عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 27/09/2008, 13h52
ahmed mbarek
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي الفن والحياة وفريد الأطرش

[FONT="]الفن.. والحياة.. وفريد الأطرش[/FONT]
[FONT="] بقلم محمدعبد الوهاب[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="]لقد ربطتني بفريد الأطرش صداقة فيها من العمق بأكثر مما فيها من الطول. وخلال السنوات العشرة الأخيرة من حياته كانت تلك الصداقة قد توثقت إلى أقصى درجة ممكنة.. وخلال تلك الفترة كان فريد هو الصديق الذي لا يعوّض.. وكان هو أيضا الوفاء كله.. والطيبة كلها.[/FONT]
[FONT="] والواقع أن فريد الأطرش كان وفيا جدا جدا لأصدقائه.. بل إنني أعرف علاقات صداقة في حياة فريد استمرت ثلاثين وأربعين سنة.. إن فريد لم يكن يحب أن يغير أصدقاءه.. كما أنه هو أيضا لم يكن يحب أن يصبح صديقا لأحد بسرعة. ولم يكن فريد يحب أبدا أن يستبدل صديق قديم بصديق جديد أكثر نفعا.. إن الصداقة عنده كانت لوجه الصداقة.. قبل أن تكون لوجه المصلحة أو المنفعة أو أي شيء آخر.[/FONT]
[FONT="] وبقدر ما كانت هذه كلها مزايا حقيقية في فريد الأطرش.. بقدر ما كان يعاني من عيب .. هو بدوره نتيجة لحسن ظنه الشديد وطيبته الدائمة مع الحياة ومع الناس. كان عيب فريد أنه لا يجيد اختيار أصدقائه! [/FONT]
[FONT="] ففيما عدا استثناءات قليلة.. لم يكن أصدقاء فريد الأطرش من الإخلاص بحيث يدفعونه لإعطاء المزيد من حياته للفن.. ولم يكونوا من الثقافة بحيث يستفيد هو من مجلسهم ثقافيا.. ولم يكونوا أصحاب بصيرة يضعون أيدي فريد على المستقبل قبل أن يفاجأ به.. ولم يكونوا من الحكمة بحيث يرغمون فريدا على أن يدرك أن الفنان هو فنان أولا قبل أن يكون شريك أنس أو صديق سهرة أو شريك مائدة.[/FONT]
[FONT="] إن الصديق يصبح خطرا كبيرا حينما يعجز عن تنبيه صديقه إلى عيوبه، قبل أن يخاطب فيه مزاياه.. وفي هذا المجال فإن حكاية عقدة الأضطهاد التي كانت تشاع عن فريد الأطرش هي مجرد إشاعة خلقها عدد من أقرب أصدقائه هو.. ونقلوها إليه وألحوا بها على أسماعه.. إلى أن أصبح هو يؤمن بها في اللحظات غير المشرقة من حياته.[/FONT]
[FONT="] إن الصداقة من جانب فريد الأطرش كانت لوجه الصداقة.. ولكن من جانب بعض أصدقائه كانت لوجه المصلحة، أو المنفعة، أو حتى مجرد الأنس والتسلية. ولم يكن من الممكن مشاهدة فريد غالبا إلا وسط حزام من الأصدقاء. لقد كان فريد حريصا دائما وفي أي ساعة من ساعات الليل والنهار، على أن يعيش حياته وسط مجموعة أصدقاء. ولم تكن مائدته تخلو دائما من خمسة عشر أو عشرين صديقا في أي يوم من الأيام.[/FONT]
[FONT="] إن تفسيري الشخصي لهذه الظاهرة في حياة فريد هو أنه كان لديه إحساس دفين بأن الحياة قد صدمته مبكرا.. بحيث إنه أصبح فيما بعد يخشى من نفسه.. أو يخشى أن ينفرد بنفسه.. لهذا فإنه كان يدفن نفسه وسط مجموعة من الصداقات الدائمة التي تجعل الحياة بالنسبة له أكثر احتمالا.. والمستقبل أقل قسوة.. والماضي أقل عبثا. من أجل هذا كان مجلس فريد الأطرش هو دائما مجلس الأنس والسرور والتفاؤل والسعادة والضحك والتسلية و"الفرفشة".. وشيء من الغناء والموسيقى. ومن أجل هذا فإن فريد كان حريصا على أن يبدأ اندماجه اليومي في هذا الإطار من اللحظة الأولى التي يستيقظ فيها من النوم. إن مجموعة أصدقائه موجودة في حياته ابتداء من تلك اللحظة.. وهم معه طوال اليوم في كل لحظة. حتى وهو ضيف في أي مكان أو أي منزل أو عند أي صديق.. فإنهم معه دائما.[/FONT]
