عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 20/09/2017, 10h35
الصورة الرمزية Sami Dorbez
Sami Dorbez Sami Dorbez غير متصل  
كابتن المنتدى
رقم العضوية:18625
 
تاريخ التسجيل: mars 2007
الجنسية: تونسية
الإقامة: تونس
العمر: 45
المشاركات: 1,758
افتراضي الجمعيات الموسيقية التّونسية

الجمعيات الموسيقية التّونسية


اقترن إحداث أهم الجمعيات الموسيقية في الجزائر بانتهاء الحرب العالميّة الأولى، فكانت جمعيّات ذات صبغة اجتماعيّة - ثقافيّة، استغلّت الامكانات المتاحة في النّصوص التّشريعيّة الخاصة بقانون جويلية 1901 لتعمل جاهدة على تثبيت الشّخصية الثقافيّة والرّوحية للجزائر متحدية بذلك ضراوة المستعمر وبطشه، ومتصدية لمحاولات الطمس والتشويه و مستعملة في ذلك مختلف السبل المتاحةتعليم اللغة العربية، التعاليم الدينيّة، الموسيقى، المسرح، الرياضة... كل ذلك في إطار تربية سياسية ضمنية، تهدف أساسا إلى إثبات الخصوصية الجزائرية وتميزها وسط نظام استعماري تعسفي بغيض. أمّا في تونس فلا شك في أن هذا الصنف المنظم من الجمعيات لم يعرف - بالنسبة إلى الموسيقى الوترية - إلاّ في نطاق الجمعية الرشيدية كما سنبيّنه... وفي ما عدا ذلك، وجدت مناشط مماثلة في نطاق الزوايا الصوفية، كما فتحت نواد خاصة بالموسيقى الشرقية - المصرية من أبرزها: نادي "الخلوية" الذي كان مقره مقصورة دكان عبد العزيز جميل صانع الأعواد وعازف الكمنجة بنهج سيدي مفرج قرب بطحاء رمضان باي وكان دكانه مقصدا لأبرز الموسيقيين، نذكر من أعضائه: مصطفى بوشوشة (عود) ومريدخ سلامة (أول عازف قانون بتونس) و تبعه ابنه يوسف سلامة، ومصطفى كاهية (عود) ومحمد عبد العزيز العقربي (رق) اشتهر بحفظ أغلب ما جلب إلى تونس من إسطوانات مع حذقه للموشحات والأدوار الشرقية وهو من خيرة من تتلمذوا للشيخ سلامة حجازي رائد المسرح الغنائي العربي الذي زار تونس مع فرقته سنة 1914. ولقد تعزز هذا النادي بقدوم عدد من الفنانين المصريين أمثال: أحمد فاروز الذي علم الموشحات وتخرج على يديه كل من ضابط الايقاع الطاهر بدرة ومحمد التريكي وكذلك زكي مراد المطرب الشهير في العشرينات وقد رافقه عبده صالح عازف القانون الذي كان آنذاك في عنفوان شبابه. فكان من نتائج ظهور هذا النوع من النوادي انتشار الموسيقى الشرقية - المصرية على حساب الموسيقى التونسيّة. وقد عوضت حفلات المالوف بحفلات الموشحات والأدوار الشرقيّة والمصريّة على وجه الخصوص وأصبح الفنانون التونسيون يلبسون البدلة الافرنجية والطرابيش أسوة بالفرق المصرية، بل منهم من صار يتكلم باللهجة المصرية خاصة عند حضوره على الركح.
هذا إلى جانب الموسيقيين الزائرين أمثال طائرة وفرقتها (1908) وعبد القادر المغربي (1911) وكامل الخلعي (1914) وسامي شوا (1920) وكذلك سليمان القرداحي مؤسس المسرح الغنائي، هذا في الوقت الذي كانت أسماء تونسيّة تسافر في اتجاه المشرق العربي من ذلك زيارة خيلو الصغير وصيون بيسانه الاسكندرية سنة 1902. وقد تعزّز هذا الاتجاه باستقرار بعض المطربين المصريين بتونس، من أمثال سيد شطا الذي أشرف على تخريج فتحية خيري للوسط الفني والشيخ أمين حسنين وأخيه ياسين وحسن بنان وزوجته علياء وهو الذي أصبح معروفا لدى سكان ضاحية أريانة، وقد تضاعف عدد الاسطوانات الشرقية التي دخلت البيوت التونسيّة وخاصة المقاهي التي كان يؤمها الشباب والشيوخ لتناول "التكروري" على أنغام الشيخ المنيلاوي والشيخ الصفتي وصالح عبد الحي وعبد الحي حلمي وغيرهم. ومن هذه المقاهي نذكر مقهى شمنططو بباب الجديد، البرقي بالمركاض، السوق الجديد بالحلفاوين، مقهى بلم، مقهى الغرابة، مقهى الندى بالحلفاوين/باب سويقة، مقهى الجليز لحسان بوجدرة والد الأديب رشيد بوجدرة، كما نشير هنا إلى المقاهي التالية:
مقهى تحت السور الكائن بباب سويقة وكان يعرف بمقهى الآفاقيّين ويتردّد عليه علي الدوعاجي ومصطفى خريف والهادي العبيدي وغيرهم...
مقهى باب منارة أو البانكه العريانة وكان يعرف بمقهى البلديّة، وهو ناد أدبي فني ترأسه محمد العربي الكبادي (1881 - 1962) مقهى أحمد الغربي، مؤسس صالة الفتح وبجانبه مقهى الأنس وفرقة الأنس الموسيقيّة بنهج حمام الرميمي.
مقهى الهناء بباب المنارة للهادي الجويني وزوجته وداد، وكانت والدتها اليهودية تشارك بالرقص باسم July la Marseillaise.
مقهى العباسية، في قلب باب سويقة ومؤسسه طاهر بوعبسة وهو قبالة مقهى تحت السور وكان ملتقى للفنانين على غرار لافيات اليوم.
ونُذكّر هنا بأهمية انبعاث الفضاءات الخاصة:

