عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19/02/2009, 02h23
الصورة الرمزية عادل صموئيل
عادل صموئيل عادل صموئيل غير متصل  
Moderator
رقم العضوية:249452
 
تاريخ التسجيل: juin 2008
الجنسية: مصرى
الإقامة: مصر
العمر: 73
المشاركات: 557
افتراضي أم كلثوم واسرار فرقتها الموسيقية


ام كلثوم واسرار فرقتها الموسيقية
أهدى هذا المقال للشاعر الكبير الأستاذ بشير عياد
كان الفرق بين فرقة أم كلثوم والفرقة الماسية خطير يعنى نظامين مختلفين اختلاف كلى مع أن الاعزفين فى الفرقتين هم نفس العازفين تقريباً مع اختلاف الآلات الاساسية يعنى القانون والناى وبعض طاقم الإيقاع , كان اهم مواصفات العازف فى الفرقة الماسية اولاً ان يكون مجيداً لقراءة النوتة الموسيقية بمجرد النظر ( البريما فيستا ) بنسبة لاتقل عن 100% وثانياً ان يكون عازف متميز , ولكن فرقة ام كلثوم كانت لا تستعمل النوتة , كانت ام كلثوم وملحنيها العمالقة يفضلون العازف الماهر الحلو الأداء وكان الملحن يمسك العود ويقوم بتحفيظ الفرقة جملة جملة , لذلك لو قارنت بين الجمل الموسيقية فى الفرقة الماسية وفرقة ام كلثوم ( مع ان طاقم الجمنجات كن هو نفسه فى الفرقتين ) تجد فى الفرقة الماسية توحيد فى اداء الجملة نظراً للتقيد الشديد بالنوتة الموسيقية والتى تحدد ما اعزف بالتحديد ( يعنى ممنوع إضافة شىء على النوتة وكل شىء مطلوب فى العزف مكتوب فى النوتة ) ولكن مع ام كلثوم , العازف كان يحفظ اللحن فى خمسين بروفة حتى يمشى اللحن فى اعماقه وفى دمه , ومع وجود جو السلطنة المفرطة مع ام كلثوم هنا يُترك العازف ليجود اثناء العزف لذلك تجد السلطنة المفرطة للكمنجات مع ام كلثوم وذلك جزء من إبداع ام كلثوم فالكمنجات هى البطانة أو الفرش الذى يبطن صوت المطرب القدير أو يفرش له ليقدم احلى ما يمكن أن يؤديه , لأن الكمنجات اقرب صوت للصوت البشرى , ولو تلاحظوا الخواء فى أغانى اليوم انهم استغنوا عن احلى واجمل وأهم مايميز الغناء الشرقى وهو عزف الكمنجات مصاحبة للمطرب وتجد اليوم المطرب يغنى على الإيقاع فقط وهذا يضيع 70% من السلطنة الموجودة فى كل اغانى زمان والمفقودة هذه الأيام , وكلمة اقولها على مسؤوليتى الخاصة , عندما ترى أم كلثوم بكل عبقريتها شامخة امامك انا اسميها جبروت أم كلثوم على المسرح , كان هذا الجبروت ينقسم إلى قسمين 50 %
( خمسون فى المائة ) ام كلثوم بكل عبقريتها و50 % من حول أم كلثوم من مؤلفين وملحنين ثم العازفين العباقرة والذين كان من حسن حظ أم كلثوم أن يعزف معها كل تلك المجموعة الفريدة من نوعها من العازفين , وقد كان منهم الاكاديمى وغير الأكاديمى , وكان غير الأكاديمى موهوب موهبة وخبرة لاتتوافر لكثير من الأكادميين والأمثلة كثيرة اولها سيد سالم عازف الناى الذى رافق ام كلثوم طوال عمرها ولم تستغنى عنه حتى يعد ان اصاب صحته الإجهاد استعانت بعازف آخر فى أغنية يامسهرنى ولكنها اجلست الإثنين معاً فى الحفلة واستغل سيد مكاوى تواجد الإثنين وعمل تنويع فى صولو الناى حتى يستفيد من العازفين وكانت لأول مرة يجلس عازفين اثنين لآلة الناى وصنع منهم سيد مكاوى صولو دويتو اعتقد انه متميز .