[FONT="] والأستاذ فريد الأطرش كانت حياته تختلف عن نفسه على قدر كبير.. فهو في حياته الخاصة مرح جدا.. وصاحب نكتة.. ولا يتفوّه إلا بالكلمة الضاحكة الحلوة، وكان لا يحب الحزن في جلساته وكان يعيش الحياة بالعرض.. فهو يسهر الليل إلى الخامسة أو السادسة صباحا مع أصدقائه المختارين.. وينام للظهر، ثم ينهض من النوم ليلتقي بأصدقائه ثانية..[/FONT]
[FONT="]ويتناول طعام الغداء، ويجلس معهم إلى السادسة أو السابعة مساء، ثم ينام ساعتين إلى التاسعة مثلا وينهض من الفراش ليستأنف السهر مع الأصدقاء إلى الصباح.[/FONT]
[FONT="] وفي كل هذه المجالس هناك الضحك، والنكتة، والسخرية، والبهجة، والسرور، ومع ذلك كنا نراه في أغانيه خصوصا الطويلة منها تغلب عليها سمة الحزن.. خصوصا في طريقة إخراج صوته أو حتى في الجملة اللحنية، ولعل السبب في ذلك أنه كان يحتاج إلى الأسرة التي لا ينعم بها.. وإلى الحيوية التي تنكرت له![/FONT]
[FONT="] ومع الحياة التي كان يعيشها فريد بالطول و بالعرض كنت أتساءل: متى يجد وقتا لكي يلحن؟ وأين الوقت الذي ينفرد به بنفسه طويلا.. لينتج كل هذا الإنتاج الغزير وسط حياته الصاخبة؟. وسرعان ما جاءني الرد.. فريد الأطرش كان موهوبا، وواثقا من نفسه ثقة كبيرة جدا. فاللحن في يده لا يستغرق أكثر من دقائق معدودة. وكان يضع الكلام الذي سيلحنه. ثم يلحنه.. ولا يغير فيه أبدا مهما كان.. ولا يضيّع وقته في "الوسوسة" عملا بالمثل القائل: ليس في الإمكان أبدع مما كان! وكان يسعد فريد بأن يسمعني بعض ما يلحنه بصفة خاصة.. ربما كان هذا اعتقادا منه بأنني أحس به أكثر من الغير.. وعندما أحاول أن أستوضحه.. لماذا لا تكون الجملة الموسيقية هكذا.. كان يدافع عن رأيه بحماس شديد، حماس يجعلني أحس بأن ما يلحنه ينطبق عليه القول المأثور: ليس في الإمكان أبدع مما كان.. [/FONT]
[FONT="] والكلام عن فريد الإنسان قد يطول.. فهو لا يسيء إلى أحد، ولهذا لا يمكن لأحد أن يقول إنه أساء إليه.. أو كان سببا في ضرره. على العكس، ربما كان فريد قد لحقه الضرر من بعض أصدقائه بلا سبب.. كان وفيا.. وكان صديقا.. وقد أجهد نفسه إجهادا كبيرا في حياته الخاصة.. ولو قدّر له أن أعطى جزءا أكبر لفنه لأضاف للثراء الفني الذي أعطاه للغناء العربي.. ثراء آخر كبيرا..[/FONT]
[FONT="] وبين ذكرياتي مع الفنان الراحل فريد الأطرش.. أنه كان يتمنى أن أركب بجانبه ولو مرة واحدة الطائرة، وعرض علي مرارا أن يدفع هو ثمن التذكرة إلى أي بلد أريدها في العالم، حتى ولو أمريكا أو اليابان.. لا شيء إلا مجرد رؤيته ماذا أفعل وأنا في الطائرة.[/FONT]
[FONT="] وفي إحدى المرات دعاني لكي أسافر معه إلى بيروت، وفي لحظة من اللحظات أصر على هذه الدعوة وقبلتها في غفوة من التفكير.. وفي آخر لحظة هربت.. وكان لهذا الحادث وقعه الشديد عليه، وتأثر من هذا الهروب.. ثم صالحته بعد ذلك.. ولكني لم أدفع له ثمن تذكرة الطائرة التي دفعها![/FONT]
