الموضوع: نزار قبانى
عرض مشاركة واحدة
  #53  
قديم 06/01/2013, 15h08
الصورة الرمزية فاروق سالم
فاروق سالم فاروق سالم غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:278354
 
تاريخ التسجيل: août 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 71
Arrow رد: نزار قبانى

آخر عهد نزار قباني بالشعر

أبجدية الياسمين

كان نزار يسجل أبياته الشعرية وإلهاماته على الدفاتر وقصاصات الأوراق والوصفات الطبية تلك الكتابات التي ظلت مجهولة حبيسة أدراج عائلته التي قررت أخيرا نشرها في ذكرى رحيله العاشرة (1998 / 2008 ) في ديوان شعري سيصدر عن دار نوفل ببيروت تحت عنوان ( أبجدية الياسمين ) حيث لم يخرج نزار عن خطه الشعري المعروف و الموسوم بالرومانسية والتمرد والثورية حيث كانت مقدمة المجموعة بقلم أولاده هدباء وزينب وعمر والتي جاء فيها

أبجدية الياسمين

ولد في 21 آذار (مارس) 1923 ورحل في 30 نيسان (ابريل) 1998.

ولد في الربيع ورحل في الربيع.

الربيع كان قدره كما كان الشعر.

….

الأرض وأمي حملتا في وقت واحد ووضعتا في وقت واحد

(من مقدمة قصتي مع الشعر)



في كل فصل ربيع كان يتأمل الأشجار المزهرة بإعجاب شديد وكأنه يراها كل مرة للمرة الأولى. فيهزّ برأسه قائلاً: «سبحان الله، كل شجرة لبست فستانها المفضل، واحـــدة بالأبيض والثانية بالزهر وأخرى بالأصفر وكل منها وكأنها تتزين لعرسها، أو تتنافس بينها كالبنات الفرحات بملابسهن الجديدة في العيد.

في الثلاثين من نيسان لهذا العام 2008 تمر عــشرة أعوام على رحيله. واحد من أكبر الشعراء العرب المعاصرين وواحد من أعظم الآباء، فتحية له ولعشاقه قررنا جمع القصائد الأخـــيرة التي كتبــها بين عامي 1997 و1998 والتي لم تصدر في كتاب من قبل وننشرها كما كتبها بخط يده الجميل لنشارك محبيه كيفية كتابته للشعرومزاجه والإلهام كيف يأتيه لعله الآن في أجمل مكان يبتسم لنا.

عندما مرض وفي السنة الأخيرة قبل وفاته كنا نتفاءل عندما يشعر بالرغبة في الكتابة لأنها بالنسبة إلينا كانت رغبة منه في الحياة، وكنا نحرص على وضع أوراقه وأقلامه بالقرب من سريره لعله يكتب لأن الشعر كان لديه هو الحياة.

ولكن مع الأيام كثرت الأدوية وخفتت قدرته على الكتابة، فأزحنا الأوراق بعيداً وتركنا قلماً، وفي ليلة استفاق ليكتب فوجد القلم وليس الورق، ولكن لحسن الحظ وجد كيس أدويته وهو مصنوع من الورق، فأفرغ الكيس وكتب عليه فكانت هذه الصفحة الفريدة التي نشارككم إياها كما كتبها على كيس الصيدلية.

نحن لا نودعه في هذا الكتاب، بل نسلم عليه سلام الشوق والربيع ونقول له،

«اشتقنا إليك يا نزار جميعاً
والشعر اليوم من بعدك أصبح مثلنا يتيماً
اشتقنا إليك أباً وشاعراً وإنسان
نحن لا نودعك في هذا الكتاب
فها هو ربيعٌ آخر يأتي ونيسان
بل نسلم عليك سلام الشوق والربيع
ونقول لك قصائده الجميلة
أزهرت الأشجار من جديد يا نزار
لعل الأشجار مزهرة دائماً حولك…»
أولادك
هدباء وزينب وعمر (نيسان - ابريل ‏2008)‏

ومن غرائب الصدف أن نزار قباني أبى إلا أن يودع العالم في آخر دواوينه الشعرية بقصيدة تحمل كل معان الرفض والتمرد والثورة و القوة والحماسة التي ميزت حياته وطبعتها حتى رحيله وهي قصيدة (طَعَنُوا العُرُوبةَ في الظلام بخنجرٍ) التي يرثي فيها العالم العربي وما آل له من ضعف وخزي وإذلال وكأنه كان يستشرف ما سيؤول إليه حال العرب.