وهنا اتكلم عن اخطر عازف ايقاع فى مصر , الشيطان العجوز عازف الرق ابراهيم عفيفى
كان شخصية طريفة وخفيف الدم ( وهناك ملحوظة كان لابد ان عازف الرق أن يكون خفيف الدم يطلق دائما النكتة والقفشة والتعليق المضحك وهذا من أهم صفاته لأن خفة الدم والنكتة والقفشة كان يعزفهم على الرق أيضاً ) , كانت أم كلثوم شخصية قوية جدا يعنى الكل يخاف منها ويكلمها بإحترام شديد ماعدا ابراهيم عفيفى لأنه عرفها من ايام كانت ماتزال تتعلق فى الحبال الدائبة كان له عليها حكم الأب أو الأستاذ كان الوحيد الذى يقوا لأم كلثوم يابت وكلمة يابت عندنا فى مصر لما الانسان يهزر مع فتاة صغيرة وكانت تتقبلها منه ام كلثوم , والشىء الذى اريد إيضاحه هنا كانت بعض الجمل صعبة إيقاعياً مثل : وعودك ف الخيال غالية عليا
وأجمل من حقيقة بين ايديا وهذه الجمل بها تطويل أيقاعى ممكن اى مطرب غير متمكن لو لم يركز فى الوحدة او فى ساعة التجلى ان يخرج خارج الريتم او الإيقاع , كان فى تلك اللحظة ابراهيم عفيفى يعطيها دمين او نقرتين تعود فى لمح البصر إلى الصواب , ولكن هنا يتوفر شرط خطير يفرق بين المطرب الذكى والمطرب الغبى : المطرب الذكى يحس بأهمية العازف القدير ويحس انه اخطأ والعازف القدير يرجعه إلى الصواب أما العازف الغبى لا يحس بقيمة العازف القدير ولايحس انه اخطا اصلاً , ولأتمام عملية إصلاح الخطأ هذه لابد من توافر شرط أن يحس المطرب أنه اخطأ ويحس بفضل العازف القدير والذى يدارى له خطأه , ولما كانت ام كلثوم مفرطة الذكاء كانت عندما تخطىء قبل أن يشعر أحد من المستمعين , كان العبقرى ابراهيم عفيفى بطربوشه يحس بعد واحد على 1000 من الثانية كان يعطيها الدمين ويقول لها بدون أن يدرى أحد ( إرجعى يابت أو ادخلى يابت ) تعود مرة ثانية إلى الصواب وهنا تتجلى عبقرية أم كلثوم قالت ابراهيم عفيفى بيسترنى يعنى بيدارى أخطائى ..... هذا ذكاء أم كلثوم فلو لم تكن تلك العلاقة والتفاهم الجميل بينها وبين ابراهيم عفيفى ولتغابت وتكبرت عليه لما اصلح لها , واقول ايضاً هنا قيمة جمالية العزف القدير عندما يخطىء بخبرته يفعل اى حرف أو شىء يصلح به خطأه وانت لما تسمعه تقول الله ... لأن القدير يحول خطأه إلى ما يشبه التنويع أو التجويد فى الجملة , وكل خطأ اصلحه ابراهيم عفيفى لأم كلثوم انت اليوم تسمعه تجد انه تنويع جميل فى الجملة وليس خطأ وذلك يرجع إلى قدرة أم كلثوم وقدرة ابراهيم عفيفى ثم اهم شىء عدم غرور أم كلثوم وانصياعها السريع لتعديل ابراهيم عفيفى .
وكان لإبراهيم عفيفى دور مهم آخر , كل مطرب عملاق كان من اهم صفاته فى السلطنة العالية انه ممكن يجود اللحن فى الحفلات ومن انواع التجويد او السلطنة ما يسمى بالتصدير , والتصدير عبارة عن تاخير اول حرف فى الجملة , وهذا الأداء لو لم يصدر عن مطرب قدير قد يوقع الإيقاع أو يخرج عن الريتم , ولكنه كان من اهم إبداعات أم كلثوم بالذات لأنها كانت تغنى الجملة 4 مرات ثم يطلب الجمهور إعادة الكوبليه مرة أو مرتين يعنى من الممكن ان تغنى الجملة الواحدة 12 مرة وهنا لو قارنت تلك المرات الإثنى عشر تجد ان ام كلثوم تجود بكل مرة يعنى ادائها يتصاعد فى الإبداع , فلا تجد الإعادات نسخة كربونية لأن ذلك يصيب الجمهور بالملل ولكن كل إعادة فيها جديد مما يثير الجمهور ليطلب ويتشبث بالإعادة أكثر وأكثر , ولحدوث التصدير بطريقة صحيحة يلزم عازف إيقاع قدير جداً يتجاوب مع المطرب ويضبط له الإيقاع , حتى لا يخرج المطرب عن الوحدة او الريتم ( نظراً لأن التصدير يحدث إرتجالاً على المسرح وغير مسبوق فى البروفات ) , من مميزات ابراهيم عفيفى الخطيرة أيضاً حسه العالى جدا , قلت ان ام كلثوم تعيد الجملة عدد كبير من المرات , فكان كل ما تعيد الجملة يعطى حلية خفيفة وهو يعزف مهما كان نوع الإيقاع يعنى لو كانت الجملة ايقاعها مقسوم مثلاً كل ما تعيد الجملة يعطى تنويع أو زخرفة للمقسوم مختلف حتى لو أعادتها مائة مرة , وهو هنا قد صنع مدرسة فى الإيقاع صارت بصمتها واضحة فى من أتى بعده مع أم كلثوم وهم حسين معوض وحسن أنور , وللعلم تلك الزخرفة تحتاج ذوق عالى جدا وحس مرهف وإلا من الممكن أن تدمر الإيقاع أو تُخرج المطرب عن الوحدة .