[FONT="] وكثير من الناس كانوا يعتقدون أن العزيز الراحل فريد الأطرش يدّعي المرض ليستجلب عطف الجماهير، ولكني أشهد بأن ذلك كذب، فقبل وفاته بثمانية أعوام كان فريد يقوم بتصوير فيلم لحساب مؤسسة السينما المصرية وكان الدكتور حاتم في ذلك الوقت وزيرا للإعلام والثقافة، وذهب الأستاذ فريد الأطرش، وتورمت قدماه، حتى إنه لم يتمكن من النوم إلا وهو جالس على المقعد وخلفه الوسادات لصعوبة نومه وهو راقد في فراشه..[/FONT]
[FONT="] كلمني طبيبه الدكتور عوض إبراهيم، وقال لي: " لو استمر فريد في العمل ففي ذلك نهاية حياته.. فأرجو الاتصال بالمسؤولين لسفره إلى لندن للعلاج". اتصلت تليفونيا بالدكتور محمد عبد القادر حاتم، وأخبرته بما قاله الأطباء وقلت له:[/FONT]
[FONT="]إن بعض المسؤولين في مؤسسة السينما يعتقدون أن الأستاذ فريد ليس مريضا، وأن كل ما يريده هو الذهاب إلى لندن وباريس للتنزه كعادته، ونقلت له ما قاله الدكتور المعالج بالحرف الواحد، فأمر الدكتور حاتم على الفور بإيقاف تصوير الفيلم، وسفر الأستاذ فريد إلى لندن للعلاج..[/FONT]
[FONT="] وسافر فريد. وسألت الأطباء: "هل حقيقة أن فريد كان في خطر؟" فقالوا لي: "إن الفنان فريد الأطرش لا يحتمل الحياة أكثر من ستة شهور.. ولكن الله خيب ظنهم، وعاش بعد ذلك ثمانية أعوام بإيمانه وحبه للحياة.. وكان فريد يتسلى أحيانا بلعب القمار. لم يكن هذا غريبا.. ففريد كان يقامر في كل لحظة بصحته وحياته.. فليس غريبا إذن أن يقامر من وقت لآخر بنقوده.[/FONT]
[FONT="] ولقد حدث والتقينا مرة في مدينة باريس. كنت أنا وحدي.. وكان هو في صحبة الممثلة الأجنبية "ريتا هيوارث" التي كانت تربطها به في تلك الفترة صداقة حميمة.. تجعلهما يقضيان أغلب وقتيهما معا. وقرّر فريد أن يدعونا –ريتا هيوارث وأنا- لمشاهدة سباق الخيل. وعندما بدأ السباق طلب مني فريد أن أرشح له رقما يلعب عليه.. إنني حاولت أن أعتذر له بأن خبرتي منعدمة تماما في هذه الأشياء.. ولكن أصر على طلبه.. وأكد ذلك بقوله: "لازم ترشّحلي نمره.. لو خسرت أنا أتحمل الخسارة.. ولو كسبت يبقى نقسم المكسب بالنص". وكنت أنا شخصيا أتفاءل برقم سبعة، إن السلم الموسيقي يتكون من سبع درجات.. وقوس قزح يتكون من سبعة ألوان.. ورقم سبعة يتكرر هو نفسه كثيرا في بعض آيات القرآن الكريم. وضحك فريد من أفكاري أنا.. وبدأ يلعب. وكانت المفاجأة هي أنه كسب ما يعادل أربعة آلاف جنيه! وكانت المفاجأة الثانية هي أن فريد صمم فعلا على أن يقتسم معي ما كسب: يأخذ ألفين وآخذ ألفين من الجنيهات. وحاولت أنا أن أرفض، على اعتبار أن المسألة كلها كانت مزاحا من أولها إلى آخرها. ولكنه أصر.. بل لم يهدأ.. إلا بعد أن اقتسمت المبلغ فعلا! [/FONT]
[FONT="] وفي اليوم التالي دعوت فريد إلى الغداء.. فقد كنا نقيم في تلك الفترة في فندق واحد في باريس ولكن فوجئت عند حضوره، بأن معه عشرين صديقا، هم "شلته" الدائمة في باريس، التي تحقق له في الغربة نوع الحياة التي يمارسها في القاهرة.. أو في بيروت. [/FONT]
[FONT="] ولقد كان هذا كله جزءا من إقبال فريد على الحياة.. وجزءا من إصراره على أن يعيش حياته بالطول والعرض.. ولا يهم بعد ذلك أي ثمن يدفعه من أمواله.. أو صحته.. أو حياته. وكل شيء فعله فريد الأطرش.. فإنه كان يفعله بإخلاص و حب شديدين.. إذا أحب.. فهو عاشق مائة في المائة. و إذا لعب.. فهو مشغول عن أي شيء آخر مائة في المائة. وإذا ضحك.. فهو معافى من الهموم مائة في المائة. وحتى إذا أكل.. فهو متفرغ تماما للطعام مائة في المائة.[/FONT]
