عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 24/03/2014, 07h09
الصورة الرمزية CHAOUKI Hamid
CHAOUKI Hamid CHAOUKI Hamid غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:275171
 
تاريخ التسجيل: août 2008
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
العمر: 60
المشاركات: 90
افتراضي الشاعر محمد النميلة في حوار مع جريدة المسائية العربية

هل ما زالت مراكش قلعة لفن الملحون
المسائية العربية / مراكش


من إنجاز : محمد السعيد مازغ


كان اللقاء بالاستاذ محمد النميلة المحامي بهيئة مراكش ورئيس فرقة الوفا المسرحية وشاعر الملحون والزجل والكتابة المسرحية مناسبة ثمينة للسفر معه إلى عالم الملحون، حيث تتربع الكلمة عرش هذا الفن، وتتحمل ثقل الدلالات والمعاني، ويتصدر العشق والحب والأمل والرجاء والتوسلات الإلهية، والأمداح النبوية صدر القصائد الموروثة والحديثة عرف عن محمد النميلة غيرته على فن الملحون، والتصاقه الشديد بأهله وعشاقه، ودرايته بخفايا الامور من معاناة الشعراء والنظام والمنشدين، ورغم الإحساس العميق بما يحاك ضد هذا الفن من مؤامرات وما يتعرض له من إهمال وتجاهل ليس من طرف المسؤولين فقط، بل حتى من ذوي القربى وأهل الدار كما يقال، لأنهم ظلوا عبيدا للتقليد، رافضين للإبداع والخلق والابتكار، منغلقين على الذات، مساهمين بوعي وبغيره في تردي الأحوال، ونفور المستمع وعجزه عن تذوق شهد الكلمات، بحكم القصائد الطويلة، والآلات الموسيقية المحدثة والتي طغت بشكل سافر عن الكلمة. و رغم كل ذلك ظل محمد النميلة من الشعراء القلائل الحريصين على تطعيم فن الملحون بقصائد ترحل بنا إلى عالم الكلمة الصادقة، والعشق الطاهر، والغزل المقبول، دون أن تغفل العديد من القضايا المجتمعية التي تستأثر بالاهتمام كالحرية، الشيب والشباب، الشيك، الجار، البحر، الغلطة
يقول محمد النميلة:" أخشى أن أصدقك القول وأجزم بأن فن الملحون آخذ في الاحتضار، ولا ينتعش إلا في بعض المناسبات المعدودة على الأصابع كمهرجان فاس، ومهرجان تافلالت، والدار البيضاء، وبعض التجمعات التي تقام أيام الجمعة مثلا، حيث يسترد الملحون روحه وينتعش، وتعد تلك المتنفس الوحيد لعشاق هذا الفن، فهي تفسح المجال للمنشدين والشعراء والشيوخ للاستماع لبعضهم، وإنشاد القصائد القديمة. وللأسف ليس هناك تشجيع للشعراء، مما كان له انعكاس على المبادرات، وسيادة النمط القديم المعتمد على الإيقاع والتنويع ،
ويعود محمد النميلة بالذاكرة إلى الوراء إلى حوالي 30 سنة مضت، يوم كان للملحون جمهوره الواسع، وشيوخه ونظامه، ولم يكن ينحصر داخل الاوساط الإسلامية، بل تشبت به اليهود أيضا وبرعوا في إنشاده يذكر منهم: سامي المغربي وزهراء الفاسية..
ويتحسر محمد النميلة على أن فن الملحون أصبح روتينيا، يفتقر إلى الإيقاع وتتحكم فيه القصائد الطويلة التي تدعو إلى الملل، حيث لا يستطيع المتتبع مسايرة القصيدة من أولها إلى آخرها. كما أن شيوخ " الكريحة " الذين يؤدون الغناء لم يعد بينهم مبدعون ، ينوعون في النغمات، فضلا عن اندثار ميكانيزمات الملحون من " تشحيرة " و "تمويلة " و " سوارح" التي يتدخل بها الكورال ( الشدادة ) للتنويع ولإراحة المنشد، وللزيادة في الإيقاع وإشراك المولعين... ، إلى جانب الاعتماد على الموسيقى الصاخبة التي طغت على الكلمة في الملحون، علما أن القاعدة في فن الملحون هي ( متعته في الكلام ) وليس في الموسيقى، فالملحون كان يسرد ولا يغنى، كما أن الشعراء كانوا ينسجون قصيدتهم على قياس من القياسات و يستمع الناس إليهم دون المرور من مرحلة التلحين أو التقيد بالقواعد الاعرابية الفصيحة، كما كان الاعتماد على " الطعريجة " وآلات الإيقاع البسيطة، منوها بكبار رواد هذا الفن المغربي الأصيل والراقي وعلى رأسهم الشيوخ: محمد بوستة، العسيكري، محمد امنزو وأخوه المرحوم السيد احمد امنزو ،الشيخ العزيزي،وسي محمد الملحوني، وغيرهم ممن لم يستحضرهم في هذه اللحظة.




