب
إذا اقترفنا مهنة الثقافة
إذا قرأنا كتابا في الفقه والسياسة
إذا ذكرنا ربنا تعالى
إذا تلونا ( سورة الفتح)
وأصغينا إلي خطبة الجمعة
فنحن ضالعون في الإرهاب
متهمون نحن بالإرهاب
إن نحن دافعنا عن الأرض
وعن كرامة التراب
إذا تمردنا على اغتصاب الشعب ..
واغتصابنا ..
إذا حمينا آخر النخيل في صحرائنا ..
وآخر النجوم في سمائنا ..
وآخر الحروف في أسمائنا ..
وآخر الحليب في أثداء أمهاتنا ..
.. إن كان هذا ذنبنا
فما أروع الإرهاب!!
أنا مع الإرهاب ..
إن كان يستطيع أن ينقذني
من المهاجرين من روسيا ..
ورومانيا، وهنغاريا، وبولونيا ..
وحطوا في فلسطين على أكتافنا ..
ليسرقوا مآذن القدس ..
وباب المسجد الأقصى ..
ويسرقوا النقوش .. والقباب ..
أنا مع الإرهاب ..
إن كان يستطيع أن يحرر المسيح ..
ومريم العذراء .. والمدينة المقدسة ..
من سفراء الموت والخراب ..
بالأمس
كان الشارع القومي في بلادنا
يصهل كالحصان ..
وكانت الساحات أنهارا تفيض عنفوان ..
.. وبعد أوسلو
لم يعد في فمنا أسنان ..
فهل تحولنا إلي شعب من العميان والخرسان ؟؟
أنا مع الإرهاب ..
إذا كان يستطيع أن يحرر الشعب
من الطغاة والطغيان
وينقذ الإنسان من وحشية الإنسان
أنا مع الإرهاب
إن كان يستطيع أن ينقذني
من قيصر اليهود
أو من قيصر الرومان
أنا مع الإرهاب
ما دام هذا العالم الجديد ..
مقتسما ما بين أمريكا .. وإسرائيل ..
بالمناصفة !!!
أنا مع الإرهاب
بكل ما املك من شعر ومن نثر ومن أنياب
ما دام هذا العالم الجديد
!! بين يدي قصاب
أنا مع الإرهاب
ما دام هذا العالم الجديد
قد صنفنا
من فئة الذئاب !!
أنا مع الإرهاب
إن كان مجلس الشيوخ في أميركا
هو الذي في يده الحساب ..
وهو الذي يقرر الثواب والعقاب
أنا مع الإرهاب
مادام هذا العالم الجديد
يكره في أعماقه
رائحة الأعراب
أنا مع الإرهاب
مادام هذا العالم الجديد
يريد ذبح أطفالي
ويرميهم للكلاب
من أجل هذا كله
أرفع صوتي عاليا
أنا مع الإرهاب
أنا مع الإرهاب
أنا مع الإرهاب
رد مع اقتباس