عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06/02/2008, 10h12
kramouch kramouch غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:156155
 
تاريخ التسجيل: janvier 2008
الجنسية: مغربي
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 1
افتراضي ناس الغيوان.دراسات وتحاليل

من هم ناس الغيوان

ناس الغيوان فرقة غنائية مغربية أسست في نهاية الستينات وكانت تتكون من أربعة شبان يعيشون الحي المحمدي, حي شعبي بمدينة الدار البيضاء وهم العربي باطمة وبوجمعا هكور وعمر السيد وعلال يلا. عرفت الفرقة بعض التغيرات دون أن تفقد من روحها. تعتبر فرقة ناس الغيوان من أول الفرق الموسيقيةالمغربية التي حاولت بنجاح إبداع موسيقا ملهمة بالثراث الموسيقي المغربي الشعبي والتكلم عن مشاكل وقضايا المجتمع. ناس الغياون هم باختصار نبض قلب المغاربة و صوتهم الوحيد خلال سنوات الجمر المغربية(سنوات الاعتقالات و القمع السياسي), و جدانهم و البلبل الثائر اللذي نقل و غنى لنا المخيلة الشعبية المغربية.

عشقي الابدي لمجموعة ناس الغيوان يمنعني من الحديث عنهم خوف الا اوفيهم حقهم لذا وجدت مقالا تعريفيا كاملا بهم صدر بمناسبة احيائهم لحفلة غنائية خلال مؤتمر الحقيقة و الانصاف(ملف حقوقي فتحته الدولة المغربية لتعويض ضحايا التعسف و الاختطافات و الاعتقالات و الاغتيالات اللتي شهدها المغرب سنوات الستينات و السبعينات) ...اترككم معه

كم كان سهلا أن نسمع الآهات الحزينة المنبعثة من حناجر "مجاذيب مجموعة ناس الغيوان" وراء دموع الأمهات المتلفعات بالرداء الأطلسي، الأمهات اللواتي تحملن مشقة الصعود إلى منصة جلسات الاستماع التي نظمتها هيئة الإنصاف والمصالحة، والتي أنشئت لمداواة جراح الماضي والاستماع -لأول مرة- لمواطنين كانوا محرومين من مواطنتهم إلى عهد قريب، وكان من غير المسموح لهم بتجاوز عتبات بيوتهم بضعة أمتار دون إذن من السلطات المحلية...

وحدها مجموعة ناس الغيوان كانت منبر بوح واستماع في "سنوات الرصاص" أو "سنوات الجمر" المغربية.

قد يبدو الأمر مجرد انطباع، ولكن الاستماع من جديد إلى أغاني مجموعة ناس الغيوان، بعد مرور كل هذه السنوات، وبعد انكشاف واقع المغرب بأبعاده الإنسانية والاجتماعية والسياسية، في إطار محاولة طي صفحات الماضي، وفتح صفحات تاريخية جديدة، يساعد على وضع هذه المجموعة التي كان لها صدى عالمي في سياقها التاريخي.

"أولاد أمهاتنا".. روح النضال

تغنت مجموعة ناس الغيوان بكلمات كانت مصدرها عمق المجتمع، ولم تنسج داخل صالونات فاخرة، أو وراء مكاتب منعزلة. يقول عمر السيد (رئيس فرقة ناس الغيوان) بأن أغلب الكلمات التي تغنت بها المجموعة والتي كانت من إبداع أحد عمالقتها مثل بوجميع، أو العربي باطما، كان مصدرها الأصلي الوالدين، وخصوصا أمهات كل من العربي وبوجمعة وعمر.

رغم أن الدراسات التي كتبت حول المجموعة كثيرة فإنها في الغالب ركزت حول الإيقاعات، والألحان، وبعض الجوانب الإنسانية، ولم تتغلغل كثيرا في الشخصيات التي كانت عنوان مجموعة غنائية لا يمكن اعتبارها فقط بصمة لفترة زمنية في تاريخ المغرب، بل يمكن التأكيد أنها كانت انعكاسا حقيقيا وصادقا لمرحلة كاملة.

وفي هذا السياق تقف أغلب الكتابات التي اهتمت بالظاهرة الغيوانية عند الحديث عن كون العربي، وبوجميع وعمر.. جاءوا من الحي المحمدي بالدار البيضاء، لكن القليل من المحبين للأهازيج الغيوانية يعرفون أنهم لم يتابعوا دراستهم، وأنهم عاشوا حياة هامشية أثناء الاحتلال الفرنسي للمغرب.

كما كان بعضهم يتعرض للرش بالمبيدات الحشرية، ويقتات من فضلات المزابل في طفولة بئيسة، يتقاسمها معهم آلاف الأطفال الذين أرغمت السلطات الاستعمارية آباءهم المهاجرين من الأرياف بسبب المجاعات وتوالي سنوات الجفاف، على العيش في "كاريانات" أو عشش خصصت للعمال في المصانع على هامش المدن التي لم يكن مسموحا بولوجها إلا للفرنسيين أو لأبناء العائلات المغربية الكبيرة، أو الذين سبقوا المستعمر للاستيطان بالمدينة.

