عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12/09/2011, 14h00
الصورة الرمزية starziko
starziko starziko غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:510608
 
تاريخ التسجيل: avril 2010
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 129
افتراضي الموسيقى الأندلسية.. روحانية الكلمة واللحن


فالموسيقى الأندلسية يطرب ويحن لها عشاق الموسيقى في المغرب العربي كله؛ حيث الإبحار لاكتشاف سحر الأندلس وموسيقاها من الموشحات والصنائع التي طواها النسيان.



وغالبا ما يستثمرها الجمهور مناسبة تمكنه من اكتشاف سحر الكلمة الموزونة ذات البعد الثقافي والروحي التي تكتنف حروفها كل معاني الأمل والتسامح والتسامي نحو مدارج المحبة والإخاء، ويعد سماع هذه الموسيقى والاحتفال بها احتفاء بالجذور الفنية والثقافية والروحية التي يتحتم حمايتها وإثراؤها، وجعلها رافدا من روافد الخطاب الحضاري المبني على التسامح مع كل محبي السلام.



"مغربة" الإبداع:


اهتمام المغاربة بالموسيقى الأندلسية أو "طرب الآلة" كما يسمونها يضرب بجذوره في التاريخ، وهم الذين عملوا على تطويره وإضافة ميزان "الدرج" إليه بإيقاعه المغربي الصرف، مع حرصهم الشديد على "مغربة" الإبداع الأندلسي وصبغه باللهجة والطابع المغربيين لضمان الاندماج فيه والاستقلالية النسبية عنه. كما أسقطوا عليه الزي المغربي التقليدي (الجلباب والطربوش والبلغة) الذي يميز القوم ورجال العلم من الفقهاء ورجال التصوف.



وقد ارتبط تداول هذا الفن بنوباته الإحدى عشرة (رمل الماية- الأصبهان- الماية- رصد الذيل- الاستهلال- الرصد- غريبة الحسين- الحجاز الكبير والمشرقي- عراق العجم- العشاق)، وموازينه الخمس (البسيط- القائم ونصف- البطايحي- الدرج- القدام)، وإيقاعاته المختلفة، وآلاته الوترية (العود- الكمان- الربابة)، والنقرية (الدربكة- الدف)، والإيقاعية (الطر)، باحتفالات الأعياد والمناسبات الدينية والوطنية والعائلية.



وتتباين مواضيع صنعاته أو موشحاته التي تتأرجح بين مدح رسول الله، والألفة والمحبة، والتودد إلى المحبوب، ووصف جلسات الهناء والسرور وحفلات الزفاف والعقيقة، باختلاف المناسبات وأوقات وأمكنة العزف.



إبداع رفيع:


ويحرص منشدو الموسيقى الأندلسية، كأرقى أنواع التعبير الموسيقي في المغرب الذي تعاطاه الفقهاء والعلماء والأدباء، على صيانة الإبداع الرفيع النظم والتنغيم والعزف والأداء والاختيار الموفق للقطع بما يتلاءم وطبيعة المناسبة، ويضمن تأجيج الخلجات، وتحريك وجدان المستمعين وانخراطهم العفوي في الأداء.



هذه الموسيقى ومنذ وفدت على المغرب من الأندلس وتلونت بلون أرضه، احتلت مكانة خاصة في التراث المغربي؛ حيث اهتم بها سكان العديد من المدن مثل: فاس وشفشاون وتطوان ومكناس والرباط وسلا، إلى حد جعل أهل فاس يفكرون في تنظيم مهرجان خاص بهذا اللون الموسيقي الذي يجمع رواده بين الحس الفني والوقار الذي يستمدونه من وضعيتهم الدينية، منذ أكثر من 6 عقود ونيف.



وتحرص الموسيقى الأندلسية على الحفاظ على الموروث الضارب بجذوره في قدم التاريخ والحفاظ على ما هو مأثور من موسيقى أندلسية أو ما كان من أصول شرقية، والعمل على تطوير هذا الفن والإبداع في ألحانه وإيقاعاته؛ حيث ترتكز هذه الموسيقى على البناء الروحي والنفسي المتين القائم على خلفية ومرجعية دينية وفكرية وروحية وثقافية.



صنائع خمسة:


عمليا يلحظ أنه دوما ما يشكل مهرجان فاس للموسيقى الأندلسية المنظم بالمدينة الواقعة على بعد نحو 200 كيلو متر شمال شرق الرباط فرصة لإحياء العديد من الصنائع أو الموشحات النادرة التي كانت تعتبر في ثلة الألحان المفقودة، ونذكر منها خمس صنائع عريقة نادرة الاستعمال في مجملها وتقديمها، وهي التي لا تعزف عادة في الحفلات الموسيقية التي تحييها الأجواق لقلة وندرة من يحفظها ويتقنها.



فالمهرجانات التي تشكل محطة للبحث والتأمل والاستقصاء حول ما ضاع من موسيقى أندلسية وما ندر استعماله وقارب على الاختفاء قليلة إن لم تكن معدومة.



فغالبا ما تكون رغبة وطموح منظمي المهرجانات غير ملتقية بشكل دائم مع اجتهاد الفرق الموسيقية التي تستدعى للمشاركة فيها، باستثناء مهرجان فاس الذي يسعى إلى تقديم الجديد من أصيل هذا الفن الفريد، والبرهنة عن قدرتها على إمتاع جمهور الهواة بالتحف الجميلة والنادرة منه.



رد مع اقتباس