العالم السفلي للغناء الشعبي في مصر 3
أعد الملف: هبة حسنين - شيماء البرديني - محسن محمود
نجم من عزبة عثمان إلي خرطة الشيخ مبارك مروراً بمنشية ناصر.. كلُ يغني «علي باب الله»
عماد بعرور الشهير بأغنية «العنب» وعبدالوهاب الأسمر الشهير بـ«هوبا» و«سكسكة» صاحب أغنية «كعبو.. كعبو» وأحمد صلاح وناصر صقر وممدوح الأصيل صاحب أغنية «أنا سعيد الهوا» كانوا أبطال الجزء الأول من تحقيق العالم السفلي للغناء الشعبي في مصر استعرضوا معنا إمكانياتهم وقدراتهم الصوتية وعرضنا نحن خلفياتهم وبداية اتجاههم للغناء، وكانت نبرة القلق في أصواتهم أثناء الحديث دليلاً قاطعاً علي أنهم خائفون، متوجسون من تهمة «إفساد الذوق».
اتصلنا بأحمد الأسمر صاحب أغنية «سوق الجمال» فاستقبل اتصالنا باهتمام فرغم أن صحفيا يتعامل معه وينشر له أخباره بمقابل مادي بل ويكتب له حاليا أغنية، فإن اتصال «المصري اليوم» سيوسع دائرة المهتمين به في الصحافة ومن ثم دائرة الأخبار المنشورة عنه، ورغم أنه حاصل علي دبلوم تجارة، فإننا بذلنا جهدا كبيرا في إملائه عنوان البريد الإلكتروني لدرجة أننا كنا نصف له شكل الحروف وكيف أن حرف B مثلا عبارة عن «كورتين وعصا لازقة فيهم».
«الأسمر» الذي اشتهر من خلال ٦ ألبومات وأغنيات «يا حبيبي ونزلت سوق الجمال، يا أم حمادة حمادة بيعيط» بدأ مشواره مع الغناء منذ أن كان في الثالثة عشرة من عمره، داخل شارع الوحدة في إمبابة، حيث يغني مع أصدقائه أغنيات عدوية وحسن الأسمر، لذا أطلق عليه اصدقاؤه أحمد الأسمر، رغم أن ملامحه أقرب إلي محمد فؤاد، فاحترف الغناء منذ صغره، ولم يمنعه من العمل كعامل علي ماكينة تصوير مستندات في إحدي الشركات،
في الوقت نفسه كان يحيي الأفراح في منطقته ، أحيانا بجنيهات قليلة لا تتجاوز ٢٠ جنيها في الفرح، وأحيانا أخري ينصبون عليه ولا يعطونه مليما، وكانت نقلته الحقيقية عندما قابله المنتج «خالد عمر» صاحب شركة «صوت الطرب» للإنتاج، وعرض عليه إنتاج شريط كاسيت له، والذي اعتبره المنتج مغامرة،
لذا لم يدفع فيه للأسمر أي نقود، واكتفي بعد نجاح الشريط وتوزيعه «٧ ملايين نسخة» - حسب قوله - أن اشتري له هدية يوم ولادة نجل الأسمر، الذي قابل تصرفه هذا برضا، فيكفي حسب اعتقاده أنه هو الذي صنع شهرته وغامر بإنتاج الشريط، صحيح أنه لم يكلفه أكثر من ٥ آلاف جنيه، فسعر الأغنية لا يتعدي ١٠٠ جنيه واللحن مائتي جنيه، إلا أن التكلفة الأعلي كانت في التسجيل، إذ أصروا علي التسجيل في ستوديو نصر محروس لضمان جودة ونقاء الصوت، وإيجار الساعة في هذا الاستوديو تصل إلي مائتي جنيه.
«الأسمر» لديه قناعة خاصة بأنه يختلف كثيرا عن سعد وشعبان وبعرور وغيرهم، رغم أنه سبقهم كلهم وكان أشهر منهم، إلا أن الحظ لعب معهم لعبته، فهو يري نفسه يغني الشعبي «الشيك» ويرفض غناء الشعبي «البيئة» مثل أغاني شعبان وسعد، لكنه حافظ علي ستايل «حسن الأسمر» ويسير علي دربه، ويستعد لألبوم جديد مع شركة إنتاج جديدة «أوسكار» يقوم مع أصحابها «وائل وأشرف» بمراحل تأسيسها، فهما يحبان الفن الشعبي وصوت الأسمر،
رغم أنهما في الأساس أصحاب مصنع ألومنيوم في منشأة ناصر ولديهما معرض في حمام الثلاثاء، ومطعم في جسر السويس وأكثر من بيت «ملك»، وفكرا أن يكونا شركة إنتاج علي غرار شركة «الأصدقاء» لصاحبها حنفي كرتونة، صاحب مصنع الكرتون، فقد كان جارا لهما وأصبحت شركته هي الأشهر وهي التي تنتج شرائط عبدالباسط حمودة وطارق الشيخ، لذا فكرا في محاكاة تجربته ووقعا مع «الأسمر» عقد احتكار لمدة ١٠ سنوات بواقع ألبوم كل عام وكليب، وربع مليون جنيه شرطاً جزائياً لمن يخل بالتعاقد، ويتولي الأسمر أيضا التلحين فيما يتعامل في الكلمات مع الشعراء سمير محمد أحمد، ومجدي توفيق، ومحمد أبوشقرة،
وبعد إصدار ألبوم الأسمر سيقومان بالتوقيع مع أكثر من نجم غيره منهم حمدي الغريب، ويفاوضان أيضا أبوعلي رغم أنه ينتج لنفسه منذ بداياته، وهو ما جعله حالة خاصة بالنسبة لزملائه، فرغم بساطته فإنه يشعر بأهمية خاصة، لذا لم يكن عابئا بفكرة الحوار معه لدرجة أنه لم يجد وقتا لإجرائه، إلا عندما كان متوجها إلي المرور، إذ قال لنا: ماشي ممكن تسلوني في السكة.
