الموضوع: ليلى مراد
عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 03/05/2007, 21h26
محمد عبد العزيز
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي مشاركة: ليلى مراد

وسط الناس وتكلمت وضحكت وتسلمت جائزتها.

وفي نفس هذا العام –1977- قالت ليلى مراد في حديث إذاعي مع الإذاعية آمال العمدة. نصه منشور في كتاب عادل حسنين عن حكاية الاعتزال. وهذا الكلام يوشك أن يكون هو الوحيد عن الاعتزال على لسانها. ولذلك أورده كاملا بنصه. تقول ليلى مراد عن سبب اعتزالها.

"غلطة المسؤولين بلا شك سواء في الاذاعة أو مؤسسة السينما. أنا كنت احتجبت لفترة خمس أو ست سنوات لأنني كنت فقدت رشاقتي. كما أن أولادي كانوا في سن الطفولة. وأنا باحب الأطفال وباحب أولادي. أخذتني الأمومة خمس سنوات. وبعد كده الأولاد ابتدرا يكبروا ويروحوا المدارس فقمت بتخسيس نفسي ورجعت زي ما كنت.

حاولت -تكمل ليلى مراد حكايتها- عند المسؤولين عن الفن في مصر وفشلت. مش بس فشلت. ده أنا سقطت في الامتحان.ده كان فاضل شوية ويقولوا لي ابقي تعالي بكرة. مش فاضيين النهارده.. الى هذه الدرجة.

بعدما خسست نفسي وبقيت تمام. رحت لهم بنفسي مش همه اللي طلبوني. أخذت موعدا مع المرحوم عبدالحميد جودة السمار وقابلته "كان عبدالحميد جودة السمار رئيسا لهيئة السينما في ذلك الوقت ".

وبعد أن قابلته رحب بي طبعا. وقال لي: أنا تحت أمرك. وتعالي في اليوم الفلاني. ذهبت اليه في الموعد وعرضت عليه الفكرة في أني عايزة أرجع للسينما من تأني. وأطلب موعدا ثانيا وأقول أحنا اتكلمنا من أربع خمس شهور وأنا عايزة أرجع للفن من تاني. وبعد خمس شهور يوعدوني ثاني وما فيش حاجة أكثر من هذا".

وفي صيف 1984 -أي قبل رحيلها عن عالمنا بأحد عشر عاما أقنعتها شركة انتاج تليفزيون عربية بالظهور على شاشتها مقابل خمسة آلاف جنيه وكان ظهورها بعد 30 سنة من الغياب وكان بالألوان الطبيعية مع أن الناس لم ترها من قبل سوى بالأبيض والأسود. ولهذا كانت صدمة من شاهدوها عنيفة.

ظهرت ليلى مراد مرة أخرى بعد أن أصبحت ممتلئة وجهها ملطخ بالأصباغ وهو ما يناقض صورتها الرومانسية الجميلة التي أحبها حتى الذين لم يؤثر صوتها فيهم. كان المصريون والعرب في تلك الأيام -أيام سينما الابيض والأسود حزبين- حزب فاتن حمامة وحزب ليلى مراد. وان كانت ليلى مراد قد تفوقت على فاتن مرحليا بالفنانة الشاملة. فإن فاتن قد انتصرت في النهاية على ليلى مراد بتلك القدرة الفريدة على الاستمرار.

يقول عادل حسنين في كتابه عن اعتزال ليلى مراد: أن ليلى مراد لم تستطع أن تتأقلم مع الجديد. ذلك أنها كانت قد اعتادت ان تعيش وسط البشوات. ففضلت الابتعاد عن هذا الجو الثوري.

في حين أن الناقد الفني ومؤرخ الغناء العربي كمال النجمي يقول

كانت ليلى مراد قد ضعفت كثيرا وأصابها السأم من تقلبات الحياة وتقلبات الفن. فلم تستفد المطربة الكبيرة من نضج صوتها. وانصرف عنها المستمعون قائلين: ماذا جرى لليلى مراد؟

هنا اجتهادان في سياق محاولة تفسير قرار الاعتزال الذي اتخذته ليلى مراد، في الوقت الذي لم يكن متوقعا منها. لكن يبقى السؤال في حاجة الى إجابة: لماذا اعتزلت ليل مراد الفن في الظروف التي حدث هذا فيه ؟!

هل من حقي أن أجتهد ل محاولة الاجابة على السؤال الكبير؟ أعتقد أن مفتاح الاجابة يكمن في تفسير توصلت اليه الكاتبة والزميلة "صافي ناز كاظم" في مقال لها. عن ليلى مراد بعد الوفاة. قالت فيه: "إن ليلى مراد لم تغن جيدا في السينما الا أمام عبدالوهاب. وأنها لم تمثل بكامل لياقتها الفنية الا عندما كانت تمثل أمام أنور وجدي.

