عرض مشاركة واحدة
  #797  
قديم 15/06/2015, 17h07
الصورة الرمزية أحمد الجوادي
أحمد الجوادي أحمد الجوادي غير متصل  
رحمة الله عليه
رقم العضوية:625469
 
تاريخ التسجيل: février 2012
الجنسية: عربي
الإقامة: السويد
العمر: 72
المشاركات: 695
افتراضي رد: نوتات من تدوين أحمد الجوادي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة برهان عواد مشاهدة المشاركة


أستاذ أحمد, تحية عربية وسلام.

السؤال عن المي نصف بيمول العربية, (( الربع تون العربي بشكل عام)).

قبل الكتابة لحضرتك و الاستفسار,

صديقي العزيز أستاذ برهان المحترم

أرحب بك معنا في سماعي في مشاركتك الأولى، وألف شكر لك على كلماتك الجميلة.

سأتناول في موضوعي هذا الاختلافات الموجودة بين أرباع وأنصاف التون في الموسيقى العربية، وسأتناول جانبا مبسطا من سلم باخ المعدل.

بالنسبة لربع التون، أنا أفضل أن أسميه ثلاثة أرباع التون حيث لا وجود لربع التون على أرض الواقع بل هناك نوتة مزاحة مسافة ربع تون، لذا فتكون النتيجة بين النوتة المزاحة والنوتتين المجاورتين لها ثلاثة أرباع التون. لكنني سأستخدم مصطلح ربع التون لأنه المصطلح المستخدم لدى الموسيقيين، حتى الموسيقيين في الغرب يطلقون هذه التسمية، وإن كان أغلب الموسيقيين الغربيين لا يعلمون ماذا يعني مصطلح ربع التون، ودائما ما يسألونني وأوضح لهم، حيث أنهم يسمعون أن الموسيقى الشرقية فيها شيء اسمه (ربع تون).

في الموسيقى العربية الفروقات بين أنواع ربع التون العربي ليست كبيرة مثلما هي في ربع التون التركي.

أستطيع أن أتكلم عن ربع التون العربي في ثلاثة دول أو مناطق جغرافية، وهي الدول التي قضيت فيها شطرا من حياتي وعزفت فيها مع الكثير من الفرق، هذه الدول هي العراق بشماله ووسطه، ومصر والأردن.

قبل أن أبدأ علي أن أزيل الغموض عندك التي سببته لك كلمة عالية/ ومنخفضة. أقصد بكلمة عالية أو واطئة أن ترددها عالي أو أعلى وأخفض أو Pitch ولا أقصد فيها شدة علو الصوت أو Loud or Soft.
مثلا نوتة مي التي على الخط الأول من المدرج الموسيقي أعلى من نوتة ري التي تحت الخطوط في مفتاح صول وأوطأ من نوتة فا التي تقع على الفراغ الأول. هذا ما أقصد.

قبل أن أسترسل علي أن أشرح أين يقع ربع التون (كما يُدعى، وكما أشرح دائما للموسيقيين الأجانب).
يقع ما يدعى ربع التون عادة بين نوتتين تفصل بينهما مسافة ثالثة صغيرة (تون ونصف). ممكن أن يقع مثلا بين النوتات: ري - فا. مي - صول. صول - سي بيمول. لا - دو، وغير ذلك.
مثلا حينما يقع ربع التون بين النوتتين ري وفا فسيكون مي نصف بيمول، وهذه النوتة تقع بين مي طبيعي ومي بيمول، أي هي أوطأ من مي طبيعي وأعلى من مي بيمول، وهي تقع في منتصف المسافة بين نوتتي ري وفا. ما يعني أن نوتة مي نصف بيمول تبعد مسافة ثلاثة أرباع التون عن نوتة ري وثلاثة أرباع التون عن فا.
ولو وقعت بين النوتتين مي وصول فستكون فا نصف دييز، وهذه النوتة تقع بين نوتتي فا طبيعي وفا دييز، أي في منتصف المسافة بين نوتتي مي وصول.

بداية، أحب أن أقول بأن ربع التون هو نوتة متغيرة وليست ثابتة، وتغيرها يكون إما بحسب المقام أو بحسب حالة اللحن أو المنطقة الجغرافية. ففي حالة أن اللحن يكون صاعدا ممكن أن يكون ربع التون أعلى بقليل منه حينما يكون اللحن هابطاً. (هذه ليست قاعدة). هذه الخاصية لا يعرفها الكثير جدا من الموسيقيين (وربما معظم موسيقيين هذه الأيام).

