[أبوإلياس]

أجدد الشكر للأستاذ عبد الله أحمد عبد الله الإعلامي والشاعر باعتباره رافع غلاف شريط الاذاعة الليبية ببنغازي الذي تضمن الإشارة إلى الموسيقار فريد الأطرش كملحن لأغنية يا ليلة فرحنا ، وكل عاشق لفريد الأطرش لا يمكنه إلا أن يحب الأستاذ عبد الله بسبب حبه الكبير للموسيقار فريد الأطرش ، وأنا شخصيا أتتبع بشغف إضافاته النوعية في التعريف بفن فريد الأطرش ، وأعتبره شريكا في المسار الطويل والشاق الذي يروم رد الاعتبار لهذا الموسيقار المظلوم.
ليعلم كل ما يتابعنا في هذا المنتدى الكبير ، أن الأستاذ عبد الله حين قدم يا ليلة فرحنا ، إنما قدم بكل حب عملا وجده مسجلا في الإذاعة باسم الموسيقار ، ونحن حين تعقبنا العمل لم نكن نتوخى أن نخطئه وإنما كان منطلقنا في البداية تأكيد وتدعيم صحة اكتشافه ، غير أننا خرجنا بنتائج معاكسة . وقد يخطئ الأستاذ عبد الله وقد نخطئ نحن ، لكن يجب أن نفترض دائما حسن النية في الجميع ، فكما قال لي يوما هاوي آخر هو الأستاذ سعود القويعي " ما نقوم به في التعريف بفن فريد الأطرش كلنا نسعى فيه للحقيقة و لسنا مكلفين من احد ولا نأخذ مقابلا على ذلك ، ولاندعي الإلمام الكامل ولا مسؤلية التأريــخ ، إنما هي هواية ابتلينا بها والأمر لله "
وبعد هذه التوطئة التي أراها ضرورية ، أود إغناء النقاش في الموضوع مركزا على ثلاث نقط
عن نسبة لحن يا ليلة فرحنا للموسيقار فريد الأطرش

كما يبدو من جدادة الأرشفة رفقته الصادرة عن جمعية الملحنين والمؤلفين وناشري الموسيقى بباريس ، لا وجود للبس ؛ الأغنية بعنوانها الكامل والصحيح من تلحين الموسيقار الاسكندراني حسين جنيد ومن كلمات الشاعر مصطفى علي عبد الرحمن وهو الإسم الثلاثي للشاعر مصطفى عبد الرحمن ، مما يعني أن الأغنية مسجلة رسميا وبصفة قانونية بإسم حسين جنيد و مصطفى عبد الرحمن ، وهذا التسجيل يعتبر بلغة القانونيين سند لملكية هذين الأخيرين للحقوق المادية والمعنوية المتصلة بالأغنية ، بالطبع ثمة تساؤل مشروع عن احتمالات الخطأ في السجلات الرسمية ، أجيب أنها واردة لأن الخطأ بشري لكنها تبقى في اعتقادي جد ضئيلة ، لأن التصريح بالأغنية يتم في مطبوع رسمي ، يعبأ ويوقع إما من طرف الملحن وإما من طرف كاتب الكلمات أو من المنتج ، ويتم هذا الإيداع أولا بمكتب حقوق المؤلفين المحلي الذي يوجهه إلى الجمعية الأم بباريس ، وما يجب أن يعرفه غير المتخصص في هذا المقام ، أن تسجيل وإيداع الأغنية القانوني ليس ترفا يتوخى مجرد حفظ الحق الأدبي ، لكن العملية برمتها " أكل عيش " ، لأن الملحن وكاتب الكلمات يتقاضيان حقوق الأداء العلني عبارة عن مبالغ مالية تحتسب بالتناسب مع أعداد المرات التي تذاع فيها الأغنية في الإذاعات وعلى المسارح وفي الأماكن العمومية ، وقد يكون فريد الأطرش مستغنيا لكن حسين جنيد و مصطفى عبد الرحمن لم يكونا كذلك فقد كانا حسب سيرتهما محتاجان لإيراد أعمالهما وبالتالي أستبعد وجود خطأ في التصريح .
