عرض مشاركة واحدة
  #369  
قديم 10/06/2013, 00h30
الصورة الرمزية بشير عياد
بشير عياد بشير عياد غير متصل  
رحـمة الله عليه
رقم العضوية:58261
 
تاريخ التسجيل: August 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 2,220
افتراضي رد: بشير عياد مصري / عروبي حتي النخاع

عن : جريدة فيتو ، العدد 71 ، الثلاثاء 4 يونيو 2013م
*************************************
بشير عيـَّاد لايسخرُ منها ولكـــــــن هذا بختها
********************

زمــــــــــن نانســــــــــــــــــــــي عجـــــــرم
**********************

تكاد الأغنية تكون صورة بالأشعة الدقيقة لواقع المجتمع، وكان السابقون من الراسخين في العلوم الاجتماعية بكل أركان الدنيا وفي كل الأزمان يؤكدون هذه الحقيقة ويؤكدون عليها، ومن ينظر أو يستمع إلى تاريخنا الغنائي المسجل ( كمقياسٍ لصدقِ هذه المقولة ) يجده يواصل تأكيد الحقيقة والتأكيد عليها ، ولو أخذنا العقود الثمانية الأولى من القرن العشرين وواجهناها بثلث القرن الأخير، أي الذى يبدأ من العام 1980 إلى اليوم ، لصفقنا لواضعي هذه النظرية، الحقيقة ، ولو أخذنا من هذه العقود - تحديداً - الفترة من نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى ذهاب الرئيس أنور السادات إلى القدس بمبادرة السلام ، لوجدنا الأغنية مرآة صادقة للحراك الوطني والكرامة الوطنية، ولوجدناها مؤشراً دقيقاً لقياس حركة المجتمع كله صعوداً وهبوطاً، وقوة وضعفاً، فمن رحم ثورة 1919 ولدت أسطورة سيد درويش قائد أعظم ثورة موسيقية في القرن العشرين، وعند رحيله في العام 1923 كان تحت يده الشاب الموهوب محمد عبدالوهاب الذي يتعلم منه من خلال عملهما معاً في فرقة منيرة المهدية، ومع رحيل سيد درويش تسلم عبدالوهاب راية التجديد والتحديث وإكمال ما بدأه درويش العظيم ، في الوقت نفسه لم يكن عبدالوهاب قادماً من فراغ، بل كامتداد لعبده الحامولى وسلامة حجازي وأبو العلا محمد، وكان تلميذاً نجيباً لمحمد القصبجي ، وبمحاذاة عبدالوهاب وموازاته، كانت الأسطورة الكلثومية ترتقي السلمة الأولى في صعودها نحو القمة، ويشاء القدر ، وقدر هذه الأرض المعطاءة ، أن تلتقي أم كلثوم بأحمد رامي في 24 يوليو 1924 بالقاهرة، ويلتقي محمد عبدالوهاب بأحمد شوقي في 26 يوليو 1924 بالإسكندرية!!، شاعران عظيمان يضع كل منهما يده وعلمه وثقافته في يد صوت ناشئ ما يزال في طور التكوين، وليواصلا معاً - رامي وشوقي - ما بدأه أستاذهما إسماعيل باشا صبري في انتزاع الأغنية المصرية من مستنقعات الانحطاط والانحلال، تنفيذاً لأمر الزعيم الأكبر محمود سامي البارودي الذي كان يأنف من أن تُغنـَّى أشعاره، أو أن يجالس المطربين والموسيقيين ـ لسوء ما كانوا يقدمون - ولكن بعد عودته من المنفى وجد أشعاراً لرفيق دربه إسماعيل باشا صبري على ألسنة المطربين، فطلب منه أن يستمر، وأن يكتب باللهجة العامية ليحرض المواطنين على الثورة ضد الاحتلال وضد الخونة سكّانِ القصر ، بدلاً من أن تظل الأغنيات رهينة علب الليل القذرة التي تدفن النخوة والرجولة والروح الوطنية في وحل الابتذال والخلاعة.