بالنسبة للسلالم التي يكون فيها ربع التون عالي (نسبيا) هي الراست والسيجاه (سيگاه). والسلالم ذات ربع التون المتوسط أو الأوطأ من السلالم السابقة هي البيات والصبا. (أرجو الانتباه إلى أنني أتكلم عن الموسيقى العربية وليست التركية).

أثناء العزف مع فرقة فيها آلات ثابتة مثل آلات الكيبورد أو القانون، على الفرقة أن تلتزم بربع التون المعدل، (لقد أطلقت أنت عليه تسمية ربع التون العالمي، لكنني أفضل تسمية المعدل).

مع الأسف فقد قام (معظم) عازفي القانون في عالمنا العربي بإلغاء باقي أرباع التونات وأنصافها وأبقوا ربع التون المعدل.
هذا الموضوع يذكرني بسلم باخ المعدل، لكن الفارق بين سلم باخ وما فعله الموسيقيين العرب كبير، والفارق بين النتيجتين كبير جداً.
ما فعله باخ حينما قام بتثبيت السلم المعدل كان إنجازاً هائلاً وكبيراً جدا، ولولا هذا الإنجاز لما وصلت الموسيقى الغربية والكلاسيكية ما وصلته من تطور في كل شيء. (ملاحظة: باخ هو ليس الوحيد الذي عمل على هذا، لكنه أكمل ما عمله السابقون له وتوجه بأعماله البريليودات والفوجات الثمان وأربعون). أما توحيد أرباع التون الشرقية فأنا أعتبره تشويهاً لموسيقانا الجميلة والتي هي أصلا مبنية على الميلودي ولا توجد فيها قوالب كثيرة ومعقدة ولا هارموني ولا كونتربوينت، وإن وجد فيكون بشكل بسيط للغاية. وسر جمال موسيقانا وثراءها هو هذه الاختلافات الموجودة فيها، وحتى الاختلافات بين العزف بين عازف وآخر (من ناحية استخدام الحليات)، وهذا ما يعطي ثراءا كبيرا لموسيقانا. بتثبيت ربع التون في الموسيقى العربية وجعله معدلا أفقد موسيقانا رونقها وجمالها.
لو سمعنا للتسجيلات القديمة حيث كان هناك فوارق (والكلام ينطبق على أنصاف التونات أيضا). ففي أنصاف التونات، مثلا نوتة مي بيمول في سلم النهاوند على دو هي ليست نفسها في سلم الكرد على ري، حيث الأولى أوطأ قليلا من الثانية، وهذا ما يعطي الفارق بين شخصية النهاوند وشخصية الكرد، هذه الفروقات نلاحظها موجودة في التسجيلات القديمة، وممكن سماعها بوضوح في تسجيلات عازف القانون الكبير محمد عبده صالح وعازف الكمان الكبير سامي الشوا، وغيرهم، رحمهم الله. وهو لا زال موجودا لحد اليوم حيث يستخدمها الكثير من العازفين المعاصرين الذين يهتمون بإظهار جمال وسحر موسيقانا.

بمناسبة نصف التون، فالأمر ليس فقط مع نوتة مي بيمول، بل يمتد إلى نوتات أخرى. مثلا نوتة فا دييز في سلم الحجاز على ري تكون أوطأ بقليل من نفس النوتة لو كانت في سلم صول صغير أو كبير، أو عجم أو نهاوند على الصول. مع شديد الأسف فذلك قد أصبح مفقودا في موسيقانا العربية اليوم، لكنه كان موجودا. وأعود وأقول لو سمعنا لتسجيلات الأقدمين للاحظنا أن هذه الفروقات كانت موجودة، وهي لا زالت موجودة وبقوة في الموسيقى التركية، والأتراك يعتزون بهذا جداً.

نعود لربع التون جغرافيا:
في الموسيقى المصرية يكون ربع التون معتدل أي تقريبا في وسط المسافة بين النوتتين وهو الأقرب لربع التون المعدل، بينما ربع التون العراقي يكون أعلى من ربع التون المصري، أما في الأردن (هنا أتكلم عن بلاد الشام لأن الأردن هو من بلاد الشام)، فربع التون في هذه المنطقة الجغرافية أوطأ بقليل من ربع التون المصري.

حينما كنت في عمان/ الأردن وكنا نعزف الأغاني الشعبية الأردنية والفلسطينية، كان هناك بعض العازفين العراقيين في الفرقة، كان هؤلاء العازفين لا يستسيغون ربع التون الأردني أو الشامي حيث أنه واطئ قليلا أي أوطأ من ربع التون المصري وبالتالي فهو أطأ من ربع التون العراقي.