الصوت الصادق للمغرب

بالإضافة إلى الأم، كانت للمجموعة مصادر أخرى لكلماتها، حيث تغنوا بأشعار سيدي عبد الرحمن المجذوب، كما كانوا لحن عدد من المجاذيب الذين احتضنتهم شوارع مدينة الدار البيضاء، وأذاقتهم كل صنوف الظلم والفقر والحرمان وجعلتهم يرددون أزجالا رأى فيها البعض جنونا، بينما حولتها مجموعة ناس الغيوان إلى حكم خالدة.

لكل هذه الأسباب كانت مجموعة ناس الغيوان الصوت الصادق للمغرب العميق الذي عاش في كنف قانون الطوارئ، وكانوا منبرا لسنوات الرصاص المغربية، سبق مشروع هيئة الإنصاف والمصالحة بسنوات طويلة.

لقد كانوا مجموعة من المجانين أو المجاذيب بكل ما تحمل الكلمة من معنى، رفضوا أن يتلونوا بأي لون سياسي؛ وهو ما سمح لهم بالاستمرار في البوح بجراح الوطن التي لم تكن تحمل أي لون غير لون الوطن.

رددوا كلام المجاذيب وعاشوا حياتهم، لم يراكموا ثروات يخشون ضياعها، ولم تكن لهم حياة عادية ككل الناس قد يخشون اهتزازها، ترددت فلسفتهم في الحياة في أكثر من مقطع وفي أكثر من أغنية.

أغاني من الشجن والأسى

كل شهادات ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في مغرب "سنوات الجمر"، يمكن أن نجد صداها في أغاني المجموعة التي تستحق أن تسمى بأغاني مغرب الاستثناء، نسبة لحالة الاستثناء التي فرضها النظام المغربي يد الطاغي على الوجوه مرسومة

عندما تحدث ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان خلال العقود الماضية وخصوصا المنحدرين من المناطق الأطلسية ومن الصحراء عما تعرضوا له من تجويع، وقتل لحيواناتهم وإحراق لأراضيهم، وهدم لبيوتهم، ومعاناة لأطفالهم... تذكر عشاق ناس الغيوان إحدى أغانيهم التي كانت من أجل فلسطين ومعاناة الشعب الفلسطيني، لكنها بلغة المغربي الشعبي البسيط الذي كان يعيش واقعا يكاد يكون مماثلا "ما هموني"

ماهموني غير الرجال إيلا (إذا) ضاعوا

الحيوط (الجدران) إيلا رابو (تهدموا) كلها يبني دار

ما هولوني غير الصبيان مرضوا وجاعوا

الغرس إيلا (إذا) سقط نوضوا (نقوم) نغرسوا أشجار...

كما كان ناس الغيوان قبل جمعيات "ترنسبارنسي" أول من ندد بالرشوة، وبانتشار الفساد في المغرب، عندما قالوا: "باسمك"

تخلطات الشياه بلا نظام والديب رعاها

كثرات الهموم يا المولى والعين بكــات

الهم سيطر عل ليام وجاب خلاها

الرشوة ولفساد ف الدنيا جات المحنات

الشر والتزوير . . . لحرام والقتل بَّاهَا

عمات لقلوب يا المولى مشات الحياة

لطفك قريب يا سيدي اهدي من عماها

ترجع البشرى يا المولى لدوك الخيات عام 1965 ونتج عنها تجميد نشاط الأحزاب وحل البرلمان، وتجميع كل السلطات في يد الملك.

فقد رددت المجموعة باسم المغتربين والمنفيين أغنيتها الحزينة "فين غادي بيا أخويا" المليئة بالحنين للأرض وللتربة، وللخيل والقصبة وغيرها من الصور التي يمثلها الوطن، ومن مقاطعها الجميلة:

فين غادي بيا أخويا فين غادي بيا (اين انت ذاهب بي يا اخي الى اين)

دقة تابعة دقة شكون يحد الباس (ضربة تلي ضربة, ومن يوقف هذا الشيء)

لا تلومونا في الغربة يا هاد الناس

لا تلومونا ف الغربـة وُليعة (لوعة) الغربة..

لقد قالت مجموعة ناس الغيوان كل شيء، قبل أن يسمح للضحايا المباشرين بالحديث عن جراح عقود طويلة، وصرخت: في "زاد الهم":

هذا ابن آدم ولى (اصبح) مقهور.. بانت (ظهرت) فيه العلامة

كلامه ولى (اصبح) محصور.. حتى ليوم القيامة..