كان العازف المرشح للفرقةالماسية كما قلت لابد ان يتوافر فيه شرط القراءة الفورية للنوتة اما العازف المرشح لفرقة أم كلثوم لابد أن يتوافر فيه شرط أن يكون حافظاً لكل أغانى أم كلثوم الحديثة ( وأقصد بكلمة الحديثة هنا جميع الأغانى التى غنتها أم كلثوم خلال العشرين عاماً السابقة على الأقل ) والسبب أن من طقوس أم كلثوم كانت من زمان وإلى 1969 تقريباً تغنى ثلاث وصلات فى الحفلة الوصلة الثانية تغنى الأغنية الجديدة والوصلة الاولى تغنى الأغنية السابقة التى قبل الجديدة اما المهم الوصلة الثالثة كانت تختار اغنية من أغانيها الاقدم فى حدود عشرين سنة ماضية , وكان إسم الأغنية سر غير معروف واحياناً كانت تختار الأغنية بعد أن تصعد على المسرح , يعنى تحس إن نفسها تغنى هجرتك مثلاً او الحب كده , لذلك كان المفروض أن يكون العازف حافظاً لكل الأغانى بالحرف وهنا يأتى الدور الخطير لعملاق آخر من عمالقة عازفى فرقة أم كلثوم محمد عبده صالح عازف القانون الذى لم ولن يتكرر فى الموسيقى العربية كان يجلس على القانون كالأسد , كان يحفظ كل اغانيها , فى اى لحظة يعطيك أى أغنية من ايام سلامة وحتى آخر حياته ( بعد ودارت الأيام ) , لو تلاحظوا قبل البدء أو بين الكوبليهات تحس انه يداعب قانونه او ( يخربش الاوتار ) ولو دققت فيما يفعل تجده يعطى تأشيرة للازمة القادمة ( اللازمة يعنى المقدمة الموسيقية للكوبليه القادم ) , والعازف من الممكن أن يكون حافظاً للأغانى ولكن يلزمه تأشيرة يتذكر بها بداية اللازمة ولولا محمد عبده صالح لأضطرت أم كلثوم إلى العزف بإستعمال النوت الموسيقية مما اعتقد كان سيضيع جزء كبير جداً من السلطنة الخاصة بنظام أم كلثوم الفريد .
كان لمحمد عبده صالح عدة أدوار مهمة جداً أخرى , عندما كانت أم كلثوم ترتجل تقاسيم أو موال كان محمد عبده صالح يمثل دور ( مثل دور صانع الألعاب فى ملعب الكرة ) كان يعمل تقسيمة بالقانون تحتوى كل المقامات التى ممكن ان أم كلثوم تغنى منها يعنى يفتح لها السكك ,
وهى تغنى كان دائما يسبقها بحرف يعطيها الحرف الذى تبدأ منه , ولا يتركها حتى تصفى الجملة وهذا الدور الرائد لولاه ما أبدع المطرب فى اليالى والموال والإرتجالات , كذلك كان له دور مهم فى إعادة الكوبليهات , كان بعد التصفيق يبدا بقانونه يسحب الفرقة إلى الكوبليه التالى وحسب التصفيق أو حسب رغبة الست فى الإعادة كانت ترسل له نظرة من عينيها أو إشارة بيدها كان له خلطة توابل عجيبة ( من احلى ماتسمعه من فرقة أم كلثوم ) كان يصنه عدة خربشات على الأوتار يستخلص جملة الكوبليه الاول من جملة الكوبليه الثانى الذى تعزفه الفرقة بذلك يسحب الفرقة إلى الإعادة فى حركة جهنمية مثل موج البحر تجد الفرقة تعزف موسيقى الكوبليه السابق , عندما تسمعون اى اغنية لأم كلثوم بعد قرائة كلامى ستحسون بجمال آخر لم تحسوا به من قبل ( ركزوا على الرق مع ابراهيم عفيفى وركزوا على القانون مع محمد عبده صالح ) هنا اتكلم عن أشياء جانبية غير مألوفة وهى التى تجعل تسجيل حفلة لأم كلثوم اروع من تسجيل الإستديو مائة مرة لأن تسجيل الاستوديو لاتحدث فيه تلك الاشياء وإن حدثت يتم حذفها فى المونتاج .
