عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 19/03/2019, 21h51
الصورة الرمزية عزوز الحوري
عزوز الحوري عزوز الحوري غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:771687
 
تاريخ التسجيل: août 2016
الجنسية: مغربية
الإقامة: بلجيكا
المشاركات: 235
افتراضي رد: عبد النبي الجراري مطربا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزوز الحوري مشاهدة المشاركة
دراسة في الموسيقى المغربية
عندما نحاول تحديد تاريخ نشأت الموسيقى المغربية العصرية حاولت فهم المراحل التي كانت وراء نهضة موسيقية مغربية حديثة فكان علي لزاما النبش في طيات التاريخ الموسيقي المغربي فاهتديت إلى أن للمغاربة علاقة وطيدة منذ زمن بعيد. فجل الحضارات التي حكمت المغرب أثرت و تأثرت في أسلوب الموسيقى المغربية يشهد له به العالم بتنوعه الموسيقي و اختلاف أنماطه الموسيقية المتعددة.
إن مدرسة التلحين المغربي في بدايتها عرفت مرحلة تسمى بمرحلة التقليد و محاكاة المدرسة اللحنية الشرقية و في هذه المرحلة التي عرفت العديد من الأسماء المغربية في مجال اللحن و التي تأثرت بالمدرسة الشرقية و خاصة مدرسة اللحن المصرية التي كان لها النصيب الأكبر في تكوين جيل الرواد المغاربة في مجال صياغة الألحان و التأليف الموسيقي. و قد تزعم هذا التيار الفني الموسيقي الموسيقار الراحل الأستاذ أحمد البيضاوي لما له من خبرة في هذا المجال و معاصره الأستاذ المعطي البيضاوي اللذان كانا يمثلنا مدرسة التلحين الشرقي بالمغرب حتى ظهور الموسيقار الراحل عبد السلام عامر الذي يعتبر أيقونة اللحن العربي بالمغرب.
إن مدرسة اللحن المغربي قد مرت بمراحل عدة و التي أكسبتها نضجا فنيا جعل منها إحدى أهم مدارس الموسيقى في العالم العربي. و من أهم هذه المراحل تشبع جيل الرواد الأوائل بتراثهم الموسيقي المحلي مما جعلهم يوظفونه في قالب عصري جديد ناهيك على ما قامت به مدرسة فن الملحون من إخصاب المواهب الفنية المغربية على صعيد الجمل اللحنية أو الإيقاعية و حتى على تطوير الزجل و الرقي به من العامية إلى الدارجة المعربة. كما نجد رافدا آخر قد ساهم في تطوير مدرسة اللحن المغربي إتقان جيل الرواد لما قلدوه من موسيقى الشرق ذلك الوافد الجديد على الثقافة الموسيقية المغربية التي كانت تعتمد على فن الملحون و الذي هو وليد هجرة الأندلسيون و اختلاطهم بالمغاربة مما جعل من فن الآلة الأندلسية أرضا خصبة للإبداع و البحث من لدن ثلة من الموسيقيين المغاربة الذين حاولوا خلق لون موسيقي مغربي جديد سيكتب له الخلود فيما بعد إنه فن الملحون.
فكان من حظ مدرسة التلحين المغربية أن لها تراثا موسيقيا حضاريا نهلت منه في بدايتها لتخلد بذلك صفحات من المجد الموسيقي شهد له الشرق و الغرب. و يعزى هذا النجاح في نظري لوجود جيل من الرواد الذين تكونوا في مدرسة فن الملحون و مدرسة فن الآلة الأندلسية مما جعل منهم عازفين ماهرين قادرين على الإبداع و فهم صناعة الموسيقى فهما صحيحا مبنيا على أسس فنية جعلت منهم روادا في هذا المجال. فأغلب الملحنين و الأصوات ثم الزجالين نهلوا فنهم من أساتذة و شيوخ لهم وزنهم الفني على المستوى الموسيقي المغربي و العربي. و حفاظا على هذه الحقبة التاريخية المهمة من تاريخ الموسيقى المغربية كان من الواجب علينا تدوينها لكي لا يطالها النسيان و تاريخ بلادنا الموسيقي في حاجة ماسة لتوثيق هذه المرحلة بالذات لميلاد الأغنية المغربية العصرية.
الباحث الملحن و العازف الأستاذ عزوز الحوري الإدريسي ـ بروكسيل