في يومنا هذا بدأ ربع التون بالتقارب بين المناطق الجغرافية وذلك بسبب دخول الأورج بقوة للفرقة الشرقية واعتماد التوزيع عليه وعلى الكومبيوتر، وكذلك بسبب تعديل وتوحيد ربع التون (وأنصاف التونات) في القانون وكذلك بسبب العولمة والإنترنيت وقنوات التلفزة المتنوعة. فالموسيقي الذي على المسرح سيعزف أغنية مصاحباً لمطرب سعودي، وبعده سيعزف مع مطرب أردني ، ثم مطرب عراقي ثم مطرب تونسي ثم مطرب مصري، وغير ذلك.
واليوم حينما يدخل مجموعة من عازفي الكمان لتسجيل أغنية في الاستوديو، تكون هناك عادة خلفية موسيقية تدعى بالأرضية، أي Background، وهذه الخلفية التي سيسجل فوقها عازفي الكمان والشيللو وباقي الآلات تكون معزوفة من الأورج والإيقاعات وممكن وجود آلات من الكومبيوتر، سيكون بالطبع ربع التون معدلاً. وأحد الأسباب هو التوزيع الموسيقي.

يحزنني أن أقول بأننا لسنا مثل الأتراك حيث أنهم لا زالوا محافظين على تراثهم بشكل رائع، ربما يصل لحد التعصب، ولا زالت الفروقات بين أرباع التون وأنصاف التون موجودة وبقوة، حتى أن القانون توجد فيه الفروقات (أو العُرب) وليس كالقانون العربي المعاصر.

أما بالنسبة لتساؤلاتك الجميلة، فمن الصعب أن أشرح لك أين يقع ربع التون العالي وربع التون الواطئ، والسبب هو أن ذات النوتة والتي هي ربع التون ممكن أن يتغير موقعها بحسب الجملة الموسيقية. عادة العازف، وأقصد عازف الكمان أو العود أو أي آلة غير ثابتة لا يفكر ولا يتعمد أن يقوم بتغيير النوتة، بل أن ذلك يحصل تلقائيا وبواسطة الحس أو الإحساس. وأعتذر أنني لن أرسم شكلا توضيحيا كما وعدتك لهذا السبب.

هنا علي أن أنبه إلى أن هناك بعض عازفين كمان يعزفون ربع التون نفسه في جميع المقامات ولا يفرقون بين أنواع أرباع التون ولا حتى أنواع أنصاف التون، حتى أنني ذات مرة كنت جالسا مع عازف كمان معروف في وطننا العربي (لا أقصد عبود عبد العال، لأن الكثيرين يعرفون أنني كنت صديقا لهذا العملاق رحمه الله، بل المقصود شخصاً آخراً)، وسألته حول الموضوع واتضح لي أنه لا يعرف شيئا عنه، وليس ذلك فقط، بل أنه نفاه جملة وتفصيلا واعتبره غير موجود، في حين أنها حقيقة موجودة، والأغاني والموسيقى تثبت ذلك (ومن يتمتع بأذن قوية جدا تتمكن من أن تفرق بين الاختلافات الدقيقة جدا بإمكانه أن يستمع لذلك بوضوح في كل الأغاني وبالأخص القديمة نسبيا).

بالنسبة لسؤالك: أين ممكن أن تضع اصبعك على نوتة مي نصف بيمول العالية، هي ببساطة شديدة أعلى بقليل جدا من نوتة مي نصف بيمول المعدلة، أي باتجاه نوتة مي طبيعي، أي أنك تزيح اصبعك قليلا جدا باتجاه نوتة مي طبيعي لتكون المسافة بين مي نصف بيمول (العالية) ونوتة فا أقل من المسافة بين نفس النوتة ونوتة ري التي تقع أسفل منها. أي بمعنى أن تقسم مسافة التون ونصف إلى نصفين غير متساويين وليس إلى نصفين متساويين، حيث كل نصف هو ثلاثة أرباع التون، بل تكون المسافة بين ري ومي نصف بيمول أكثر بقليل من ثلاثة أرباع، والمسافة بين مي نصف بيمول وفا أقل من ثلاثة أرباع. أما كم، فذلك يعتمد على العازف وعلى اللحن، ولا ننسى ما قلته وهو أن النوتات متغيرة وليست ثابتة.
ما يعني أن نوتة مي نصف بيمول العالية تقع بين نوتتي مي نصف بيمول المعدلة ومي طبيعي.
طبعا نوتة مي نصف بيمول يجب أن لا تصل نوتة مي طبيعي، أي أنها أوطأ أو أخفض منها بقليل. وبالعكس فنوتة مي نصف بيمول يجب أن لا تصل نوتة مي بيمول، أي يجب أن تكون أعلى منها. بمعنى آخر، نوتة مي نصف بيمول تقع بين نوتتي مي بيمول ومي طبيعي، وحينما تكون عالية تقترب من نوتة مي طبيعي، ولو كانت واطئة تقترب من نوتة مي بيمول.
أما بالنسبة لنوتة مي نصف بيمول الواطئة، فتكون أوطأ من نوتة مي نصف بيمول المعدلة، أي بين مي نصف بيمول المعدلة ومي بيمول.

