عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 23/10/2011, 00h10
الصورة الرمزية محمد صديق سليم
محمد صديق سليم محمد صديق سليم غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:489828
 
تاريخ التسجيل: janvier 2010
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 678
افتراضي رد: احتفالية الذكرى الخامسة عشر لرحيل الفنان محمد الحياني

رحلة عندليب الأغنية المغربية محمد الحياني

كان ميلاد مطربنا محمد الحياني بمدينة الدارالبيضاء سنة 1943 بأحد أحيائها الشعبية (درب السلطان ) والتي أنجبت العديد من رجالات السياسة والأدب والفن والرياضة. عاش طفولته مولعا بالغناء وظهر ولعه هذا وهو في فصول الدراسة .الأمر الذي جعله يتجه مبكرا نحو المجال الفني ويترك المؤسسات التعليمية ويلتحق بمعهد الموسيقى بالرباط . وتأتي هذه المرحلة .والتي تعتبر أهم مرحلة في حياة كل فنان يريد أن يصقل موهبته بالدراسة الأكاديمية لأصول الموسيقى والغناء والعزف ...مرحلة لمعت فيها موهبة هذا الفنان الشاب . عشقه وولعه بالغناء وصوته الصافي الجميل . وتزكية أساتذة المعهد الذين استحسنوا صوته وسرعة تلقيه للدروس ودقة أدائه . كما أن ولعه الكبير بالغناء واتصاله برموز الموسيقى انذاك . والمرحلة كانت مرحلة ازدهار للطرب .قدم خلالها هؤلاء الرموز أجمل الأعمال التي أسست لأغنية ذات طابع مغربي صرف فهذه الظروف وهذه الأجواء كلها عناصر جعلت الشاب عاشق الغناء يختزل المراحل لينتقل مباشرة من المعهد الى العمل والمساهمة مباشرة في العطاء الغنائي الذي كان الجوق الوطني للاداعة المغربية يقدمه .التحق بكورال هذا الجوق . فعايش ميلاد أنجح الأعمال الغنائية لكبار المطربين انذاك . كما ردد أعمالهم رفقة زملائه بالكورال فكانت المرحلة بحق مرحلة صقل واختبارا لموهبة هذا الفنان . وكان نشاطه خلال هذه الفترة مثار اعجاب الفنانين الذين اشتغلوا مع الجوق الوطني من عازفين وملحنين وشعراء وكتاب الكلمات والذين تنبؤوا له بمستقبل زاهر وتبنوا موهبته . وفي مقدمتهم الأستاذ عبدالقادر الراشدي وحميد بن ابراهيم وعلي الحداني وحسن القدميري وعبد الرفيق الشنقيطي وعبدالقادر وهبي وعبدالله عيصامي .والذين قدموا له أعمالا ظلت خالدة في سجل الأغنية المغربية.
وهكذا كانت البداية بأغنية ( يا وليدي العزيز ) وتلتها أغنية غياب الحبيب وكان لقاء الثلاثة الحياني وعلي الحداني وحسن القدميري فكانت ثمرة هذا اللقاء مجموعة أغاني : الجرح برا . أنا حر .بارد وسخون .كما جاءت قصيدة راحلة التي جمعته بالشاعر عبدالرفيع الجواهري والملحن عبدالسلام عامر وجاءت بتركيبتها الشعرية واللحنية الفريدة من جهة . ومن جهة ثانية شاءت الأقدار أن يحضر مطربنا تمارين بلخياط عليها فيحفظها .وتشاء الأقدار أيضا أن يقرر عامر سحبها من بلخياط واسنادها له باقتراح من شاعر القصيدة .
وهكذا جاءت راحلة منسجمة مع صوت مطربنا ومعبرة عن احساس عميق وصادق ونفس طويل في الأداء وكأنها لحنت له وشكلت علامة بارزة في تاريخ القصيدة الغنائية المغربية وفي حياة محمد الحياني .
هذه الابداعات الغنائية مكنت مطربنا من الحصول مبكرا على الأسطوانة الذهبية بقصيدة راحلة . والأسطوانة البلاتينية عن أغنية بارد وسخون والتي اعتبرت أنجح أغنية لسنة 1972 .وحصل أيضا بفضلها على وسام من الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة .
وتوالت الابداعات والنجاحات في حياة مطربنا بمجموعة من الأعمال سواء الزجلية : لا سماحة يا هوى . لا حول وخلاص . شكون فكرني . أن شفت عيون . بعد الغربة .مكاين باس .....أو القصائد : قصة الأشواق .وغنت لنا الدنيا . الشفاه الحمر .ذكرى طفولة .أو الأغاني الدينية : كأغنية من ضي بهاك وهي من كلمات علي الصقلي وأبدع لحنها الرائع عبدالقادر الراشدي فاعتبرت من أبرز الأغاني الدينية التي حفظتها الذاكرة المغربية . أو الأغاني والملاحم الوطنية التي يعتبر محمد الحياني من أبرز المطربين الذين كان لهم العطاء الأوفر فيها فسمعناه في ملحمة العهد الوثيق . وملحمة ثورة الملك والشعب . كما شارك في أوبريت رحلة أمير وأغنية سقف بيتي من حديد . وهتاف القلب و...وهي متوفرة بمنتدانا الأصيل .كما سنستمع الى أغاني أخرى .