وفي "مهمومة" إحدى روائع مجموعة ناس الغيوان التي مطلعها:

مهمومة.. أخيي.. مهمومة

مهمومة.. هاد الدنيا مهمومة

تصف واقع الحال حيث ساد الفقر وتفاحش الغنى، إلى أن تعلن سبب ما آل إليه الحال في آخر الأغنية:

لا شورى بقت, كل الأفواه مزمومة

يد الطاغي على الوجوه مرسومة

عندما تحدث ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان خلال العقود الماضية وخصوصا المنحدرين من المناطق الأطلسية ومن الصحراء عما تعرضوا له من تجويع، وقتل لحيواناتهم وإحراق لأراضيهم، وهدم لبيوتهم، ومعاناة لأطفالهم... تذكر عشاق ناس الغيوان إحدى أغانيهم التي كانت من أجل فلسطين ومعاناة الشعب الفلسطيني، لكنها بلغة المغربي الشعبي البسيط الذي كان يعيش واقعا يكاد يكون مماثلا "ما هموني"

ماهموني غير الرجال إيلا (إذا) ضاعوا

الحيوط (الجدران) إيلا رابو (تهدموا) كلها يبني دار

ما هولوني غير الصبيان مرضوا وجاعوا

الغرس إيلا (إذا) سقط نوضوا (نقوم) نغرسوا أشجار...

كما كان ناس الغيوان قبل جمعيات "ترنسبارنسي" أول من ندد بالرشوة، وبانتشار الفساد في المغرب، عندما قالوا: "باسمك"

تخلطت الشياه بلا نظام والديب رعاها

كثرات الهموم يا المولى والعين بكــات

الهم سيطر على الايام وجاب خلاها (خربها)

الرشوة والفساد ف الدنيا جات المحنات (المحنة)

الشر والتزوير . . . لحرام والقتل بَّاهَا ( سيدها)

عمات لقلوب يا المولى مشات الحياة

لطفك قريب يا سيدي اهدي من عماها

ترجع البشرى يا المولى لدوك( لاولئك) الخيات (الاخوة)

العالم العربي في اغانيهم

ومن مميزات هذه المجموعة التي لم يكن لأعضائها مستويات تعليمية عالية، وكانوا كلهم منحدرين من حي شعبي فقير، ومن أسر بدوية بسيطة، أنها استطاعت أن تربط بين واقع الحال الداخلي المتميز في الغالب بالظلم، والهزائم التي تجرعتها الأمة ككل، فغنوا من أجل المغربي البسيط الذي يعاني في صمت في زمن لم يعرف الفضائيات ولا التطور الإعلامي الحالي الذي يسلط الضوء على العتمات اليوم، كما غنوا من أجل قضية العرب.

بنفس الألم، وبنفس النغمات الحزينة، والحناجر الصادقة رددوا: "شوفوا العجب"

شوفو لعجب ما بقينا عرب

احنا حيوط قصار جماعة في دوار

فاق الكهف وأصحابه ولا جبنا أخبار

شوفو لعجب جماعة في دوار

لحصاد والدراس فينا لعصا ولبكا علينا (الحصاد و الحرث فينا و البكاء لا يحق الا علينا)

هـا اللي شاد (ماسك) من لقرون فينا وفينا يحلب

شوفو لعجب ما بقينا عرب

احنا حيوط قصار جماعة في دوار

فاق الكهف واصحابه ولا جبنا أخبار (فاق اهل الكهف و نحن لازلنا نيام)

شوفو لعجب ما بقينا عرب

ما انتم كفار ولا مجوس تعبدو النار

ما انتم مـسيح ولا مسلمين منكم لخيار

ما خلصتو لسيرة زين لبها سيد لبرار

شوفو لعجب ما بقينا عرب

مجموعة ناس الغيوان لم تؤمن بالالتزام بمبدأ سياسي معين كما يقول رئيسها عمر السيد، بل آمنت فقط بالالتزام بالفن، معتبرة الفن مثل ذلك الطائر الذي لا ينزل إلى الأرض أبدا، يعيش كل حياته محلقا في السماء، ولا تحتضنه الأرض إلا إذا مات.

حياة أعضائها لا يستقيم معها وصف واحد، فقد وصفهم البعض بالمجانين، في حين وصفهم آخرون بالدراويش، أو المجاذيب. ساروا في طريقهم دون وعي منهم كما يؤكد السيد، كانوا كالنهر المتدفق الذي يجري دون إرادة منه، دون أن يلتفت إلى الوراء.

يفضل عمر السيد أن يصف مجموعته بالمجموعة الصوفية التي انغمست في آلام المجتمع، لكنها اختارت أن تحترق بعيدا عنه.
رغم مرور عقود على ميلاد مجموعة ناس الغيوان فإنها لا تزال تحتل مكانة خاصة في القلوب، وأكبر دليل على مكانة المجموعة في الذاكرة الشعبية المغربية ذلك الرواج الكبير الذي لقيه كتاب "الرحيل" الذي كتبه المرحوم العربي باطما قبل رحيله ولا تزال طبعاته تنفد ثم يعاد توزيعها من جديد، بعد أن وزعت في طبعتها الأولى فقط 10 آلاف نسخة، ولم ينقطع الإقبال عليها رغم مرور سنوات على صدورها.
رد مع اقتباس