عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 20/09/2017, 10h37
الصورة الرمزية Sami Dorbez
Sami Dorbez Sami Dorbez غير متصل  
كابتن المنتدى
رقم العضوية:18625
 
تاريخ التسجيل: March 2007
الجنسية: تونسية
الإقامة: تونس
العمر: 47
المشاركات: 1,757
افتراضي رد: الجمعيات الموسيقية التّونسية

ومنذ ذلك الحين، ظلّت الرشيديّة تعمل بحزم وثبات واندفاع وإيمان في المنهاج المذكور وحقّقت الكثير من الانجازات في مجالات التكوين وجمع التراث وتدوينه مع إغنائه بالابداعات الجديدة وإظهار ذلك للجمهور بتنظيم حفلات تقدم في المسرح البلدي والاذاعة. وقد كانت أول نوبة من المالوف ظهرت بها هي نوبة الأصفهان وأول مطربة لها هي السيدة شافية رشدي. وواصلت الرشيدية عملها إلى سنة 1938 حين تحوّلت إلى معهد فني يعنى بالتكوين. ولقد تغيرت تسمية الرشيديّة مرتين: الأولى: بعد الحرب العالمية الثانية حين أصبحت تعرف "بالمعهد الرشيدي للموسيقى التونسيّة" والثانية ابتداء من 1965 حين أطلق عليها اسم "المعهد الرشيدي للموسيقى العربية". ثم عادت إلى تسميتها الأصلية "الموسيقى التونسيّة"، كما تجدر الإشارة إلى حدوث انشقاقين طَبَعَا الرشيدية طوال مسيرتها الفنية منذ انبعاثها:
الأول، ظهر مع الشيخ محمد الأصرم (1882 - 1960) عازف البيانو الشهير الذي ترأس أول لجنة موسيقية بالرشيدية.
أمّا الانشقاق الثاني فقد تزعمه الأستاذ حمادي النيفر في الستينات بتأسيسه فرقة موسيقية تتألف من صلاح الدين الجعايبي ومحمد التريكي وعبد الحميد عطية بالرق والمنجي بالعربي بالناي وخالد الطبربي (ناقد).
كان من بين المجموعة الصوتيّة محمد المقراني ومطرب الفرقة الطاهر غرسة... وقد اشتهرت باسم "فرقة قرطاج للموسيقى التونسيّة الأصيلة".
وتميزت بما اصطلح على تسميته "العاطش" أي النادر من الفونداوات والنفيس من الموشحات المطرزة. وقد تعاقبت ثماني هيئات إدارية على تسيير الرشيديّة منذ انبعاثها إلى اليوم، وتعددت الانجازات والأعمال نذكر منها:
تنظيم دروس في الأصول الموسيقيّة وتعليم الناي عهدت بها إلى الموسيقار الحلبي الشيخ علي الدرويش.
تأسيس قسم لتعليم السيدات والأوانس عهدت به إلى الفنان محمد غانم.
المشاركة في مهرجان أبي سعيد الذي انتظم في سبتمبر 1963.
تنظيم حفلات داخل البلاد وخارجها من ذلك حفلة شاي على شرف "فرقة ببا المصرية" لتعريفها بالفن التونسي الأصيل وتقديم حفلات في الاذاعة.
إلقاء مسامرات منها: حياة مولانا محمد الرشيد باي وأطوار الموسيقى العربية والأغاني الحديثة والموسيقى التونسية للهادي العبيدي وتاريخ الموسيقى العربية لعلي الدرويش.
تأليف الأغاني التونسيّة وإحياء ما تقادم منها بعد تهذيبه وتنقيحه.
تدوين النوبات التونسية الأصيلة بعناية الأستاذ محمد التريكي.
الاسهام في تنشيط النقد الفني في الصحافة التونسيّة.
جمع التراث.
القيام بحفلات لفائدة المشروعات الخيرية والاجتماعيّة.
تكريم صاحب "الجزيرة" الصحفي الأستاذ محمد تيسير ظبيان (ماي 1937) وفرانسوا أنطونيني الكاتب العام لمحطة تونس القوميّة.
استقبال الضيوف من ذلك زيارة المستشرق م. مونتاي مدير المتوظفين بباريس والأستاذ عبد العالي الأخضري من الجزائر (نوفمير 1941).
تأبين فقيد الأدب مصطفى صفر مؤسس الجمعية (13 / 4/1941) ومحمد الشاذلي خزنه دار (فيفري 1954) والمغنّية صليحة (جانفي 1959).
تكوين مكتبة ومتحف فني.
الاحتفال بألفية ابن هانئ.
إلى غير ذلك من المشاركات والأعمال الفنية والعلمية.
ويلاحظ أن نشاط هذه الجمعية تقلّص على نحو ملحوظ خاصة بعد أن توقفت الدروس بها منذ سنة 1972، فأهملت الدور الموكول إليها أساسا وصار عملها يقتصر على نشاط فرقتها الموسيقية. ولا يزال الأمل معقودا على أن تستعيد الرشيدية سالف مجدها ونشاطها بضبط مخطط يمكن من إرجاع الدروس وفتح حلقات للبحث والتدريس يستفيد منها الهواة والمحترفون.
وقد انبعثت إلى جانب الرشيديّة عدة جمعيات أخرى وهي على التوالي:
جمعية نادي الأصيل بصفاقس - جمعية خميس ترنان ببنزرت - الجامعة التونسيّة للشبيبة الموسيقية - جمعية مهرجان تستور للمالوف - اتحاد الموسيقيين التونسيين - جمعية التخت العربي للموسيقى بتونس - جمعية حشاد للموسيقى بصفاقس - الجمعية التونسيّة للتربية الموسيقية - جمعية المؤلفين والملحنين التونسيين - جمعية النادي العصري للموسيقى والتمثيل بصفاقس... هذا علاوة على عدد من الفرق والنوادي.
وجدير بالملاحظة أنّه دخلت على أهداف العمل الجمعياتي تغييرات عدّة تمشيا مع التطور الاجتماعيّ والسياسيّ. فقد كان العمل الثقافي للجمعية إبّان الاستعمار مجرد واجهة يختفي وراءها نضال متعدد الأشكال لاسيّما ترسيخ الهوية والقيم الحضاريّة للشعب. وقد اضطلعت فيه أهداف التوعية الدور الأساس حتى عند ممارسة الهدف الظاهر. فكان عمل الجمعيّة متعدد الأهداف وكانت تضم عناصر وطنيّة تتقد حماسا وغيرة وثورة على البائد والمتخلف والانحراف وغيرها من قيم التهميش والموت. أمّا بعد الاستقلال فقد توضحت الأهداف وقنّنت وأصبحت تعمل وفق تخصصات تسهم كلها في البناء ودعم مسار التقدم والرقي للوطن. لكن اللافت في كل ذلك أن العمل الجمعياتي في المجال الموسيقي لم يهتم كثيرا بحماية التراث. فكانت هذه المهمة موكولة كل متطوع. وهو ما جعله مسرحا لعدّة إنتهاكات وتأويلات خاطئة.
رد مع اقتباس