الموضوع: لور دكاش
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 19/08/2007, 15h56
الصورة الرمزية reza_neikrav
reza_neikrav reza_neikrav غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:59077
 
تاريخ التسجيل: août 2007
الجنسية: ايرانية
الإقامة: ايران
العمر: 44
المشاركات: 80
افتراضي Re: لور داكاش

شعراء وملحنون
لور دكاش كانت امرأة عصامية، تبحث عن الثقافة في كل زاوية وفي كل رف يحمل كتاباً، وخاصة دواوين الشعر التي كانت زادها وزوّادة ألحانها، فلحنت قصائد لكبار الشعراء أمثال إيليا أبو ماضي، بشارة الخوري، ثم في مصر محمود حسن اسماعيل، صالح جودت، علي محمود طه، يوسف بدروس، مصطفى عبد الرحمن، أحمد فتحي، عبد الباسط عبر الرحمن وآخرين أهدوها دواوينهم ولحنت قصائد لهم.
صحيح أن لور دكاش لحنت لصوتها أكثر من 120 أغنية، حسب، قولها. لكن ثلة من الملحنين أيضاً أمدوا الصوت (الكلثومي) يومها بألحان عديدة منها ما كان ناجحاً في فترة ما بين الأربعينات والخمسينات، وقليلة هي الأعمال التي سجلت في أسطوانات أو شرائط كاسيت، وغالبية ألحانها تقبع في الإذاعة المصرية، ومنها ما غنته في حفلات قد يكون بعضها مسجلاً والآخر لم يحظ بالتسجيل.
من بين ملحني أغنيات لور دكاش نذكر عزت الجاهلي الذي لحن لها "حبيبي فين"، كلمات الشاعر الغنائي إمام الصفطاوي، وصفها بعض النقاد بأنها اقتربت من صفات أغنية عبد الوهاب "النهر الخالد".
من ألحان أحمد صدقي غنت دكاش "ودعت دنيا الغرام".
الملحن القدير حسين جنيد أتيحت له فرصة التلحين لدكاش في عدة أغنيات مثل "ذكرى" وأغنية "نسيتك ياللي ناسيني". ومن ثم غنت دكاش من ألحان محمد الموجي أغنية "إن قلت لك"، للشاعر محمد علي أحمد.
يذكر أنها سجلت من سيد درويش دور "ضيعت مستقبل حياتي" و لداود حسني "كل من يعشق جميل ينصفه" وموشحات عدة منها "لاح بدر التم" لمحمود صبح.

صداقاتها
قالت عن صداقاتها: "...إن أقرب مطربة إلى قلبي أم كلثوم. التقيت بها في الثلاثينات في لبنان حيث كانت متعاقدة على إحياء حفلات مع متعهدها أحمد الجاك صاحب مسرح "كوكب الشرق" في لبنان وكنت أنا وصباح في استقبالها على الباخرة التي وصلت بها إلى بيروت وكنا نحمل باقات الزهور لها وطلب مني أحمد الجاك أن أصاحبها في جميع تنقلاتها في لبنان حتى مغادرتها. وكنت في ذلك الوقت شابة في مطلع حياتي الفنية فلا شك أنني كنت متهيبة للموقف أمام هذه العبقرية الفذة ولكنها كانت تمازحني وحين ذهبت إلى مصر في أول رحلة لي زرتها في منزلها بالزمالك وأكرمتني.
أما بالنسبة لمحمد عبد الوهاب فلقد كان ضلعاً من أضلاع نجاحي الفني لأنه كان شريكاً في شركة "بيضافون" التي كانت كل تسجيلاتي عن طريقها. طلبني عبد الوهاب لتمثيل دور البطولة في فيلم "الوردة البيضاء" لكن ظروفي العائلية يومها كانت قاسية، ضاعت هذه الفرصة الثمينة مني وبقيت رغم ذلك صداقتي مستمرة معه لآخر يوم في حياته. كنت ألتقي به في كثير من المناسبات الفنية.
وعندما غنيت "ليلة الأحد" التي كانت من كلمات صالح جودت في برنامج تلفزيوني اسمه "مع النجوم" في الثمانينات، اتصل عبد الوهاب بالمؤرخ محمود كامل وهو معدّ البرنامج وسأله عن الوزن (الإيقاع) الغريب الذي استخدمته في القصيدة، وبلغه كامل انه وزن من اختراع لور دكاش فطلب منه أن أتصل به. كلمته في اليوم التالي وقال لي أيتها العبقرية ما هذا الوزن الذي اختلقته؟ أجبته ان هذا من وحي فنك يا عبد الوهاب فأنا لست عبقرية. ولكن كلمات القصيدة ومضاهاتها بأوزان النوتة الموسيقية وجدتها غريبة عن سواها وهي 17/8 ، وكان أن سجلتها في "حقوق التأليف والتلحين" الذي كان يرأسه عبد الوهاب. وكان جوابي على إطرائه لي بأن ما قاله كان وساماً أعلقه على صدري وهذا تكريم لي منك وإن كانت الحكومة لم تكن قد كرمتني، وقامت بعدها بتكريمي ومنحي راتباً استثنائياً شهرياً، مدى الحياة.
إلا أن دكاش لم يدخل قلبها يوماً الحسد لنجاح أحد زملائها أو زميلاتها، بل كانت تتحدث عن الجميع بقلب محب خال من الغيرة، وإعجاب بالآخرين، تذكر فايزة أحمد، أم كلثوم، أسمهان، نجاة الصغيرة، محمد فوزي، زكريا أحمد، محمد الموجي، أحمد صدقي، كارم محمود، محمد قنديل، محمود الشريف، نور الهدى، صباح وفيروز...

