عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 12/06/2007, 16h50
د . عدنان جواد الطعمة د . عدنان جواد الطعمة غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:20408
 
تاريخ التسجيل: avril 2007
الجنسية: المانية
الإقامة: المانيا
المشاركات: 8
افتراضي محطات مضيئة عن حياة رائد و عميد المقامات العراقية المرحوم الأستاذ محمد القبانجي

محطات مضيئة عن حياة رائد و عميد المقامات العراقية المرحوم الأستاذ محمد القبانجي
( 2 )
د . عدنان جواد الطعمة

وفي مقهى قدوري العيشة طلب ذات يوم من الشاب محمد القبانجي أن يعني شيئا مما حفظه من المقامات وكان السائل هو المطرب سيد ولي و قال بالحرف الواحد يا محمد أنت لك خمس سنوات متابعة في هذه المقهى ماذا تعرف عن المقام نريد أن نسمعك .
فلبى الطلب وغنى ، و بعد الإنتهاء قيل له أنك احتفظت بالجوهر و لكن لماذا لم تتبع كريقتنا في الاداء ، فرد عليهم قدوري العيشة ( أنه أحسن منا ) و دعوه يغني حسب طريقته الجديدة ، وجميل أن يحتفظ بجوهر الغناء .

وعن هذه التساؤلات يعقب الأستاذ محم القبانجي بقوله ( الحقيقة . . . أنا لم أرفض طريقتهم في الغناء لكنني لم أتقيد بهم و كنت و لم أزل مقيما للمطربين الذين ساروا على الطريقة القديمة للمقام اللبغدادي أمثال رشيد القندرجي و الحاج نجم الشيخلي و الحاج عباس طمبير و السيد جميل البغدادي ) . ومن هنا تتوضح لنا أكثر فأكثر أخلاقية القبانجي و أدبه الرفيع الذي حببه إلى قلوب رواد المقهى و جلاسها من القراء و عشاق المقام على حد سواء . (العامري ، صفحة 16 – 21 )
ثم يتحدث العامري في صفحة 28 من كتابه عن إضاءات في مسيرة القبانجي ، يقول فيها :

" للأستاذ القبانجي طريقته الخاصة المتميزة حتى في أدائه للمقامات الثابتة و المتعارف عليها وهي حالة تكمن في قراءته تحفزه على التجديد الهادئ بشئ من الثقة و الحذر ، حتى استطاع أن يتجاوز الكثير من العقبات و يتخطاها بخطوات واثقة ، و أستطيع القول ان القبانجي كان يعطي لكل مقام اضافات في الإنعطافات الصوتية العذبة لدرجة ان الموسيقى كانت تلهث احيانا وراء نبراته وتحويلاته الذكية التي لا يخرج بها لا على النغم ولا على أصول المقام الثابتة و تشعر و أنت تصغي اليه بانه يريد أن ينقلك إلى عوالم جديدة دون عقبات و هذا هو التجديد بحد ذاته ، وانطلاقا من هذه الحقيقة بدأ البعض و بدافع من عدم الإستيعاب – أو بدافع التزمت للمألوف بدأ هذا البعض تريج المقولات التي لا تملك الإثباتات او الشواهد و الأدلة التأريخية على صحتها ، وحين نقول ان مرحلة القبانجي كانت بداية للإنطلاق بالمقام إلى حالة صحيحة معاصرة . بدليل ان الأستاذ القبانجي ، استطاع بحكم حبه للمقام إلى درجة العشق و بذكاء مفرط ان يبحث عن القوالب الجديدة التي تحافظ على اصالة المقام و تضخه بدماء جديدة كانت السبب الأساس في تعلق الشباب بهذا اللون من الغناء الخالد الذي كاد أن ينقرض و تصدأ قوالبه القديمة التي يعتبر الخروج عليها خروجا على الموروث كله . .......
ما نريد ان نقول بهذا الصدد و على ضوء المراجع والمصادر التأريخية هو أن المقام قد ازدهر في العهد العباسي وانتشر رواده في قصور الخلفاء العباسيين على امتداد تأريخ الدولة العباسية وانفرط عقدهم في الفترة المظلمة التي تلت انهيار الدولة العباسية اذ كان الغزو التتري لبغداد قد أتلف الكثير والكثير من التدوينات و الوثائق و المصادر الثقافية و العلمية و الفنية و غيرها فمن نافلة القول ايضا ان زمرة هولاكو قد أتت على غير قليل من منابع المقام و مصادره و أما بالنسبة لشلتاغ وتلامذته و هم كما أسلفنا ( أحمد زيدان و ملا عثمان و خليل الرباز ) فقد أفرزت هذه المدرسة فيما بعد مدرسة بحد ذاتها و انعطف بالمقام ذو النكهة والروح البغدادية و الطابع المميز في الاداء كما تشير الكثير من الدراسات و البحوث مضافة إليها المحموعة من الإسطوانات النادرة المتوفرة ، و التي تتجسد فيها قدرته الفائقة في التأثير و التطريب و الاداء المتمكن .

