عبادي العماري واطوار الغناء الريفي
*********************
ان الغناء الريفي وبخاصة القديم منه يحتل مساحة كبيرة في الوجدان الشعبي بسبب ما ينطوي عليه وما يتميز به من اصالة وغنى وثراء سواء في الكلام ام في اللحن ام في الاداء ولذلك نجد ان لهذا اللون الغنائي محبيه ومتذوقيه، كما انه ايضا جزء من تراثنا الاصيل الذي لا يجوز التفريط به لاي سبب كان كما انه كذلك ينطوي على جانب فولكلوري عميق ومتوارث في الحس الشعبي فمن اهم ميزات الاغنية هي استنادها الى معطيات اجتماعية وبيئية متوازنة تستطيع الصمود امام موجات التغيير بسبب ما ينطوي عليه من جوهر خالد هو جوهر الشعب العراقي في ماضيه في افراحه واحزانه في آماله وآلامه ولقد كانت الاغنية الريفية بأطوارها المختلفة هي التجسيد الحقيقي لذلك بل يمكننا القول ان الاغنية الريفية هي ديوان المجتمع الريفي فهي سجل امين لكل ما مر به هذا المجتمع عبر العهود المختلفة كما انها المرآة التي عكست كل ما كان موجوداً في الريف وعلى كافة الصعد قد شهدت الاغنية الريفية ولادة عدد من كبار المطربين الذين اعطونا بأطوارهم الغنائية الجميلة واصواتهم الرائعة صورة المجتمع الريفي مثل حضيري ابي عزيز، ناصر حكيم، داخل حسن، عبد الامير الطويرجاوي وغيرهم.
ولعل الانتباه حقاً ان جميع هؤلاء المطربين ولدوا كمطربين في ظل ظروف صعبة فالبيئة التي ولدوا فيها هي بيئة اجتماعية ضيقة ولذلك فأنهم حوربوا لاول وهلة لأنهم خرجوا بعد ان احترفوا الغناء عما هو مألوف، فالاصل في الاغنية آنذاك ان تؤدى في الأفراح والمناسبات ولم يكن مسموحاً بالطبع ان يعمد احدهم على اتخاذ الغناء حرفة له، لقد كانت هذه صعوبة ليست من السهولة تخطيها، تقابلها بل تتفوق عليها صعوبة اخرى تلك هي ندرة بل انعدام وسيلة الانتشار بالقياس الى ما هو موجود في الحاضر، وقد شهدت الاغنية الريفية ولادة جيل آخر جاء ليكمل مسيرة الاغنية الريفية التي بدأها اولئك المغنيون الرواد الذين ارسوا قواعد الغناء الريفي، الفنان شهيد كريم، الفنان عبد الجبار الدراجي، الفنان حسين سعيده، الفنان جعفر محمد (جعفوري) الفنان سيد محمد الفنان الراحل عبادي العماري، ولد الفنان عبادي العماري في محافظة ميسان قضاء المجر ناحية العدل عام 1940، بدأ حياته الفنية عام 1962 متأثراً بكبار مطربي الريف، داخل حسن، شهيد كريم، داخل الاعمى، تميز الفنان الراحل عبادي العماري بأداء مختلف اطوار الغناء الريفي، الحياوي، المحمداوي، الشطراوي، الغافلي- السرحاني، وفضلا عن براعته في اداء تلك الاطور فقد تميز ايضاً كونه شاعراً شعبياً غنى الكثير من قصائده وابو ذياته بصوته مثلما غنى لشعراء آخرين انتقل الفنان الراحل عبادي العماري الى مدينة بغداد في بداية السبعينيات وانتشر صوته بين الاوساط الشعبية وكان واحداً من ابرز اثنين حققوا نجاحاً كبيراً في غناء الكاسيت مع الفنان الراحل سلمان المنكوب، رحل الفنان عبادي العماري بصمت وهدوء في نهاية ثمانينيات القرن الماضي دون اشارة بسيطة لرحيله وهو الذي اعطى للاغنية الريفية الكثير من عطائه وابداعه.
___________________
الموضوع منقول من موقع صحيفة التآخي كتبه الاستاذ(ستار كريم مظلوم)