عدم اهتمامه هذا عكس أقرانه ربما يرجع إلي ثقافته البسيطة والتي لم تتجاوز حد شهادة الابتدائية، إذ ترك الدراسة لأنه كبير إخوته الأربعة وكان لزاما عليه أن يساعدهم ماديا، وانطلق في العمل في الأفراح بجوار عمله، كعامل في مزرعة خيل يعمل بها والده.
وربما كانت نشأته في دمياط سببا في شهرته التي حظي بها بعد ذلك، وتحديدا بعد أغنية.. صباح الفل يا باشا، صباحه عسل وبغاشة،..إيه الحلاوة دي يا بيه، حبة مانجة علي فراولة، حتة قشطة علي مربي، إذ أصبح المطرب الأشهر في منطقة الدلتا، رغم أنه عمل لسنوات باسم «حسن عدوية» إلا أنه عندما اشتهر فضل لقب «أبوعلي» لكي يثبت نفسه بمفرده ودون الاستعانة بلقب عدوية، وكانت سنوات عمله هذه هي التي ساعدته علي إنتاج ألبوماته بنفسه إذ كون مبلغا ماليا استثمر به في إنتاج ٤ ألبومات رغم أن أول ألبوماته كان إنتاج شركة صغيرة في المنصورة وذلك عام ٩٥ ووزع ١٠٠ ألف نسخة حسب قوله.
القصص التي يعرفها أبوعلي عن وسطهم مرعبة وقال عن سعد الصغير: «أعرف أنه اتبهدل كتير وكان بينام تحت رجلين مصطفي كامل» ورغم أنه ليس في شهرة سعد، فإنه يرفض غناء أغنية «العنب، أو بحبك يا حمار» وحجته في هذا «أنه لا يريد خسارة جمهوره» وحتي لا يشتمه الناس، فإذا عرضت عليه هذه الأغاني كان سيرفضها لأنه أقوي من حكيم ولا يمكن أن يقارنوه بسعد وبعرور، لأنه أفضل منهما، فألبوماته ليست للرقص، إنما بتتسمع ليلاً ويتنام عليها وهذا في رأيه تميز لما يقدمه من أغنيات.
ولم تصدق مريم جمال صاحبة أغنية «الديك والوزة» نفسها بمجرد اتصالنا بها.
«مريم» ابنة منطقة المناشي في القناطر عمرها ٢٤ عاما، بدأت طريقها منذ ١٢ عاما، فهي من أسرة فنية شهيرة في الشعبي - حسب وصفها - فوالدها ملحن وعازف كولا وكان يعمل مع «فاطمة عيد» لذا فهي تحب الفن، لكنه لم يمنعها عن دراستها، إذ استكملتها حتي حصلت علي معهد فني سكرتارية حاسب آلي، من معهد عبده باشا، بعد أن تم فصلها من المدرسة الأزهرية بسبب ظهورها في التليفزيون ترتدي جيبة قصيرة وشعرها مكشوف.
«مريم» تفخر دائما أنها وشيرين عبدالوهاب جيل واحد، بل إنها - أي مريم - ظهرت قبل شيرين ، لكن الفرق بينهما أن منتج شيرين لمعها أما منتجها هي فلم ينتج لها سوي ٤ ألبومات لها وهي «يا ريتك معايا»، «الديك والوزة»، «يا أم أحمد»، «الليلة يا عمدة» وتستعد حاليا للألبوم الخامس «ينفع أجرحك» والذي سيطرح بعد ١٠ أيام وستصور منه أغنية فيديو كليب وفيه تعاونت مع شركة ابن الخطيب للإنتاج، ورغم صداقتها لسعد وبعرور فإن هذا لم يمنعها من الهجوم عليهما، فهي تري أن ما يقدمانه ليس هو اللون الشعبي، وأنها في ألبومها الجديد حتعرف الناس يعني إيه غناء شعبي.