الموضوع: نزار قبانى
عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 25/05/2008, 17h10
jevaramat
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي رد: القصائد السياسية لنزار قباني

إليه في يومِ ميلاده

زَمـــانُكَ بُسْــــتانٌ ، وعَصْــرُكَ أَخْضَرُ
وذِكْـــراكَ عُصْفـــــورٌ مِنَ القلْبِ يَنقُــــرُ

ملأْنا لكَ الأقْـــداحَ .. يا مـــنْ بِحُبِّـهِ
سَكِرْنا ، كمــا الصــــوفيُّ بالله يَسْـــــكَرُ

دخَــــلْتَ علي تاريخِنـــــا ذاتَ ليـلةٍ
فرائِحـةُ التاريـــــخِ ، مِسْكٌ وعَنْبَــــــرُ

وكُنتَ .. فكانَتْ في الحقـــولِ سـنابلٌ
وكانَتْ عصـــــافيرٌ .. وكانَ صُنوبَـــــرُ

لَمَسْتَ أمانينـا ، فصـــارَتْ جــــداولاً
وأمْطَرْتنـــا حُبَّــــاً ، ولا زِلْــــتَ تُمْطِرُ

تأَخَّرْتَ .. عنْ وعْدِ الهـوى يا حبيبَنا
وما كُنْتَ عَنْ وَعْـدِ الهـــوى تتــأخَّرُ ..

سَهُدْنا ، وفكَّرْنا ، وشـــاخَتْ دموعُنا
وشابَتْ ليالينــــا .. وما كُنْتَ تَحْضُـــرُ

تُعـاوِدُني ذِكْــــراكَ كـــــلَّ عَشـــــيَّةٍ
ويورِقُ فِكْـــري .. حينَ فيـكَ أُفَـــــكِّرُ

وتأْبي جراحــــي أنْ تَضُـمَّ شِـفاهَهـــا
كأنَّ جـــــراحَ الحُــــبِّ لا تَتَخَثَّـــرُ ..

أُحبُّكَ .. لا تَفسيرَ عنْـــدي لصَبْوتــي
أُفَسِّــرُ مـاذا ؟ والهــــــوى لا يُفَسَّـــــرُ

تأخَّرْتَ يا أغلي الرِّجــــالِ ، فليلُنـــا
طويـلٌ ، وأضْـــواءُ القناديـــــلِ تَسْهَــرُ

تأَخَّرْتَ .. فالسـاعاتُ تأْكُلُ نفْسهـــا
وأيَّامُنــــــا في بَعْضِهـــــــا تَتَعَثَّـــرُ ..

أتَسْأَلُ عَنْ أعْمـارنــا ؟ أنْتَ عُمْرُنـــــا
وأنْتَ لنا المَهْـــــديُّ .. أنْتَ المُحَـــــرِّرُ

وأنْتَ أبو الثَّـــوْراتِ .. أنْتَ وقودُهـا
وأنْتَ انْبِعــــاثُ الأرْضِ .. أنْتَ التَّغيُّرُ

تَضيــقُ قُبـورُ المَيِّتينَ .. بمَنْ بهـا ..
وفي كُلِّ يوْمٍ ، أنْتَ في القَبْـــــرِ تَكْبُرُ ..

تأَخَّـــرْتَ عنــــا .. فالجيـادُ حزينَةٌ
وسَيْفُكَ مِنْ أشْـواقِهِ .. كــــادَ يَكْفُـــــرُ

حِصانُكَ في سيْنــــاءَ يَشْـرَبُ دَمْعَـــــهُ
ويا لِعـــــذابِ الخيْــــــلِ إذْ تَتَـــــذَكَّرُ

وراياتُكَ الخَضْـراءَ تَمْضِـــغُ دَرْبَهـــــا
وفوْقَــــكَ آلافُ الأَكاليـــــلِ تُضْـــــــفَرُ

تأَخَّرْتَ عنــــا .. فالمَســـــيحُ مُعَـذَّبٌ
هناكَ .. وجُرْحُ المَجْدَليَّــــــةِ أَحْمَـــــرُ

نســـــاءُ فِلَسْـــــطينٍ تَكَحَّلْنَ بالأسـى
وفي بيْتِ لَحْـمٍ ,, قاصِــــراتٌ وقُصَّــــرُ

وليْمــــونُ يافــــا يابــِسٌ في حُقـولِــهِ
وهَلْ شَجَـرٌ في قَبْضَــــةِ الظُّلْمِ يُزْهِــــرُ ؟

رفيقَ صلاحِ الديـنِ .. هلْ لكَ عَــــوْدَةٌ
فإنَّ جُيـــوشَ الــــرُّومِ تَنْهـي ، وتأْمُــرُ

رفاقُكَ في الأغْـوارِ شّـدّوا سُروجَـــــهُمْ
وجُنْدُكَ في حِطِّينَ ، صَلُّـوا .. وكبَّروا ..

تُغَنّي بِكَ الدُّنيـــــا .. كأنَّكَ طــــارِقٌ
علي بَرَكاتِ اللهِ ، يَرْسـو .. ويُبْحِـــــرُ

تُناديـكَ مِنْ شـــوْقٍ مـــــآذِنُ مَكَّـــــةٍ
وتَبْكيكَ بَـدْرٌ ، يا حبيبي ، وخَيْبَـــــرُ

ويَبْكيـكَ صَفْصـافُ الشَّــــآمِ وَوَرْدُهـــا
ويَبْكيـــــكَ زَهْـــــرُ الغَوْطَتَيْنِ ودُمَّــــرُ

تعـالَ إليْنـا .. فالمُــــروءاتُ أَطْــرَقَتْ
ومَوْطِـــــنُ آبــــائي زُجــــاجٌ مُكَسَّـــــرُ

هُزِمْنـا .. ومازِلْنـــا شَـتاتَ قَبــــائِلٍ
تَعيشُ علي الحِـقْدِ الـدَّفيـــنِ وتَثْــــــأَرُ

يُحـاصِرُنا كالمَــوْتِ .. ألْفُ خليــــفَةٍ
ففي الشَّرْقِ هـولاكـــو وفي الغَـرْبِ قَيْصَرُ

أبا خالـدٍ .. أشْكــو إليْــــكَ مواجِعي
ومِثْلي لَهُ عُــــذْرٌ .. وَمِثْـــلُكَ يَعْـــــذُرُ

أنا شَجَرُ الأحــزان ، أنْـزِفُ دائِمــــاً
وفي الثَّلْجِ ، والأَنْـواءِ ، أُعْـــطي وأُثْمِـــرُ

يُثيرُ حُزَيْـرانٌ جُنــــوني ونِقْـــــمَتي
فأغْتـالُ أوْثاني .. وأبْــكي .. وأكْفُــــرُ

وأذْبَحُ أهــــل الكَهْفِ ، فوْقَ فراشِـهِمْ
جميـعاً .. وِمِـــنْ بوَّابَــــةِ المَوْتِ أَعْبُــرُ

وأتْرُكِ خلْفـــي .. ناقَتي وعَبــــاءَتي
وأمْشي .. أنـــا في رَقْبَةِ الشّمْسِ خِنْجَـرُ

وأَصْرُخُ : يا أرْضَ الخُرافاتِ ، اِحْبَلي
لعلَّ مســـيحاً ثانياً .. سـوْفَ يَظْهَرُ ..
رد مع اقتباس