عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 27/04/2010, 10h33
صالح الحسن صالح الحسن غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:252705
 
تاريخ التسجيل: juin 2008
الجنسية: سعودية
الإقامة: السعودية
المشاركات: 34
افتراضي الربابة والإنشاد عليها في نجد، وسط الجزيرة العربية

الإخوة المعنيين في هذا المنتدى الكريم ، والزملاء المهتمين بتراث العرب الموسيقى . بحثت في منتدانا عن مقطوعات منشدة على الربابة على حسب ألحان الربابة في وسط الجزيرة العربية فلم أجد شيئا من ذلك ، خاصة وأن آلة الربابة في وسط الجزيرة العربية تختلف في شكلها ، وألحانها عن الربابة الموجودة في البلاد العربية الأخرى ، وإن كان الأقرب إليها في ذلك آلة الربابة في البادية الأردنية .
ونظرا لعدم تخصيص قسم للربابة في وسط الجزيرة العربية في منتدانا (منتدى سماعي) رأيت المبادرة إلى كتابة مقالة عن هذه الآلة بعنوان (آلة الموسيقى العربية الأولى... الربابة في وسط الجزيرة العربية) على أمل أن يقوم القائمون على هذا المنتدى الكريم بفتح قسم مستقل بالربابة في وسط الجزيرة العربية (نجد) ، ومن ثم التعاون بين المهتمين لإثراء هذا القسم بما يتوفر لديهم من مقطوعات منشدة على هذه الآلة، أو أي معلومات عنها .
************************************************


آلة الموسيقى العربية الأولى...


الربابة في وسط الجزيرة العربية

(1)
ارتبطت الآلات الشعبية بحاجة الإنسان إلى الإيقاع والموسيقى، بدءا من التصفيق والتوقيع باستخدام الأيدي والأرجل، ثم الاستعانة بسطح يصلح للنقر والتوقيع، وسعي الإنسان الدائم في أن يجعل موسيقاه معبرة عن حالاته النفسية المختلفة. وإذا كان استخدام الأيدي والأرجل هو الصورة الأولى لتحقيق الإيقاع ؛ فإن الإنسان بلا شك قد بدأ يطور آلاته الموسيقية مستخدما خامات بيئته، فسكان المناطق المنتجة للقصب سوف يعمدون إلى صنع الآلات النفخية من خلال نحت أعواد القصب ، ولعل من أولى هذه الآلات المزمار، في حين أن البيئات التي يكثر فيها الرعي تستخدم الجلود في صنع آلاتها الأبرز، وهي الآلات الإيقاعية المعتمدة على جلود الحيوانات الضخمة بما تحققه من مساحات كبيرة للضرب عليها ، وتعنى تلك الشعوب بالإيقاعات الصاخبة أكثر من غيرها من الشعوب .
ولعل هذا ا لتفسير لوجود الآلات الموسيقية الأولى وتنوعها حسب البيئات الناشئة بها، يفسر لنا وجود آلة الربابة في صحراء الجزيرة العربية ، فهي آلة بسيطة مثل غيرها من الآلات الشعبية البدائية ،لكنها آلة وليدة للبيئة الصحراوية، بما توفره من إمكانيات وما تهيئة من أجواء.
والربابة اسم يطلق في العربية على آلة ضرببسيطة من الآلات الوترية ذات القوس. تتكون من صندوق صغير يعتمد في تكوينه على خشب الأشجار، مغطى بجلد الحيوان ، وقوس مصنوعة من أغصان الأشجار أيضا، ووتر وحيد مأخوذ من شعر الحصان ، رفيق الإنسان العربي في صحرائه.
تصدر الربابة عند عزفها صوتا يحاكي الأنين الصادر من الكبد المكلومة ، والذي يستطيع بتهدجة الانسياب في أعماق الصحراء، مناغما الآهات التي يطلقها العربي خلال إنشاده في ليالي الصحراء المظلمة. وهي بصوتها موفقة لمزاجه ، ومتآخية مع لغته في بنياتها الصرفية، وكذلك موافقة لأوزان الشعر العربي فصيحه وعاميه .كل هذا يجعلنا نجزم بأن آلة الربابة بصورتها المعروفة هي آلة عربية صرفة نشأت بين العرب وفي أحضان صحرائهم ، بل لعلها الآلة الموسيقية الأولى للعرب، بعد آلات النقر البسيطة . وهذا يدفع أي قول بمزاعم أخرى يمكن القول بها عن منشئها الأول.
وتصدر الربابة صوتا يصهل، ويدوي في العنان بتشكل في النغمات بعلو وانخفاظ، وهي في ذلك تشابه من بعض الوجوه صوت الرعد في علوه وامتداده ثم انخفاضه ، ولعل هذا هو مرجع تسمية هذه الآلة بالربابة ، إذ إن الربابة في اللغة هي السحابة التي قد ركب بعضها بعضها، وجمعها رباب . وهذا النوع من الرباب أو السحاب هو ما يصدر عنه أصوات الرعد الشديدة المدوية في الآفاق .
وتروى عن اختراع هذه الآلة الموسيقية الصحراوية بعض القصص التي يشك في صحتها؛ ولعل أشهرها القول بأن امرأة غضبت من زوجها بسبب اتهامه لها بفعل مشين ، وعند ندمه ومحاولته مصالحتها أرادت تعجيزه؛ فطلبت منه شرطا لرضاها وعودتها له أمرا لا يستطيع تحقيقه؛ فقالت له : لن أعود حتى يتكلم العود . فما كان من الرجل إلا أن فكر ودبر، واستشار من يجد لديه الرأي في جعل العود متكلما، فاهتدى إلى صنع آلة الربابة لحقق ذلك الأمر المعجز الذي جعلته امرأته في طريق العودة له. ولكن هذه القصة وغيرها لا تصمد للبحث العلمي، ولا إلى ما تمليه طبائع الأمور من حتمية التدرج في صنع الأشياء، وتطويرالإنسان لها على حسب حاجاته ، وليس الأمر بغريب ، فقد جرت العادة باختلاق مثل هذه القصص لوضع سبب لوجود بعض المظاهر المدنية في حياة الشعوب. ولا أحسب أن آلة الربابة إلا قد صنعتها حاجة الإنسان العربي إلى آلة موسيقية تناجيه ويناجيها في فلوات الصحراء الواسعة الممتدة عبر الأفق.
وإلى اللقاء في الجزء الثاني، مع تحياتي ، صالح إبراهيم الحسن

التعديل الأخير تم بواسطة : abo hamza بتاريخ 11/11/2011 الساعة 13h16
رد مع اقتباس