المبدع عبد النبي الجيراري
صانع النجوم
(من السهل على الإنسان أن يقف متحدثا عن الموهبة، لكن من الصعب عليه أن يكشف خبايا ومكامن تلك الموهبة. قولة للأستاذ عبد النبي الجيراري )
أحد ينكر الدور الكبير الذي لعبه الفنان المجدد الأستاذ عبد النبي الجيراري في اكتشاف المواهب و تربيتها فنيا مما جعل منه الأستاذ و المربي الموسيقي الأول بدون منازع و تظهر عبقرية هذا الرجل الوطني الغيور على وطنه و يشهد له تاريخه النضال رفقة مجموعة من أصدقائه الفنانين الذين يؤكدون حبه و تمسكه القوي بالبلاد و وحدتها تحت قيادة عاهل البلاد الراحل محمد الخامس رحمة الله عليه. الرائد الأستاذ عبد النبي الجيراري من مواليد مدينة الرباط سنة 1924 و قد تلقى أصول فن الموسيقى على يد الأساتذة محمد البارودي و الفنان المصري مرسي بركات و الأستاذ الجيراري ليس له نظير على الساحة المغربية من حيث بحثه المتواصل و اكتشافه للمواهب الجديدة الجادة و التي كان يغذي بها الساحة الفنية المغربية و العربية. في سن مبكرة و تحديدا سنة 1945 أسس رفقة كل من الفنانين أحمد البيضاوي ـ صالح الشرقي ـ سمير عاكف وعبد القادر الراشدي أول جوق مغربي أطلق عليه اسم (جوق الاتحاد الفني الرباطي) و هي المجموعة التي كونت الجوق الوطني في ما بعد.
ساهم (جوق الاتحاد الفني الرباطي) في إحياء سلسلة من السهرات والحفلات الفنية الوطنية، لبث الحماس في نفوس الوطنيين، بتنسيق مع أبرز قادة المقاومة في المغرب. انطلاقا من إذاعة (راديو ماروك) بدأت معزوفات ونغمات جوق الجيراري مثل (سلوى) و(بشرى) و (جمال الريف) تصل إلى آذان المستمعين المتعطشين إلى الموسيقى المغربية التي بدأت تتشكل آنذاك بالاعتماد على غنى التراث المغربي وتنوع إيقاعاته.
و من مذكرات الراحل الأستاذ صالح الشرقي (جل تر المعاني) ( سنة 1950 كانت الحركة الفنية الغنائية بالمغرب قد عرفت دبيبا ملموسا بمختلف المدن الكبرى و خصوصا على يد الأستاذ عبد النبي الجراري الذي يعود إليه الفضل في تكوين أول جوق عصري حقيقي كان عبد القادر الراشدي و إسماعيل أحمد من بين أفراده ) انتهى وهو جوق الاتحاد الفني الرباطي سنة 1947. و من ذكرياتي الشخصية أني زرته مع مجموعة من الأصدقاء في بيته بعد عودته من المستشفى و كان يصطحبني الزجال محمد المحفوظي و الصحفية حركات و المغنية سميرة صابر و آخرون و عندما فتح الأستاذ الجيراري الباب قال فيكم الخير يا أولادي و صار يكررها حتى دخلنا المنزل فأحضر الشاي و بعض قطع الحلوى. و بعدما استقر بنا المقام صرنا نسأله في العديد من الأمور الفنية فكان رحمة الله عليه ذو سعة صدر كبيرة يجيب تارة و يعزف تارة و لن أنسى الدرس الذي أعطاني إياه في مقام الحجاز كار و قد تشرفت بالعزف أمامه فأسمعته بعض أعمالي المتواضعة فابتسم أمام الحضور و قال رحمة الله عليه هذا الشاب يذكرني بالسقاط فصفق لي الجميع و قمت لأقبل يده فامتنع و رتب على كتفي قائلا هذه شهادة حق أنت مغربي و أعمالك مغربية و هذا هو المطلوب إنتهى .

