عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 30/01/2017, 15h23
caesar waleed caesar waleed غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:778295
 
تاريخ التسجيل: January 2017
الجنسية: سودانية
الإقامة: ليبيا
المشاركات: 19
افتراضي رد: حقيبة الفن السودانية

و مهما أختلف الرأي في شاعرية شاعر، فأن القارئ ليبحث عن شخصية شعرية واضحة المعالم عن طابع خاص، عن ملامح دفقة ممتزجة بحس رهيف، عن قصيدة لا تخسر شيئاً من جمالية الفن الشعري. ويعزف عن النظم التقليدي الباهت بحثاً عن القصيدة الأحفل بالوضوح والبساطة والأغنى بالحركة والتوهج والخصب في الرؤيا والتكوين ).

في المرحلة مابين بداية العشرينيات و منتصف الثلاثينيات و التي ننسبها إلى المدرسة الفنية الأولي (حقيبة الفن) احتلت الأغنية الفنية مكانا بارزا في بنية الثقافة الموسيقية القومية لبساطة شكلها الذي ميزها و شاعرية المضمون و وضوح الميلوديا مما ساعدها على الانتشار السريع بين كافة الأوساط الاجتماعية في المدن السودانية.

يتساءل البعض أين تكمن الصفات التي شكلت الجمالية الجديدة في الفن الغنائي؟ من الواضح أن ذلك يكمن في الأهمية الخاصة للنص الشعري الذي تضمنته الأغنية و في المقاييس المحددة لنوعية الموسيقى و في مستوى أداء المطرب)

لقد أصبح النص الشعري على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة لاغاني المدرسة الفنية الأولى (حقيبة الفن) الأمر الذي كان انعكاسا لعلاقة الثقافات المستخدمة باللغة العربية كعامل مهم في البناء الثقافي بما فيه الموسيقى.

كان الشاعر يلعب دائما الدور الأهم في ثلاثية : الشاعر – الملحن – المطرب، فقد كان الأكثر ثقافة، مع انه وجد بين شعراء هذه المدرسة بعض الشعراء الموهوبين و لكنهم أميون مثل محمد على عبد الله الأمي و على المساح و غيرهما، و يأتي الملحن في الدرجة الثانية مقارنة مع الشاعر فهو يجسد بالأصوات الموسيقية بناء و معاني و انفعالات مضمون النص الشعري. لقد جمع الموسيقيون الأكثر موهبة من حقيبة الفن بين وظيفة المطرب و وظيفة الملحن مثل كرومه و سرور أو بين وظيفة الشاعر و الملحن مثل عبد الرحمن الريح و أحيانا بين الشاعر و الملحن و المطرب مثل عمر البنا و خليل فرح الذي كان أيضا يعزف على العود بمهارة)

و لقد حدث صدام ما بين اصحاب هذه العناصر الثلاثة نتيجة للتنافس و لافتخار كل فرد بما يقدمه مما اثر فى كثير من الاحيان على درجة التعاون بين العناصر الثلاثة. يقول الموسيقار العالمى موتسارت بخصوص التعاون مابين الشاعر من ناحية و الملحن و المغنى من ناحية أخرى "يجب و بالضرورة ان يكون الشعر مطيعا للموسيقى فى الغناء" و لقد كانت هناك مدرستان نقيضتان احدهما تقول بما قال به موتسارت و الاخرى تقول بالعكس تماما. و لقد نشبت حرب ضلروس بين شاعر الحقيبة الفحل ابراهيم العبادى و الموسيقار اسماعيل عبد المعين إذ يقول العبادى " لولا شعرنا لما وجدتم ما تتغنون به" و يرد عليه اسماعيل بقوله " لولا موسيقانا و غنائنا لما سمع بشعركم احدا". و على نفس المنوال حدث تصادم مابين الشاعر اسماعيل حسن و الفنان محمد وردى)

يحلل الأستاذ عبد الحليم أبو قصيصة هذه العناصر الثلاثة فيقول"طبيعة العمل الفني الغنائي هي طبيعة إنتاج جماعي، حيث أنه عادة ما يتداخل في إنتاج العمل الفني الغنائي شخصين فأكثر، ورغم أنه في تاريخ الإنتاج الغنائي السوداني تجارب إنتاج كامل بواسطة شخص واحد، إلا أن ذلك لم يكن القاعدة بل الاستثناء، فضلا عن أن ذلك لم يعد ممكنا في الوقت الراهن بطبيعة الاتجاه نحو التخصص، وأيضا مع تطور وتعدد عناصر العمل الفني والتي كانت تقتصر سابقا علي الكلمة واللحن والأداء الصوتي. طبيعة تعدد عناصر العمل الفني الغنائي، وبالتالي تعدد المبدعين المشاركين في إنتاج العمل، تحرم العمل الغنائي من أن يخلق داخل مخيلة واحدة -مثل اللوحة أو القصيدة- وبالتالي فأنه ليس بمقدور أحد من المشاركين في إنتاج العمل الفني الغنائي تصور العمل بكامله من العدم داخل مخيلته منفردا. هذه الطبيعة تجعل تفاعل وتناسق وتكامل عناصر العمل الفني الغنائي مهمة صعبة بتعدد المشاركة فيه واختلاف طبيعتها ودرجتها ولكن هذا في النهاية ما يكسب العمل الفني الغنائي طعمه كعمل متكامل (أغنية) وليس كقالب يحتل فيه كل عنصر مكانا مستقلا داخل هذا القالب المشترك. لذلك في اعتقادي أن جودة عناصر العمل الغنائي منفردة لا تنتج بالضرورة عملا غنائيا جيدا، فالعمل الغنائي الجيد توليفة منسجمة ومتكاملة من جميع العناصر حتى ولو لم تكن أيا من العناصر بدرجة متفوقة من الجودة في الحالة المنفردة."
أثر أغنية الحقيبة على الغناء الحديث

الأغنية الحديثة اعتمدت في بناءها الشعري والموسيقى على حقيبة الفن و ما تأثرت به من الحان التم تم و إيقاعات النقرزان و اعتمادها في الأساس على الأصول السودانية المتجذرة في النفوس مما كان له أعمق الأثر في نجاحها و تقبل الشعب السوداني لها.

يقول المطرب عثمان حسين (: " أغنية الحقيبة أغنية حكم عليها الجمهور بالنجاح لأنها لا تزال تردد و تغني و الإقبال عليها كثير لأنها المرجع و الأصل و الهوية للأغنية السودانية.

فعندما بدأت الأغنية الحديثة كانت مبنية تماما علي أسس و قواعد أغنية الحقيبة شكلا و مضمونا مع التخلي عن النظام الذي كان سائدا و هو نظام الكورس. و كان الناتج أن خرجنا بأغنية متعددة المقاطع و اللونية و بالتالي استطعنا الحفاظ علي أغنية الحقيبة مع تطويرها فكان أن طرحت علي الساحة أعمال جديدة الألوان قريبة المضامين من أغنية الحقيبة"
رد مع اقتباس