عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 08/12/2015, 22h10
mandolin mandolin غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:248278
 
تاريخ التسجيل: juin 2008
الجنسية: لبنانية
الإقامة: لبنان
المشاركات: 231
افتراضي رد: كتاب "التقاسيم" لـ علي كسروان

مقتطفات من مقدمة كتاب "التقاسيم" ل علي كسروان
إن ما دفعني إلى تأليف هذا الكتاب هو الحاجة إلى منهجة هذا القالب الموسيقي وهو التقاسيم، وصحيحاً أنه ارتجال ولكن بالإمكان تعليمه من خلال تدريس هذه التقاسيم المكتوبة كقطعة موسيقية مثلها مثل البشرف والسماعي واللونغا والموشح والدور... إلخ.

وعندما يلتقي الأستاذ والتلميذ يجب أن يكون ثالثهما كتاباً لكي يكون المنهج واضحاً، من أين يبدأ وأين ينتهي؟ هناك من يقول أن التقاسيم ليس بالمقدور تعليمها لأنها ارتجال وتعتمد على المخزون الموسيقي والموهبة، هذا صحيح وهذا ما قلناه، ولكن بالمقدور تعليمها اذا كُتبت ودُرّست كقطعة موسيقية، وهكذا يتعلم الطالب كيف صاغوا هؤلاء المبدعين تقاسيمهم لأنهم هم أنفسهم أخذوا عن قبلهم حتى أصبح لهم نهجهم الخاص، وبالتالي أصبحوا ممن سيُؤخذ منهم لاحقاً.
والتطور الحقيقي يأتي من تراكم الخبرات. فالحاضر يأخذ من الماضي ويحقق ويختبر ويضيف ويفتح ويمد يده للمستقبل، فعندها تتشكل سلسلة ليس بمقدور أنصاف المواهب والعبثيين أن يؤثروا فيها سلباً.
وبعد أن يتعلم الطالب هذه التقاسيم ويحفظها يكون قد أصبح على دراية كافية بكيفية صوغ التقاسيم، فيبدأ بالشغل على جملها الموسيقية بتقليدها وتحويرها وتطويرها حتى يصبح قادراً على الابتكار ويكون له أسلوبه الخاص.
كما إن لهذه التقاسيم، كما سترى أخي الكريم من بعد أن كتبت، أهداف عديدة منها تعليم اللغة الموسيقية لأن فيها أشكال إيقاعية تناسب المرحلتين الوسطى والمتقدمة، وجمل سريعة وزخارف متنوعة تتطلب مهارة ورشاقة في العزف، وبالتالي نكون قد أخذنا النماذج التعليمية والشواهد من منهل الموسيقى العربية ومن مادة أثبتت عبر الزمن نجاحها من دون المخاطرة بتجارب قد تنجح أو قد تفشل، وهذا ما يجب أن يكون عليه الحال.

فيجب علينا أن نمنهج ما ألفه المبدعون وأثبت نجاحه عبر الزمن لكي نكون على أرض ثابتة، والموسيقى العربية في هذا الموضوع لا تزال في أول الطريق وهناك مواضيع كثيرة ومتنوعة بحاجة إلى منهجة.

إن التقاسيم الواردة في هذا الكتاب هي لعازفين قد ارتبطت أسماؤهم بهذا النوع من التأليف*، وتُعدّ تقاسيمهم مادة جدية لأي طالب للموسيقى العربية في المرحلة الوسطى والمتقدمة، وصحيح أنها لعازفين على آلة العود، باستثناء تقسيمتين لعازف القانون محمد عبده صالح ، إلا أنه يمكن أي عازف آلة موسيقية أن يستفيد منها مع بعض الاستثناءات التي تخص آلة العود وهي قليلة جدّاً.
لطالما تساءلنا: أين هم من ارتبطت أسماءهم بآلة العود وبالموسيقى العربية؟ وهنا نقصد في مادة العزف وليس الغناء، أين هم في مناهج الآلات الموسيقية وخصوصاً في السنوات المتقدمة مثل: محمد القصبجي أو فريد الأطرش أو رياض السنباطي أو عمر النقشبندي أو بهيج ميقاتي وغيرهم، والمكتوب لهم أو لبعضهم المتداول يصنف للمرحلة الوسطى وما دون ، ولكن سترى أخي الكريم أن ما دُوّن لهؤلاء من تقاسيم يصلح لأن يُعلّم في المراحل المتقدمة، لأنها تحتاج إلى مهارة وقراءة متقدمة للنوتة، ورشاقة لأداء الزخارف على أنواعها والجمل السريعة.
ومن خلال منهجة مادة التقاسيم، نكون قد عزّزنا موسيقانا العربية وأعطينا هؤلاء المبدعين والطلاب حقهم، لأننا لغاية الآن لا نرى هؤلاء المبدعين في مكانهم الصحيح في مناهج الآلات الموسيقية.


* لم نتطرق إلى الأسلوب العراقي في التقاسيم ولنا عودة إلى هذا الموضوع في كتاب آخر إن شاء الله.
رد مع اقتباس