رد: منسيات الست: المنسية السادسة والاخيرة .... اعلان
مأساة الذات العربية أنها تعاني من حب النفس إلى حد الجنون فتجد كل من يصل إلى درجة من السلطة حتى وإن كانت صغيرة، تجده يمحي ويمسح ويمسخ كل من قبله، ولو وقع في يده لمحى كل ذكرى من عقل من يتذكر!! والسبب في ذلك كله هو الأنانية الفارغة والمفرطة التي ينشأ عليها الفرد من خلال البيئة والمجتمع أو حتى بعض المفاهيم الخاطئة الكثيرة والمنسوبة إلى الدين، هذه كلها تولد كبرياء زائف وحب للذات أعمى غير منتج يحرق كل شيء في أول فرصة تصادفه. والأدلة على ذلك كثيرة في كل تاريخنا العربي، فكم من ثورة عربية قامت لتطيح بنظام ونجحت فقامت بعدها بالإطاحة بأي معلم أو رمز أو حتى ذكرى، وربما تكون هذه الذكرى أغنية أو لوحة أو صورة حتى.
وهذه المشكلة أو المرض سائد في كل المجتمع العربي وموجود بلا ثورات أو أنظمة ساقطة، موجود بصورة (إن ما أؤمن به هو الصحيح ومن لا يعتنق ما أريد فهو كافر يجب قتله)، وللأسف كم وكم من الذين يقتلون وقتلوا بسبب هذا المبدأ، وكم من الآثار والموجودات الثمينة فقدت أو أتلفت أو ضاعت أو بيعت بأثمان بخسة نتيجة هذا المعتقد. فحتى الصورة التي تقبل فيها أم كلثوم من فمها والمنتشرة على الفيسبوك ما هي إلا نموذج من هذه العقد. فلو فرضنا أن أم كلثوم كذلك (وهذا مستبعد جدا لأسباب كثيرة)، ولكن أقول لو فرضنا فهي أولاً وأخيراً إنسانة وواحدة من البشر لها ما لها من النزوات والأهواء والحالات التي تسري على كل إنسان والتي لو ما فعلتها لكانت شيئاً آخر. فماذا ينقص من أم كلثوم وماذا يغير من فنها وماذا يؤثر في عطائها الكبير للفن والفنانين إذا كانت شاذة جنسياً أو متزوجة أو غير متزوجة أو على علاقة برامي خارج إطار ما نعرفه عنهما أو كانت تميل إلى الذكورية في بداية عمرها. هل يمكن لواحد منا أن يخبرني ما علاقة الحياة الشخصية للفنان بفنه وما مدى تأثير سلوكياته الخاصة في نتاجه الظاهر لجمهور المشاهدين. ولنأخذ مثالاً بعيداً عن أم كلثوم هو سلفادور دالي الرسام الإسباني الشهير هل من أحد متذوق لفن الرسم السريالي وعالم بهذا المجال يمكن أن يشكك أو يقول بأن هذا الإنسان ليس بفنان ولا يمتلك أي روح إبداع أو فن؟؟ متأكد بأن الجواب سوف يكون كلا!! إذن خذوا هذه المعلومة ولنرى إن كانت تؤثر في نظرتنا في الحكم على (فن ونتاج هذا الفنان) وأقول الفنان وليس الإنسان، هذه المعلومة تقول إنه كان يثبت شاربيه الشهيرين ويبرمهما بالسائل المنوي للضفادع في كل صباح!!. ها... ثم ماذا؟ ماذا أثرت هذه المعلومة أو هذه العادة وماذا غيرت في لوحات وفن سلفادور دالي مع العلم أن هذه المعلومة وغيرها من الأخبار هي تكاد تكون معلومة لجميع جمهوره ومحبيه ومريديه وليست من (الأسرار) التي يحلو للعرب أن يتميزوا بها ويحتكروها لأنفسهم فقط.
وأعود فأقول ولا أحب الإطالة أو التكرارأن كل ما نعاني منه اليوم من مآسي في العراق أو في مصر أو في سائر الدول العربية أساسها مبدأ واحد وفكرة واحدة هي (الأنانية الفكرية وحب التسلط المطلق) التي تمنع الآخر من أن يبدي رأيه، وباتالي عدم إفساح المجال له أو حتى محيه إن أمكن!!. وما علينا نحن إلا نحاول جاهدين تغيير هذا المفهوم والمحاولة بالعيش بالطريقة التي تسمح للجميع أن يتشاركوا آرائهم دون عنف أو قسوة ودعوا حياة الفنانين الشخصية وشأنها ففن الفنان أولى بالدراسة من شغل الناس بمثل هذا الكلام الفارغ، والحرص والمحافظة على آثارالفنان وتراثه أولى من الانشغال بما كان يمارس قبل موته وكيف كان يقضي يومه، والاستمتاع بما قدمه الفنان أولى من التفكير في أين هو الآن في الجنة أم في النار؟؟؟!!!
|