مع ارتقاء المجتمع في وطنيته وكرامته وثقافته واقتصاده ووقوف زعاماته الكبرى موقف الند للند سواء كان ذلك في مواجهة القصر، أو في مواجهة سلطة الاحتلال ومن يسير في ركابها بالخارج، كانت الأغنية جنباً إلى جنب أو رأساً برأس، كالأواني المُستطرَقة، وبرغم كل الهزات والتراجعات والخيانات العنيفة، لم يتقهقر الشعب إلى الوراء، ولم تتدحرج هيبة الدولة « كجلمودِ صخرٍ حطـَّهُ السيلُ من عَلِ » كما قال زميلنا العزيز امرؤ القيس، وسوف نخطئ كثيراً في العد لو جلسنا نحصي الأسماء والقامات التى طرزت تاريخ المصريين فى سنوات الصعود، وفى كل المجالات وبلا استثناء، فإذا ما جاءت ثورة يوليو في العام 1952 كان الأدباء المصريون، ورجال الاقتصاد والفنون والعلوم كالمانشيتات الرئيسية فوق جبين العالم، ومع المد القومي باتجاه العروبة، والمد الجغرافي باتجاه عمقنا الإفريقي ، أصبحت مصر محوراً لارتكاز الكرة الأرضية، وبدأت تستعيد وهجها القديم الذي يشع في الكون كله باتساع سبعة آلاف سنة، كان عبدالناصر يتحرك كوريث شرعي لكل هذه الحضارة، وكأنه عصارة هذا الشعب بامتداد كل هذه السنين، كان «واثق الخطوة يمشي» مطمئناً بأن وراءه شعباً يحبه ويرى فيه الترجمة الفورية لكل الأحلام والطموحات الموءودة أو المؤجلة أو التي لم نحلمها بعد.. طار إلى الشرق وإلى الغرب، إلى الشمال وإلى الجنوب، وزرع اسم مصر في أركان الدنيا مرة أخرى، وكانت إطلالته كافية لإذابة الحديد وزلزلة الأرض تحت أقدام أعدائنا وحاسدينا وشانئينا، بما كان يملك من هيبة وقوة ومن ثقة بالله وبالنفس وبالشعب.
وبرغم كل الثقوب التي اخترقت التجربة الناصرية، وبرغم الاستبداد والسجون والمعتقلات وكل المساوئ التي ارتكبتها حكوماته تحت قيادته وعلى مسؤوليته، فإن إنجازاته ستظل شاهدة له، وأن عصره كان عصراً من النخيل في كلّ مناحي الحياة المصرية، وأن ما أنتجه المصريون من فنون وآداب، وما بنوه من مصانع ومشروعات عملاقة، وما أحرزوه في الاقتصاد والطب والهندسة والعلوم كلها يفوق أمما تكثرنا عدداً ومساحة وقدرات مالية عشرات المرات حتى عندما غامر بالحرب ضد إسرائيل وشركائها وأورثنا الهزيمة الثقيلة التي تتمدد آثارها في الزمن، فسوف يظل عظيماً وكبيراً، في إنجازاته وفي أخطائه كما قلناها من قبل.
في عصر عبدالناصر كانت الأغنية سلاحاً فعالاً على كل الجبهات، كانت أمّ كُلثوم تطل كمسلة فرعونية شامخة تستند إلى الهرم الأكبر لكنها لم تستطع إلغاء الآخرين، بل تحولت إلى قدوة عظيمة احتضنت كل القادمين والقادمات من الخلف، فازدحمت الأيام بعشرات الأصوات الكبرى، ومئات الشعراء والملحنين الكبار، فأنتجوا في عقدين فقط ما يكفى لمئات السنوات المقبلة ( بالرغم من سرقة ما يفوق ثلث التراث الغنائي والفني من مكتبتي الإذاعة والتليفزيون )، كان الكبار كباراً في كل شيء، لم تنس أمّ كُلثوم دورها كزعيمة للغناء حتى بعد أيلولة رئاسة نقابة الموسيقيين إلى غيرها، وسيبقى دورها الوطني هو الأكبر على الإطلاق في سجل الفن المعاصر، بقيادتها مبادرة تسخير الفن لدعم المجهود الحربي في أعقاب هزيمة يونيو المنكرة، وبدلاً من أن تفتعل الاكتئاب وتمثل الحزن مثلما فعل كثيرون، أعلنت على الملأ ـ بكل قوة وشجاعة وعقل - أن صوتها هو سلاحها، وسوف تقاتل به من أجل الثأر واسترداد الأرض والكرامة، وبدأت دورتها الطويلة بهذا السلاح قبل أن يمر شهران على النكسة، وفي الثالث والعشرين من يوليو انطلقت لتجمع المال وتوقظ الروح المصرية وتنقذها من أنياب اليأس والإحباط والإحساس بالعار والمهانة، ومن محافظات مصر إلى باريس إلى معظم العواصم العربية الشقيقة.. تغني ، وتعيد الدماء الساخنة إلى الشرايين المتيبسة، فجمعت ما جمعت، ولكن بقيَ الرمز والمعنى أكبر من كل أموال الدنيا وكنوزها.