[FONT="] لقد دعاني مرة إلى الغداء في باريس بمناسبة وجود وكيل جمعية المؤلفين والملحنين القادم من لندن. كانت الدعوة عادية ولكن الذي لم يكن عاديا إصرار فريد على أن يكون الطبق الرئيسي في الطعام هو "لحمة الرأس". صحت أنا مندهشا: "لحمة الرأس في باريس؟ إنني لم آكلها في القاهرة.. فهل آكلها في باريس؟ " قال فريد: "نعم".[/FONT]
[FONT="]وفعلا.. ظللنا نتجول بالسيارة أكثر من ساعة إلى أن استطاع فريد أن يعثر فعلا على مطعم يقدم "لحمة الرأس".. وهو مطعم كان مملوكا لأحد أصدقائه التونسيين المقيمين في باريس![/FONT]
[FONT="] وبقدر ما كان فريد دمثا في أخلاقه ووفيا في صداقته وكريما في حياته فإنه كان دقيقا في مواعيده إلى درجة التعصب. فإنه يحب أن يلتزم بمواعيده مع الآخرين دائما.. ويحب بالتالي أن يلتزم الآخرون بمواعيدهم معه تماما. إن أقل إخلال بموعد معه هو إهانة أو على الأقل إهمال ربما يستحق أن يقاطع ذلك الإنسان تماما.[/FONT]
[FONT="] لقد أجهد فريد نفسه في حياته الخاصة كثيرا جدا. وإنني أتصور لو أنه رصد ربع ما أنفقه فيها "للفن" لأدى ذلك إلى إثراء الفن الغنائي والموسيقى عندنا أضعاف أضعاف ما قدمه فعلا. لقد امتدت مساهمة فريد الأطرش في فننا الغنائي والموسيقي إلى جبهة واسعة جدا، شملت كل الألوان.. من الأغنية القصيرة، إلى الطويلة، إلى الاستعراضية، إلى الشعبية، إلى الأوبريتات.[/FONT]
[FONT="] ولو أن فريدا كان يمتلك موهبة الاستمرار في المحاولة والإصرار عليها.. لقدم لنا أعمالا خطيرة في المسرح الغنائي، ولكان بالتالي قد كسب للمسرح الغنائي جمهورا عريضا. [/FONT]
[FONT="] وقد عمل الفنان الراحل الأستاذ فريد الأطرش من البداية في صالة "بديعة مصابني" مع المطرب الأستاذ إبراهيم حمودة وعلى ما أذكر أنه ابتدأ عازفا للعود، ثم بعد ذلك أخذ يغني في هذا الجو.. جو بديعة مصابني.. فقدّم الأغاني الراقصة ذات الطابع الإيقاعي، التي يرقص عليها الغير. وبعد فترة دخل الفنان الراحل مرحلة أخرى من مراحل حياته الفنية، حيث بدأ يعتني بغنائه تدريجيا مستفيدا بخبرته في المجالات الفنية، ويلحن ألحانا لا يغنيها إلا مطرب ذو صوت مقتدر. وبعد ذلك حاول الفنان الراحل فريد الأطرش تقليد المصريين في أهم ميزة يمتازون بها في الغناء الشرقي، وهي "القفلة" المصرية، وقد نجح في ذلك إلى حد كبير.[/FONT]
[FONT="] وقد ساهم المرحوم فريد الأطرش في إثراء التراث العربي في الغناء والموسيقى.. إلا في ناحيتين: هما الدور والموشح، فلم يلحن في هذين المجالين.. ولكنه أثرى الغناء في الأغنية الفردية الطويلة والقصيرة الحديثة. [/FONT]
[FONT="] ففي مجال الأغنية الطويلة، له روائع طويلة الحياة ، كأغنية "أول همسة" وأغنية "الربيع" وأغنية "بنادي عليك" وأغنية "حبيب العمر" وألحان أخرى.. وهذه الأغاني الطويلة التي تمتد لأكثر من نصف ساعة، ربما كانت تصل في الحفلات إلى حوالي ساعة ونصف الساعة. ولم يكن بمستطاع أن تتحمله الجماهير إلا إذا كان له صوت قادر له مسافات رائعة. سواء في "قراره" أو في "وسطه".. أو في "عاليه"... وله أيضا المقدرة على تأديته بما يريد في جميع هذه الأوضاع بالقدر المتساوي من القدرة، يجب أيضا أن يكون له استعداد ، وهذا طبيعي لأنه ملحن، في أن يضيف في كل مرة يغني فيها الجملة إضافات جديدة، جميلة وممتعة، تصل إلى أذان الناس ليستمتعوا بها ولا يملّوا سماعها وهو يكررها.. مرة .. مرتين.. عشر سنوات!. وهذا لا يكون إلا في صوت عظيم.. وهذا ما كان عليه المرحوم الفنان الراحل فريد الأطرش.[/FONT]
