رد: التحليل الأدبىّ لبعض قصائد أم كلثوم المغناه
أغدا ألقاك ( 2 )
وكانت القصيدة الأصلية هى :
أغداً ألقاكَ يا لهفَ فؤادي من غدِ
وأحيّيكَ ولكن بفؤادي أم يدي
أم بطرفٍ خاشعِ اللمحِ كليلٍ مجهدِ
لست أدري كيف ألقاكَ ولكنّي صدي
ظامئٌ أرهقه البينُ وطولُ الأمدِ
** **
أنتَ يا جنّةُ حبي واصطخابي وجنوني
أنتَ يا قبلةَ روحي وانطلاقي وشجوني
أنتَ يا معبدَ صمتي وصلاتي وسكوني
أغداً ألقاكَ يا لهفَ فؤادي من غدِ
وأحيّيكَ ولكن بفؤادي أم يدي
** **
أنا أخشى من غدٍ هذا وأرجوه اقترابا
كنتُ أستدنيهِ لكن هبتُهُ لمّا أهابا
وتوّلت دهشةُ القربِ فؤادي فأنابا
هكذا أستبطنُ العمرَ نعيماً وعذابا
مهجةٌ سكرى وقلبٌ مستهامٌ يتغابى
** **
أتغاباكَ ولكن ظُنَّني كيف تشاءْ
وأناديكَ ولكنّ نداءتي دعاءْ
يا رجائي أنا وحدي أَدَّني منكَ الرجاءْ
أنا لولا أنتَ لم أحفلْ بمن راح وجاءْ
** **
هذه الدنيا سماءٌ أنتَ فيها القمرُ
هذه الدنيا عيونٌ أنتَ فيها البصرُ
هذه الدنيا ليالٍ أنتَ فيها العمرُ
هذه الدنيا كؤوسٌ أنتَ فيها السكرُ
أغداً ألقاكَ يا لهفَ فؤادي من غدِ
وأحيّيكَ ولكن بفؤادي أم يدي
** **
فغداً لا نعرفُ الغيبَ ولا ماضٍ تولّى
وغداً لا يعرفُ القلبُ لهذين محلّا
وغداً تصطخبُ الجنّةُ أنهاراً وظلّا
وأحيّيكَ ولكن بفؤادي ليس... إلا ؟
وهذه القصيدة من بحر الرمل ،
[ والبحر في الشعر العربي مصطلح يُقصَد به مجموع التفعيلات التي تكوِّنُ هذا البحر الشعري المعيَّن والوزن الشعري هو هذه التفعيلات التي تنتظم بطريقة بديعة لتشكل البحر الشعري الذي يتمُّ نظمُ الأبيات الشعرية عليه في اللغة العربية حيثُ يقدَّر عدد البحور في الشعر العربي بستة عشر بحرًا اكتشفها الخليل بن أحمد الفراهيدي كلها عدا بحر المتدارك اكتشفه تلميذُه الأخفش الأوسط فأوزان الشعر هي التفعيلات نفسها التى يتكون منها هذا البجر أو ذاك ] وقبل الحديث عن بحر الرمل في الشعر الحر لا بدَّ من ذكر لمحة عن التفعيلات العروضيّة في الشعر العربي حيثُ يمكن تعريف التفعيلات العروضيّة على أنَّها مجموع الكلمات التي يتألّف منها البيت الشعري والتي تكون موزونة على حسب علم العروض والقواعد في اللغة ويكون لها نمطٌ موسيقيٌّ معيّن أمَّا التفعيلة فهي بناء اللفظ من حروف الفعل الثلاثة الأصلية وهي: فاء، عين، لام، مجموعة في كلمة "فعل" بالإضافة إلى حروف الزيادة التي تضاف على هذا القالب الأصلي وحروف الزيادة مجموعة في كلمة "سألتمونيها" وكل بيت شعري يتألف من عدد من التفعيلات التي تحملُ في النسق الذي تشكله نغمًا موسيقيًّا شعريًّا معيَّنًا ولكلّ بحر شعريّ تفعيلات خاصّة يتكوّن منها وقد يشترك أكثر من بحر في تفعيلة أو أكثر وفيما يأتي سيتمُّ ذكر التفعيلات العروضية التي تتألف منها البحور الشعرية: [ فعولن، مفاعيلن، فاعلاتن، فاعلن، مستفعلن، مفاعلتن، متفاعلن، مفعولات ] وكلُّ بحر يمكنُ أن يتكون من تفعيلتين أو أكثر من تلك التفعيلات وفق ترتيب معين كان قد اكتشفه الخليل بن أحمد الفراهيدي كما قلت من قبل حيثُ اكتشفَ خمسة عشر بحرًا واكتشف الأخفش الأوسط البحر المتدارك بعده.
بحر الرمل فى الشعر الحر
يعدُّ بحر الرمل في الشعر الحر من أشهر البحور وهو البحر الأكثر شيوعًا في الشعر الحر مقارنة مع غيره من البحور إذ يرتكزُ بحر الرمل على تفعيلة: فاعلاتن فتتكرر ثلاث مرات لتشكّل الوزن الشعري للبحر الرمل وهي: فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن لذلك فهو من بحور الشعر النقيَّة الصافية يمتاز بسلاسته وسهولته فتفعيلة "فاعلاتن" وهي تفعيلةُ بحر الرمل في الشعر الحر تمنحُ الشاعر الذي يكتبُ الشعر الحر حريَّة كبيرة في السيطرة على الكلمة وتكرار التفعيلات خاصةً بما يطرأ عليها من جوازات كثيرة يمكن للشاعر أن يستغلَّها لتشكيل نصِّه الشعريّ وفق ما تُملي عليه قريحته متحكّمًا بصياغة النص فتأتي تفعيلة بحر الرمل في الشعر الحر بعدَّة صور وهي: فاعلاتن، فَعلاتن، فاعلاتُ، فاعلن، فعلاتُ، فعلن، فاعلاتان، فعلاتان. وبذلك تعطي جوًّا واسعًا من حرية الحركة وسط التركيب الشعري مع أن التفعيلات الأكثر استخدامًا هي: فاعلاتن، فعلاتن. غيرَ أن كثير من الشعراء يستخدم بقية الجوازات وخاصة في نهاية السطر أو البيت الشعري مثل: فعلاتن، فعلات، فاعلن، فعلن
وإلى اللقاء بالجزء الثالث و الأخير
|