مطربنا كغيره من المطربين المغاربة قام بزيارة للقاهرة وأقام بها مدة قصيرة . والباحث في أعمال هذه المرحلة من حياة محمد الحياني وما قدمه خلالها لا يجد سوى أن مطربنا قدم بعض أغانيه المغربية تمثيلا للمغرب بمصر . كما سجل أغنية يا عيني عالانسان كمقدمة للفيلم المصري البيوت أسرار وهي مرفوعة بمنتدانا .ولعل السبب في عدم استقراره بمصر هو ارتباطه بأسرته وعدم قدرته العيش بعيدا عن أرض الوطن .
المطرب محمد الحياني كذلك خاض تجربة سينمائية وحيدة عندما قام بدور البطولة في فيلم دموع الندم الذي أخرجه فنان اشتغل بالاخراج السينمائي بالقاهرة لعدة سنوات الى جانب كبار المخرجين وهو الشاعر والمخرج حسن المفتي .
من خلال هذا الفيلم قدم مطربنا مجموعة من الأغاني : وقتاش تغني يا قلبي . راجع . راضي بالكية . غابو لحباب .والذين شاهدوا هذا الفيلم لابد وأنهم سجلوا أن قصة الفيلم لامست جوانب من حياة محمد الحياني الخاصة . فجاء تجسيده لدور البطولة وأداؤه لأغاني الفيلم تجسيدا صادقا .رغم كونه لم يكن يتوفر على تجربة سينمائية ( بخصوص هذا الفيلم لابد أن أشير الى أن اعداد أغاني الفيلم عرف انذاك اهتماما كبيرا واستغرق وقتا طويلا كما عرف منافسة قوية بين كتاب الكلمات والملحنين الأمر الذي جعل الألحان تعرف نجاحا كبيرا.
رحلة عندليب المغرب عرفت نجاحا لسنوات . والباحث في مسيرة هذا الفنان يلاحظ على أن مطربنا كان دقيقا في اختيار أغانيه ولا يقبل العمل الذي لا يصل الى مستوى اختياراته . فلابد أن يحس بالكلمة ويقتنع بها . ولابد أن يكون اللحن معبرا بصدق عن هذه الكلمة . فاجتماع هذين العنصرين وتمكنه من ايصالهما الى الجمهور باحساس صادق هو المؤشر عنده لقبول أية أغنية تعرض عليه . وهذا ماجعله مقلا في انتاجه وبعيدا عن الأعمال التجارية التي تفتقر للابداع ورافضا تقديم أغانيه على خشبات الكباريهات والأماكن المشابهة.
مبادىء مطربنا هاته والتي كانت تحد من اختياراته الدقيقة .ورحيل رفيق دربه عبدالسلام عامر . واتجاه الملحنين الذين أبدعوا أغانيه الى افاق أخرى .وتراجع مستوى الأغنية .بالاضافة الى معاناته الشخصية والتي ضلت في طي الكثمان . عوامل كلها جعلت الحياني يبتعد عن الساحة الفنية وعن الأضواء ويفضل العزلة لسنوات الى أن قرر العودة سنة 1991 بألبوم جديد ضم أغاني: انت ليا وأنا ليك .مستحيل .دنيا
اليزا .
هذا الألبوم جاء بأسلوب جديد في الكتابة واللحن وساهم في انجازه مجموعة من الشبان كانوا متشبعين باتجاه هذا الفنان في الأداء بل منهم من أصبح الآن من المطربين.
وكان هذا اخر عمل قدمه عندليبنا وكانت السهرات التي أحياها سنة 1995 سواء بمسرح محمد الخامس بالرباط. أو بمسرح مولاي رشيد بالبيضاء أو سهرة القناة الثانية اخر سهراته التي قدم خلالها جل أعماله وفي وقت بدأت معاناته مع المرض وكأنه أراد بتلك السهرات أن تكون سهرات الوداع
وهكذا ودعنا عندليب المغرب بتاريخ 23أكتوبر 1996 بعد معانات مع المرض وتنقل بين باريس والرباط من أجل العلاج تحت اشراف وعناية عاهل المغرب الحسن الثاني رحمه الله الذي أحاطه كعادته بكامل العناية .
انتقل الى عفو الله ومرت السنين تلو السنين ولا زالت المساحة التي كان المرحوم يملؤها في الغناء المغربي محتفظة باسمه . ولا زالت أغانيه وقصائده في تجدد
ولا زالت راحلته تذكرنا بالرحيل
وتدعو للرحيل
(كانت هذه رحلة محمد الحياني في الحياة وفي الغناء حاولت تناولها من خلال معايشتي لبعضها ومن خلال ذاكرة بعض الفنانين الذين قدموا للراحل أعمالا جميلة .)

التعديل الأخير تم بواسطة : محمد صديق سليم بتاريخ 11/11/2011 الساعة 07h00
رد مع اقتباس