طَعَنُوا العُرُوبةَ في الظلام بخنجرٍ
- 1 -
لاتَسأليني،
يا صديقةُ، مَنْ أنا؟
ما عُدْتُ أعرفُ
-

حينَ اكتُبُ -
ما أُريدُ
رَحلتْ عباءَاتٌ غزَلتُ خُيُوطَها
وتَمَلمَلَت منّي
العُيُون السُودُ
لا الياسمينُ تجيئُني أخبارُهُ
أمَّا البَريدُ
فليسَ ثَمَّ بَريدُ
لم يَبقَ في نَجدٍ… مكانٌ للهوى
أو في الرَصَافَةِ
طائرٌغِرِّيدُ
- 2 -
العَالَمُ العربيُّ
ضَيَّعَ شعرَهُوشُعُورهُ
والكاتبُ العربيُّ
بينَ حُرُوفِهِ… مَفْقُودُ!!
- 3 -
الشعرُ، في هذا الزمانِ
فَضِيحةٌ
والحُبُّ، في هذاالزمانِ
شَهيدُ
- 4 -
ما زالّ للشِعر القديمِ
نضارةٌ
أماالجديدُ
فما هناكَ جديدُ!!
لُغةٌ… بلا لُغةٍ
وجوقُ ضفادعٍ
وزوابعُ ورقيّةٌ
ورُعُودُ
هم يذبحونَ الشِعرَ
مثل دجاجةٍ
ويُزّورونَ
وماهناكَ شهودُ!!
- 5 -
رحلَ المُغنون الكِبارُ
بشعرِنا
نفي الفرزدقُ من عشيرتهِ
وفرَّ لبيدُ!!
- 6 -
هل أصبحَ المنفى
بديلَ بيُوتنا؟
وهل الحمامُ، مع الرحيلِ
سعيدُ؟؟
- 7 -
الشعرُ… في المنفى الجميلِ
تحرّرٌ
والشِعرُ في الوطنِ الأصيلِ
قيودُ!!…
- 8 -
هل لندنٌ
للشعرِ، آخرُ خيمةٍ؟
هل ليلُ باريسٍ
ومدريدٍ
وبرلينٍ
ولُوزانٍ
يبدّدُ وحشتي؟
فتفيضُ من جسدي
الجداولُ
والقصائدُ
والورودُ؟؟
- 9 -
لا تسأليني
ياصديقةُ: أين تبتدئ الدموعُ
وأين يبتدئ النشيدُ؟
أنا مركبٌ سكرانُ
يُقلعُ دونَ أشرعةٍ
ويُبحرُ دون بُوصلةٍ
ويدخُلُ في بحار الله مُنتحراً
ويجهلُما أرادَ… وما يريدُ
- 10 -
لا تسأليني عن مخازي أُمتي
ما عدتُ أعرفُ - حين أغضبُ -
ما أُريدُ
وإذا السيوفَ تكسرت أنصالُها
فشجاعةُ الكلماتِليس تُفيدُ
- 11 –

لا تسأليني
من هو المأمونُ… والمنصورُ؟
أو من كان مروانٌ؟
ومن كانَ الرشيدُ؟
لا تسأليني
أيامَ كان السيفُ مرفوعاً
وكان الرأسُ مرفوعاً
وصوتُ الله مسموعاً
وكانت تملأ الدنيا
الكتائبُ… والبنودُ
واليومَ، تختـــجلُ العروبة من عروبتنا
وتختجلُ الرجولةُ من رجولتنا
ويختجلُ التهافتُ من تهافتنا
ويلعننا هشامٌ… والوليدُ!
- 12 -
لا تسأليني
مرةً أخرى… عن التاريخ
فهو إشاعةُ عربيةٌ
وقصاصةٌ صحفيةٌ
وروايةٌ عبثية
لا تسألي، إن السّؤَالَ مذلةٌ
وكذا الجوابُ مذلةٌ
نحنُ انقرضنا
مثل أسماكِ بلارأسٍ
وما انقرضَ اليهودُ!!
- 13 -
أنا من بلادٍ
كالطحينِ تناثرَت
مِزَقاً
فلا ربٌّ… ولا توحيدُ
تغزو القبائلُ بعضها بشهيةٍ
كبرى
وتفترسُ الحُدودَ… حدودُ!!
- 14 -
أنا من بلادٍ
نكّست راياتها
فكتابُها التوراةُ… والتلمودُ
- 15 -
هل في أقاليم العروبةٍ كُلّها
رجلٌ سَوِيُّ العقلِ
يجرؤ أن يقول: أنا سعيدُ؟؟
- 16 -
لاتسأليني من أنا؟
أنا ذلك الهِندي
قد سرقوا مزارعهُ
وقد سرقوا ثقافته
وقد سرقوا حضارتهُ
فلا بقيت عظامٌ منهُ
أو بقِيت جُلودُ!!…








.
__________________
إن جَلَّ ذنبي عن الغفران لي أمــلٌ في الله يجعلني في خيـــــرمُعتصـــم
رد مع اقتباس