هذه الحالة تسري على جميع أرباع التون، حيث أن السلم ممكن تصويره على نوتات كثيرة، فممكن أن يعزف البيات على نوتة ري (حيث مكانه الأصلي)، وممكن أن يعزف على صول، أو لا أو غيرها من النوتات.

أنا لا أحب استخدام الكومات في موضوعي هذا بسبب أن النوتة متغيرة وليست ثابتة، فنوتة مي بيمول في مقام الكرد على ري تكون أعلى من ذات النوتة في مقام النهاوند على دو كما ذكرت أعلاه، لذا ففي الآلات غير الثابتة لا يمكن أن تطلب من العازف أن يعزف لك الكوما الثالثة أو الرابعة أو الخامسة، لأنه في الكمان تكون المسافة صغيرة جدا ولا وجود للدساتين، ويكون ذلك بالإحساس، فالموسيقى هي حس وليست فيزياء ولا رياضيات.

صحيح أن هناك علاقة قوية بين الموسيقى والرياضيات والفيزياء لكن ليس بهذا الشكل. لقد كتببت أنا موضوعا عن علاقة الموسيقى بالرياضيات والفيزياء وآخر مع الهندسة المعمارية، وإن شاء الله يتاح لي الوقت المناسب لنشرة.

صحيح أن الكومات التركية هي من التراث، لكن الأتراك لا زالوا محافظين على تراثهم، ونحن نسيناه. أما استخدام المايكروتون فالكلام هو عن الكومبيوتر، حيث من الممكن تقسيم مسافة التون إلى أي رقم بواسطة الكومبيوتر، وهذا لا يمكن أن يستخدم في الأوركسترا لدقة تلك المسافات.

بالنسبة لتقيدنا بربع التون المعدل، فقد أصبحت أغلب الفرق الموسيقية اليوم تعزف ربع التون المعدل بسبب وجود الآلات الثابتة التي أصبحت آلات أساسية في الفرقة الشرقية.

سألتني (هل نحرك أصبعنا بضعة مليمترات)؟
ردي هو: ذلك يعتمد على الآلة وطول وترها، فطول وتر الكمان ليس بنفس طول وتر العود وليس بنفس طول وتر الشيللو ولا الكونتراباص. وحتى في الآلة الواحدة فذلك ليس ثابتاً، مثلا الكمان، فطول مسافة التون في الموقع أو البوسسيون الأول هي ليست نفسه الموقع الثالث أو الخامس أو السابع، أو التاسع، ففي الموقع السابع تكون المسافة نصفها في الموقع الأول. كذلك توجد اختلافات بين الآلات أصلا، حيث أن الآلات ليست موحدة بشكل تام، أي 100%، وهنا أعني آلة من فصيلة واحدة مثل الكمان حيث هناك تباين بين أحجام الآلة، ولا أقصد هنا الآلات المستخدمة لتعليم الأطفال، أي كمان ثمن وربع ونصف وثلاثة أرباع، وحتى واحد على 16.

أما الاتجاه الفردي الذي ذكرته فذلك غالبا ما يأتي إما من أين أنت أو ماذا ستعزف. فلو كنت عراقيا وستعزف أغنية لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب أو كوكب الشرق أم كلثوم، فعليك أن تنسى من أين أنت وأن تلتزم بعزف نفس ربع التون الذي يغنيه محمد عبد الوهاب أو كوكب الشرق. ولو كنت تعزف أغاني شعبية فلسطينية مع فرقة فلسطينية، فعليك أن تلتزم بأرباع التون الواطئة كما تُعزَف وتُغنى، وإلا كان عزفك فارقا عن الفرقة كلها.

الصورة التي أرفقتها جميلة، لكنني كما قلت لك فأنا لا أميل إلى استخدام الكومات التركية لأن النوتات غير ثابتة، (ممكن ذلك في آلة القانون لكن ليس في الآلات غير الثابتة). بالإضافة لذلك فقد وضعت في شكلك ربع التون العالي قريبا جدا من نوتة مي طبيعي، وهي مي طبيعي الواطئة، (سأتكلم عن هذا لاحقا).