بعد رحيل عبدالناصر في الثامن والعشرين من سبتمبر 1970م لم تنطفئ جذوة الروح المصرية ولا وهج وطنيتها، استمرت النهضة «الحقيقية» على أشدها، وكل تروس المجتمع تدور بقوة وبإتقان من أجل الوصول إلى اليوم الموعود، يوم تأديب إسرائيل ومَنْ وراءها، وإثبات أن ما حدث فى الخامس من يونيو كان مجرد غفوة طارئة لن تتكرر، وعندما ملأت شمس العاشر من رمضان سماء مصر العظيمة وأضاءات تاريخها المجيد مرة أخرى، تحول الشعب كله إلى أسلحة، وكما كان أهل الأغنية يرابطون في استديوهات ماسبيرو أثناء حرب 1967 وينامون في الطرقات وعلى السلالم ولا يسألون عن أجر « عدا عبد الرحمن الأبنودي »، انطلقوا أيضاً إلى معسكرهم الدائم فى ماسبيرو وانسكبوا غناءً يؤرخ للقتال وللنصر لحظة بلحظة، فمنحونا الثقة وطرزوا فرحتنا بالنصر بورود المعاني ، وأضاءونا بعد أن أظلمت مشاعرنا في ليالي الهزيمة الكئيبة، ولتواصل الأغنية دورها في التعبير عن الأحداث العـظمى وتسجيلها والتأريخ لها، فإذا كان الشعر العربي هو ديوان العرب في تاريخهم القديم ، فإن الأغنية الوطنية هي ديوان المصريين، بدءاً من نهايات القرن التاسع عشر، وهي الأصدق من كل المؤرخين المنافقين وصناع الأدوار والبطولات الوهمية والإنجازات الزائفة، ولم تكن الأغنية الوطنية فقط هي رأس هذا الفن ، ولكن ناطحتها الأغنية الدينية والأغنية العاطفية ، حتى الأغنيات الفكاهية أو الساخرة ، كانت كلها تخرج من الامتحان بدرجة امتياز .
بعد زيارة الرئيس السادات للقدس، ثم اغتياله في 1981 ثم مجيء خليفته الذي يحمل لقب المخلوع، كان المنحنى المصريُّ يستدير إلى الوراء ليبدأ رحلة الهبوط، ( الذي لم نكن لنظن أنه سيصبح شنيعا إلى هذا الحد)، تساقطت أشجار النخيل المصري في كل المجالات نخلة تلو نخلة، وكلما فقدنا نخلة ورثنا معها فراغاً كبيراً أو أرضاً محروقة لم تعد تقوى على حمل النخيل، سقط السياسيون الأفذاذ، والاقتصاديون العمالقة، وتوارى الموهوبون أو فروا إلى جحيم المنافي الاختيارية بعيداً عن البيئة الفاسدة ، وانعكس السقوط عبر الفن بسرعة البرق وكانت أسرع إصاباته في فنون الأغنية والسينما والمسرح ، عدنا مرة أخرى إلى عصور الضعف والانحطاط والابتذال، غير أن تلك الانحطاطات كانت تصيب الأمة، أو الأمم الأخرى، في أعقاب الهزائم أو الاخفاقات الكبرى، ولكنها أصابتنا ونحن منتصرون وننعم، بمعاهدة سلام «لا يعلم محتواها إلا الله»، ونرتع في أمان - ولو كان وهميا ـ ولا نشعر بتهديد ما من قبل عدونا الإسرائيلي المزمن، أي نتمرغ في الرحرحة، وبدلا من أن نستغل الفرصة والظروف لمواصلة الارتقاء استغللناها في العودة إلى الوراء أو بدايات القرن، واستطاع صفوت الشريف - وزير الإعلام في ثلاثة أرباع الحقبة المباركية الهباب - أن يستغل دهاءه القديم في الطبطبة على مشاعر السيد الرئيس والست مراته، فابتكر الاحتفالات الأكتوبرية إياها لتتحول إلى فرصة سنوية للاحتفال بختان علاء وجمال وزفاف السيد الرئيس - بأثر رجعي - ونشأ جيل الأغنية الارتزاقية أو السبوبة الموسمية بقيادة عمار الشريعي الذي لم يعد يجوز عليه سوى الرحمة، وأغلق