محمد النميلة يتطلع لان تعود للقصيدة الملحونية اوجها ومكانتها، وان تعطى لرواد هذا الفن الراقي ما يستحقون من تقدير وتشجيع، على اعتبار ان التفريط والاهمال وتقبير الملحون هو في حقيقته تفريط وإهمال وتقبير لموروث تاريخي وانسلاخ من الهوية، وتنكر لتقاليد وأعراف ذات قيمة رفيعة. وفي نفس الوقت فهو لا يتردد في جلد الذات ونقد الواقع والمطالبة بالتغيير والثورة الهادئة على بعض الاعراف طلبا لضمان الخلق والإبداع والتجديد والابتكار و إعادة البناء، مشيرا إلى الجارين الجزائر وتونس اللذين أخذا قصائد مغربية وكل غناها بطرقته وخصها بلحنه ولم يلتزما التزاما مقيدا بما كان سائدا، ولا يرى الأستاذ محمد النميلة مانعا حتى في الخروج عن عادة ارتداء الجلباب الأبيض والطربوش الأحمر والبلغة الصفراء، أو استعمال " قصرية "من تراب أو " كلة "مجلدة، لأن ما ينبغي الإنكباب عليه هو الصوت الرخيم، واحترام مخارج الحروف، والحرص على انتقاء القصائد الهادفة ، وتشجيع الناشئة على المحافظة على الموروث من خلال إنشاء مدارس ومعاهد خاصة، وإحياء مهرجانات لفن الملحون، مع توفير الإمكانيات المادية والمعنوية التي من شأنها أن تعيد لهذا الفن مكانته وقيمته الحقيقية.





وقبل الختم، حذر الشاعر محمد النميلة من الانغماس في قصائد تكرر ذاتها، ومن كلمات لا تمث للشعر ولا للملحون بصلة، ومن أشخاص دخلاء على الميدان رغم الشواهد العليا التي تمكنوا منها في وقت من الأوقات، حيث تحول الميدان الفني إلى سوق للاغتناء غير المشروع، وإبراز العضلات، وتجسيد العبث وتكريس السيبة.. ( سوق الشعر تشرع واكبر دخلوا لو قومان ما داراو مهارا ) ويسترسل في القصيدة إلى أن يقول: (كل قبيح انتشر واكثر ورباعة تكلاخ واقفا فلكارا كتدلل تشطيبة دار





وكان ديوان " صيحة قلب " وهو ديوان زجلي يزخر بشعر الملحون ينبض بكثير من القصائد التي اختارها شاعرنا محمد النميلة بتدقيق لتصف لنا مجموعة من المظاهر التي يعج بها المجتمع، سواء في بعدها الاخلاقي الاجتماعي، أو في جانب المعاملات الاقتصادية والعلاقات الانسانية وما يستأثر باهتمام الشارع نذكر منها قصيدته التي عنونها ب " السيبة " وهي بمثابة صورة فنية كشف خلالها الشاعر عن المستور، وقرب المتلقي من حقيقة ما تعج به الساحة من طفيليات وتجار كلمات ، لدرجة تساءل الشاعر عن السبب الذي يمنع الحمار من قول الشعر ونسجه.
( إيو الله ساب دا الشعر حتى من والا تصنفوا شعارا،
لاش ما تشعر يالحمار)
أح أنا المكوي بلا جمر كية فلكبدا وقاست المرارا
على الشعرا وعلى الشعار
وعلى الدوق فجيلنا خسر غداوه بالخايب والف المشخارا
خرجوه مكبل ليسار
لمليح فمشروعنا غير وقلال المزيان عاد بالقطارا
يا لي ما عندك لخبار
دخلوا للميدان شي بكر صابوا لمحبة ماليا غرارا
او بداو يخبطو بجهار
القسم الثاني
سوق الشعر تشرع واكبر دخلوا لو قومان ما داراو مهارا
ما مالكهم لغى وحبارا
بالمعدوف تكدس واعمر وعرارم لكلام لبخيس إمارا
ما بقى فلحنطة زيار
وضحكات الكلمة بلا قدر وجخاخ دلكلام خصها لعمارا
بلكراكر من دون عبار
كل قبيح انتشر واكثر ورباعة تكلاخ واقفا فلكارا
كتدلل تشطيبة دار
ثم قصيدة الشيك
هداك الشيك احبيبي دفعو فحسابك وصبر لولا ملزوم بلفقر
نسخى بكثير في جمالك لكن اليد قاصرا
ماناش وزير ليه ديوان وفيه مشاوري اسمر يامر ويعاود ينهر
طاعة لفخامتو يجربو الكل يقول ما جرى
ما نا قايد يا حبيبي باشا فمدينة لحضر وعلى شانو على الكبر
عايش فالخير كيمثالوا والمونة ليه حاضرا

وفي البحر غنى قصيدة رائعة اخترنا منها هذا المقتطف:

هيجي هيجي وغرقيني وارمي جفني على الصخر
قتلي فدواخلي صبر
مليت فكل يوم ناجي راجع بعلوم ناصرا


وفي قصيدة العشق الكبير
أنا عبد لي كيبكيني فالدموع راحتي ومراحة
روحي وجنتي من نار الهجران
هنا ساكن عنوانك فعيني وبلا شوار
وعلى بغتة وبدون ما تنقر حلّ البيبان
رد مع اقتباس