بالإضافة إلى ما سبق ، هناك ما يعزز عدم نسبة اللحن لفريد منها أن الثلاثي محمد عبد المطلب وحسين جنيد و مصطفى عبد الرحمن سبق لهم أن اجتمعا في أربع أو خمس أعمال سابقة مما يعطي المشروعية لاجتماعهم في هذا العمل ويجعله غير غريب عنهم ، بجانب ذلك أستبعد أن يظل لحن لفريد مجهولا لم تشر إليه المصادر ولم يشع على نطاق واسع ، في وقت نعلم فيه كم كان المطربون يعلنون في حفلاتهم وفي الإذاعة بابتهاج أن اللحن الذي يؤدنه من ألحان فريد الأطرش ، وكان روبير خياط وشقيقه ثيودور يكتبان في أغلفة أسطوانات صوت لبنان في أغاني فهد بلان وصباح ووديع الصافي وطروب وعصام رجي وغيرهم أن اللحن لفريد الأطرش لزيادة الإقبال وتثمين قيمته .
من الناحية القانونية الأغنية في ملك حسين جنيد لحنا و مصطفى عبد الرحمن كلمات ، و لايمكن تغيير هذه الحقيقة إلا من طرف ورثة اسماعيل الحبروك و فريد الأطرش عبر الادعاء القضائي لإثبات حقوق مورثيهم إن كان حقهما ثابتين فعلا.عن إعلان فريد الأطرش إنتهائه من لحن لمحمد عبد المطلب
نشرت الصحافة في نهاية الخمسينات تصريحا للموسيقار فريد الأطرش ينوه فيه إلى أنه فرغ من لحن لمحمد عبد المطلب والاعتماد على هذا الاعلان للتدليل على أن لحن يا ليلة فرحنا من ألحان فريد الأطرش أو يرجح أن يكون هو اللحن الذي قصده ، ساقط به الاستدلال لثلاث شواهد شهيرة :
1-أعلن فريد الأطرش في كثير من المطبوعات الصادرة عن دار الهلال ، أنه فرغ من لحنين معدين لعبد الحليم حافظ هما يا ويلي من حبي وزمان يا حب ، بعد مدة سمعنا اللحنين بصوته في فيلمي الحب الكبير وزمان ياحب ؛
2-أعلن فريد الأطرش في الصحافة انتهائه من لحنه لأم كلثوم وردة من دمنا بل أفضى للصحافة بمواعيد إبتداء البروفات ، بعد احتفالات النصر بحرب أكتوبر أخرج اللحن مؤدى بصوته بعدما تبخر المشروع ؛
3- أعلن فريد الأطرش في حديث مع الإعلامية ليلى رستم أنه منهمك في إعداد لحن لفيروز إسمه لست في الميدان وحدك ، بعد ثلاث سنوات من التصريح ، خرج اللحن بصوت فايزة أحمد .
فالمرجح جدا أن يكون اللحن الذي أعلن أنه يعده لعبد المطلب قد تم التراجع عنه كما وقع التراجع عن إعطاء الألحان لكثير من المطربين والمطربات .
عن حقيقة جريان فريد الأطرش وراء سراب التلحين لحليم مقابل إهمال أصوات مقتدرة على رأسها عبد المطلب
الحقيقة التي لا يمكن حجبها أن فريد الأطرش سعى وراء سراب التلحين لإسمين كبيرين هما أم كلثوم وعبد الحليم حافظ لأسباب دعائية وإعلامية ، وسميته على مسؤوليتي سرابا ، لأن المطربين القديرين لم يرفضا ألحان فريد لأسباب فنية ولكن رفضاها لأسباب شخصية هي بالنسبة للأولى عقدة آسمهان وبالنسبة للثاني المنافسة الفنية الشرسة ، وفريد بشهادة كبار محبيه وأصدقائه المخلصين أهدر كرامته حين كان يعرض نفسه بإلحاح مقابل إحجام الأطراف الأخرى عنه وعن ألحانه ، وبلغ به حد استرضاء أم كلثوم أنه ندر أن يقف على باب المسرح إذا غنت من ألحانه ويوزع الورد على الجماهير التي ستحج على المسرح ، بالمقابل كان محمد قنديل في الستينيات يشكو تجاهله من طرف الملحنين الكبار كمحمد عبد الوهاب وفريد ، فلماذا تجاهله فريد وكان أي لحنه سيجمعه بمحمد قنديل سيكون حدثا فنيا يخلد ذكره .
أما إذا كان بعض عشاق الموسيقار قد صدقوا حقا حكاية ندم حليم عن عدم غناء ألحان فريد الأطرش ، فليسمحوا لي أن أقول لهم أنهم طيبون وعلى نيتهم ، فاللسان الذي قال مع طارق مصطفى أنا نادم هو نفس اللسان الذي قال عن محاولات فريد التلحين له نجوم السماء أقرب له ، ومن المفاجأت التي سنقدمها في هذه الاحتفالية موضوعا عن فريد الأطرش في حياة كبار الموسيقى والطرب ، فيه جوانب عن علاقة فريد بحليم وفيه حقائق صادمة ليست في مصلحة حليم .