الباب في وجه الشعراء والملحنين المحترمين الذين رفضوا الانصياع لرغبات السيد الوزير أو بيع تاريخهم في حفل نفاق حضرة العمدة، وفي المقابل قفز قرداتية الأغنية وتسلقوا المواسير الخلفية لمبنى ماسبيرو، وبكل أنواع الرشوة دلقوا قاذوراتهم علينا من كل القنوات والإذاعات، وخلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين ( اللذين شهدا بداية الانحدار في كل شيء ) تم الإجهاز على معظم كنوز الإذاعة المصرية والتليفزيون المصري ، وبعمليات نهب منظمة بقيادة رؤساء القطاعات أو تحت سمعهم وبصرهم تسرب معظم تاريخنا المسجل بالصوت والصورة إلى الفضائيات الناشئة أو الإذاعات العربية التى أؤمن أنها أخذت ما أخذت بحسن نية، ومع دخولنا القرن الجديد.. دخلنا زحفاً على الخدين في السياسة والاقتصاد والإعلام والعلوم وفي كل الآداب والفنون، وفي خضم فوضى الانهيارات المتتالية توارت الأصوات أو الأشجار الصالحة للنمو، أصبح كل مجال أوسع من ألف فدان ولكن لا نرى فيها سوى عدة أعواد لا تقوى على مواجهة الريح!! ومع قيام ثورتنا المسروقة التي يشار إليها بثورة الخامس والعشرين من يناير 2011م، ومع خلع أعتى نظام عرفه تاريخنا الحديث، توهمنا أننا استعدنا مصرنا وملكنا زمامنا، وتخيلنا أننا سوف نبدأ الخلاص من حقبة الخيبة إلى مرتقى الهيبة، لم نكن نظن أن عصر عبدالناصر والسادات وطه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم وزكي نجيب محمود ونجيب محفوظ ورامي ومأمون الشناوي ومرسي جميل وبيرم وفؤاد حداد والقصبجي وزكريا وعبدالوهاب والسنباطي والطويل والموجي وأم كلثوم وفريد وعبدالحليم.. إلخ قد ولى إلى غير رجعة وأخذ معه بذوره وأشجاره وآثاره، لم يكن أحد يتخيل أن ثورتنا ستفقس خرابا لم نعرفه من قبل، وحكومات لا علاقة لها بالواقع، ونظام عديم الحيلة منزوع الهيبة مرتعش الأقدام، لم نكن نتخيل أن يستمر عصر رائدات النفخ والشفط والتكبير والتصغير في مجال الغناء، كنا نحلم بميلاد أم كلثوم أخرى وانحسار موجة هيفاء وإليسا وروبي وكارول وميريام وكل هذه الأشكال، فإذا بالساحة تخلو لهن ليتوالدن ويتكاثرن وينهضن نهضة لا مثيل لها، كانت أم كلثوم زعيمة للغناء ونقيبة للموسيقيين، فجاءت أيامنا الهباب هذه بفلان الفلاني نقيبا للموسيقيين) أستخسر فيه أن أكتب اسمه(، وبعد ثروت عكاشة وأعلام وزارة الثقافة جاءت لنا الحقبة المقندلة بوزير للثقافة كل مؤهلاته تتمثل في مقالٍ أو مقالين دلقهما في خرابة «الحرية والعدالة» يسب فيها رموز المعارضة ويمدح الإخوان، سارقي الثورة والوطن، وربما كان لملامحه مبرر قوي في عملية انتقائه فمن يدقق في ملامح المذكور يجده وكأنما ارتدى المرشد أو بلعه، كما لم أر له صورة واحدة يبتسم فيها، وهذا معناه إما أنه يعلم أنه أقل من أصغر مثقف في وزارة الثقافة وهيئاتها، أو أنّه يشعر بتأنيب الضمير لارتضائه قبول هذا الدور الانتقامي من كل الرموز المبدعة التي يفتقر إليها الذين جاءوا به إلى هذا المنصب الرفيع، وفي مقابل هذه الحكومة الفارغة الهشة توجد معارضة أكثر هشاشة تمارس دوراً صوتيا لا غير مثل ذلك الذي يمارسه