[بشير عياد]

باختصار شديد
أيمن بهجت قمر يتمتع بجرأة غير عادية في الإتيان بمفردات كنا نتصوّر أنها من الصعب أن تجيء في أغنية ، هو قفز في الجانب الآخر من الفراغ الذي تركه صلاح جاهين ، فقد كان العم صلاح جاهين مغامرًا وجريئًا في تعامله مع المفردات الشعبية داخل الأغنية " الشيك " ، فالجميع استعملوا المفردات الأرضية كلها في المونولوجات والفكاهيات والمسرح الساخر ، أمّا الأغنية فأكبر مغامر فيها كان صلاح جاهين ، وجاء أيمن ـ والقياس مع الفارق ، أيمن فين من صلاح جاهين ، ولكنه على الطريق ـ ليضحّي بالوزن من أجل الموضوع ، فتلاحظ أن هناك شطرات موزونة ( تتأرجح بين الكامل والرّجز والبسيط ) ، وشطرات أخرى كلام مرصوص يشبه بعضه من الآخر ، ولكن الملحن ، بقدرة عجيبة ، يملأ فراغات الموسيقى الشعرية بذكاء ، ويجعلنا لا نشعر بكسور الوزن أو خروج النص عن البحر الشعري إلى بحر آخر أو إلى الكلام العادي .
أيمن موهوب ، وفهم اللعبة " صح " ولولا بعض سقطات تنتاب كتاباته لصعد أكثر ، وقد تحدّثت عنه في برنامج تليفزيوني وقلت إنه لا يشبه أحدًا ، ويملك جرأة صلاح جاهين ( لكنه لا يملك عمق أفكاره وثقافته ، بحكم حداثة تجربته ، ولكونه دخل المجال بالصدفة ، يعني " كان بيشخبط ويهزّر فقلبت بجد " ) ، ويكفينا من أيمن ـ فوق ما يقدّم من إمتاع ـ أنه أراحنا من أسماء نصّابين كبار يكتبون مقدّمات المسلسلات بنظام " المقاولة " حتى أوشكنا أن نفقد الأمل ، فجاء أيمن لـ " يربّيهم " ويربك حساباتاهم ويثير أحقادهم التي لم تنضب طوال نصف قرن من الزمان !!!