سنة 1967 بدأت رحلة عبد النبي الجيراري في البحث عن أصوات جديدة لتطعيم الأغنية المغربية بأصوات شابة التي ستصبح فيما بعد نجوما منهم من استقر المغرب و البعض الآخر سافر إلى الشرق. و من خلال برنامجه التلفزيوني الذائع الصيت “مواهب” الذي كان أول برنامج في تاريخ التلفزيون المغربي يعنى باكتشاف الأصوات و يتبناها و يخصها بالرعاية و التوجيه و ذلك بحاسته الفنية التي لا تخطئ كان الجيراري يكرس كل وقته للبحث عن الأصوات الناشئة ليتبناها فنيا و يصقلها بالرعاية الفائقة، قبل أن يفتح أمامها أبواب النجاح والشهرة لدرجة أن أغلب الأصوات المغربية التي ظهرت في سبعينيات القرن الماضي كانت من اكتشافه.
الأستاذ عبد النبي الجيراري عازف متمكن على آلة العود و الكمان ثم البيانو و ملحن ذو خبرة كبيرة في مجال التأليف الموسيقي و ذو إحساس فني مرهف و ستظل أعماله الخالدة خلود الأطلس الشامخ رمز المملكة المغربية. تتلمذ عليه الكثير من الأسماء التي تعتبر نجوم الغناء المغربي و العربي ذكر منهم : الموسيقار عبد الوهاب الدكالي و المطربة سميرة بن سعيد و المطربة عزيزة جلال و الملحن و المطرب محمود الإدريسي و اللائحة طويلة. و من خلال حرصه الدؤوب على خدمة فن بلاده أنشأ برنامجا هادفا لتربية الفنانين الهواة و صقل مواهبهم عن طريق مسابقات فنية كل يوم أحد يسهر عليها و يوجهها بتوجيهات الأب المربي. و في سنة 1985 و في عز النجاح الذي عرفه توقف برنامج المواهب أقدم أحد المسؤولين بدار الإذاعة و التلفزيون المغربي على توقيف هذه المدرسة الفنية ليحل محلها برنامج ( موزيكا ) للمنوعات و هذا ما تدمر منه الراحل عبد النبي الجيراري فاختفى عن الأضواء الفنية دون أن يسأل عليه أحد ليموت في صمت لكنه ظل حيا في الذاكرة من خلال الأصوات العديدة التي اكتشفها.

لقد أبدع الأستاذ عبد النبي الجراري خلال عمره الفني و عمله في الإذاعة و التلفزة من 1953 إلى 1985 أعمالا ودررا لحنية تبلغ زهاء 90 لحنا لأمتع الأغاني المعاصرة المتجددة وأسند ألحانه لكثير من نجوم الأغنية المغربية والأصوات الغنائية. كما نعاه جلالة الملك محمد السادس في برقية التعزية التي بعث بها إلى أفراد أسرة الراحل (إن عزاءنا في الفقيد الكبير هو الأجيال الفنية المتعاقبة التي تكونت على يديه و نهلت من خبرته الفنية الواسعة على مدى عقود من الزمن فشقت طريقها في سماء الفن والإبداع المغربي والعربي عن جدارة واستحقاق والتي تعد بحق خير ذكرى لرحيل أحد أعمدة الغناء المغربي كما أن ألحانه الشجية وأغانيه الأصيلة ستظل خالدة في الذاكرة الفنية المغربية على مر الأجيال رحمه الله).

تسجيل حي لإحدى سهرات العازف عزوز الحوري ببروكسيل
https://www.facebook.com/azzouz.elho...8552876315600/
رد مع اقتباس