[FONT="] أما في مجال الأغنية الشعبية، فقد ساهم بعشرات الأغنيات التي تتميز بالإيقاع الشعبي الراقص، واللحن الشرقي الأصيل، والبساطة في التلحين وعدد المقامات التي يلحن بها هذه الأغنيات، حتى يمكن للجمهور أن يغنيها ويرددها.. وعلى سبيل المثال أتذكر أغنيات كثيرة له، مثل "سافر مع السلامة و ماقالي وقلتله و بأكتب على وراق الشجر و نورا يا نورا"، ومثل هذا كثير جدا..[/FONT]
[FONT="] وفي عالم الأغنية الحديثة خرج الفنان فريد إلى أفاق أخرى غير اللون العربي، ولكنه بإحساس الأصالة العربية، اختار ما يوافق المزاج العربي من نقله لبعض الألوان الغنائية الأوروبية. ك"التانجو" مثلا، لأنه قريب من "الميلودي" أو بعبارة أخرى من حيث الجملة الملحنة في التانجو وقربها من الرومبا التي هي من معالم الغناء العربي. ومن هذه الأغاني على سبيل المثال "يا زهرة في خيالي" و "أنا واللي باحبه" ، وأغنيات أخرى من هذا النوع.[/FONT]
[FONT="] وأذكر عن الفنان فريد الأطرش أنه كان يحب الجماهير، لأن الجماهير كانت تحبه. لذلك كان يحاول جاهدا إرضاء الجمهور بأي شكل كان. ومن ملامح فن فريد الأطرش إحساسه بأن الجماهير تحب الموال سواء كان الموال يبدأ بياليل يا عين، على الطريقة المصرية، أو بأوف أوف على الطريقة السورية. فكنا نراه يعطي هذا اللون من خلال كل أغنية شعبية..[/FONT]
[FONT="] لقد كان فريد مطربا شعبيا وجماهيريا من الدرجة الأولى.. كان يجيد معرفة رغبات الجمهور، ويجيد التعامل معها، ويجيد تلبيتها. ولكنه سرعان ما كان يحس بالملل. وأحيانا كان الملل يصيبه قبل أن ينتهي من اللحن الواحد، أو الأغنية الواحدة. إنني ذكرت من قبل أغنية "أنا واللي باحبه" كنموذج للتفكير الموسيقي الهندسي والنابغ والعالي المستوى.[/FONT]
[FONT="]ولكن، قبل أن تصل الأغنية إلى منتصفها كنا نفاجأ بفريد وقد نقلنا موسيقيا إلى شيء آخر تماما في مقطع "انت روحي وانت قلبي.. الخ". [/FONT]
[FONT="] إن تلك النقلة تتميز طبعا بالسهولة والشعبية والإيقاع الراقص.. كل هذا جميل، ولكنها تمثل جوا آخر مختلفا تماما عن الجو الذي بدأ منه لحن "أنا واللي باحبه". ولكن، هذا كان فريد الأطرش! لقد أحب الجمهور، وعمل له ألف حساب دائما، ونجح في التعامل معه دائما.[/FONT]
[FONT="] وفي وسط هذا كله استطاع فريد أن يحتفظ لنفسه بالشخصية الغنائية المتميزة الواضحة البسيطة المحبوبة.[/FONT]
[FONT="] في الواقع أن فريد الأطرش كان فنانا عظيما في عصره.. وصديقا لا يعوض في صداقته.. وإنسانا لا يبارى في بساطته.[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] محمد عبد الوهاب[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="]المصدر[/FONT][FONT="]: هذا المقال جزء من كتاب "فريد الأطرش" قام الموسيقار محمد عبد الوهاب بتأليفه صحبة كتّاب آخرين. صدر عن دار المعارف بمصر سنة 1975 (ص 19 إلى ص 28). ولقد نقل هذا المقال إلى منتدى الطرب العربي "سماعي" [/FONT][FONT="]أحمد مبارك[/FONT][FONT="]. وهو أكاديمي من تونس، حاصل على الدكتوراه في علم الإجتماع والإجازة في الفلسفة.[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]