أما الإتجاه الثاني المنبثق عن المدرسة ، فهو الإتجاه الذي قاده الملا عثمان الموصلي و أضاف عليه الطابه الموصلي الذي تميز بأصالة النبرة و الرخامة في الاداء . ( المصدر نفسه صفحة 31 )

أما عن كيفية إبتكار مقام اللامي من قبل الأستاذ محمد القبانجي راجع كتاب العرامري صفحة 32 .

ذكر الأستاذ صافي الياسري عن المرحوم الأستاذ محمد القبانجي في مقالته : محمد القبانجي - سيد المقامات العراقية ، قائلا :
" وفي تطوره اللاحق لم يعد القبانجي يكرر القوالب التي تعلمها والقصائد التي حفظها عن اساتذته، كما يفعل معاصروه من القراء، بل صار يرتجل الاداء ويتنقل بين الانغام ومقاماتها بحرية، ويختار شعرا لم يقرأه من قبل أحد، بل انه نظم الشعر بالفصحى مثلما نظمه بالعامية الدارجة، وتلك في الحقيقة ثورة لم يسبقه اليها احد ولم يعقبه احد وهي التي قادته الى رفع مصاف عدد من الوصلات القصيرة ذات الانغام المميزة والداخلة في مقامات اصلية، الى ان تكون مقامات اصلية بحد ذاتها وهي 13 مقاماً اشهرها مقام اللامي الذي استغله المطرب المصري محمد عبد الوهاب في تلحين اغنيته المتميزة (يللي زرعتوا البرتقال)، والقطر والجماز كاركرد والكرد والعشاق.
وللقبانجي صوت عذب تدعمه قدرة عالية على الاداء وثقافة موسيقية وادبية راقية فضلا عن ذوق وحساسية مرهفة فقد كان يرشح بعض المقامات لقراءتها ليلا واخرى صباحا ما يذكرنا بما كتبه المستشرق جورج هنري فارمر وترجمه الدكتور حسين نصار، نقلا عن ابن سينا (ان بعض النغمات يجب ان تخصص لمدد معينة من الليل والنهار، فمن الضروري ان يعزف الموسيقي في الصباح الكاذب نغمة (راهوي) وهي نغمة سلمها هو (الرست) وفي الصبح الصادق (الحسيني) وعند الشروق (الرست) وفي الضحى (بوسليك) وهي نغمة سلمها (النهاوند) مركبة من نغمتي هما الجهاركاه وحجازكاه وفي الظهيرة (عشاق) وهي من نغم البيات وفي الغروب (اصفهان) وفي المغرب (نوى) وفي العشاء (بزرك) وهي درجة صوتية من جواب مقام السيكاه وعند النوم (مخالف).
وطريقة غناء القبانجي وخياراته في الموافقة بين المقام والوقت تدل على سعة اطلاع نادرة بين معاصريه.
وقد حصل على جوائز عديدة خلال رحلته الفنية، ففي عام 1953 حصل على وسام الرافدين ونال وسام الكومندور عام 1967 ونال عام 1976 الميدالية التكريمية لرواد الفن وحصل في نفس العام على وسام المجلس الدولي للموسيقى وهو وسام رفيع لا يمنح الا لكبار الفنانين وفي عام 1978 خصصت وزارة الثقافة والاعلام جائزة دعتها (جائزة القبانجي) لقراء المقام الشباب المتفوقين وهو اول مطرب عراقي يطلق اسمه على جائزة، ونال وسام اليونسكو سنة 1979 وعد اعظم فنان في اسيا.
وفي يوم 28/5/69، اعلن القبانجي اعتزاله الفن، وللقبانجي جامع باسمه في منطقة القادسية ببغداد، وقد خرجت مدرسته قراءاً متقدمين، منهم يوسف عمر وعبد الرحمن خضر وناظم الغزالي وشاكر البنا وحسن خيوكة وشهاب الاعظمي وحامد السعدي وطه غريب وآخرون.
ومن اشهر اغانيه ـ سود نوني ها لنصارى واصلي واصلك بغدادي ـ صاحي لو سكران ـ الويل ويلي ـ مسلم ولا اذكر هلي ـ لتظن عيني تنام ـ عيني جميل اشبدلك ـ نار بوجنتك لو نور ـ صلي وسلم بالحرم ـ بابا حسن ربيتك زغيرون ـ يا نجية كيفي ـ واغنيات وطنية عديدة من اشهرها ـ المجرشة لعبود الكرخي ـ وحب وحكم ـ واكعد يا نايم للظهرـ وارض الابوة والجدود ـ وقصائد لا تعد ولا تحصى.
ورحل القبانجي عام 86 بعد ان ترك خلفه تراثاً موسيقياً لا مثيل له وضعه بلا نقاش على عرش المقام العراقي سيدا دون منازع. وبرغم ان الاجيال الشابة لا تعرفه جيدا الا ان المتخصصين والدارسين منهم يدركون عظمة موقعه واهميته، فهو ركيزة من ركائز البيت الثقافي ولون بارز من الوان الشخصية الوطنية العراقية. "
غنى المرحوم القبانجي ما يزيد عن 51 مقام و 94 بستة كما ذكر العامري في الصفحات 105 – 116 .


مؤتمر القاهرة : http://www.zshare.net/video/144403312b8e87/

ألمانيا في 12 / 6 / 2007
رد مع اقتباس