في هذا الوقت بالذات كان عبدالوهاب قد اعتزل الغناء في السينما. وفي الحفلات العامة. وأصبح ملحنا أكثر منه مطربا وحتى عندما كان يغني فإن هذا كان يجري في الاستديو بعيدا عن الجماهير وكان قد توقف تماما عن تقديم الأفلام الغنائية وهذا معناه انتهاء عبدالوهاب المطرب. فأمام من كان يمكن أن تغني؟!

من ناحية أنور وجدي كانت العلاقة بينهما قد أصابتها حالة من الخشونة القاسية بعد التطورات التي جرت بينهما. وبعد أن تأكدت أن أنور وجدي ينظر اليها باعتبارها مصدرا من مصادر الحصول على المال. ومن المعروف أن أنور وجدي كان يحب المال أكثر من أي شيء أخر في الحياة.

ماذا يبقى لها بعد الغناء والتمثيل لكي تستمر؟! من المؤكد أنه لم يبق لها أي شيء. سوى الاعتزال. ثم والأهم من كل هذا هل يستطيع فنان اعتزل الفن ثلاثين عاما أن يعود الى الفن من جديد. عابرا هذه السنوات كأنها لم تكن أساسا؟

من الطبيعي أن يعاودها الحنين بعد سنوات. ولكن هل معاودة الحنين تكفي للاستمرار في رحلة الفن بعد ذلك، مشكلة ليلى مراد إن السنوات التي تقع بين الاعتزال والعودة كان قد تغير كل شيء فيها. إن الزمان لا يتوقف أبدا عن حركته الدائبة والمستمرة بدون أي توقف.

أنا ضد قرار الاعتزال من قبل أي فنان مهما كانت المبررات والأسباب والذرائع التي تقف وراء هذا القرار. ولكني ضد - وبنفس القدر - ان يقرر المعتزل العودة في أي وقت يشاء.

الفنان دائما يحب الانسحاب والابتعاد في بعض الأوقات لسبب أو لآخر. ولكن القضية التي لابد من حسمها هي أن الفنان لابد وأن يحسب الى أي مدى يمكنه الابتعاد دون أن يكون هذا الابتعاد ضارا به. الابتعاد مطلوب ولكن الابتعاد المحسوب بكل الدقة الممكنة. واعتقد أن ليلى مراد لم تحسب الأمر بالدقة المطلوبة أبدا. وتصورت أن الفن يمكن أن ينتظر فنانة اعتزلت في الوقت الذي رأته مناسبا. دون أن تحدد الوقت المناسب للعودة.

وأتصور أن ليلى مراد في سنوات عمرها الأخيرة. كانت عينا في الجنة وأخرى في النار. عين على الاعتزال وأخرى على العودة. وفي هذه الظروف عاشت ما بعد الاعتزال.

اعتقد رغم هذا الاجتهاد البسيط أن قرار ليلى مراد بالاعتزال ومحاولات العودة سيظلان في حاجة الى المزيد من الاجتهاد الآخر الذي يكمل ما ذهبت اليه. ان كان هذا الذي ذهبت اليه يقوى ويصمد في مواجهة المناقشات والتحليلات.

لدى قصة انهي بها هذا المشروع للاجابة على السؤال الكبير وجدتها في ثنايا الكتب الثلاثة عن ليلى مراد. وهي قصة حقيقية. وتؤكد العديد من المعاني التي نجد أنفسنا في أمس الحاجة اليها الآن. تقول هذه القصة:

كان نجيب الريحاني يسكن في نفس العمارة التي كانت تسكن فيها ليلى مراد. وذات مساء جمع المصعد بين ليلى مراد ونجيب الريحاني. فكان من نجيب الريحاني أن نظر الى ليلى مراد. وقال لها في استعطاف: نفسي أمثل فيلم معاكي قبل ما أموت يا بنتي.

طارت ليلى مراد من الفرح وجرت على شقتها. وكان فيها أنور وجدي.. زوجها وقالت له الخبر وهي سعيدة بدون حدود. وهنا ظهر التاجر في أعماق أنور وجدي الذي التقط فورا الجانب النفعي في المسألة. وبدأ يتكلم عن مشروع الفيلم. ولم يعطها حتى الفرصة من أجل التقاط الأنفاس وهكذا خرج الى الوجود فيلم "غزل البنات ".

الغريب والعجيب ان موقف نجيب الريحاني يرقى الى مستوى النبوءة. فقد مرض في نهاية الفيلم. وأكمله بصعوبة

التعديل الأخير تم بواسطة : هامو بتاريخ 24/07/2009 الساعة 18h33
رد مع اقتباس