عرض مشاركة واحدة
  #40  
قديم 24/08/2007, 15h39
الصورة الرمزية reza_neikrav
reza_neikrav reza_neikrav غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:59077
 
تاريخ التسجيل: août 2007
الجنسية: ايرانية
الإقامة: ايران
العمر: 44
المشاركات: 80
افتراضي Re: ابتهال نادر بصوت المرحوم طلال مداح

الطلال مداح فنان الکبیر فی الشرق العربیأعوام كاملة مرت على رحيل الفنان السعودي طلال المداح عن خريطة الجغرافيا الفنية، إلا أن ذكرى وفاته التي صادفت العاشر من أغسطس (آب)، مازالت تفوح برائحة الورد (الطائفي) حيث عاش طلال بواكير حياته الأولى، بعد أن استقر في كنف خاله منتقلا من أزقة مكة وحواريها التي شهدت ولادته في العام 1940.
طلال المداح الذي قال عنه رفيق دربه الشاعر الأمير محمد العبد الله الفيصل: «هو أحد أهم مؤسسي الأغنية السعودية» كانت آخر مرة شاهده فيها جمهوره من الماء إلى الماء وهو يسقط على المسرح في حفلة منقولة على الهواء مباشرة على مسرح (المفتاحة) في مدينة أبها (جنوب السعودية)، أصابت مخرجي الحفل ومنظميه بالذهول قبل أن يتلقفه محبيه ليلقى ربه في مستشفى حكومي صغير وحوله نفر قليل من محبيه في غرفة العناية المركزة فيما عاش جمهوره ليلة من الخوف لا يمكنهم نسيانها وهم ينتظرون في درجة برودة منخفضة أمام بوابات المستشفى للاطمئنان على أحد أكثر النجوم قربا من الناس.

واليوم غابت أغنيات طلال المداح عن القنوات الرسمية في الاذاعة والتلفزيون السعودي، وهو يحمل أرشيفا ضخما من الأعمال الوطنية والعاطفية التي سجل عددا كبيرا منها برفقة فرقة الاذاعة والتلفزيون، دون أن يكون هناك إعلان رسمي من أسرة طلال أنهم قاموا بطلب عدم بث أغاني والدهم. وهو ما جعل رفيق دربه الفنان محمد عبده يعبّر صراحة في حوار صحافي في فبراير (شباط) 2004 عن إحساسه بالألم «هل تمنع أغانيه بعد رحيله كما حدث لجيل من الرواد كان آخرهم طلال».

غير إن أبنه الاكبر عبد الله طلال المداح عمل وفريق معه على انشاء مكتبة سمعية الكترونية ضخمة لحفظ أعمال أبيه وخلق امتداد فني للراحل الكبير، وهو ما حافظ الى حد كبير في حصة طلال من الاذن الطربية التي تعشق الجمال. إضافة لتبني الشركة المنتجة لاعماله لفكرة إعادة توثيق أعمال طلال وطرحها رسميا في الاسواق كدليل على المكانة الكبيرة التي ما يزال قيثارة الشرق يتمتع بها، سواء عند جيل كامل من «السميعة» أو حتى لدى جيل من صغار السن الذين يرون في شخصية طلال نموذجا لديالوج «الاسطورة» بكل تجلياته وما يحكى عنه من قصص واقعية تجعله الخيار الانساني الاقرب لقلوب محبي الطرب.

طلال الذي كان مولعا بالتعلم والتأليف الموسيقي، كان في آخر سني حياته مشغولا أكثر بتعلم تقنيات الكومبيوتر والاستفادة من إمكاناته في الاعمال والمقطوعات الموسيقية التي عمل على بعض منها، وهو ما كان يراه دورا أساسيا على الفنان القيام به في جعل الفن بكل تفريعاته قيمة مضافة للفنان في التأثير على وجدان وأحاسيس الناس.