ومن اهم ادوار محمد عبده صالح فى الحان رياض السنباطى الموسيقار العبقرى والذى كان له مميزات لاتعد ولا تُحصى من ضمنها الأغانى الشقيقات , كانت عبقرية رياض اسنباطى أن يصنع اغنيتان شقيقات بينهم خط واضح وغير واضح , متصل وغير متصل مثل اغنية جددت حبك وغلبت أصالح , وخطورة تلك الشقيقات ( تحدث معى ) عندما اعزف احداهما عند مكان معين يوجد فى الاغنية شرك خداعى مثل مفترق الطرق , طريق ذاهب الى مصر الجديدة وطريق ذاهب إلى الجيزة تذهب فى طريق مصر الجديدة تكتشف انك فى الجيزة , يعنى فى إحدى الاغنيتين صولو كمنجة لو لم تحترس اشد الإحتراس تدخل فى الأغنية الأخرى لأن المقام واحد , هنا يلزم عازف يكون حافظاً للأغانى بدقة متناهية , وكان محمد عبده صالح جالساً كالسبع يزخم فى الحروف الأولى يسحب وراءه الفرقة بطريقة مبدعة .
من اخطر ملاحظاتك عندما تسمع ام كلثوم تجد للفرقة نكهة خاصة لاتتوفر فى أى فرقة أخرى والسر ان فرقة أم كلثوم كانت تضبط الكمنجات طبقة صغيرة , وكلمة طبقة صغيرة أشرحها للهواة الكمنجة لها نوعين من الدوزنة اى ان تضبط على آلة ثابتة مثل الأكورديون
الدوزان الغربى من الغليظ إلى الحاد صول رى لا مى اما الدوزان الشرقى صول رى صول رى يعنى عندنا وتران مثل الغربى ووتران ننزل درجة ونزول تلك الدرجة يعطى الحنان الشرقى المتميز حيث أن الكمنجة فى الدوزان الغربى صوتها جاف نوعا ما لكن فى الدوزان الشرقى تحس بحنانها اكثر , عند أم كلثوم ننزل بالكمنجة كلها تون كامل تعطى الكمنجة اقصى حدود الحنان .
من مميزات الفرقة المحترمة كالفرقة الماسية التوحيد فى الأداء يعنى فى الجملة كلنا نعزف من القرار أو كلنا من الجواب لأن لو الفرقة تعزف من القرار وكمنجاتى واحد يعزف من الجواب يعطى نوعاً من التسلخ أو عدم الأنسجام اما فرقة أم كلثوم كانت كل شىء مختلف , يعنى الغير مقبول هناك اجمل شىء هنا واتحدث عن الحفناوى عازف الكمان المبدع
قلت أن الدوزان الشرقى يعطى الكمنجة حنان والطبقة الصغيرة تعطى أقصى حدود الحنان
أما الحفناوى كان يضبط كمنجته تركى ( صول رى صول دو ) وهذه الطبقة كانت تعطى أقصى أقصى حدود الحنان ولذلك تحس بصولو الكمنجة من الحفناوى بطعم متميز عن أى عازف آخر , عندما تركز فى سماع ام كلثوم بعد قراءة هذا المقال ستجد الفرقة تعزف من القرار وعازف شقى يعزف من الجواب كثيراً , وهنا لا يصنع تسلخاً كالمالوف او الغير مرغوب فى الفرقة الماسية ولكنه هنا محبوب ومتميز ومن نكهات فرقة أم كلثوم المتميزة
والسبب دوزانه التركى هذا مع الطبقة الصغيرة .
وبإختصار جمع القدر لأم كلثوم كل العناصر التى تزيدها إبداعاً على إبداع .
وإلى لقاء آخر
رد مع اقتباس