عرض مشاركة واحدة
  #375  
قديم 23/12/2017, 23h06
الصورة الرمزية nasser ahmed-
nasser ahmed- nasser ahmed- غير متصل  
مساهم دائـم
رقم العضوية:705068
 
تاريخ التسجيل: September 2013
الجنسية: يمني
الإقامة: اليمن
العمر: 67
المشاركات: 1,380
افتراضي أوبرا بارسيفال لفاجنر

أوبرا بارسيفال
رتشارد فاجنر
الفصل الثاني
-----------
وبينما الفصل الثاني في طريقه إلى مواقع الإيواء.
أحب أن أتحدث قليلاً عن موسيقى فاجنر، الذي اختلف فيه الكثيروانقسم الناس مابين مؤيد ورافض لأعماله.
-------------------------
أولاً
قطعنا سوياً شوطاً لا بأس به في إستعراض الأوبرا الإيطالية وكان لها الصداره، ثم الأوبرا الفرنسية في أوبرا كارمن لبيزية وأوبرا شمشون ودليله لكاميل صنست، وفي الأخير ، الأوبرا الألمانية ، تمثلت في سالومي لشتراوس وموزارت في الناي السحري، وكلها امتازت بأغاني (آريا) أصابت شهرة عالمية بلا منازع
-------------
فما الذي وجدناه في أوبرات فاجنر؟
أعتقد أن فاجنر لم ينل إعجابكم ، وكان مخيباً لظن الكثيرين ممن شاهدوا الفصل الأول من بارسيفال، ولا عجب في ذلك.
وإذا كان الأمر كذلك، فمن أين حقق فاجنر هذه الشهرة الطاغية في تأليف الأوبرات؟
سؤال يصعب الإجابة عليه من سماع ومشاهدة عمل واحد فقط.
ولا أخفيكم، أنني بدأت أتذوق موسيقاه بعد ترجمتي لأوبراه، وكان لكثرة تردد السماع للمقاطع الموسيقية أثناء الترجمة ، الفضل الكبير في ذلك.
-------------------
الأمر الجلي في موسيقاه هي ( الدراما الموسيقية) التي تعتبر هي البطل الرئيسي في جميع أوبراه ، وأقصد بالدراما الموسيقية ، أن مساحتها في العمل تطغي على الغناء (السولو)الذي يقوم به المؤدين، بعكس الأوبرا الإيطالية مثلاً ، والتي تعتمد على الغناء ـ فالموسيقى فيها تخدم المغنين مهما كان لها دور. إلا أن المستمع يظل منتظراً حتى يصدح التينور أو تصدح السوبرانو، بالأغنية الأثيره.

وهذا غير موجود في أوبرا فاجنر.
الموسيقى الدرامية هي التي تحكم الأبطال ، وليس العكس

يقول النقاد أن فاجنر استحدث من جديد الدراما الموسيقية بعد أن طغى الهزل في العديد من الأوبرات ما قبل وأثناء فترة فاجنر ، ولم يشذ عن الهزل الرخيص سوى القلة من أمثال روسيني ويلليني وفيردي ، وغيرهم،.
وكان لفاجنر رؤية خاصة في أن يكون للموسيقى الدرامية دور أكبر مما كانت عليه الأوبرا في وقته. ولن نفهم الدراما الموسيقية التي ذكرناها إلا بالإستماع إلى العديد من أعماله.
-----------------
ثانياً
النقطة الثانية في أوبراه هو تناولها لمواضيع فلسفية تدور حول الشر والخير في نمط حكايات أسطورية مأخوذه من الفلكلور الأوروبي عامة والألماني عل وجه الخصوص
مما جعل أوبراه تصطبغ بالغموض والكناية.

---------------------------
أخيراً أقول أن الكثير قد لا يوافق على البعض من الأفكارالدينية وبالذات في أوبرا بارسيفال، ولا يعنينا هذا الأمر كثيراً بقدر ما تعنينا الموسيقى والأنغام في إبراز تراث عالمي قديم قد يختلف الكثير فيه .
وتعتبر أوبرا بارسيفال واحدة من جلائل الأعمال الموسيقية وإن بدت قصتها مثيرة لإستهجان البعض الذين ينظرون إليها بوصفها أوبرا منحله أو غير أخلاقبة،
وقد إنتقد نيتشه هذه الأوبرا واعتبرها إنتهاكاً للأخلاق
وكتب ثروت عكاشه عن هذا في كتابه موسوعة فاجنر الموسيقية:
((والواقع أن كثيراً من شخوص فاجنر تبدو لنا دوافعها المسرحية في عصرنا هذا تنطوي على قدر من الغباء. فنحن اليوم لا يعنينا كثيراً على سبيل المثال أن يقوم "بارسيفال" بإفتداء العالم. كما أن فكرة "الفداء "في حد ذاتها كما يفهمها فاجنر وسائر علماء اللاهوت ، لم تعد تعني اليوم شيئاً ولا تؤثر في تذوقنا لأي عمل فني .
إذ أننا نتذوق هذا العمل بصرف النظر عن موافقتنا أو عدمها على الفكرة الفلسفية أو الدينية التي يعتنقها مؤلفه.
فأي إنسان غير مسيحي تهتز مشاعره من أعماقها عندما يستمع إلى هذه الموسيقي، مثلما تهتز لها مشاعر أي مسيحي.
فليست القصة أو الحكمة الفلسفية أو الدينية هي ما تعنينا من هذا العمل الفني ـ بل الطريقة التي يعالج بها الفنان هذه القصه أو هذه الحكمة الفلسفية أو الدينية))
----------------
وأقول أنا بدوري: أن تراثنا الأدبي والفلسفي والديني زاخر بالكثير من القصص والأنماط التي تصلح أن تكون محوراً لأعمال فنيه، ولم يُسخر الله بعد من ينفض التراب عنها. بدلاً من تلك الأعمال الغثة الرديئة التي تمتلئ بها مسارحنا ودور السينما.
-----------------------------------
يوم أو بضعة، تفصل بيننا وبين مشاهدة الفصل الثاني.
فإلى وعد بالتفصيل في حينه.
ولكم محبتي وتحياتي.

رد مع اقتباس