وطلال عبد الشيخ الجابري، الذي اشتهر بعد ذلك بطلال المداح بعد أن تبناه خاله علي المداح، عاش مرسولا للحب كما كان عمل «مرسالا» للبريد في أولى وظائفه الحكومية التي عمل بها، كما عمل في بدايات تيتمه بعد وفاة والده في «سقاية» الحجيج، ليعمل بعد ذلك على سقاية أوردة الناس بالشجن الندي والنداءات الشجية، فيما تفرغ في أعوامه الأخيرة لتسجيل القرآن الكريم كاملا مرتلا بصوته، وهو الذي لم يترك صلاة الوتر طوال حياته حتى في أيام الحفلات التي يرتبط بها كان يؤدي وتره في أول الليل تحسبا لطول فترة السهر كما يقول بذلك خالد أبو منذر، وهو مدير أعماله في حديث عن مرافقته للرجل والانسان والفنان طلال المداح. طلال المداح زرع الورد في طريق شهرته عام 1960 باغنيته الاولى على مسرح الاذاعة السعودية «وردك يا زارع الورد». ويقول أبو منذر عن قصة هذه الاغنية التي ما تزال تحصد نجاحا كبيرا حتى اليوم «كان طلال متزوجاً من عائشة السليماني، وهي أم أكبر أبنائه، وكان شقيقها عبد الكريم خزام، قد أهدى أغنية «وردك يا زارع الورد» الى طلال، التي لحّنها فكانت أول انطلاقة له كمغن في السعودية». لقد كانت أغنية عائلية بنسب القصيدة وقرابتها اللحنية وتزواجها مع حنجرة طلال الذي وضع اسمه ليلتها في منافسة مع كبار المطربين في ذلك الوقت عبد الله محمد وفوزي محسون وغيرهم.

وطلال نفسه الذي عاش مراحل مختلفة تراوحت بين الفشل الذريع والنجاح المذهل في فترات قياسية كان يثبت في كل مرة أنه كطائر الفينيق في الاسطورة، التي يمثل فيها الشمس التي تموت لتعود في اليوم التالي. وهكذا كان طلال مع مراحل فشله حيث عاد قويا للحياة برائعته «مقادير» التي كتبها الامير محمد العبد الله الفيصل لتحقق شهرة واسعة ويغنيها من بعده كبار مطربي العالم العربي، بعد أن كان طلال قبلها بعام وصل لمرحلة ترك الغناء بعد فشله في حفلة مذاعة على الهواء مباشرة في «صوت العرب» بسبب امور فنية طرأت على اللحن في اللحظات الاخيرة.

وبنفس السيناريو، وإن اختلفت الاسباب، تكرر الامر نفسه مرة أخرى عندما ترك طلال الغناء لاربعة أعوام منتصف السبعينيات ليعود الامير محمد العبد الله الفيصل بنفس السيناريو ويرجع طلال من عزلته في حفلة في النادي الاهلي غنى فيها طلال رائعة بدر بن عبد المحسن «ليلة تمرين» التي حققت هي الاخرى نجاحا فنيا كبيرا أعاد لطلال رغبته في الغناء.

وكان طلال أجرى في العام 1998 عملية «قسطرة» في القلب، زادت من مخاوف جماهيره ومحبيه على صحته، خاصة أنه لم يلتزم بالاقلاع عن التدخين والسهر كما كانت تقضي نصائح الأطباء، وهو ما قلل من نشاطه في إقامة حفلات خارجية في العواصم العربية والعالمية كما كان في السبعينيات والثمانينيات الميلادية، إذ اكتفى بالحفلات الداخلية والمهرجانات الوطنية التي ظل طلال ضلعا أساسيا فيها هو ورفيق دربه محمد عبده.

وبوفاة طلال المداح بعد أن خذلته «السكتة القلبية» أمام جمهوره الذي عشقه وبادله الغرام لأكثر من 40 عاما، ما يزال آخر مقطع من أغنيته الاخيرة قبل سقوطه الدراماتيكي يتردد في أودية الصدى: «الله يرد خطاك لدروب خلانك ..لعيون ما تنساك لو طال هجرانك»، وكأنه يلقن محبيه في كل مكان وعلى الهواء مباشرة وصيته الأخيرة
رد مع اقتباس