عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 20/05/2007, 20h12
الصورة الرمزية ثروت رضوان
ثروت رضوان ثروت رضوان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:7768
 
تاريخ التسجيل: novembre 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 215
افتراضي رد: الموسيقى المغربية (أبحاث ودراسات)

الأغنية المغربية
النشأة – المسيرة – الأزمة جـ 3



أصبحت الأغنية المغربية التي عاشت فترة ازدهار وتألق. طوال ما يناهز ثلاثة عقود. تعاني من أزمة حادة. منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي. شأنها في ذلك شأن الأغنية العربية عامة. فدخلت دوامة خطيرة تراجع فيها الإبداع ولا تزال اليوم تنحدر إلى مزيد من التردي بالرغم من بعض المحاولات الجادة لكنها محدودة التأثير للأسف. ويمكن إجمال عوامل تلك الأزمة في صنفين كبيرين: 1-عوامل ذاتية: تتعلق بعناصر وبنيات العمل الغنائي كالنص واللحن والإيقاع والتوزيع والأداء. 2-عوامل موضوعية: وترجع إلى موقع الفن الموسيقي في الاقتصاد والإنتاج ووضعية الفنان ومستوى تنظيم المهن الموسيقية - وحدود فعالية النقد الموسيقي المتخصص ومدى الاهتمام بالتعليم الموسيقي والتربية الموسيقية من طرف الدولة والمجتمع. وهناك من يصنفها إلى: عوامل داخلية وعوامل خارجية بالنسبة لبنية العمل الموسيقي. كما في بحث لرشيد الماحي (غير منشور) بعنوان "الأغنية المغربية واقع وآفاق" أعده لنيل الجائزة الأولى في مادة الصولفيج بالمعهد الوطني للموسيقى والرقص بالرباط سنة 1996، لقد ساء حال الأغنية المغربية عندما تراجع الاهتمام بالقصيدة كماً وكيفاً وافتقدت الكلمات ذلك الزخم الإبداعي الذي يرقى بلغتها إلى مستوى شعري رفيع وانحصرت مضامينها في نطاق ضيق لا يتجاوز المفاهيم التبسيطية للحب فغاب عنها الهم الإنساني وبهتت فيها صورة العلاقات الإنسانية. فصارت شاحبة النظرة إلى العالم ضحلة الدلالة تعوزها فلسفة الحياة والرؤية العميقة إلى الوجود الإنساني أما الصياغة اللحنية فقد أصبحت خاضعة لسلطة الإيقاع السريع المتسلط على الجمل الموسيقية التي سقطت في السطحية والتكرار والرتابة وخفت الإيقاع الداخلي الذي هو نبض النغم ولم يعد ينبع من داخل الألحان ليترجم الانفعالات الناظمة لأوتار وحركات التعبير اللحني وأصبحت الحركة السريعة معطىً جاهزاً يسبق الحياكة اللحنية، إضافة إلى نقص الطابع المونوفوني وغياب التوزيع الموسيقي المرتكز على مبادئ الهارموني بسبب اختزال مفهوم التوزيع في التجاوب الموسيقي الآلي من خلال إسناد أجزاء الجمل اللحنية إلى آلات معينة بالفرقة الموسيقية. ومن أخطر الظواهر التي استشرت في السنوات الأخيرة في الساحة الفنية بالمغرب بشكل غير مسبوق ظاهرة قرصنة المصنف الفني في قطاع الإنتاج السمعي والسمع- بصري مما حدا بالدولة للسعي إلى القضاء على هذه الظاهرة من خلال الحملات الإعلانية والإجراءات القانونية الزجرية وتجنيد حملة واسعة بتشكيل اللجان الدائمة برئاسة الوزارة الأولى وبعضوية ممثلين عن المكتب المغربي لحقوق المؤلفين ووزارة الاتصال وقطاعات ومؤسسات العدل والداخلية والمالية والصناعة والتجارة والمواصلات والدرك الملكي والأمن الوطني وإدارة الجمارك والمركز السينمائي المغربي والهيئات الإذاعية والتلفزة والمصلحة المستقلة للإشهار ووكالة المغرب العربي للأنباء والتنظيمات المهنية الموقعة على اتفاقية استخلاص حقوق المؤلفين ويعهد إلى هذه اللجان بعدد من المهام التي ترمي إلى محاربة ظاهرة قرصنة المصنف الفني التي كرس انتشارها التأخر الحاصل في مجال تنظيم القطاعات الفنية وحماية حقوق المؤلفين؛ فقانون الفنان حديث العهد (صادر في شهر يوليو - يوليوز) 2003. وسيتطلب تفعيله الكثير من الوقت والجهد كما تأخر تأسيس النقابات الموسيقية إلى عقد التسعينات ولا زال السجال قائماً بين موسيقيين في النقابة الوطنية للموسيقيين المغاربة واتحاد مبدعي الأغنية والنقابة الحرة حول طبيعة الحقل النقابي هل هو مجال للإشعاع الفني فقط، بإقامة المهرجانات وحفلات التكريم، أم هو أداة لتنظيم الشغيلة الموسيقية بهدف تحقيق مطالبها، وتحسين أوضاعها المادية والمعنوية معا؟! مما حدا بمجموعة من الفعاليات الفنية منها النقابة الوطنية للموسيقيين المغاربة واتحاد مبدعي الأغنية المغربية إلى تجميع عدد من الطاقات التنظيمية وتأسيس نقابة موسيقية توحيدية تحمل اسم "النقابة المغربية للمهن الموسيقية" وتوج الملحن أحمد العلوي نقيباً لموسيقيي هذه النقابة في المؤتمر التأسيسي الذي انعقد بالدار البيضاء يوم 6 ماي 2004 ونصت مقرراته على هدف أساسي يتمثل في "التكتل من أجل دعم المكاسب وتخليق الممارسة الفنية وتقنين المهن الموسيقية وضمان الحقوق والقيام بالعمل النقابي الصرف الكفيل بالدفاع عن الفن المغربي وصيانته والمحافظة عليه وعلى كل العاملين في المجال الموسيقي ولم شملهم وتوحيدهم في إطار نقابي مسؤول ومؤهل فنياً والنهوض بقطاع الموسيقى والغناء "خاصة وأن هناك تحديات ثقافية كبرى تتربص بالثقافة المغربية والثقافة العربية عامة في غمرة العولمة وآلياتها المرتبطة بفتح الحدود الأرضية والفضائية واتفاقيات التبادل الحر التي تتعدى نتائجها الوخيمة الاقتصاد إلى مختلف أوجه النشاط الإنساني المادي والفكري. ونرى أن انتشال الأغنية المغربية والعربية عامة. من الأزمة التي تتخبط فيها. مرتبط بتصور متكامل يتأسس على استراتيجية شاملة للنهوض بقطاع الموسيقى وبمختلف القطاعات الفنية كإحدى أهم واجهات الصراع من أجل الحفاظ على هويتنا الثقافية من خلال الإبداع الفني والثقافي، وتقوم هذه الاستراتيجية على شراكات قوية بين الدولة وكل الأطراف الفاعلة في المجالات الفنية من شركات ومؤسسات وفعاليات ونقابات وجمعيات وفنانين فرادى وجماعات بما يخدم أهداف بناء مجتمع ديمقراطي حداثي متفتح على قيم العصر وفي منأى عن التغريب والظلامية.

نشر بـ "جريدة الفنون" عدد 53 آيار / مايو2005. بقلم: عبد القهار الحجاري - المغرب
رد مع اقتباس