هاجس الإيمان والثقافة
حملت لور دكاش في سنواتها الأخيرة هاجس الإيمان والثقافة معاً. فعندما كانت تطلب لحفلات كانت ترفض غالبيتها إذ شعرت باكتفائها. وعاشت قناعة كبرى، وحالتها المادية كانت لا بأس بها. كان لديها مردود من عمارة صغيرة في مصر الجديدة، وهي تعيش في فيلا صغيرة. كرهت الطمع: "الطمع قلّما جمع".
شاركت في أكثر من 12 نادياً ثقافياً، ترتادها دورياً في كل المناسبات. كانت تمارس الرياضة بانتظام، مثل التمارين السويدية وقفز الحبل والركض، فيما لم تفوت فرصة المشاركة في نشاطات اجتماعية مختلفة والغناء في المناسبات العديدة التي تدعى إليها. تقول لدي مليون مكان أعمل فيه ولدي الإمكانات للعمل لكن ...ليه؟
"...وهبت نفسي لربنا. وهبت نفسي للندوات الثقافية والأدبية. الفن أصبح غذاء لروحي. ليس تجارة أو مادة. غناء للروح، كما من يشرب القهوة على الريق أشرب الفن على الريق. يعني لازم أفيق أمسك العود، ألحن، أغني، أدرس خمس، ست لغات. مزاجي أدرس لغات. آتي بقواميس: يونانية، إيطالية، فرنسية، أجلس كل يوم وأترجم وهذا منذ صغري، أترجم أي شيء يقع في يدي: من الإنكليزي إلى العربي، من العربي إلى الفرنسي، من الفرنسي إلى الإيطالي .. وهكذا أعلم نفسي بنفسي.
عاشت وحيدة لفترة طويلة قبل الرحيل، الماضي كان يؤلمها فلم تحب الخوض في الذكريات، خاصة أن زيجاتها لم تكن موفقة، وولدها الوحيد توفي في حوادث لبنان. قالت: "... كانت حياتي شقاء في شقاء، عذاب في عذاب وكي ينتج الإنسان لا بد أن يكون فناناً متألماً ومجروحاً ومظلوماً. لو كنت سعيدة لما سمعتم مني شيئاً بتاتاً. أعبر عن أعماق نفسي فلا أتمنى أن أكون سعيدة أبداً. الحمد لله لدي ما يكفيني وأحب الناس والناس تحبني. ولم يبق من العمر أكثر مما مضى. أعيش يوماً بيوم. لا أتطلع إلى الماضي. ولا للمستقبل. في اللحظة أنعم بها. وعندما أشعر بالضعف ألجأ إلى الصلاة التي تملأني محبة. أصلي لشخص معين، للمرضى، أزور المستشفيات. أزور ملجأ العجزة، ويوم اضطر بدوري إلى الملجأ أدخله ليست مشكلة.
كانت تحمد الله بشكل دائم على الصحة الجيدة التي تتمتع بها. "...تصور لو كنت أملك الملايين ولست قادرة على تحريك يدي أو ساقي. الشكر لله. لئن شكرتم لأزيدنكم...".
وهكذا التزمت الترتيل في رتبة خميس الأسرار أيام الآحاد داخل كنيسة مار مارون للرهبنة المريمية المارونية في مصر الجديدة. حيث يحتفل الكاثوليك بعيد الفصح مع الأقباط، تقف لور دكاش بين يدي الإله يتدفق صوتها الرنان بالصلاة والتقرب منه.
رد مع اقتباس