علي أن أنبه إلى أن هناك نوتتين مي طبيعي، الأولى تكون هي الطبيعية والثانية تكون أوطأ بقليل جدا، كلاهما مي طبيعي. والكلام هنا في الموسيقى الكلاسيك، وتحديدا في الآلات غير الثابتة مثل الكمان والشيللو. فلو عزفت نوتة مي مع نوتة لا (وتر مطلق) في آن واحد، أي ما يدعى Double Stop, or Double Chord فيجب أن تكون مي في موقعها بالضبط. أما لو عزفت نوتة مي مع نوتة صول (وتر مطلق) فيجب أن تكون نوتة مي أوطأ بقليل ليتناغم الهارموني ويكون صحيحا، وهذه خاصية معروفة لدى عازف الوتريات الدارس والمحترف. لكن هذه الخاصية تنعدم في حالة وجود البيانو حيث أنه آلة ثابتة ونوتاته معدلة، ويجب على عازف الكمان أو الشيللو اتباعها. لكن في حالة الرباعي الوتري فعادة ما تستخدم هذه الفروقات، وهذا هو السلم الطبيعي، وفي البيانو توجد نوتة مي واحدة وليس كما في الآلات غير الثابتة حيث توجد نوتتين، والأمر يمتد أيضا لباقي النوتات. فلو أن عازف كمان عزف نوتة مي التي تتناغم مع نوتة لا، ثم عزف نفس النوتة تماما مع نوتة صول (وتر مطلق) لكانت النتيجة أنها غير متناغمة ونشاز. وهذه النقطة التي تتسبب في مشكلة في دوزان الجيتار، حيث وجود وتر سي بين وتري صول ومي.

(ملاحظة: الكلام عن نوتة مي طبيعي بشكليها ينطبق على جميع النوتات)

لقد كان السلم المستخدم في عصر باخ وما قبله هو (السلم الطبيعي)، حيث أنهم كانوا يقومون بدوزان الهاربسيكورد لكي يتمكن من عزف سلم ري كبير (على سبيل المثال)، وبهذه الطريقة لا يمكن لنفس الهاربسيكورد أن يعزف سلم لا بيمول كبير، والسبب هو أن نوتة ري بيمول هي ليست نفس نوتة دو دييز. هذا ما يجعل التنقلات بين السلالم محدوداً جداً، ويقيد المؤلف الموسيقي باستخدام سلالم معينة.

لا أخفي بأن موسيقانا هي في فوضى عارمة، هذه الفوضى تشبه الفوضى التي يعيشها المواطن العربي في بلادنا (لا أتكلم عن السياسة وما يحدث الآن)، لكن هذه الفوضى فيها جمال وسحر لا نظير له. مثل هذا الجمال لا وجود له في الغرب. فمثلا في مصر لو أحببت أن تتناول وجبة من الفول والطعمية فمجرد أن تذهب مسافة مائة متر أو أقل تحصل على طبقك المفضل، لكن في الغرب أين تجد الطعمية أو الفول؟ ولو أحببت أن تتناول الفلافل فستجد شيئا مسخا عن الفلافل التي في الأردن أو لبنان أو سوريا أو فلسطين. وفي مصر لو أحببت أن تجلس في قهوة أو مقهى بلدي، فما أكثر المقاهي البلدي حيث تستمتع باحتساء الشاي العراقي أو المصري وسماع أم كلثوم أو عبد الحليم حافظ أو محمد قنديل أو كارم محمود وتستمع أصوات لعبة الطاولة أو الطاولي، لكن أين تجد مثل هذا في الغرب؟ (شكرا للإنترنيت واليوتيوب الذي أتاح لنا سماع الأغاني العربية الكلاسيكية الجميلة).

أخيرا، أتمنى أن أكون قد غطيت أسئلتك وأن تكون الغشاوة قد زالت عندك.

ملاحظة هامة، وهي لك ولكل موسيقي غير متقدم ولا زال في طور الدراسة: أرجو عدم الاهتمام والتركيز ومحاولة التغلغل في موضوع شائك مثل هذا الذي كتبته، بل الاهتمام بتطوير قدراتك من عزف إلى قراءة نوتة، وتعلم النظريات الموسيقية بشكل متقن.

خالص محبتي

أحمد الجوادي

التعديل الأخير تم بواسطة : أحمد الجوادي بتاريخ 16/06/2015 الساعة 01h50
رد مع اقتباس