المسرح البلدي
المسرح البلدي (20 نوفمبر 1902)، مسرح روسيني بالاص (1913)، تياترو علي بن كاملة بالبسّاج... وخاصة الإذاعة التونسيّة (سنة 1938) وقد أسندت إدارة القسم العربي فيها إلى الأستاذ عثمان الكعاك الذي فرض على المغنين والمغنيات إيجاد برامج تونسية نظما وتلحينا. وإلى جانب ذلك وجدت فرق وترية كثيرة كانت تعرف "بالعوادة" ويسمّى أفرادها بأسماء الآلات: "عواد، طرار، جرايني، درابكي، كرنيطي، بيانوجي، طبال وزكار"... وتعززت هذه الظاهرة بقدوم ثلة من الفنانين الطرابلسيين وإقامتهم بتونس بعد احتلال القطر الليبي سنة 1911 وأغلبهم من اليهود منهم: براميلو بردعة عازف العود والقانون وأخوه رحمين بردعة عازف الكمنجة بالطريقة الشرقية، موني/ميمون الجبالي عازف عود وقد تدرّبت على يده عدة مطربات مثل حبيبة مسيكة وفضيلة ختمي وأخوه ديدو الجبالي عازف قانون، وهو والد موريس ميمون.
فإذا ما استثنينا الموسيقى في الصالونات والقصور حيث كانت تقام الحفلات الأسبوعيّة ويشارك فيها الموسيقيون من عازفين ومغنين، لدى بعض الأسر المترفة، وكذلك في الحفلات الخاصة وفي مناسبات الزواج والختان وما إلى ذلك، فإن أماكن وجود الموسيقى تتراوح بين محلات غناء ورقص وهي عبارة عن حانات، كما يشير الصادق الرزقي في كتابه "الأغاني التونيسّة"، خالية من الأنس واللطف لا يطرقها إلا المنهمكون في الفساد من العامة، وبين مقاه راقية تستخدم جوقات طرب خالية من النسوة وأفرادها منتخبون من ذوي الشهرة في هذا الفن يباشرون ذلك في الصيف أو في بعض المواسم وفي رمضان، فتنصب الأخبية على الساحات المجاورة لبعض هذه المقاهي لإقامة الحفلات الموسيقيّة، كانت تعرف "بالفصل" جمع "فصلات". ومن آخر هذه العروض ما كان يقوم به الشيخ خميس الترنان بمقهى المرابط بسوق الترك صباح كل يوم جمعة واستمرّ ذلك إلى حوالي سنة 1935. يضاف إلى ذلك دخول صناعة الاسطوانات تونس، خاصة مع شركة بيضفون الألمانيّة للإخوة اللبنانيين بطرس إميل، وأنتون بيضا التي كان ينوبها البشير الرصايصي بتونس، وكذلك جرامفون.
رد مع اقتباس