[najjar]

العزيز ابو الياس
روى حليم الرومي أكثر من مرة قصة اكتشافه لفيروز، واختلفت هذه الروايات في الكثير من التفاصيل، غير أن قصة اداء فيروز لـ"يا ديرتي" تبدو موثوقة، لأن كل الروايات تذكرها بدون أي استثناء... روايات فيروز من الخمسينات إلى الثمانينات، وروايات معلمها الأول محمد فليفل، وروايات حليم الرومي بالطبع، مما يعني أنها أكيدة. بالنسبة لـ"يا زهرة في خيالي"، لا نجد لها ذكرا في أقدم الروايات، غير أنها تتحول إلى رواية ثابتة في الستينات، وفيروز تؤكد أنها غنتها في أكثر من حديث في الستينات والبسبعينات...
غنت نهاد حداد "يا ديرتي" و"يا زهرة في خيالي" في امتحان الدخول إلى الإذاعة فحسب، ولم تسجل أي منها، وكل الروايات تتقاطع في تأكيد هذا الأمر... وغنت في الإذاعة ضمن فرقة الأخوين فليفل، وكان لها وصلات منفردة في أناشيدهما، غير أن هذه الأناشيد كانت تُقدّم مباشرة ولا تُسجّل، لذا لا نعرف أي نشيد للأخوين فليفل بصوت نهاد حداد، وهو ما ذكره محمد فليفل مرارا بكثير من المرارة... متى بدأت فيروز بتسجيل أإنياتها في الإذاعة؟ سؤال يُصعب الإجابة عليه بدقة. نجد اسم "فيروز في اغنية جديدة" في دليل لبرلمج الإذاعة اللبنانية يعود إلى حزيران 1950 ، وهذه أقدم إشارة رصتها إلى يومنا هذا. روّج البعض لرواية تقول أن الرحبانيين نجحا في مسح تسجيلات فيروز الأولى، غير أن هذه المقولة خاطئة. أحصيت عدة عناوين في مجلات إذاعية تعود إلى عام 1951، وتمكنا من الوصول إلى أغلب هذه العناوين بهذا الشكل، وبعضها لا يحمل اسم فيروز على البكرة، وهذا غير مستغرب، فهي لم تكن يومها النجمة التي نعرفها، بل مغنية ناشئة تخطو خطواها الأولى... يمكن القول أن هذه القصة تصلح لأن تكون مثالا في موضوع البحث عن المفقودات. يتطلب الأمر الكثير من الجلد والصبر. في إذاعة بيروت، مثلا، أكثر من عشرين ألف بكرة مرقّمة، ويكفي أن تضع بكرة في موقع مخالف لموقع رقمها حتى تضيع بين عشرين ألف بكرة...

ما زلت على رأيي، هناك تسجيلات منسية لفريد ولسواه من الكبار في إذاعة مصر، ولا أحد يبحث عنها بشكل جدي. وهناك بحر من التسجيلات غير المعروفة في أرشيف "الشرق الأدنى" الذي انتقل إلى قبو مقفل في البي بي سي بعد اقفال المحطة ابوابها اثر الاعتداء الثلاثي، ولا أحد يفكر في كيفية الدخول لهذا القبو لجرد وتصنيف محتوياته...

تحياتي