الملحن حلمي بكر في تقطيع المطربين الجدد وانتقادهم، فلا هم سمعوا لانتقاداته ولدغاته وارتدعوا، ولا هو قدم لحناً أو بديلاً مقنعاً يسد ثغرة أو فجوة !! نحن جميعاً في المرحلة النشاز، أظهرنا ضعفنا على نواصي الطرق، فسال لعاب النمل طمعاً فينا، حدودنا مُخترَقة، جنودنا يقتلون ويخطفون ونهان ويهانون، كان لنا زعماء يفرضون كلمتنا بالنظرة والإشارة فيعرف الآخرون مواضع أقدامهم، ويتحسسون ملابسهم خوفاً من الإسهال، ولم يكن أحد يجرؤ على أن يسعل أو يعطس أمامهم، الآن دخلنا في غمار الأبلج واللجلج والسجع البطيء البليد، وتخبطنا في حروف الخطب الركيكة وتشعلقنا فيها، فقامت أنصاف القوالب النائمة، وببساطة شديدة يتم قطع الصوت عن السيد الرئيس الذي لم يراع الوقت المحدد في مؤتمر أديس أبابا، وبعد قطع الصوت يتم قطع الماء وإغلاق محبس النيل استمراراً لفوضى الإهانات والاستهانات والطمع في مزيد من التنازلات والركوع أمام مطالب الآخرين ورغبتهم في الانتقام .
_ ولماذا جئت بنانسي عجرم لتكون بطلة العنوان والرسم المصاحب؟
= أقول: هذا بختها وقدرها، كان من الممكن أن تكون إحدى الشبيهات من أمثال هيفاء وروبي وإليسا وميريام وكلّ زعيمات هذا الانهيار، لكن نانسي الآن تحظى بحضور كعضو لجنة تحكيم مسابقة غنائية «!!» وهي ، وكل المحكمين في تلك المسابقات لا يصلحون ككورال أصلاً، ثم ما أثارته أخيراً في ذكرى ميلادها ومداعبات راغب علامة لها ، ثم انتكاسة محمد منير الكبرى الذي فقد نصف رصيده وهو يردّ عليها ردّ المراهقين السُّذَّج :" قولي يا مُـزَّة " ولم يكن راغب أو منير أول من تعامل معها كـ « مـُزَّة » فقد سبقه الراحل فؤاد المهندس بعد أن أبدى إعجابه بها كأنثى بشكل لا يليق بسنه ولا مقامه ولم يكن يتحدث عنها من حيث كونها فنانة أو صاحبة صوت ما، هي بريئة ومسكينة وأغنياتها تشبهها، وهي تشبه عصرها الفارغ وتنطبق معه تمام الانطباق، فإذا كانت أمّ كلثوم نتاجاً لعصر الشموخ والتحضر والكرامة ما جعلها رمزاً للفن المسؤول فظلت - طوال أربعين عاماً - تواجه جمهورها بتسريحة شعر ثابتة، وبفساتين تشبه القصيدة العمودية، وكانت لا تدخل على الجمهور ـ خوفا منه - بل تجلس وسط فرقتها ترتعش حتى يُفتح الستار وتأخذ الأمان ثم تغني ، فإن نانسى وشبيهاتها نتاج عصر الاستهانة والضعف وعدم الإحساس بأية قيمة في ظل الحكومات الطاغية المستبدة التي ستدخل النار، كانت مصر قبلة الدنيا وبهجتها وزينتها، وكانت الشمس المتألقة في وجدان الحضارة والرقيّ الإنساني.
وفي ظل الحكومات التي تتاجر بالدين أصبحنا مطمعاً وملطشة للأمم ولقمة سائغة تحلم بها دول فى حجم النملة فتلعب بنا وتتحدانا !!
كانت أمّ كُلثوم تشبه عصرها.
- ولم تخطئ نانسي عندما جاءت تشبه عصرها.
- عذراً يانانسي .. يا كوكب المُزز .. أقصد ياكوكب الشرق في القرن الحادي والعشرين.
************
البورتريه : ريشة المتألق خضر حســـــــــن ، رسّام جريدة فيتـــــــــو
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg نانسي ، العدد 71 ، 4 يونيو 2013م.jpg‏ (42.2 كيلوبايت, المشاهدات 76)
رد مع اقتباس